أفضل أفلام 2019 .. عام المجد للسينما الأمريكية
عليـاء طلعـت
ساعات وينتهي عقد كامل ويبدأ آخر جديد، و2019 تودعنا بعدما
امتعتنا بأفلام من شتى بقاع العالم، خاصة السينما الأمريكية التي عادت هذا
العام بمجموعة قوية من الأفلام على عكس العام الماضي 2018 الذي شهد أسوأ
أعوام هوليود منذ عقود.
أكثر من نصف أفلام قائمة أفضل أفلام 2019 أمريكية حيث شهدنا
هذا العالم أفلام لأهم المخرجين الأمريكيين مثل مارتن
سكورسيزي وتيرانس
ماليك وكوينتين تارنتينو ونواه بومباخ، وأعمال لم نتوقع لها مثل هذا النجاح
الساحق كفيلم جوكر.
على الجانب الآخر لم يستطع أي فيلم عربي الدخول إلى قائمة
أفضل 10 أفلام في 2019 على الرغم من أن هناك فيلمين كانا على وشك وهما “إن
شئت كما في السماء” و”الحديث عن الأشجار” اللذان اعتبرهما من أفضل مشاهدات
2019 بالنسبة لي، ومن أفضل الأفلام العربية في الألفية الجديدة.
les Miserables
في المرتبة العاشرة يأتي الفيلم الفرنسي
les miserables
أو البؤساء وهو على عكس المتوقع من عنوانه ليس معالجة جديدة لرواية البؤساء
لفيكتور هوجو ولكن لا يمكن أن أن نغفل الصلة الواضحة بين العملين.
يبدأ الفيلم بضابط جديد ينضم إلى دورية شرطة في باريس،
وعندما يعرفه زميلاه على الحي الذي يعملون فيه يطرح أحدهما المقاربة بين
باريس فيكتور
هوجو وباريس
الحالية وأن كلاهما يتشاركان في نفس البؤس على الرغم من اختلاف الزمن.
مسرح الأحداث باريس تلك المدينة الكزموبوليتانيه التي تتكون
من مزيج عجيب من الأعراق والأديان والخلفيات الثقافية، واحدة من أكثر مدن
العالم تنوعًا واضطهادًا كذلك.
وتتحول الدورية الهادئة إلى حرب ضروس بعدما يدخل الضباط في
مواجهة مع مجموعة من الأطفال يصورها أحدهم، وتصبح أقل حركة خاطئة بداية
لحرب أهلية حقيقية قد تطيح بالجميع.
الفيلم هو التجربة الأولى لمخرجه لادج لي، وعرض في مهرجان
كان السينمائي حيث نافس على السعفة الذهبية وحصل على جائزة لجنة التحكيم،
وقدمته فرنسا ليمثلها في مسابقة الأوسكار ووصل إلى القائمة القصيرة منذ
أيام قليلة.
بالنسبة لي الفيلم تجربة سينمائية مهمة في 2019 فقد استطاع
المخرج اقتباس روح باريس بكل تناقضاتها ووضعها في فيلمه، وحافظ طوال الوقت
على إثارة المشاهد كما لو أنه في فيلم أكشن عالي الجودة، وتتابع النهاية
كان أكثر من رائع.
Invisible life
في المرتبة التاسعة فيلم الحياة الخفية ليورديس جواسمو واحد
من أعذب التجارب السينمائية التي شاهدتها في 2019، سواء من حيث الشكل أو
المضمون، فهو يتناول قصة أختين قرر الأب التفرقة بينهما بعدما هربت أحدهما
من المنزل مع حبيبها وعادت مهزومة، حيث رأى الوالد أنها لا تصلح للإندماج
في عائلة أختها التي كونتها حديثًا.
تبحث الأختان عن بعضها البعض في المدينة الكبيرة، تشعر كل
منهما بوجود الأخرى، تشتاق لها، ولكن في ذات الوقت تعيش قصة حياتها الخاصة،
واحدة في ظل عائلة تخنقها بقيودها وتجهض موهبتها، والثانية تكافح وحيدة
بعدما لفظها الجميع تقريبًا.
عزز شاعرية القصة والتمثيل الرائع من الممثلتين في الدورين
الرئيسين، أجمل تصوير شاهدته في 2019 والذي تكامل مع الألوان والموسيقى
ليجعل الفيلم لوحة بصرية سمعية ممتازة بالفعل.
الحياة الخفية إنتاج برازيلي ألماني، إخراج كريم أنيوز وهو
مقتبس من رواية منشورة عام 2016 بذات الاسم، وعُرض في مهرجان كان السينمائي
في قسم نظرة ما حيث حصل على الجائزة الكبرى، وقدمته البرازيل ليمثلها في
مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي لكن لم يصل للقائمة القصيرة.
Pain and Glory
في المرتبة الثامنة فيلم المخرج بيدرو ألمودوبار ألم ومجد،
وهو فيلم يشبه السيرة الذاتية حيث يتناول فصل في حياة مخرج شهير قرر
الإعتزال بعد وفاة والدته وإصابته بمتاعب صحية، حيث يصطحبنا سرد الفيلم ما
بين الماضي والحاضر ونتعرف على علاقة سلفادور بوالدته وتفاصيل طفولته.
يأخذنا ألمودوبار في رحلة يخوضها كل مبدع عندما يتشكك في
نفسه وإبداعه وأهميته وعلاقاته وحياته ذاتها، مستخدمًا في ذلك واحدًا من
أكثر ممثليه تفضيلًا أنطونيو باندرياس الذي أطلق نجوميته منذ عقود وها هو
الآن يعطيه الدور الذي جعله يفوز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي.
