كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

رحيل فاروق الفيشاوي:

الابتسامة الأخيرة

نديم جرجوره

عن رحيل عراف الأداء

فاروق الفيشاوي

   
 
 
 
 
 
 

إحدى أجمل اللحظات الأخيرة في السيرة الحياتية لفاروق الفيشاوي، الراحل صباح الخميس 25 يوليو/ تموز 2019، تكمن في كيفية إعلانه ـ أمام جمهور الدورة الـ34 (3 ـ 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) لـ"مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسّط" ـ عن إصابته بمرض سرطانيّ. فهو، بوقوفه على خشبة المسرح للردّ على تحية الجمهور له في تكريمه، يُعلن إصابته بالمرض، متخذًا من السخرية أداة بوح ومواجهة. وهو، في سخريته من المرض نفسه، يكشف صلابة موقفٍ، تُكلّلها ابتسامة تقول أكثر من الكلام كلّه، ويصنعها شغف التحدّي الأقوى من كلّ خيبة وانكسار.

في تلك اللحظة، يقول فاروق الفيشاوي (1952 ـ 2019) ما يعكس رغبة حقيقية في قهر المرض: "سأتعامل معه على أنّه صداع، وبالعزيمة والإصرار سأنتصر عليه". هذا ليس عابرًا. هذا نمط تفكير ومواجهة، وإنْ يكن المخفيّ في ذات الفنان مختلفًا أو متناقضًا، فالمرض قاسٍ وبشع، ومصير المُصابين به موتٌ، وإنْ بعد حين. هذا ليس عاديًا. يكفي أن يمتلك الفيشاوي جرأة بوح وقول وسخرية، كي يكون الأجمل في لحظة خرابٍ ذاتيّ، لن يشعر بوطأته القاتلة غيره.

سيرة حياتية تنتهي بغلبة المرض السرطانيّ، بعد سنين من الاشتغال والعيش في أضواءِ فنّ، تتطلّب نجوميّته البقاء غالبًا في واجهة المشهد. سيرة حياتية مفعمة بعملٍ معروف لدى مشاهدين كثيرين، وبحياة خاصّة تنكشف، بين حينٍ وآخر، أمام الملأ، والملأ يتلصّص فهو محتاج إلى معرفة خفايا، والصحافة الفنية حاضرةٌ لكشف هذا البعض، والنجم موافق غالبًا، فالتواصل مع الجمهور ضروري، والجمهور يريد أيضًا ما هو غير الفن والعمل والاشتغالات.

سيرة حياتية تميل إلى السينما من دون فراق مع الشاشة الصغيرة، وتذهب إلى المسرح والبرامج الإذاعية والأوبريت كمتنفّس فنّي مختلف، فيغرف فاروق الفيشاوي، من التمرين فيها كلّها، شيئًا من تحسين أداء ونبرة وملمح. هذا دأب فنان يريد أن يجعل كلّ فنّ تمثيلي دربًا إلى مزيدٍ من الاكتشافات، وإنْ يفشل أحيانًا. لكن الفنّ مهنة وعمل ووظيفة أيضًا، يحاول الفيشاوي أن يبرع في حِرفيته فيها، طامحًا ـ وإنْ في مراحل قديمة على الأقلّ ـ إلى تمكين ذاته من الفعل الأدائيّ، برغبة تطويره. لذا، تُبيّن أفلامه ذاك الارتباك المهنيّ والفنّي: ففي محطّات عديدة، يُشارك الفيشاوي في نتاجات سينمائية عادية، يمنح أدواره فيها بعض ما يمتلكه من معرفة تمثيلية وحرفية مهنيّة؛ وفي محطات أخرى، يتألّق في اكتشاف جانبٍ واحد على الأقلّ من كيفية تخطّي الذات، من أجل دور وشخصية ونصّ، بل من أجل العمل برمّته.

لائحة الأعمال طويلة. التنويع حاضرٌ. هذا وحده كافٍ لإعادة اكتشاف مسارٍ مهنيّ، تتداخل فيه خصوصية الحياة اليومية بضغط العمل والمهنة. فهو زوج الممثلتين سميّة الألفي وسهير رمزي (علمًا أنّ آخر زيجاته تتمثّل بارتباطه بنورهان، من خارج الوسط الفني، كما قيل مؤخّرًا)، ووالد الممثل أحمد الفيشاوي (له عمر أيضًا)، وأحمد مدعوٌّ ـ بأفلام عديدة له ـ إلى إعادة حيوية أدائية وتجديدية في جيل شبابي من الممثلين المصريين. فضائح حياتية تنكشف بين حين وآخر، وبعض أسباب الكشف منبثقة من نزاعات لا علاقة لها بالفنّ وصناعة الأفلام، فهي نتاج مشادّات وخلافات وسوء نيّة.

