مخرجة فيلم "باركور": واجهت أزمة رقابية بسبب "القُبلة"
كتب: ضحى
محمد - تصوير: محمد مدين
ذات صباح، يتّجه الجميع إلى صالة الأعراس لأسباب متباينة، من بينهم البائع
المتجول، والعاملة فى المطبخ والمغنية وغيرهم، لديهم جميعاً دوافعهم
المختلفة لحضور زفاف «خالد» و«كميلة» بطلى فيلم «باركور»، الشريط السينمائى
يحمل دراما متعدّدة الشخصيات، تدور أحداثها خلال يوم واحد مشحون بالأحداث
والمواقف البسيطة، التى تتصاعد إلى صدمات كبيرة، تُعبّر عن صراع الطبقات
والأفكار والأجيال داخل المجتمع الجزائرى، الذى يحاول شبابه الإمساك بزمام
حياتهم ومستقبلهم، هذه هى الصورة التى صنعتها المخرجة الجزائرية «فاطمة
الزهراء زموم» من خلال فيلمها «باركور» المشارك فى مسابقة آفاق السينما
العربية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ٤١.
فاطمة الزهراء زموم تتحدث لـ"الوطن": الشرطة الجزائرية ألقت القبض علينا
أثناء تصوير مشهد النهاية
تحدثت «الوطن» مع مخرجة الفيلم لتكشف لنا عن مشاركتها بمهرجان القاهرة
السينمائى، وعن الصعوبات التى واجهتها خلال تصوير العمل، فضلاً عن موقف
الرقابة الجزائرية من الفيلم قبل عرضه بدور العرض، وكواليس تصوير المشهد
الأخير وإلقاء القبض على فريق عمل الفيلم ومنعهم من التصوير.
·
فى البداية، كيف جاء ترشيح الفيلم
للمشاركة فى مسابقة «آفاق السينما العربية»؟
- أرسلنا الفيلم لإدارة مهرجان القاهرة منذ عدّة أشهر، ولم يكن لدينا علم
أن هناك أقساماً فى المسابقة، وبعد شهرين تراسلت إدارة المهرجان معى لكى
يتأكدوا أن الفيلم عرض أول دولى، فالفيلم لم يُعرض خارج الجزائر، ووافقت
على الفور بالعرض فى المهرجان، لأن الفيلم الأول الذى قدّمته بعنوان
«أزهار» عرضته بمهرجان القاهرة عام ٢٠٠٩، ولاقى وقتها استحساناً من النّقاد
والحضور.
·
من وجهة نظرك، ما المميزات التى شجّعتك
ليكون العرض الأول الدولى للفيلم من خلال «القاهرة السينمائى»؟
- مهمتى كمنتجة ومخرجة للفيلم أن أجد المهرجان المهم والمناسب للعرض الأول
الدولى له، وأضع فى اعتبارى جودة الأفلام المعروضة، وسنوات تأسيس المهرجان،
التى وصلت إلى ٤١ عاماً من مهرجان القاهرة، بالإضافة إلى أن تغيير خريطة
المهرجانات الأخرى فى الشرق الأوسط والعالم العربى، واختفاء البعض منها،
أدى إلى رجوعنا إلى الأصل، فمهرجان القاهرة يُعدّ من أقدم المهرجانات
وأعرقها، وعرض الفيلم خلال مسابقته يعتبر شرفاً كبيراً بالنسبة لى، وإذا
كانت إدارة المهرجان عرضت علينا المشاركة خارج المنافسة، لم نكن لنوافق على
ذلك، لأننا نحب المنافسة، وهى فى غاية الصعوبة هذا العام، خاصة وسط مشاركة
12 عملاً من جميع الجنسيات، لكننى أثق فى فيلم «باركور»، لأننا بذلنا فيه
مجهوداً كبيراً، يجعله جديراً بالمشاهدة.
تصويره استغرق ٤ أسابيع.. وحاولنا اختزال معظم المشاهد بسبب ضعف
الميزانية.. والجمهور ربما يصاب بالتخبط
·
الفيلم تدور أحداثه خلال يوم واحد، هل
تعتبرين هذه الفكرة مُجازفة؟
- بالطبع مجازفة كبيرة، وتعمّدت أن تدور أحداث الفيلم خلال يوم واحد فقط،
واستغرق التصوير نحو ٤ أسابيع منذ شهر يناير ٢٠١٨ الماضى، وهذه تعتبر فترة
صعبة من حيث تصوير المشاهد الخارجية، بسبب تقلبات المناخ، فأغلب أجواء
الفيلم تدل على أننا فى الربيع رغم أن التصوير كان فى الشتاء، وحاولنا
اختزال معظم المشاهد، لأن ميزانية الفيلم محدودة، إلا أننا استغرقنا وقتاً
طويلاً فى المونتاج والمؤثرات الصوتية والضوئية، ويرجع السبب وراء ذلك إلى
أن الفيلم يحتوى على أكثر من قصة، ففى بداية الأمر إذا لم يكن المشاهد لديه
صبر يُصاب بحالة من التخبّط بين الشخصيات.
