9
أشهر من مقاومة مرض السرطان...
و"الملك لير" تُسدل الستار على مشوار فني حافل
تنوعت أدوار الفنان فاروق الفيشاوي بين الكوميدي والتراجيدي
والدرامي والسينمائي والمسرحي (حسام علي. إندبندنت عربية)
توفي الفنان المصري فاروق الفيشاوي، صباح اليوم الخميس،
بأحد مستشفيات القاهرة الخاصة، بعد صراع استمر نحو 9 أشهر مع مرض السرطان.
وشُيعت الجنازة من مسجد مصطفى محمود بحي المهندسين بالجيزة، وسط حضور عدد
من الفنانين والفنانات، على أن يدفن بمقابر الأسرة.
واحتُجز الفنان فاروق الفيشاوي بالمستشفى منذ أيام بعد
تدهور حالته الصحية دون مقدمات، ولم يكن وضعه يسمح بالعلاج المنزلي. وقد
لازمه بالمستشفى نجلاه أحمد وعمر، وزوجته السابقة ووالدة أبنائه الفنانة
سمية الألفي.
وفي تطور سريع تدهورت الحالة الصحية للفيشاوي خلال وجوده
بالمستشفى، وتعرّض لغيبوبة كبدية وفقد النطق، وتم وضعه على أجهزة التنفس
الصناعي مساء الأربعاء ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد فجر اليوم الخميس وسط دموع
ورثاء الكثيرين من النجوم والجمهور.
ونعت نقابة الممثلين المصرية الفنان فاروق الفيشاوي، في
بيان، قائلة "كان رمزا من رموز الفن المصري وسيظل. رحم الله الفقيد وألهم
أهله وجمهوره الصبر والسلوان".
وقالت الفنانة نهال عنبر، رئيس اللجنة الصحية بنقابة
الممثلين لـ(إندبندنت عربية) "فقدنا قيمة وقامة وموهبة لن تعوّض، وحزننا
ومصابنا كبير، فقد كان فاروق الفيشاوي محبا للحياة ومقبلا عليها ولم يستسلم
أبدا، وكان أملنا أن يقاوم ولكنها مشيئة الله تعالى".
وكان آخر ظهور عام لفاروق الفيشاوي في عزاء الفنان عزت أبو
عوف، في الثاني من يوليو (تموز) الحالي، وظهرت معالم الإرهاق الشديد على
الفيشاوي، واعتذر عن عدم القدرة على الحديث مع الإعلاميين.
يذكر أن النجم فاروق الفيشاوي شارك أخيرا في مسرحية "الملك
لير" للكاتب الإنجليزي الكبير ويليام شكسبير، مع يحيى الفخراني وريهام عبد
الغفور ورانيا فريد شوقي وهبة مجدي، وقدّم دور "جلوستر" في المسرحية
العالمية التي أعيد إنتاجها في أحد المسارح الخاصة، وبعد تدهور حالة
الفيشاوي الصحية وعدم قدرته على المشاركة بالعروض حلّ محله الفنان أحمد
فؤاد سليم، وهو ما يفسر عدم سفره إلى السعودية لعرض المسرحية في الفترة
الماضية.
وقد أعلن الفنان فاروق الفيشاوي إصابته بمرض السرطان في شهر
أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي في
الدورة التي حملت اسم الفنانة نادية لطفي، وقال إنه "يحارب المرض بروح
قتالية ويتعامل معه على أنه مجرد فيروس برد لا أكثر ولا أقل، ويثق في أنه
سينجو منه لأنه يتمتع بروح عالية وحب كبير للحياة".
وعلى مستوى الدراما كان آخر أعمال فاروق الفيشاوي مسلسل
"عوالم خفية"، حيث شارك بدور ضيف شرف مع الفنان عادل إمام، وكان المسلسل
بمثابة صلح بينهما بعد إشاعات زعمت وجود خلافات بينهما بسبب تصريحات
للفيشاوي بأن "أفلام عادل إمام ليست هي تاريخ مصر كما يروّج البعض". ونفى
الفيشاوي وجود أي مشكلة بينه وبين الزعيم، وقال في آخر لقاء تلفزيوني له إن
"علاقته جيدة بعادل إمام وإنه مثل الأخ ولهما مشوار طويل من النجاحات معا".