بعيدًا عن هذا، يُساهم فاروق الفيشاوي في حركة سينمائية تنشأ في ثمانينيات القرن الـ20 وتسعينياته تحديدًا، من دون التوقّف عن العمل حتى اللحظات الأخيرة، والتوقّف ناتجٌ من شدّة المرض عليه. وذلك بمشاركته في أفلامٍ تتناول أحوال اجتماع وتاريخ وبيئات مصرية، في محاولة لإعادة صوغ المشهد المحليّ، ارتكازًا على وقائع أو حكاياتٍ يُمكن أن تكون واقعية. يدخل عالم المخابرات والقصور الملكية والصراع مع إسرائيل، من دون التغاضي عن كوارث اليوميّ في بلده، كالمخدرات والدعارة وخطف الأطفال وبيع الأعضاء والإرهاب، والعجز الجنسي أيضًا، وتأثيراته ونتائجه في الحبّ والعلاقات الريفية والمدينية.

للرومانسيّة والفانتازيا حضورٌ في بعض أفلامه. مشاركته مع نادية الجندي ونبيلة عبيد وعادل إمام وسعيد صالح مثلًا اختبارٌ له، تمامًا كاشتغاله مع هنري بركات ونادر جلال وعلي عبد الخالق وسمير سيف وحسام الدين مصطفى وأشرف فهمي وغيرهم. تنويعات في أساليب تمثيل وإخراج، تحتاج إلى إعادة قراءة نقدية تُفكِّك هذا التوهان الذي يُعانيه الفيشاوي غالبًا، بين رغبة دفينة في الخروج من أدوارٍ تُسانِد "الأبطال" وتتماهى بهم وتجتهد لبلوغ مراتبهم، من دون أن تكون أدوارًا ثانية بالمفهوم التقني والنقدي؛ وسعي إلى بطولة مطلقة، "تتعطّل" أمام سطوة ممثلين آخرين، يبدون وكأنّهم مولودون لتلك البطولات السينمائية المطلقة.

هذا ليس انتقاصًا من مكانةٍ تليق بفاروق الفيشاوي، وتبقى له، بل محاولة انتباه إلى الحيّز التمثيليّ الخاص به، المتمثّل بتلك المسافة، غير المتمكّن من الخروج عليها. فهو أبعد من أن يكون "ممثّل دور ثان"، فلهذا الدور أربابه وبعضهم يخسر موقعه فيه لانهماكه في تمثيل يتكرّر شكله ومواصفاته وروتينه وبهتانه. هو أبعد من أن يكون هكذا، لأنّه يقترب إلى دور أول، من دون بلوغه كلّيًا، فتُلبّي أدواره تلك حاجة الأدوار الأولى إليها كي يكتمل حضورها.

يرحل فاروق الفيشاوي بسبب مرضٍ مُنهكٍ وضاغط. لائحة أفلامه وأعماله الأخرى تحتاج إلى غربلة نقدية، فهي جزء من صناعة مصرية لها حضور عربيّ. يرحل الفيشاوي، تاركًا ابتسامته الأخيرة على خشبة مسرح مهرجان الإسكندرية، كي تقول الحبّ كلّه في ثوانٍ قليلة.

 

####

 

فنانون مصريون: هذه أجمل ذكرياتنا مع فاروق الفيشاوي

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

استعاد فنانون مصريون عملوا مع الفنان الراحل، فاروق الفيشاوي، ذكرياتهم معه، متفقين كلهم على بصمته المميزة وبساطته وقربه من كل من عملوا معه.

وكان الفيشاوي رحل فجر أمس الخميس، عن عمر 67 عاماً، بعد صراع مع مرض السرطان. وشيّعت مراسم الجنازة ظهر أمس من مسجد مصطفى محمود، ومن المقرر أن تتلقى أسرته العزاء يوم الأحد المقبل.

في حديثه للصحافيين، عبرّ الفنان عادل إمام عن صدمته من خبر وفاة زميله الفيشاوي، واصفاً إياه بـ "الموهوب" و"الواثق بقدراته منذ بداياته الفنية"، مشيراً إلى أنه كان خجولاً ومحترماً في الوقت نفسه، ويضفي بساطة على استديو التصوير حيث يكون.

الفنانة سهير رمزي، الزوجة السابقة للفيشاوي، وصفته بـ "الشهم" و"الخلوق"، مستذكرة سلسلة أفلام ناجحة جمعتهما معاً، وواصفة إياه بـ "المتميز" و"المتنوع" في أدواره، ومشيرة إلى أنه كان ملتزماً بعمله ومصغياً لنصائح وتعليمات المخرجين الذي عمل معهم و"لم يختلف في بدايته عن مرحلة احترافه لأنه يعي جيداً قيمة الفن".

