بعد منحه جائزة فاتن حمامة التقديرية.. تيرى جيليام لـ«الشروق»:
لا أحب الجوائز كثيرا وتكريمى فرصة لزيارة القاهرة
نجلاء سليمان:
*
أفضل الأفكار الواقعية فى أفلامى وأقدم ما أحبه وأؤمن به
* «الجوكر»
فيلم جيد ولكننى لم أفهم رسالته للجمهور
*
أنا بريطانى 100% ولم أندم على ترك الجنسية الأمريكية
*
ترامب وجونسون «مهرجان» والوضع السياسى الحالى يصيبنى بالاكتئاب
*
فرقة «مونتى بايثون» تجربة فريدة فى مشوارى.. ولولاها ما كنت وصلت للمرحلة
الحالية
مخرج وممثل وسيناريست، قضى 40 عاما من حياته فى صناعة سينما يحبها ويقدرها،
ولا يقبل تقديم أى عمل لا يحمل رسالة للمشاهد أو يدفعه للدخول فى عالم من
الخيال والفانتازيا، هذا هو المخرج البريطانى الأمريكى تيرى جيليام، الذى
منحته إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 41 جائزة فاتن
حمامة التقديرية عن مجمل أعماله، وذلك تقديرا لمسيرته المهنية، وإسهاماته
البارزة فى صناعة السينما، التى تجعل منه واحدا من أهم مخرجى العالم.
فى جلسة حوارية بحضور «الشروق»، بمقر إقامته فى أحد فنادق وسط القاهرة،
تحدث جيليام فى يوم احتفائه بعيد ميلاده الـ 79، وحكى عن مسيرته مع فرقة
«مونتى بايثون» المؤسسة لسيرك مونتى بايثون الطائر عام 1969، وهو برنامج
كوميدى هزلى أذيع عبر شبكة بى بى سى، وتطور المشروع لينتج عنه أفلام وكتب
وعروض مسرحية موسيقية.
سيطرت البهجة والفكاهة على حور المخرج الأسطورة، والذى استمر عدة دقائق مع
عدد من الصحفيين من مصر ودول أجنبية، ويبدو أنه تأثر بإقامته فى القاهرة
التى وصفها أكثر من مرة بأنها مدينة مليئة بالطاقة ولديها سحر مختلف.
عرف عن المخرج الذى تخلى عن جنسيته الأمريكية عام 2006 بعدما انتقل
لبريطانيا فى الستينيات، أراؤه السياسية النقدية، وإنه من أبرز المعارضين
لخطة «بريكست» التى تهدف لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، على عكس
صديقه جون كليز أحد مؤسسى مونتى بايثون، الذى يدعم البريكست بكل قوة، ولكن
جيليام صرح من قبل، وأكد رأيه مرة أخرى فى الجلسة الحوارية بأن البريكست
ودونالد ترامب يشعرانه باليأس والاكتئاب، كما انتقد من قبل تدخلات هيئة
الإذاعة البريطانية فى غرف كتابة السيناريو، ومحاولات ضبط المحتوى الثقافى.
·
ماذا يعنى لك تكريمك من مهرجان القاهرة؟ وهل تهتم بالجوائز والترشيحات مثل
كثير من النجوم؟
ــ لا أهتم كثيرا بالجوائز والترشيحات، وتفاجأت حينما علمت بتكريمى فى
مهرجان القاهرة، ولكنه كان فرصة جيدة للمجىء إلى مصر للمرة الثالثة فى
حياتى، والثانية بالقاهرة وهى المدينة التى أحبها كثيرا، فهى رائعة ومليئة
بالطاقة غير العادية، وشعبها رائع، فبرغم ظروف المعيشة الصعبة إلى أنهم
محتفظون بابتسامتهم دائما ويضحكون كثيرا ويقدمون المساعدة بطرق مختلفة.
