ما الفارق بين الجولدن جلوب والأوسكار وأيهما أكثر أهمية؟
عبد الرحمن توفيق
حمل حفل «جولدن جلوب» الكثير من المفاجآت والصدمات أيضًا
بالنسبة لمحبي السينما في العالم أجمع، وذلك بحصول بعض النجوم على الجائزة
التي تعرف باسم «الكرة الذهبية» في المجالات الفنية المختلفة، لأفضل
الممثلين والممثلات والمخرجين وغيرها من الجوائز المتنوعة التي جاء بعضها
متوافقًا مع التوقعات وبعضها الآخر معاكسًا لها.
وبمجرد الانتهاء من الحفل الذي أقيم في 5 يناير من العام
الجاري «2020» فإن أنظار المشاهدين ستصبح في حالة من الترقب للحفل الفني
الآخر الذي يعتبره البعض أهم حفل جوائز في العالم، وهو حفل الأوسكار الذي
يعتبر اسمه اختصارًا لـ «أكاديمية فنون وعلوم الصورة المتحركة».
واللافت للذكر أن الجائزتين الأكثر شهرةً وتأثيرًا في الوسط
الفني العالمي يقامان في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يطرح سؤالين
هامين:
لماذا تقام جائزتين فنيتين في الولايات المتحدة الأمريكية
وما الفارق بينهما؟
لماذا تعتبر جائزة الأوسكار أكثر تقديرًا وأهميةً بالنسبة
للنجوم والنقاد وأيضًا الجماهير على حد سواء؟
أولًا: لماذا تقام جائزتين فنيتين في الولايات المتحدة؟
في الحقيقة أنه تقام ثلاث جوائز فنية هامة في الولايات
المتحدة الأمريكية في العام الواحد، فإضافة إلى الأوسكار والجولدن جلوب
هناك أيضًا جائزة «إيمي» والحقيقة أنه يوجد بالفعل أهمية منفردة لكل واحدة
منهم وإلا لما أقيمت الجائزة على الإطلاق.
البداية بجائزة الأوسكار، وهي تعتبر الجائزة التي تمنح
لصناع الأفلام السينمائية، وهذا ما يجعلها تقتصر على الإنتاج السينمائي فقط
لا غير، وهو ما يجعلها جائزة متخصصة جدًا وتقدمها أكاديمية فنون وعلوم
الصورة المتحركة وقد أقيمت الجائزة لأول مرة في 16 مايو من عام 1929 وهي
تعبر الجائزة الفنية الأقدم في الولايات المتحدة.
ثانيا تأتي جائزة إيمي، وهي تختلف اختلافًا جوهريًا عن
جائزة الأوسكار، فبينما تركز الأولى على الأفلام فإن جائزة «إيمي» تمنح
للمسلسلات والبرامج التلفزيونية، مما يجعلها تختص فقط بالشاشة الصغيرة
«التلفزيون» فقط، وقد أنشئت لأول مرة في عام 1949 وتعتبر أهم جائزة من
نوعها في العالم.
ثالثا تأتي جائزة جولدن جلوب، وهي لا تعتبر أقل أهمية من
حيث القيمة ولكننا نتحدث عنها بعد الأوسكار وأيضًا إيمي باعتبارها الجائزة
الشاملة، لأن حفل جائزة جولدن جلوب يتم فيه تكريم الأعمال السينمائية
وأيضًا الأعمال التلفزيونية، فهي تعتبر مزيجًا ما بين الجائزتين السابقتين،
وقد أنشئت للمرة الأولى في عام 1944.
ما هو الفارق بين جائزة «أوسكار» وجائزة «جولدن جلوب»؟
قد يعتقد البعض بأن جائزة جولدن جلوب هي جائزة شاملة أكثر
من الأوسكار باعتبارها تقوم بتقديم الجوائز للنجوم المشاركين في الأفلام
والمسلسلات على حد سواء، وبالفعل هي تعتبر جائزة شاملة ولكنها تعطي 14
جائزة فقط للأفلام، و11 جائزة للمسلسلات مما يجعلها في حالة من التوازن.
ولكن جائزة الأوسكار فهي جائزة متخصصة كما سبق وذكرنا،
فنتيجة لاهتمامها بالأفلام بشكل أكبر فهي تقدم 24 جائزة للأفلام، مما يجعل
صناع السينما يهتمون بها بشكل أكبر، ونتيجةً للاهتمام الأكبر بصناعة
السينما باعتبارها الصناعة الأكبر بالنسبة للمنتجين فمن هنا تكتسب الأوسكار
ميزة أكبر من جولدن جلوب.
الفارق الآخر والجوهري بين الجائزتين هو الجهة المانحة
للجائزة، فجائزة جولدن جلوب تمنحها المنظمة الغير هادفة للربح المعروفة
باسم «رابطة الصحافة الأجنبية»، وهم مجموعة من الصحفيين والمصورين والنقاد.
أما جائزة الأوسكار في الحقيقة فهي تمنح من خلال «أكاديمية
فنون وعلوم الصورة المتحركة» كما سبق وأوضحنا وهي مؤسسة تضم 6000 عضو من
أفراد صناعة السينما المحترفين وينقسموا إلى منتجين ومخرجين وأيضًا ممثلين.