الفنانة نادية الجندي تذكرت تعاونهما معاً عبر منشور على "إنستغرام" قالت فيه: "وداعًا يا صديق العمر، فاروق الفيشاوي أعزّي نفسي أولًا وبعزي زملاءه وأسرته ومحبيه.. فقدنا إنسانا جميلا وفنانا من أهم نجوم مصر.. زميل وصديق عزيز رفيق مشواري الفني بداية من فيلم "الباطنية"، أول أعماله كبطل في السينما".

وأضافت الجندي: "أكتر فنان اشتغل معايا قدمنا سوا 10 أفلام سينمائية.. من أهم أفلامي وأفلامه وكلها حققت نجاحات كبيرة.. وأعلى الإيرادات في تاريخ صناعة السينما المصرية"، وبينها "الباطنية" (1980) و"الإرهاب" (1989) و"شبكة الموت" (1990) و"ملف سامية شعراوي" (1988) و"امرأة هزّت عرش مصر" (1995).

وفي حديثه لـ "العربي الجديد"، قال الناقد المصري طارق الشناوي إنه حين شاهد الفيشاوي أخيراً على خشبة المسرح في عرض "الملك لير"، مع الفنان يحيى الفخراني، دهش للغاية من عظمة أدائه وتفانيه على الرغم من مرضه، ووصف الفيشاوي بـ "متعدد الأوجه" في عالم التمثيل.

 

####

 

فاروق الفيشاوي... مشاغبة طويلة مع الفن والحياة والموت

محمد جابر

قبل قرابة عام واحد كان فاروق الفيشاوي يقف على المسرح أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية ليخبر الحضور أنه مصاب بالسرطان. وعلى عكس الوقع السيئ للخبر، كانت ابتسامة الفيشاوي حاضرة، وهو يقول إنه "سيتعامل مع المرض كأنه صداع وسينتصر عليه"، شعر الجميع بقناعة شديدة بأن هذا حتماً ما سيحدث.
خلال هذا العام لم يتوقف 
الفيشاوي
 إطلاقاً عن العمل. كان يمثل أمام الجمهور يومياً في مسرحية "الملك لير" أمام يحيى الفخراني، ويحضر لفيلمٍ اسمه "قرفة بالزنجبيل"، ولمسلسل يشارك فيه خلال رمضان المقبل. كان يتعامل مع السرطان فعلاً باعتباره "صداعاً" مؤلماً ربما، ولكنه لن يوقفه عن المشاغبة مع الدنيا.
ذلك المشهد الختامي الطويل في مسيرة الفيشاوي، يعبر تماماً عن نوعية الشخص الذي كانه، والحياة التي عاشها. حياة مليئة بالتقلبات والدراما والأخطاء والندم والفرص الثانية والميل الدائم للمشاغبة، وعدم الاستكانة لقواعد المنطق والواقع، مع عدد كبير وضخم جداً من الأعمال الفنية بشكل يوافق رغبة صاحبها في الامتلاء بالحياة والحركة، أكثر من تقييم خطواته وحسابها.

يمكن أن نرى ذلك مثلاً في قراره بالمخاطرة ببداية حياته، والانتقال من بلدته المنوفية إلى القاهرة للبحث عن فرصة تمثيل بدلاً من الاستكانة للمنطق الذي يجعله يعمل في وظيفة ميسورة الحال في البلدة وبشهادة الطب العام التي حصل عليها. يمكن كذلك استيعاب شخصيته وإصراره وقوته، بالنظر إلى قسوة سنواته الأولى في القاهرة حيث لم يجد عملاً، واشترك كـ"كومبارس"، صامت غالباً، في أعمالٍ أخرى مسرحية أو تلفزيونية من دون أي مال أو حتى مكان سكن أحياناً. وحين أتت الفرصة بالفعل مع نجاح مسلسل "أبنائي الأعزاء شكراً" (1979) الذي تلاه بعامين مشاركته عادل إمام وسعاد حسني في بطولة فيلم "المشبوه" (1982)، تحوّل الفيشاوي إلى نجمٍ شاب من رموز سينما الثمانينيات. ولكنه، وهذا الجانب الأهم من شخصيته، لم يكن مشغولاً بتلك النجومية، إذْ لم يحسب خطواته التجارية كعادل إمام، أو يأخذ رهانات فنية متتالية كأحمد زكي، أو يبقى حتى في منطقة آمنة كنور الشريف أو محمود عبد العزيز. 