هدفى إبراز التناقض الموجود فى المجتمع الجزائرى بين تيار المحافظين وتيار
الحداثة
·
ما رسالتك الأساسية من «باركور»؟
- هدفى إبراز التناقض الموجود فى المجتمع بين الأشخاص المُتحفّظة، ومن يغلب
على حياتهم الحداثة، والتعامل مع تلك التناقضات بشكل مهنى، وأن يكون لكل
شخص حرية الاختيار، وصممت على استخدام موسيقى الراب وإبراز الشخصيات
الشبابية، وظهر ذلك حتى فى استخدام الأبطال لشبكات التواصل الاجتماعى.
حذف مشاهد من الأفلام تضليل للجمهور والسينما الجزائرية تفتقد التصنيف
العمرى.. ولم نكن لنوافق على عرض الفيلم خارج المسابقة
·
هل واجهتِ أزمة بشأن جرأة الفيلم فى
بعض المشاهد؟
- قدمت ٣ أفلام روائية، وأضع بكل فيلم «قُبلة» بين الأبطال، لأنها من وجهة
نظرى تدل على الرومانسية، وتتناسب مع أحداث الفيلم، فهى تعبير عن الحب بين
الشخصين، لكن هذا صنع مشكلة رغم أننى وضعتها فى الإعلان الدعائى الخاص
بالفيلم، فعندما أجريت مقابلة بالتليفزيون الجزائرى قاموا بحذفها، وأعتقد
أن ذلك نوع من تضليل الجمهور، لأننى أضعها ثم أعطى حرية الاختيار للمتفرج
بالمشاهدة من عدمها، بالإضافة إلى أن الفيلم واجه خلال عرضه فى الولايات
الجزائرية نقداً واضحاً من المشاهدين، فنحن لا نملك التصنيف العمرى بسينما
الجزائر، لكن الرقابة دورها أن تصرّح بعرض الفيلم أم لا فقط.
·
لكن الفيلم حصل على تصنيف «للكبار فقط»
خلال عرضه بمهرجان «القاهرة السينمائى»، فهل تم حذف أى مشاهد؟
- لم أواجه أى مشكلة خلال عرض الفيلم فى مهرجان القاهرة، لأن جمهور
المهرجان نخبوى، ولديه وعى كبير بما يحدث حولنا من تغيّرات وتطورات ولم
يحسر ذاته فى قالب واحد دون غيره، كما أن رد فعل الجمهور بعد العرض الأول
كان مفاجئاً بالنسبة لى، وأسعدنى كثيراً، وأتمنى حصوله على جائزة خلال
مسابقة آفاق.
أفضل العمل مع الأشخاص غير المشهورين لأنهم يكونون على طبيعتهم بشكل أكبر
·
هل كانت هناك صعوبة فى اختيار فريق
العمل؟
- الاختيار الأصعب بالنسبة لى فى اختيار شخصية «يوسف» بطل الفيلم، لأن
السيناريو تطلب أن تكون الشخصية رياضية، ونحن لم يكن لدينا ممُثلون
رياضيون، فعملت «كاستينج»، وتم اختيار 5 رجال للدور، ثم أجريت مقابلة مع
بطلة الفيلم «كاميليا»، وكان هناك اختبار بينهما على أساسه تم اختيار
الشخصية، فإننى أفضل باستمرار العمل مع الأشخاص غير المشهورين، لأنهم
يكونون على طبيعتهم بشكل أكبر، بالإضافة إلى اختيار الطفلة الصغيرة التى لا
يتعدّى عمرها الـ4 أعوام، فكانت هناك صعوبة فى التعامل معها.
·
ماذا عن كواليس تصوير المشهد الأخير من
الفيلم؟
- كانت مغامرة كبيرة بالنسبة لى أثناء تصوير مشهد فى ارتفاع كبير قد يصل
إلى 50 متراً من أعلى الجبل، وكنت أخشى على الممثلين من حدوث أى مشكلة لهم،
رغم أنهم أشخاص رياضيون، وقد تم تصوير المشهد سرقة، لأننا لم نحصل على
تصريح، وعندما انتبهوا أننا نصور أبلغوا الشرطة، وبمجرد أن رأيتهم أخفينا
كارت التصوير فى حالة أخذهم الكاميرا، لكن سيظل المشهد الأصعب بالنسبة لى
الذى يعتمد على الاحساس.
كونى امرأة جزائرية
لم أواجه مشكلة فى دخول عالم الإنتاج حيث إننى قبل الدخول فى أى عمل خلال
مرحلة «اختيار الممثلين»، لا بد أن أشعر بارتياح فى التعامل مع الرجال
والنساء من الممثلين، والأشخاص الذين لا أستطيع التعامل معهم أرفض من
البداية الدخول فى عمل مشترك بيننا، لأنه معروف أن الرجال لديهم فرصة أكبر،
فالميزانية التى أحصل عليها تكون أقل من الميزانية التى يحصل عليها
المخرجون الرجال. |