شريف عرفة: السينما المصرية «تعمل على الله»..
ولا يجب أن نحمل الدولة مزيدا من الأعباء
منة عصام
·
لم نهين الصحفي في "الممر".. وصلاح أبو سيف أكد لي أنه لا
يوجد واقعية في السينما
·
لدينا مشكلة فنانين في مصر.. وكم من موهوبين تعثروا لأنهم
يأسوا ولم يصروا على أحلامهم
·
أحمد زكي صور مشهد تحية الجمهور في "حليم" وتوفي بعده
بأسبوع
·
ليلى علوي دعمتني بإنتاج فيلم "مهلبية".. رسالة من عراقي
غيرت حياتي بعدما وصفت "الدرجة الثالثة" ب"الفاشل"
بعث المخرج السينمائي شريف عرفة رجاءً إلى أهل الصحافة
والإعلام بألا يقوموا بتحويل السينما إلى صراع إيرادات، وكان ذلك في ندوة
تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي يوم السبت في ساحة المسرح المكشوف
بدار الأوبرا المصرية، حيث قال "الإيرادات مهمة بالطبع لصناعة السينما
ولكنها ليست المحك الرئيسي لعمل الأفلام وليست هي دافعنا الأول في صناعة
السينما، فالأفلام هي التي ستعيش وليس الإيرادات، فلا أحد يتذكر الآن كم
حصد فيلم سمع هس أو طيور الظلام من إيرادات".
وأثناء الندور رد عرفة على الانتقاد الذي وجه لفيلم "الممر"
بإظهار شخصية المراسل الصحفي بشكل سلبي، حيث قال "لا يمكن أبداً أن نطلق
أحكاماً مطلقة على فئة بعينها من خلال شخص واحد، وما المانع أن أظهر
إنساناً كان يفعل أمر خطأ ثم أراد أن يغيره للأحسن، فنحن لم نهين فئة أو
شخص من خلال شخصية الصحفي، وأتذكر أن أول تكريم حصده الممر كان من مؤسسة
الأهرام الصحفية، فالأحكام المطلقة مجحفة وإلا لوجب أن يتم عمل محاكمات
لصناع الممر مثلما حدث معي أنا ووحيد حامد وعادل إمام بعدما تعرضنا لموجة
عنيفة من الهجوم واتهامنا بإظهار المحامي بشكل سلبي عقب فيلم طيور الظلام"،
وأضاف "لماذا تم النظر للشق السلبي ولم يتم الالتفاف للأمر الإيجابي أن هذا
الصحفي في النهاية أنقذ جندي الصاعقة من الموت"، وهنا تدخل الناقد طارق
الشناوي وقال "الصحفيون ليس على رأسهم ريشة، ونحن معشر الصحفيين ومعنا
النقابة دائماً ما ندافع عن الحريات ولابد أن نسمح بها، ولا نعيد الكرة مرة
أخرى مثلما حدثت من قبل مع فيلم عمارة يعقوبيان بعدما هاج الصحفيون بسبب
شخصية رئيس التحرير مثلي الجنس".
وانتقل شريف عرفة للحديث عن أزمات متعلقة بصناعة السينما
المصرية، حيث بدأها بالتنويه لمشكلة التمثيل والإنتاج، حيث قال "نحن كصناع
للفن في مصر لدينا مشكلة دائماً في اختيار الممثلين لأن التنوع ليس كبيراً،
فمثلاً لو فكرت في إعادة تقديم فيلم قديم كعائلة زيزي أو دعاء الكروان، فمن
سيستطيع حالياً من الممثلين الموجودين إعادة تقديم شخصية فاتن حمامة أو
أحمد مظهر، فالتنوع ليس كبيراً بحق، فضلاً عن أن إعادة تقديم فيلم قديم صعب
بالنسبة لنا لأن الجمهور نفسه ليس مستعداً أو متقبلاً لفكرة إعادة تقديم
الأعمال القديمة ويصنع مقارنة مباشرة".
أما عن دور الدولة في دعم السينما، أكد عرفة على أن الدولة
يكفي عليها أعبائها "لا أطلب من الدولة أن تدعمنا لأن المنتجين والموزعين
يقومون بهذا الدور على أكمل وجه، ويغامرون كثيراً، ولكن أطلب من الدولة أن
تسمح لنا بتسهيلات أكبر، فمثلاً لو فكرت في تصوير مشهد ما داخل البحر فإني
سأحتاج لـ8 تصاريح، ولو صورت على الشاطئ سأحتاج لـ6 تصاريح، وهذا أمر معقد
ويستغرق وقتاً طويلاً، أما الدعم فلا أطلبه من الدولة"، واستطرد "مع الأسف
السينما المصرية لا تسير وفق مخطط ولكن الأمور فيها تسير ب(البركة وعلى
الله)، ففي الخارج عندما يتقدم أحد بفكرة إنتاج فيلم ما فإن الموزع يخبره
بخطة مسبقة عن شكل الإيرادات المتوقعة وغيرها من الأمور المالية وبالتالي
فإنه يستطيع عمل خطة واضحة لميزانية الفيلم، أما هنا فالمنتج يجازف ويغامر
بميزانية الله وحده يعلم هل ستعود إليه أم لا".