كان الفيشاوي، وكما يصف نفسه في حوار تلفزيوني عام 2015: "يحب السينما ويحب الحياة"، ولذلك لم يرفض أي عمل عُرض عليه في تلك الفترة، بكل التناقضات المحتملة في نوعية الأفلام: من تجارية صرفة مثل "وحوش المينا" (1983) أو "جبروت امرأة" (1984)، إلى أفلام فيها مساحة من الاختلاف والمغامرة، كفيلمي الرعب "استغاثة من العالم الآخر" (1985) و"الكف" (1986)، لأفلامٍ فنية لم يكتفِ ببطولتها بل أنتجها أيضاً وأهمها "مشوار عمر" (1986) مع المخرج محمد خان. كان يمثل في كل شيء وأي شيء، ومن المبهر مثلاً أن عدد أعماله في فترة ازدهار نجوميته بين بداية الثمانينيات ومنتصف التسعينيات يتجاوز الـ130 فيلماً، وهو الأكثر كثافة بين أبناء جيله.

ومع كل تلك المشاغبة المستمرة والامتلاء بالحياة، كان منطقياً ألا يتعامل الفيشاوي مع السرطان باعتباره مرضاً قاتلاً سيوقفه؛ تعامل معه فعلاً كالـ"صداع"، وأقنع الجميع أنه سينتصر عليه، وظل يعمل ويقف على المسرح حتى آخر نفس، وهَمَد جسده في النهاية وهو لا يزال يحاول، ولكن السرطان لم يكن صداعاً مع الأسف!

 

####

 

فاروق الفيشاوي... سيرة اعترافات نجم

ربيع فران

لا نبالغ إذا قلنا إن عصر السينما المصرية ونجومها يشارف على الانتهاء أو الضياع، في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها مصر والدول العربية، على الأصعدة كافة؛ إذ لم تفلح خلال السنوات الأخيرة محاولات الراحل فاروق الفيشاوي و"رفاقه" في استعادة الأضواء وتحقيق النجاحات. والسؤال يطرح نفسه تلقائياً: لماذا تراجع عهد "نجم السينما"؟ والاحتمالات المطروحة للإجابة لا نهائية؛ هل السبب هو الاستخفاف بالنصوص والإنتاج السينمائي؟ هل لعبت الرقابة دورها؟ أم أن تراجع السينما "الهادفة" الذي ساهم فيها نجوم من طينة الراحلين محمود عبد العزيز ونور الشريف أخذت معها هذه النجومية أيضاً؟ تحفظ الذاكرة صوراً لفاروق الفيشاوي ضمن مجموعة من الأدوار المقنعة، منذ مشاركته الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكراً" عام 1979 إلى جانب رفيقيه صلاح السعدني ويحيى الفخراني، ومنها خرج بطلاً إلى الأعمال السينمائية التي وضعته على سكة الممثل المطلوب لفرادة أدائه. في أول أفلامه مع سعاد حسني، تخطى الفيشاوي امتحان السينما، ليصبح واحداً من أكثر الممثلين طلبًا، وبالتالي نجم شباك تسارع المجلات الفنية وقتها إلى نشر صوره، وملاحقة أخباره الخاصة كادت تنافس أدواره الفنية؛ زواجه من شريكة حياته سمية الألفي، ثم طلاقه وارتباطه بالفنانة سهير رمزي ولاحقاً بسيدة تدعى نورهان، كلها تحولت إلى مادة دسمة لدى جمهور وقراء المجلات الفنية، وشغلت بال المتابعين الذين لاحقوا الممثل في عز تألقه وخطفه للنجاح بطريقة كرست وقتها الاختلاف أو الرؤية التي وجدها الفيشاوي وعاش أسيرها إلى وفاته فجر أمس الخميس. 