فاروق الفيشاوي من مواليد 5 فبراير (شباط) عام 1952 في
محافظة المنوفية، وحصل على ليسانس آداب من جامعة عين شمس، ثم تخرج من
المعهد العالي للفنون المسرحية.
قدّم الفيشاوي في بداية مشواره الفني عدداً من الأدوار
الصغيرة، وكانت انطلاقته الحقيقية في فيلم "المشبوه" عام 1981 ومسلسل
"ليلة القبض على فاطمة" عام 1982، وتألق الفيشاوي بشكل خاص في السينما
وأصبح "نجم شباك"، وصاحب الدور الأول في الكثير من الأعمال بعد ذلك.
من أبرز أعماله السينمائية: "الحب في طريق مسدود"
و"الباطنية" و"الحساب يا مدموازيل" و"المشـبوه" و"أرجوك أعطني هذا الدواء"
و"لا تسألني من أنا" و"القرداتي" و"سري للغاية" و"المرأة الحديدية" و"ملف
سامية شعراوي" و"حنفي الأبهة" و"الجراج" و"الجاسوسة حكمت فهمي" و"يا تحب يا
تـقـب" و"تحقيق مع مواطنة" و"حفار البحر"، و"إحنا أصحاب المطار"، وغيرها.
ومن أهم أعماله الدرامية، مسلسلات "علي الزيبق" و"أبنائي
الأعزاء شكرا" و"زينات والثلاث بنات" و"ألف ليلة وليلة" و"ليلة القبض على
فاطمة" و"دموع صاحبة الجلالة" و"كناريا وشركاه" و"خيال الظل" و"الحاوي"
و"رجل وامرأتان" و"قاتل بلا أجر". وكان مسلسل "الشارع اللي ورانا" من آخر
المسلسلات التي شارك فيها، مع درة ولبلبة ونسرين أمين.
أما في المسرح فقدم الفيشاوي عددا من المسرحيات المهمة، مثل
"بداية ونهاية" و"البرنسيسة" و"ثرثرة فوق النيل" و"الدخان" و"أهلا يا
بكوات"، وأخيرا "الملك لير".
وكان الفيشاوي من أكثر أبناء جيله تلونا في التمثيل وقدرة
على تجسيد كل الأدوار، ولذلك نجح في الألوان كافة التي قدمها، سواء
اجتماعية أو كوميدية أو رومانسية.
ونال الفيشاوي خلال حياته الفنية العديد من الجوائز، حيث
حصل على جائزة أفضل ممثل من الأكاديمية الأفريقية السينمائية عام 2009 عن
دوره في فيلم "ألوان السما السابعة"، وجائزة المجلس القومي لحقوق الإنسان
لأفضل الأعمال الفنية والإعلامية عام 2007 عن مسلسل "عفريت القرش".
كما حصل على جائزة تكريم من مهرجان طنجة المغربي الدولي
للفنون والموسيقى عام 2004، ودرع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي من
الملتقى العربي الرابع للمنتجين العرب 2009، وشهادة تقدير من مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحادية والثلاثين عن فيلم "ألوان السما
السابعة".
وبالنسبة إلى حياته الخاصة، تزّوج الفيشاوي 3 مرات، أولاها
من الفنانة سمية الألفي، وأنجب منها ابنيه أحمد وعمر، وانفصلا بعد فترة من
الزواج. ثم تزوج الفيشاوي من الفنانة سهير رمزي وشاركا معا في الكثير من
الأعمال الفنية، مثل فيلم "زوجة محرمة" و"وحوش صغيرة" وغيرها. وآخر زيجاته
كانت من خارج الوسط الفني من سيدة تدعى "نوران"، وحدث الطلاق منذ فترة
طويلة، وعزف بعدها الفيشاوي عن الزواج.
وكان آخر منشورات الفيشاوي على صفحته الوحيدة على
الـ"فيسبوك" نعيا للفنان عزت أبو عوف، قال فيه "لكل أجل كتاب، في الفردوس
الأعلى من الجنة، أودعك اليوم وأنتظر لقاءك". |