وانتقل للحديث عن أزمة عمل فيلم استعراضي أو غنائي على غرار
"سمع هس" وغيره، حيث قال "صناعة هذه النوعية مكلفة للغاية وصعبة في الوقت
الراهن، فأذكر أنه وقت عملي لفيلم الكنز كنت محتاجاً إلى 10 راقصات لتصوير
مشهد معين، ولكن بسبب صعوبات الإنتاج اضطررت لتخفيضهن إلى 4 فقط وكان
مستواهن ليس جيداً، أما فيلم "سمع هس" فأتذكر مدى دعم ليلى علوي لي وقت
تصويره وممدوح عبد العليم أيضًا، لأن هذا الفيلم أنا عملت فيه بدون أجر
وكذلك ممدوح عبد العليم، أما مودي الإمام وليلى علوي فعملا بنصف أجر
تقريباً".
وبسؤاله عن حلول للسينما المصرية لمواجهة أزماتها، قال عرفة
"السينما المصرية على مدار تاريخها تمرض ولكن تنهض مجدداً، وأتذكر أنه في
منتصف الستينات كان هناك تأميماً للسينما وتراجع حجم الإنتاج بشكل رهيب،
ولكن ظهر عقب ذلك جيل واعي أمثال عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة نقلوا
السينما المصرية لمنطقة مختلفة ونجحوا بقوة، ثم جاء جيلي كتالي لهم".
وعن صناعة النجم وكيف يستطيع نجم أن ينهض ويحقق نجاحاً
مثلما حدث مع محمد سعد عقب دور اللمبي الناجح في فيلم الناظر من إخراجه،
أكد شريف عرفة أن الإصرار والإرادة نصف المشوار ويأتي قبلهم الموهبة،
قائلاً "صادفت في حياتي كثير من الفنانين الموهوبين بحق ولكن نقصهم الإصرار
فتراجعوا أو لم يكملوا أصلاً، فالفنان ستواجه بالتأكيد عثرات كثيرة ولكن
عليه أن يعي كيف يقف مجدداً ويحقق نجاحات، وهنا أتذكر أنه بعد عملي فيلم
الدرجة الثالثة كتبت مقالاً أنه فاشل، لافاجأ بعدها بخطاب مرسل من معجب
عراقي يعترض على وصفي الفيلم بالفاشل، وأوضح لي أن الأمر دوماً نسبياً،
فرغم أن الفيلم لم يحقق نجاحاً جماهيرياً إلا أنهم يحبونه في بلده للغاية".
وتحدث عرفة عن كثير من المواقف التي مر بها في حياته، لا
سيما اللقاء الذي جمعه بالمخرج صلاح أبو سيف، والذي قال له في إحدى المرات
"لا يوجد ما يسمى بالواقعية في السينما، لأنه طالما المخرج اختار زاوية
بعينها وشخصيات بعينها فإن هذا يعتبر بعداً ضمنياً عن الواقعية"، وكذلك
ليلى علوي التي وصفها بقوله "من أوائل الداعمين لي" عندما تولت إنتاج فيلم
مهلبية وشاركت بنصف أجر تقريباً في فيلم سمع هس، وذكر يسرا التي أهدته
الجائزة في حفل الافتتاح، وأثنى على هذا الاختيار بقوله "يسرا علاقتي بدأت
بها عندما شاهدت لها أول اختيار كاميرا على يد والدي".
وأثار عرفة تعاطف الحاضرين في الندوة عندما حكى عن آخر
مواقف في حياة أحمد زكي والذي أخرج له آخر أفلامه "حليم" وقال "وقت عمل هذا
الفيلم كان أحمد زكي مريض جداً، ولكن كانت تتحسن صحته بمجرد أن تدور
الكاميرا حتى أن طبيبه نصحني بذلك، وأتذكر أنه لم يتأخر عن أداء أي مشهد
حتى في أحلك الظروف، وهنا أتذكر أنه في يوم كنا نصور وكان الطقس سيئاً
فطلبت منه عدم الحضور ولكنه أصر على المجئ، وعقب انتهائه من تصوير المشهد
ومسح الماكياج، أصر على أن تدور الكاميرات مجدداً ورغب في إلقاء تحية
الوداع للكاميرا، ثم توفي بعد هذا اليوم بأسبوع واحد".
فيما أثنى عدد من الحضور على المخرج شريف عرفة، وأبرزهم
شريف منير الذي قال "مخرج لا يعرف المجاملات أو الخواطر، ولا يعمل مع أحد
إلا إذا كان في موقعه المناسب، واتذكر مدى استمتاعي بالعمل معه أثناء فيلم
ولاد العم لدرجة أنني تمنيت عدم انتهاء التصوير".
أما ليلى علوى فأثنت على تكريم مهرجان القاهرة له رغم أن
هذا التكريم تأخير كثيراً –على حد وصفها-، وقال أخاه المخرج عمرو عرفة
"مهنتنا أهم هاجس في حياتنا، وهو ملتزم جداً بعمله، وعدم توكل له عملاً
فإنه يؤديه بمنتهى الضمير والحرفية". |