وجهةٌ لم تفقده موهبته مع الوقت، بل تحولت إلى "أسلوب حياة" أمام اعترافات بالجملة جاءت متتالية، ومن دون محاكمات، وبينت وجهًا لا يقل صدقًا عن موهبته في تقمص الدور أو الشخصية كبطل. تماس آخر قد نختلف معه، لكنه لا يفقد بطل "دموع صاحبة الجلالة" البريق، بل زاد في إقناعنا بأن الفيشاوي وحكاياته الحميمة و"أساليبه" في التحايل كانت بوجه واحد لا وجهين، من دون أي أقنعة. ولعل اكثرها صدقًا اعترافه بالخيانة الزوجية، وتعاطيه المخدرات، وقبل أقل من عام سخريته من خبر إصابته بالسرطان واعتباره "صداعاً" سيقوى على قهره. لم تشهد حياة الفيشاوي انقلابات عائلية "درامية"؛ إذ حافظ على علاقة ودية مع أم أولاده الفنانة سمية الألفي، ووقف إلى جانبها زوجًا وصديقاً، بشهادة الألفي نفسها، خصوصاً بعد الوعكة الصحية التي اضطرتها للسفر إلى خارج القاهرة، ورافقها فيها. وأوحى دائمًا بأنه صديق وليس "أبا" بمعنى "الواعظ" أو المُتشدد، في طريقة تعاطيه مع ابنه أحمد وعبثيته. إذ تقرب من حفيدته لينا، وهي الطفلة التي رفض نجله الاعتراف بزواجه العرفي من والدتها هند الحناوي في قضية عمرها 17 عامًا. وقال عنها مراراً "لقد اكتشفت حبًا من نوع خاص لم أقابله من قبل سوى مع حفيدتي لينا، وعرفت معها طعما جديدا ومعنى جديدا لحياتي التي أعيشها من أجلها". هكذا يرحل فاروق الفيشاوي، مختتمًا رحلة فنية أكثر شفافية في تاريخ السينما المصرية، لاحقاً برفاق الدرب من نجوم مصر، وتاركاً إيانا وسط مستقبل فني مجهول لا يزال فيه البحث عن "النجم"، بالمعنى الذي ألفناه، مستمراً.

 

العربي الجديد اللندنية في

26.07.2019

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوى.. عاشق فى محراب الفن

كتب: ريهام جودةهالة نورعمر ساهر,أحمد يوسف سليمانهند إبراهيم

بابتسامة حتى آخر نفَس، وبأمل ورضا، حافظ الفنان فاروق الفيشاوى على مواجهته مرض السرطان، مانحًا المصابين به أملًا فى التمسك بالحياة، وبقى فى صراعه معه شرسًا فى مقاومته، حتى ودّع الحياة، فجر أمس، مُخلِّفًا حزنًا كبيرًا بين مُحبِّيه وجمهوره، بعد مشوار حافل بالعطاء والتميز لمحمد فاروق فهيم الفيشاوى، الشهير بـ«فاروق الفيشاوى»، الذى وُلد عام 1952 فى المنوفية، وتخرج فى المعهد العالى للفنون المسرحية، وبدأ مشواره الفنى بعدد من الأدوار الصغيرة بالسينما والتليفزيون، حتى جاء فيلم «المشبوه» عام 1981، ومسلسل «ليلة القبض على فاطمة» عام 1982، ليمثلا نقطة انطلاقته الحقيقية، وتوالت نجاحاته فى السينما والتليفزيون والمسرح، الذى كان محطته الأخيرة، حيث شارك فى مسرحية «الملك لير»، ورغم عطائه الفنى ومحنة مرضه، ظل «الفيشاوى» يحلم بالمزيد من الإبداعات والأدوار والنجاحات، التى سطرت نجوميته.

بحضور أسرته وزملائه ومئات من جمهوره شيّع جثمان الفنان الكبير فاروق الفيشاوى، ظهر أمس من مسجد مصطفى محمود، والذى أعلنت وفاته صباح أمس عن عُمر يناهز67 عامًا، بعد إصابته بغيبوبة كبدية، إثر مضاعفات مرضه بالسرطان، حيث خضع للعلاج منه لمدة تقرب من 8 أشهر، منذ أن أعلن إصابته به فى أكتوبر الماضى خلال تكريمه من مهرجان الإسكندرية السينمائى. وحرص عدد كبير من الفنانين والسياسيين والإعلاميين على الحضور، وشهدت الجنازة حضورا مكثفا من الإعلام والمصورين، ما دفع الفنان أحمد الفيشاوى نجل الفنان الراحل للانفعال على المصورين، كما غادرت الفنانة سمية الألفى - أرملة الفنان الراحل - الجنازة قبل اكتمالها بسبب محاصرتها من الكاميرات، وانهارت الفنانة هالة صدقى، ودخلت فى نوبة بكاء إثر صدمة رحيل الفيشاوى.

