بينما تميز اليوم الرابع من فعاليات المهرجان الدُّولي
للفيلم بمراكش، في دورته الـ18 بدخول فيلمي «بومباي روز»، وهو من صنف
الرسوم المتحركة، لمخرجته الهندية جيتانجاني راو، و«وادي الأرواح» لمخرجه
الكولومبي نيكولاس رينكون خيلي، دائرة المنافسة ضمن فقرة «المسابقة
الرسمية»، وتدَخّل الممثل الأميركي هارفي كيتل والممثلة الإيرانية غولشيفته
فرحاني والممثلة التونسية هند صبري ضمن فقرة الحوارات الفنية، مع عرض فيلم
«الرجل الآيرلندي» لمخرجه الأميركي مارتن سكورسيزي، يتميز برنامج اليوم،
بدخول فيلمين عربيين غمار المنافسة على جوائز المهرجان: «آخر زيارة» لمخرجه
السعودي عبد المحسن الضبعان، و«سيد المجهول» لمخرجه المغربي علاء الدين
الجم.
- «آخر
زيارة»... عمق وأصالة
يعدّ الفيلم الأول الطويل في مسيرة مخرجه. وهو من إنتاج
محمد الحمود، وسيناريو فهد الأسطا والضبعان، وتصوير أمين مسعدي، وتشخيص
أسامة القس وعبد الله الفهد وفهد الغريري ومساعد خالد وغازي حمد. ويحكي قصة
«ناصر»، الذي فور علمه بخبر مرض والده قرّر العودة على متن سيارته رفقة
ابنه «وليد» البالغ من العمر 16 سنة، إلى قريته التي غادرها منذ مدة زمنية
طويلة من أجل الاستقرار في العاصمة الرياض.
ويرصد الفيلم العلاقة الحالية بين الأجيال، المليئة بالتنصل
والاستنكار غير المعلن، والفجوة العميقة بين الأجيال في البلد، فمن جهة
هناك الآباء الذين يدعمون تقاليد وعادات النّظام الأبوي، ومن جهة أخرى هناك
الأبناء الذين يتطلعون إلى التحرر من كل ذلك، فضلاً عن رصد واقع المجتمع
السعودي الموزع بين الحواضر والأرياف. وحسب كتيب المهرجان، فإنّ الفيلم
ينطوي على «عمق كبير وأصالة نادرة تمتزجان بجرأة وإتقان مثيرين»، مع
الإشارة إلى أنّ هذا الفيلم الأول لمخرجه «استطاع أن يوحّد بين المواهب
المتنوعة لمجتمع سينيفيلي مغمور، معلناً بذلك بزوغ موجة من أفلام المؤلف
المستقلة في المملكة العربية السعودية».
- «سيد
المجهول»... مواقف كوميدية
يحكي الفيلم، وهو من بطولة يونس بواب وصلاح بن صالح وبوشعيب
السّماك ومحمد نعمان وأنس الباز وحسن بديدا وعبد الغني كتاب وأحمد يرزيز،
قصة لص، سيعود بعد قضاء عقوبة سجنية، إلى المكان الذي أخفى فيه مسروقاته
عند سفح شجرة على تل مهجور، ليكتشف أنّ أهل القرية القريبة حوّلوا الموقع
إلى مزار دُفن فيه «سيد المجهول»، لتتوالى مجموعة من المواقف الكوميدية
التي تتأرجح فيها المغالطات والتخيلات، ويتحوّل فيها المعتقد إلى عبث
حقيقي، حيث إن أهل القرية الذين كانوا ينتظرون المطر لعقود من الزمن أصبحوا
يصطفون للتداوي من كل الأمراض، بينما ينتاب السّارق الخارج لتوّه من السجن
الأمل في استعادة حقيبة مسروقاته، بعد طول انتظار.
-
من حياة رجل بلا مبادئ
حظي «الرجل الآيرلندي» بمتابعة لافتة، أخذاً بعين الاعتبار
قيمة مخرج وقع ملحمة جديدة يتحدث فيها عن السنوات المظلمة من حياة رجل بلا
مبادئ، ونوعية الممثلين الذين أدّوا فيه أدوار البطولة، سواء تعلق الأمر
بروبيرت دي نيرو أو آل باتشينو وجو بيشي وهارفي كيتل وراي رومانو وبوبي
كانافال وأنا باكين، الشيء الذين جعلنا بصدد فيلم يتنفس نسمة من الخفة
والارتجاج، بل والعبث.