·
هل يمكنك تصوير فيلم عن مصر؟
ــ لا أعرف تحديدا.. أنا معجب بالقاهرة ولكن ليس لدى شىء معين أرغب فى
تقديمه عنها، ولا أفهم أسس العمارة التى بنيت عليها، فقد ذهبت لزيارة
الأهرامات فى وقت سابق ولم أفهم فكرة اصطفاف أحجار بعضها فوق بعض فهذا
بالنسبة لى أمر جنونى.
·
هل تتفق مع وصف أعمالك الفنية بالواقعية؟
ــ أنا أؤمن بالأفكار التى أقدمها فى أفلامى، والواقعية ساهمت كثيرا فى
إيصال مغزى العمل الذى أقدمه فى شكل يجمع بين الكوميديا والدراما، وقدمت
أعمالا كثيرة تتسم بهذه الصفة وسعيد بها جدا، ودائما كان هناك صراع بين
الواقعية والفانتازيا أو «الخيال العلمى» فى الأفلام ولكننى أستخدم الأخيرة
فقط لعرض المشكلات التى تشغلنى عن العالم.
·
بعد مرور 50 عاما على تأسيس فرقة
«مونتى بايثون».. كيف ترى هذه التجربة حاليا؟ وماذا تعلمت منها؟
ــ «مونتى بايثون» نشأت فى ظروف مختلفة عن الوقت الراهن، فنحن نعيش فترة
عصيبة لا تتوفر بها مساحة الحرية المماثلة.
قدمت أنا ورفاقى الستة أفكارا ساخرة عن المستقبل الذى يصادف أنه يشبه الوقت
الراهن، ولا أستطيع وصفنا بالشجعان ولكننا قدمنا ما نحبه وما يعبر عنا فى
ذلك الوقت، وكنا نسخر من أنفسنا، وكانت الكوميديا محبوبة ومقبولة فى
إنجلترا ذاك الوقت وبى بى سى وفرت لنا الإمكانية لتقيدم هذه المادة أمام
جمهور أحبها، وضحك معنا عليها، وعندما أنظر إلى المادة التى كنا نقدمها أجد
أنها تتماشى مع العصر الحالى أكثر منها قديما.
عندما تنجح فيما تقدمه يمنحك ذلك مساحة للاستمرار والحرية، ولولا «بايثون»
ما كنت وصلت للمرحلة الحالية.
·
هل توافقت أفكارك الساخرة مع الجمهور البريطانى سريعا؟
ــ أنا تركت أمريكا وانتقلت إلى لندن، لأن الأمريكان كانوا جيدين فى
السخرية من الآخرين ولكنهم لا يسخرون من أنفسهم، على عكس البريطانيين الذين
تعلموا السخرية من أنفسهم، ووجدت فيهم الجمهور الذى أحبه وسعدت بالعمل
أمامهم.
أنا ورفاقى بالفرقة تعلمنا الكثير من تجربة «بايثون» وتغيرت الكثير من
صفاتنا الشخصية، وأفكارنا خلال فترة العمل معا.
·
ما شعورك بعدما تركت أمريكا وأصبحت بريطانيا.. وهل ندمت على التخلى عن
الجنسية الأمريكية؟
ــ أنا بريطانى 100%، وكنت أظن أننى 100% أوروبى، ولكن ذلك انتهى مع
البريكست الذى خرجت بموجبه بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وهو أمر يصيبنى
بالاكتئاب، وحينما أشاهد الأخبار أشعر بالتوعك الشديد، وأجد أن الوضع
السياسى الحالى من الصعب السخرية منه، أنا بشكل شخصى لا يمكننى هزيمة
دونالد ترامب وبوريس جونسون بعد أن أصبحا هما «المهرجان» وليس نحن، فأنا
حزين على ما يحدث فى العالم بعدما أصبحنا نقتل كل شىء.