وشارك فى تشييع الجثمان د. أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، ود. خالد عبد الجليل، مستشار وزير الثقافة، والإعلامية بوسى شلبى، والفنانون نبيل الحلفاوى، ورانيا فريد شوقى، ونهال عنبر، وسامح الصريطى، ومحمد ممدوح، ورشوان توفيق، وعمرو يوسف، ودنيا عبدالعزيز، والمخرج عمر عبدالعزيز، وسيد رجب، والموسيقار هانى مهنى، وأحمد عبدالعزيز، وعماد رشاد، وشهيرة، وعمرو محمود ياسين، وخالد زكى، والمخرجة كاملة أبوذكرى، وحمدين صباحى. وعقب الانتهاء من مراسم تشييع الجثمان، توجهت أسرة الفيشاوى وزملاؤه إلى مسقط رأسه بقرية سرس الليان، بمحافظة المنوفية، حيث دُفن جثمانه، وتم أداء صلاة الجنازة للمرة الثانية بالمحافظة فى مسجد الصعيدى ليدفن بمثواه الأخير بمقابر العائلة، التى أعلنت عن إقامة سرادق عزاء أمام مدرسة «غانم بيك»، كما أوصى الراحل، والذى أوصى أسرته أيضا بدفنه إلى جوار شقيقه جلال الفيشاوى، الذى توفى قبل عامين.

ونعت د.إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، الفنان الراحل،وقالت إن فن الدراما فقد أحد أبطاله الذين نجحوا فى تجسيد شخصيات متنوعة ، ستظل علامات خالدة فى تاريخ الدراما والسينما والمسرح ووصفته بـ«الحاوي الذي سحر قلوب الجماهير. ونعي إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح الفنان الراحل مؤكدا أنه حفر اسمه بحروف من نور كنجم فى سماء الفن فى مصر و المنطقة العربية.

وحصد الفيشاوى العديد من الجوائز عن أعماله، منها جائزة المجلس القومى لحقوق الأعمال، وشهادة تقدير من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الحادية والثلاثين عن فيلم «ألوان السما السبعة»، وكُرِّم هذا العام فى الدورة الـ67 من المهرجان الكاثوليكى للسينما، حيث أصر على الحضور- رغم مرضه- والاحتفاء بتكريمه. وقال رئيس المهرجان، الأب بطرس دانيال،: «الراحل قامة وقيمة فنية أثرى السينما المصرية والعربية وعندما سألته عن تكريمه فى المركز الكاثوليكى، رحّب قائلًا: (شرف لى وسأحضر بنفسى لأشكركم وأشكر جمهورى)». وكان ينتظر تكريمه من قِبَل المهرجان القومى للمسرح فى دورته المقبلة.

رفض العلاج على نفقة الدولة: «تركتها لمن يستحق»

رغم الآلام التى عانى منها الفنان فاروق الفيشاوى خلال العام الذى شهد اكتشافه لإصابته بمرض السرطان، إلا أنه كان يقابل ذلك بابتسامة وتفاؤل فى الشفاء وحب للحياة، رافضا أن يعطى رسالة سلبية لمن يعانى من السرطان، وكان حتى أيامه الأخيرة صامدا محاربا مبتسما حتى تمكن منه المرض. واقترب من حفيدته لينا، التى كانت مصدر سعادته.

«أنا شخصيا مش منزعج، إنت عندك سرطان» إعلان مفاجئ وصادم لحظة تكريمه بالدورة الأخيرة لمهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى، كان الفيشاوى يروى ذلك مبتسما ومتقبلا لما أصابه وما سيمر به، مؤكدا «سأتعامل معه، وكأنه صداع»، معلنا أنه سيهزمه و«هاجى الدورة الجاية الـ35 للمهرجان عشان أبارك لزميل آخر على التكريم». ورفض «الفيشاوى» تلقى علاجه على نفقة الدولة، وبرر ذلك وقتها قائلا: «الدولة طلبت علاجى على نفقتها، ولكنى تركتها لمن يستحق»، كان آخر ظهور عام للفيشاوى فى عزاء صديقه الفنان الراحل عزت أبو عوف، بدا متماسكا، وأكد أن سيرة الموت لا تشكل كابوسا بالنسبة له، ومعتبرا أن الحياة ليس لها أى قيمة، وأنها قصيرة للغاية، وأن أكثر ما يحزنه هو التفكير فى فقدان شخص عزيز عليه.

الهوارى: حلم بتقديم «على الزيبق»

تغيب الفنان الراحل فاروق الفيشاوى عن تقديم عرض «الملك لير» مع أسرة المسرحية فى السعودية مؤخرًا، بسبب ظروفه الصحية. وقال المخرج مجدى الهوارى: «عندما عرضت الدور على النجم الكبير ووافق كانت لدىّ مخاوف على حالته الصحية بعد إعلانه الشجاع عن إصابته بالسرطان، وأن تكون موافقته فيها إنهاك زائد عليه، لذا استشرت طبيبا متخصصا وأكد لى أن العمل- خصوصا المسرح- هو علاجه الحقيقى، والحافز النفسى الأكبر فى معركته مع المرض اللعين».

وحول اللقاء الأخير مع النجم الراحل، قال «الهوارى»: قدم لى نصا مسرحيا يريد تقديمه فى 2020، وهو «على الزيبق» .