وتدور قصة الفيلم، الذي تناهز مدته 202 دقيقة، قصة فرانك،
الذي بعد أن اعتاد القتل خلال الحرب العالمية الثانية، سيضع مهاراته في
خدمة عصابات المافيا، ليصبح العنصر المفضل للزعيم جيمي هوفا. وتمتد قصة
فرانك شيران عبر عقود من الزمن، لكنّها بلغت أوجها في الأيام التي سبقت
الاختفاء الغامض لجيمي هوفا في يوليو (تموز) من سنة 1975.
-
حوارات مثمرة
من أجل مزيد من الحوار وتبادل الآراء مع الفنانات والفنانين
الذين يصنعون سحر السينما عبر العالم، تواصلت فقرة «محادثة مع...»، ببرمجة
حوار مع الممثل الأميركي هارفي كيتل، تلاه حوار مع الممثلة الإيرانية
غولشفيته فرحاتي والممثلة التونسية هند صبري.
وكانت الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار أول من تدخل ضمن هذه
الفقرة، حيث تحدثت عن طفولتها ودوافع اختيارها للتمثيل، ونظرتها إلى مهنة
السينما. كما تحدثت عن علاقتها بعدد من المخرجين الذين تعاملت معهم،
وأدوارها في عدد من الأفلام التي شاركت فيها. كما تحدثت عن المغنية
الفرنسية الراحلة إديف بياف، والتأثير الذي مارسته على حياتها. واستعرض
كيتل تجربته السينمائية وعلاقته بعدد من المخرجين والممثلين، بينهم
سكورسيزي ودي نيرو، فقال إنه كان محظوظاً بالعمل مع مخرجين وممثلين كبار،
لأنّه كان سهلاً أن يتّفق معهم، ما دام هدفهم واحداً، قبل أن يشدّد على أن
ما حققه من نجاح فنّي كان بالكد والجهد والمعاناة.
وتحدث كيتل عن سعادته بالمشاركة في فيلم «الرجل الآيرلندي»،
آخر أفلام سكورسيزي، إلى جانب دي نيرو وآل باتشينو وجو بيتشي، مشدّداً على
أنّه «ليس هناك دور صغير بل ممثلون صغار».
وعن لقائه الأول بسكورسيزي، قال: «كنت أشتغل بائعاً في
نيويورك، وأحلم بأن أصبح ممثلاً... لم نكن حينها نكسب مالاً. وخلال أداء
الكاستينغ أمام سكورسيزي كانت الأجواء غريبة، تشبه الاستنطاق البوليسي.
لكنّه اختارني في نهاية المطاف... إنّه شخص رائع جداً، أصبحت بيننا علاقة
شبه عائلية».
ورداً على سؤال حول ما تعلّمه من هذا المخرج، قال ضاحكاً:
«ما الذي تعلمته من سكورسيزي؟ أنت تريد أن تسألني عن الذي تعلّمه سكورسيزي
مني!»، ويستدرك: «في الحقيقة تعلم أحدنا من الآخر الكثير من الأشياء».
كما تحدث عن لقائه الأول بدي نيرو، فقال: «تعرفنا عن طريق
صديقة مشتركة. تبادلنا النّظرات وابتسمنا. وبعد سنة قدمنا فيلماً
مشتركاً... إنّه ممثل عظيم». وبخصوص بداياته في السينما، وكيف أصبحت مهنته
وحياته، أشار كيتل إلى أنّه بدأ الدراسة في نيويورك، حيث التقى ممثلين
رائعين، قَدِموا من مختلف أنحاء البلاد، وأنّه كان يردّد أنه لا يريد أن
يصبح ممثلاً، بل كسب المال، قبل أن يكتشف لاحقاً أنّ الأمر غير صحيح وأنّ
المال لا قيمة له. وقال إنه تعلم، وهو في العشرين من عمره، أنك إذا كنت
تريد أن تصبح ممثلاً، فيجب أن يكون لديك هدف وجدية في العمل. وروى كيتل
عدداً من الطرائف والمستملحات من مساره المهني الطويل، منها أنّ والده جاء
إلى الاستوديو، ذات مرة، ليشاهده، لكنّه لم يتمكن من التعرف عليه لأنّه كان
يرتدي حذاءً غريباً وقبعة: «حينها عرفت أنّني نجحت في أداء الدور... قلت له
إنّني أريد أن أكون ممثلاً، فرد بحزم: هذا هراء اذهب للبحث عن عمل جدي». |