ثانيًا: لماذا تعتبر جائزة الأوسكار أكثر تقديرًا وأهمية
بالنسبة للنجوم والنقاد وأيضًا الجماهير؟
تكتسب جائزة الأوسكار في المقام الأول هذا التقدير الكبير
باعتبارها الجائزة الفنية الأقدم في الولايات المتحدة وتحديدًا «هوليوود»،
فالدورة القادمة هذا العام هي رقم 91 في التاريخ، وهو رقم غير مسبوق
بالنسبة لأي جائزة فنية أخرى.
وتزيد أهمية جائزة الأوسكار أيضا لأنها جائزة فنية خالصة،
فهي تمنح من خلال صناع السينما أنفسهم وليس النقاد أو الصحفيين، ويتم
اختيار الفائزين فيها عن طريق التصويت من أعضاء الأكاديمية ولا يتم التصويت
بشكل عشوائي أيضًا بل يتم تقسيمه.
فقد أقيمت الجائزة على أساس التخصص ولهذا يقوم أعضاء
الأكاديمية من المخرجين بالتصويت على جائزة أحسن مخرج في العام، والممثلون
يقومون بالتصويت على جوائز أفضل الممثلين وهكذا، ولهذا فهي تحمل تقدير أكبر
للفنان من قبل زملائه من نفس المجال وهو ما يجعلها تحمل قيمة عالية بالنسبة
للفائز بها.
هل تؤثر جائزة الجولدن جلوب على الأوسكار؟
يوجد في الحقيقة تأثير حيث يعتبر النجم الحاصل على جائزة
الجولدن جلوب هو المرشح الأبرز لنيل جائزة الأوسكار وذلك لأن النقاد لديهم
أيضًا ذوق خاص وطريقة مميزة في تقييم النجوم وإبراز الجانب الفني العالي
لهم، ولهذا فدائما ما يقام حفل جولدن جلوب قبل إعلان المرشحين لنيل جائزة
الأوسكار.
هل الأوسكار بهذه الأهمية وهل هي معصومة عن الخطأ؟
تعتبر جائزة الأوسكار هي الجائزة الفنية الأرفع والأعلى
شأنًا في العالم، وذلك لأن صناعة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية
أضخم من مثيلاتها في البلدان الأخرى، مما يجعلهم يستقطبون الفنانين من
البلدان الأخرى إلى «هوليوود» وهو ما جعلها قبلة النجوم.
وأيضًا يتم منح جائزة مالية ضخمة للحاصلين على الجائزة،
فالممثل الحاصل على الجائزة يحصد قرابة 4 ملايين دولار أمريكي، بينما تحصد
النجمة الحاصلة على الأوسكار ما يقارب من نصف مليون دولار وهو ما يجعلها
أكبر جائزة مالية للفنانين على مستوى العالمن إضافة إلى الحصول على تمثال
الجائزة الشرفي صاحب اللون الذهبي.
وبعيدًا عن الجانب المادي والمعنوي للجائزة إلا أن هذا لا
يجعلها معصومة عن الخطأ، فهي في النهاية تمثل رأي أعضاء أكاديمية فنون
وعلوم الصورة المتحركة ولا تعبر عن رأي الجماهير وهو ما يجعل الخطأ فيها
واردًا جدًا، ففي النهاية لا يوجد مقياس للذوق العام، إضافة إلى وجود عوامل
دعائية وتسويقية أيضًا، وهذا الأمر ينطبق على جولدن جلوب أيضًا.
فمن يصدق مثلًا أن الفيلم العظيم
The Shawshank Redemption
الذي يعتبر الأفضل في التاريخ في رأي أكثر من 2 مليون مشاهد قاموا
بالتصويت على موقع
IMDB
الشهير لم يحظ بالتقدير الكافي من الأوسكار، فعلى الرغم من ترشحيه لـ 7
جوائز إلا أنه لم يحصد ولا جائزة أوسكار واحدة.
وغيره الكثير من الأفلام التي اتفق عليها النقاد والجمهور
على حد سواء، وهو ما يجعل الأمر يبدو وكأنه جائزة مهمة لمن يحصل عليها
ولكنها أيضًا لا تعني بأنه أفضل من زملائه في هذا العام كما يشاع، لأن
الأمر ليس تصارعًا بين النجوم ولكنها مجرد تكريم معنوي وأدبي كبير، ولكن
البعض يعطي له أكبر من هذا الحجم بكثير.
وهذا بالتحديد ما جعل العديد من النجوم يرفضون تسلم الجائزة
على الرغم من الفوز بها مثل الممثل العظيم
«مارلون براندو»
والذي اعتذر عن تسلم الجائزة عام 1973، والمخرج «وودي آلن» الذي رفض تسلمها
على الرغم من حصده لها 4 مرات، وهو نفس وضع الممثلة «كاثرين هيبورن» التي
حصلت عليها بنفس العدد ورفضت تسلمها أيضًا. |