 

المصري اليوم في

26.07.2019

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي.. المحارب يسلم المهمة!

سيد محمود سلام

عندما ألمح إليه الأطباء بأنه مصاب بفيروس، وأنه خطير، ويحتاج إلى رعاية خاصة، أدرك حينها أنه مصاب بالسرطان، لم يكن بصحبته آنذاك سوى الفنانين عماد رشاد، وكمال أبورية، وكان ذلك منذ عام تقريبًا..

ظن فاروق الفيشاوي أنه قادر على هزيمة المرض، فأراد أن يعرف العالم كله أنه سيدخل حربًا مع السرطان، انتهز فرصة تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي، ولم يكن أحد في مسرح مكتبة مدينة الإسكندرية يتوقع أن يعلنها على الملأ.. أنه مريض بالسرطان!.

قبل ساعة من إعلانه الخبر الصادم قالت لي لبلبة إنها تريد أن تقول كلمة على المسرح في حب فاروق الفيشاوي، وفي طريقنا من فندق الإقامة بالإسكندرية إلى المكتبة كانت قد حفظت بعض العبارات التي ستقدم بها نجم الحفل المكرم آنذاك..

ثم كانت الصدمة أن خرج الفيشاوي - رحمه الله - ليقول إنه يدخل حربًا مع السرطان.. نسيت لبلبة ونسي الجميع كل الكلمات.. وصرخ أبورية من مقعد الضيوف "لا.. يا فاروق" محاولًا منعه من الكشف عن السر الذي لم يكن أحد من الموجودين يعرفه سوى المقربين منه.

لم يكن فاروق الفيشاوي مستسلمًا لأزمته، حاول أن يظل متماسكًا، قبل فكرة أن يكون قويًا، وأن يقرأ سيناريو فليم جديد يخرجه صديقه عمر عبدالعزيز، ويشاركه البطولة يحيى الفخراني، وكعادته نشر التفاؤل فيمن حوله بأنه سيعود أقوى مما كان عليه..

في مستشفى المعادي للقوات المسلحة، وفي احتفال جمعية "الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما" بتكريم النجمة نادية لطفي، كان من أوائل من حضروا، وتحدث عن نادية لطفي بحب شديد، مع أن الوضع الصحي وما يعلمه عدد ممن يتابعون حالته عن قرب كان سيئًا للغاية، فقد انتشر المرض في أماكن مهمة من جسده، لكن ابتسامته وحفاوته بمن حوله لم تهرب منه.

بموهبته وثقافته وجرأته يتحدث مع الجميع، ويتمنى لو يطول عمره، كي يبدأ رحلة جديدة، فهو محب للحياة، ففي مشواره الذي بدأه كممثل أعطى للفن كل حياته، من أول خطواته السينمائية في فيلم "المشبوه" مع النجم عادل إمام وسعاد حسني، في دور ضابط الشرطة الذي ينتزع منه عادل أمام سلاحه.. يمثل وكأنه نجم كبير، بعد تجارب قليلة مثل "الباطنية" أحد الأعمال التي تعرف فيها على فريد شوقي ونادية الجندي.

في السينما كان الممثل الأكثر عطاءً بشخصيات تنوعت، حتى إن لم يكن فيها هو النجم رقم واحد، بل كانت له أدوار من الصعب أن يقدمها غيره، مثل فيلم "الجراج" مع نجلاء فتحي، عندما قدم دور الأخرس.. و"ديك البرابر" مع نبيلة عبيد.

أكثر من مائة وخمسين فيلمًا، وخمسين مسلسلاً، وعشر مسرحيات وأعمال إذاعية وأوبريتات.. جامل كثيرًا، فلم يرفض المشاركة حتى ضيف شرف في أعمال لصداقته القوية بكل النجوم، جامل صديقه محمود الجندي في "المرشد"،  وجامل ليلى علوي وإلهام شاهين، والجيل الجديد كله بالظهور ولو في مشهد واحد.

على المستوى الإنساني كان حاضرًا بقوة.. وقد يندهش البعض من علاقته القوية بطليقته سمية الألفي التي سافر معها في مرضها، برغم انفصالهما، لكنه هو هكذا فاروق الفيشاوي.. أب وصديق.. يحتفظ لمن أحبوه برصيد كبير من الود.. فهو يحتفظ لها بالكثير من الود؛ لأنها أول من وقف بجانبه، وأنجب منها ولديه أحمد وعمر.. وكانت نعم الأم والصديقة.. برحيله تنتهي صفحة مهمة من مشوار كبار النجوم الذين أعطوا الكثير.

