يرى أنه من الصعب أن يعيش إنسان بدون خيال.. وحقق حلمه بعد 30 عاما بـ«مقتل
دون كيشوت»
من نشرة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
يعد المخرج الكبير تيرى جيليام أحد أهم المخرجين فى العالم، له رؤيته
الخاصة فى صناعة سينما يمزج فيها بين الواقع والخيال، له أراؤه المهمة فى
عالم السينما والسياسة أيضًا.
أثار فيلمه الأخير «الرجل الذي قتل دون كيشوت» جدلًا واسعًا، حيث تناول
الرواية بمفهوم معاصر.
يأتى تكريمه فى مهرجان القاهرة تأكيدًا على دعم المهرجان لكبار المخرجين
المؤثرين فى العالم، والقادرين على تقديم سينما لها طابعها الخاص، وليست
مجرد أفلام تجارية للاستهلاك.
مهرجان القاهرة، يفخر بمنح «جيليام» تكريمًا عن مجمل أعماله الروائية التي
قدمها على مدار أربعة عقود تتضمن مجموعةً من أكثر الأفلام خصوصيةً وفرادةً
وقدرةً على التأثير، والتي يعرض منها خلال فعاليات الدورة 41، فيلم الخيال
العلمي الأيقوني «برازيل» الذي نال إعجاب النقاد وترشح للأوسكار عام 1985،
وفيلم «الرجل الذي قتل دون كيشوت» الذي استغرق ثلاثة عقود في تنفيذه انتهت
عام 2018، وهو فيلم مغامرات كوميدي بطولة آدم درايف وجوناثان برايس، اختاره
مهرجان كان كفيلم ختام دورته الحادية والسبعين.
يقول جيري إنه من الصعب العيش بدون خيال، حتى عندما سئل عن مقتل دون كيشوت
وهي الرواية التى كتبها الأديب الإسباني ميغلدي ثريانتيس ونشرت على جزأين
عام 1605 و1615 وعرفها العرب كأيقونة أدبية، وهى تدور حول شخصية ألونسو
كيخانو، رجلٌ نبيلٌ قارب الخمسين من العمر يقيم في قرية في إقليم لامانتشا،
وكان مولعًا بقراءة كتب الفروسية والشهامة بشكل كبير. وكان بدوره يصدق كل
كلمة من هذه الكتب على الرغم من أحداثها غير الواقعية على الإطلاق.
فقد ألونسو عقله من قلة النوم والطعام وكثرة القراءة وقرر أن يترك منزله
وعاداته وتقاليده ويشد الرحال كفارس شهم يبحث عن مغامرة تنتظره، بسبب تأثره
بقراءة كتب الفرسان الجوالين، وأخذ يتجول عبر البلاد حاملًا درعًا قديمة
ومرتديًا خوذة باليةً مع حصانه الضعيف روسينانتي حتى أصبح يحمل لقب دون
كيخوتي دي لا مانتشا، ووُصف بـ«فارس الظل الحزين»، وبمساعدة خياله الفيّاض
كان يحول كلّ العالم الحقيقي المحيط به، فهو يغيّر طريقته في الحديث ويتبنى
عبارات قديمةً بما كان يتناسب مع عصر الفرسان.
فيما لعبت الأشخاص والأماكن المعروفة دورًا هي الأخرى بظهورها أمام عينيه
ميدانًا خياليًا يحتاج إليه للقيام بمغامراته.
وأقنع جاره البسيط سانشو بانثا بمرافقته ليكون حاملًا للدرع ومساعدًا له
مقابل تعيينه حاكمًا على جزيرة، وبدوره يصدقه سانشو لسذاجته. كما يحول دون
كيخوتي بمغامراته الفتاة القروية جارته إلى دولثينيا، السيدة النبيلة لتكون
موضع إعجابه وحبّه عن بعد دون علمها.
يرى جليام أن تحقيق فيلم «الرجل الذى قتل دون كيشوت» هو من أهم أحلام
حياته، لنجاح الفكرة وعرضه فى مهرجان كان منذ عامين، وردود الأفعال التى
صاحبته كونه عملًا عن رواية قدمت منذ مئات السنين .. خاصةً وأنه رأى بعينيه
التصفيق الحار الذى استمر طويلًا بعد عرض الفيلم في مهرجان كان.
له رؤيته فى الكوميديا فهو يقول فى ردّه عن سؤال حول الكوميديا الأمريكية
والبريطانية «أشعر دائمًا أن البريطانيين يجيدون الضحك على أنفسهم.
الأمريكيون أفضل في الضحك على الآخرين. ما زلت أعتقد أنه صحيح إلى حدٍّ ما،
لكنه يتغير لأنه الآن لا يمكننا أن نضحك على أيّ شخص لأنه من غير اللائق
وهو ما اعتبره جريمة. هناك نوع من الأنانية، لقد كانوا يسخرون مني ويقولون
إنهم لا يعرفوني في البداية».
المخرج تيري جيليام، حصل على البافتا، وترشحت أعماله وفازت بالعديد من
جوائز الأوسكار وجولدن جلوب، ويرى كثير من نقاد السينما، أن العالم كان
سيصير كئيبًا بدون السحر الذي قدمه في أعماله السينمائية، بدأ مشواره الفني
عضوًا مؤسّسًا في فرقة مونتي بايتون الكوميدية، ورسامًا لمسلسل «سيرك مونتي
بايتون الطائر، الذي بدأ بثه في التلفزيون البريطاني عام 1969، قبل أن
ينتقل لمقعد المخرج، ويشارك تيري جونز في إخراج فيلمين من علامات السينما
الكوميدية الحديثة، هما: «مونتي بايتون والكأس المقدس» عام 1975، و«مونتي
بايتون ومعنى الحياة».