·
ما موقفك من الجدل الحالى حول أفلام مارفل؟ هل هى أفلام بمعاييرك؟
ــ نعم هى أفلام حقيقية ولكننى تعبت من تكرارها وكثرتها، وسلسلة «أفينجرز»
مصنوعة بجمال وروعة لا تصدق، وأنا معجب بها كثيرا ولكننى أتوقف عند المحتوى
الذى تقدمه، ولا يعجبنى فكرة تقديم أبطال خارقين ذوى قدرات خارقة وهو شىء
لا يمكن للجمهور القيام به، فأنا أحب تقديم أفكار يمكن للجمهور الاستفادة
منها والقيام بها.
شاهدت العام الماضى أحد الأفلام برفقة ابنى وشارك فيها الممثل والمخرج
النيوزيلندى تايكا وايتيتى، وأعجبت به كثيرا لأن به بعض الأفكار العاطفية
والإنسانية، بشكل عام أجدها أفلاما جاذبة لشريحة كبيرة من الجمهور ولديها
موقف قوى لذا يجب أن يكون ما تقدمه وما تقوله أكثر مقاربة للواقع الذى
نعيشه وليس فقط الاعتماد على الأكشن والحركة.
·
هل يمكنك إخراج أحد أفلام مارفل؟
ــ لا أعتقد ذلك.. فهى أفلام كبيرة ومصنوعة، لو طلب منى ذلك وأنا أصغر سنا
كنت سأحب هذه الفكرة، لكننى الآن أفضل تقديم الأفلام المقربة إلى أفكارى
والتى يقل عددها مع الوقت.
ما لا أستوعبه فى هذه الأفلام أن عددا كبيرا من الأشخاص يشاركون فى صناعة
أدق تفاصيلها ويقوم المخرج بدور المشرف فقط، فى الوقت الذى أفضل فيه القيام
بكل التفاصيل فى فيلمى الخاص.
·
المشاركة فى فيلم من إنتاج نتفلكس من الأفكار المقبولة بالنسبة إليك؟
ــ حينما تتوافر الميزانية المناسبة لتقديم الفيلم والرؤية التى أريدها
سأوافق على الفور، ونتفلكس ساهمت فى إنتاج العديد من الأعمال المتميزة مثل
فيلم «جوجو رابيت» للمخرج تايكا وايتيتى فأنا أجده فيلما جيدا جدا وكوميديا
وجادا فى نفس الوقت وانبهرت به حينما شاهدته.
أزمتى مع نتفلكس أننى أحب الشاشات الكبيرة، والأفلام بالنسبة لى هى عن
الذهاب إلى السينما ودفع أموال التذاكر والجلوس فى غرفة كبيرة، على كرسى
صغير مقارنة بحكم الشاشة والقصة تكون فى صورة ضخمة ونحن الجمهور صغار
أمامها، ولكننى عندما أرى الجمهور يشاهدون أفلامهم عبر الهاتف تكون القصة
صغيرة وهو أضخم منها وهو ما لا أحبه. إذا رأيت أحدا يشاهد فيلمى عبر الهاتف
ممكن أن أقتله.
·
هل ستؤثر نتفلكس وغيرها من المنصات على توجه الجمهور لدور العرض السينمائى؟
ــ «ساخرا» لا أعتقد ذلك فالجمهور ما زال يذهب للسينمات لمشاهدة أفلام مثل
أفينجرز أو حرب النجوم، فهم يحبونها كثيرا.
·
بعد النجاح الذى حققه فيلم «الجوكر»..
ما رأيك به؟
ــ لدى مشاعر مختلطة حول فيلم الجوكر، فأنا أراه فيلما جيدا ومصنوعا بشكل
جيد ويقدم البطل فيه أداء احترافيا رائعا، ولكننى لا أفهم الرسالة التى
يوجهها للجمهور وحينما شاهدته كان لدى تساؤل ملح.. لماذا يصنع أحد فيلما
دون أن يكون هناك هدف واضح منه، وأعتقد أن على مشاهدته مرة أخرى بذهن صافٍ
حتى يمكننى فهمه بشكل أوضح. |