 

بوابة الأهرام في

26.07.2019

 
 
 
 
 

"قرفة بالجنزبيل".. آخر مشروعات فاروق الفيشاوي السينمائية

كتب: نورهان نصرالله

كان لديه الشغف بالعودة مرة أخرى، كان ينتظر الوقت للتغلب على المرض اللعين للوقوف أمام الكاميرا، التي شهدت تألق موهبته كوجه جديد ونضوجه كنجم صاعد، ثم توهج موهبته ليصبح فنانا قديرا، كان يستعد الفنان فاروق الفيشاوي للعودة للسينما مرة أخرى مع رفيقيه الفنان يحيى الفخراني والمخرج عمر عبدالعزيز في فيلم بعنوان "قرفة بالزنجبيل"، لكن القدر لم يمهله وقتا كثيرا للعمل على المشروع، حيث كان من المقرر أن يتم تصويره، لكن انشغاله بعرض "الملك لير" وتدهور حالته الصحية حالا دون ذلك.

ظهر الفيشاوي في مجموعة من الأعمال السينمائية، مؤخرا، لكن اقتصر الأمر على كونه "ضيف شرف"، آخرها في فيلم "ليلة هنا وسرور" عام 2018، إضافة لتجارب أخرى منها "يوم للستات" و"كدبة كل يوم"، حيث كان آخر أعماله "ألوان السما السابعة" للمخرج سعد هنداوي في 2007.

"عتبات البهجة" هي عنوان رواية للكاتب إبراهيم عبدالمجيد، التي كانت يستعد المخرج عمر عبدالعزيز إلى تحويلها إلى فيلم بعنوان "قرفة بالزنجبيل" عملت على كتابة السيناريو الخاص بها المخرجة هالة خليل، تدور أحداثها داخل حديقة افتتحتها السيدة الأولى في أحد ميادين محافظة القاهرة، ولا ‏يزورها أحد، وفي العالم الصغير للحديقة تتفاعل الشخصيات: حسن وصديقه أحمد، بائعة الشاي وابنتها "سعدية"، وبائعة الحلوى، في إطار بحثهم جميعًا عن السعادة.

لم يكن مشروع "قرفة بالجنزبيل" أو "عتبات البهجة" وليد اللحظة، بل كان هناك نية لتقديمه في 2009، وانتشرت أخبارًا في ذلك الوقت عن اختيار الفنان فاروق الفيشاوي والفنانة ليلى علوي، لبطولة الفيلم، ثم جرى استبدالها بالفنانة هند صبري، إلا أن الأمر توقف تمامًا.

في 2014 عاد الحديث عن المشروع مرة أخرى، وجرى اختيار المخرجة هالة خليل للعمل على السيناريو والحوار الخاص بالفيلم، ورُشح وقتها الفنان محمود عبدالعزيز لبطولة الفيلم، غير أن ظروفه الصحية حلت دون ذلك ومن بعدها وفاته، ليتم ترشيح الفنان يحيى الفخراني لبطولة الفيلم مع الفنان فاروق الفيشاوي.

 

الوطن المصرية في

26.07.2019

 
 
 
 
 

هند الحناوي تستعيد ذكريات لينا مع جدها فاروق الفيشاوي

نهال ناصر

استعادت هند الحناوي طليقة الممثل أحمد الفيشاوي ذكريات ابنتهما لينا مع جدها الراحل فاروق الفيشاوي.
هذا ما فعلته لينا الفيشاوي حدادا على جدها

نشرت "الحناوي" عبر حسابها على Instagram صورة من برنامج حل فيه الفيشاوي ضيفا، وحكت أنه طُلب منها أن ترسل لينا إلى بيروت لتظهر في البرنامج مع جدها، وكانت مفاجأة كبيرة له، لتصف فاروق الفيشاوي أنه كان يجمعهم جميعا ببعض.

من جانبها قامت لينا بنشر صورة عبر خاصية القصص القصيرة في حسابها على Instagram لمنشور والدتها وكتبت: "أحبك ماما".

يذكر أن فاروق الفيشاوي رحل عن عالمنا أمس الخميس 25 يوليو، بعد معاناة مع المرض.‏

شيعت جنازة الراحل فاروق الفيشاوي عقب صلاة ظهر الأمس من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، وحضرها عدد كبير من نجوم ‏الفن.‏

النجوم في جنازة فاروق الفيشاوي

وتقرر أن يقام العزاء الخاص بالفنان فاروق الفيشاوي مساء الأحد المقبل الموافق 28 يوليو في مسجد الشرطة بمنطقة الشيخ زايد في ‏‏6 أكتوبر.

 

موقع "في الفن" في

26.07.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004