انطلقت مسيرة «جيليام» كمخرج منفرد، عام 1977 بفيلم «جابروفكي
Jabberwocky»
والذي شارك في كتابته أيضًا، قبل أن يتبعه بفيلم الفانتازيا «قطاع طريق
الزمن Time Bandits»
عام 1981، بطولة جون كليز وشون كونري، أما عام 1985 قدّم فيلم الخيال
العلمي الأشهر «برازيل».
خيال «جيليام» الجامح كان وقود تجربته التالية، عام 1989، حيث قدم فيلم
الفانتازيا «مغامرات البارون مانخاوزن The Adventures of
Baron Munchausen»،
قبل أن يقدم عام 1991 فيلم «الملك الصياد The Fisher King»
الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار ومثلها من الجولدن جلوب، ليفوز بجائزة أوسكار
وجائزتي جولدن جلوب، وهو من بطولة جيف بريدجز وروبن ويليامز ومرسيدس رويل.
وفي عام 1996 قدم تيري جيليام واحدًا من أهم أفلام الخيال العلمي المعاصرة
«12 قردًا - 12 Monkeys «
من بطولة بروس ويليز وبراد بيت، والذي خطف الأنظار، وترشح لجائزتي أوسكار
وفاز عنه براد بيت بجائزة الجولدن جلوب الوحيدة التي نالها كأحسن ممثل
مساعد.
نال تيري جيليام مزيدًا من التقدير، بمعالجته السينمائية لكتاب هانتر إس
طومسون «خوف واشمئزاز في لاس فيجاس Fear and Loathing
in Las Vegas»،
والتي قدمها كتابةً وإخراجًا عام 1998 في فيلم بطولة جوني ديب وبينوتشو ديل
تورو، ليحقق سمعة جعلت له أتباعًا مخلصين حول العالم، انتقل بعدها عام 2005
لتجربة لا تقل خيالًا بعنوان «الأخوان جريم
The Brothers Grimm»،
بطولة النجمين مات ديمون وهيث ليدجر، وفي العام نفسه حرص على العودة
للسينما المستقلة، ليكتب ويخرج فيلم «تايدلاند
Tideland»،
وفي عام 2009 أدهش الجميع بفيلم خيالي مغامر بعنوان «خيال الدكتور برناسوس The Imaginarium of
Doctor Parnassus»
شهد الأداء الأخير للممثل الموهوب هيث ليدجر الذي رحل قبل عرض الفيلم.
قدم «جيليام» عام 2014 فيلم الخيال العلمي «النظرية الصفرية
The Zero Theorem»،
والذي شهد أداءً مؤثّرًا من النجم المتوج بالأوسكار كريستوفر فالتز، أما
عام 2018 فشهد انتهاء مشروعه الذي لم يفقد الأمل في خروجه للنور على مدى
ثلاثة عقود، «الرجل الذي قتل دون كيشوت»
وجليام مخرج وسيناريست وممثل وكوميدي بريطاني من أصل أمريكي مواليد 22
نوفمبر 1940. هو أحد أعضاء مونتي بايثون. تيري أخرج 12 فيلمًا حتى الآن
منها فيلم الخيال العملي 12 قردًا. حصل على الجنسية البريطانية في 1968
وتخلى عن الجنسية الأمريكية رسميًا في 2006 ، وضع فرقة «مونتي بيتون”
البريطانية الشهيرة على خريطة السينما، بل وهو المؤسس الحقيقيّ لتلك الفرقة
التمثيلية المتجولة الشهيرة التي حققت نجاحًا كبيرًا في السبعينيات بعد أن
استقر في بريطانيا وحصل على جنسيتها في عام 1968 وارتبط بصداقة قوية مع
الممثل الأول في الفرقة الكوميدية الإنجليزي المعروف جون سليز (JohnCleese).
وجيليام ليس فقط مخرجًا سينمائيًّا بل هو ممثل ورسام كاريكاتير وكاتب
سيناريو. وقد أخرج لفرقة مونتي ببيتون ثلاثة أفلام للسينما، وسلسلة من
الأفلام والحلقات التليفزيونية التي حققت نجاحًا كبيرًا.
في عام 1981 أخرج غيليام فيلم «سارقو الزمن» (Time Bandits)
الذي يقول إنه يعتبره الجزء الأول من ثلاثيته التي تدور حول عالمنا المجنون
المنظّم بطريقة تستفزك وتجعلك ترغب في تحطيم هذا النظام والإفلات من العالم
بأسره بحثًا عن الحرية. ويعتبر فيلم «برازيل" (1985) الجزء الثاني من تلك
الثلاثية، و"مغامرات البارون مونكهاوزن" (1989) الجزء الثالث.
جليام البالغ من العمر 79 عامًا، يعيش مستمتعًا سعيدًا بما حققه فى عالمه
السينمائي، وخاصة فيلمه «من قتل دون كيشوت» لأنه حلم استمر يقاتل من أجله
ثلاثين عامًا، ويستمتع دائمًا بالحديث عنه، كونه جاء بعد معاناة ومحاكم،
وتصوير فى أماكن وعرة، وفكرة مملوءة بالمخاوف والجنون. |