جمع الفيلم بين التصوير الرائع وخفة الظل والحساسية في
التناول، وقد عرض في مهرجان كان السينمائي لينافس على السعفة الذهبية ويفوز
بالإضافة لجائزة التمثيل بجائزة أفضل موسيقى تصويرية وقدمته إسبانيا
ليمثلها في أوسكار أفضل فيلم أجنبي ليصل إلى القائمة القصيرة كذلك.
The Lighthouse
في المرتبة السابعة فيلم المنارة واحد من أغرب تجارب 2019
السينمائية، قدم المخرج روبرت إيجرز بالأبيض والأسود خليط من الكوميديا
والرعب والإثارة يصعب ألا تعجب وتستمتع به رغم الإحساس بالغرابة الذي تشعره
طوال الوقت.
الفيلم من بطولة ويليام ديفو وروبرت باتينسون وتدور أحداثه
على جزيرة نائية، حيث يحضر موظف جديد ليعمل في المنارة وينضم إلى آخر أكبر
عمرًا لكن العزلة والوحدة وغرابة الأطوار تجعل الشاب يشك في قواه العقلية.
حوار الفيلم رائع للغاية ومثير ومضحك خاصة مع الأداء
الاستثنائي لديفو، والذي يستحق الكثير من الترشيحات على الرغم من تجاهل
الفيلم في ترشيحات الغولدن غلوب بصورة مخجلة.
عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي وحصل على إعجاب عالمي،
ويعتبر من أفضل أفلام العام في جانبي التصوير والديكور.
Joker
بالمرتبة السادسة فيلم جوكر واحد من أكثر الأفلام إثارة
للجدل في 2019، والذي استطاع تحطيم الكثير من التابوهات فيما يتعلق بأفلام
الكوميكس أو القصص المصورة، فالفيلم عُرض بمهرجان فينيسيا السينمائي وفاز
بالأسد الذهبي ليصبح أول فيلم من هذا النوع يفوز بجائزة كبرى.
وبالإضافة إلى النجاح النقدي والجوائز حقق الفيلم نجاحًا
تجاريًا وجماهيريًا كبيرًا وصنع حالة خاصة بين المشاهدين ما قد يجعله
فيلمًا أيقونيًا بعد سنوات قليلة.
يتناول الفيلم كما يتضح من عنوانه شخصية جوكر الشهيرة من
عالم باتمان،
ولكن هذه المرة نرى خلفيته كشخص معادي للمجتمع الذي بدأ هو العداوة، في ظل
مدينة جوثام الملعونة التي تلفظ المرضى والمهمشين ليبدأ بأسلوبه الخاص ثورة.
ابتعد تود فيليبس مخرج الفيلم عن القوالب المعتادة لأفلام
الكوميكس وصنع فيلم إثارة نفسية يوضح كيف يصنع المجتمع السايكوباث بنفسه،
وقام خلال ذلك بإحالات لأشهر أفلام مارتن سكورسيزي سائق التاكسي وملك
الكوميديا اللذان تناولا نفس الموضوع من زوايا أخرى.
حقق الفيلم مليار دولار حول العالم ليكون أول فيلم من تصنيف
R
أي لا يصلح سوى للبالغين يتخطى حاجز المليار، وترشح لأربع جوائز جولدن جلوب
منها أفضل فيلم درامي.
Once Upon a Time in Hollywood
في المركز الخامس فيلم المخرج كوينتين تارنتينو التاسع في
مسيرته وقبل الأخير، وواحد من أفلامي المفضلة بصورة شخصية في 2019.
يمكن اعتبار هذا الفيلم خلاصة شغف تارنتينو السينمائي،
فالمخرج الذي أظهر في أفلامه الثمانية السابقة محبته العميقة للسينما سواء
الهوليودية القديمة أو الآسيوية آتى هنا ليقدم فيلم تدور أحداثه في هوليود
نهاية الستينيات وظهور التلفزيون والتغيرات الكبيرة التي حصلت في صناعة
الأفلام، وذلك عبر ممثل سينمائي آفل نجمه وانتقل إلى التلفاز، والدوبلير
الخاص.
قصة الفيلم على الرغم من كونها غير حافلة بالكثير من
الأحداث إلا إنها كانت مسلية للغاية خاصة مع الوضع في الاعتبار حالة
النوستالجيا لكل محب للسينما الأمريكية، وقدمت مزيج من الشخصيات الحقيقية
والخيالية، فرأينا ستيف ماكوين والمخرج رومان بولانسكي وزوجته الممثلة
الشابة وقتها شارون تيت، وجماعات الهيبز ورئيسها تشارلي مانسون وأفعالهم
التي أثرت على حقبة السبعينيات بأكملها.
أعجبني بصورة خاصة سيناريو الفيلم الذي نضح بكل سحر
سيناريوهات تارنتينو، حيث تمتزج خفة الظل والذكاء بكل جملة في الحوار،
بالإضافة إلى الأداء التمثيلي وتصميم الأزياء والديكورات.
امتلك الفيلم طاقمًا ذهبيًا تكون من ليوناردو
دي كابريو وبراد
بيت ومارجو روبي، بالإضافة إلى ظهور قصير لآل باتشينو،
وعُرض في مهرجان كان السينمائي قبل عرضه تجاريًا، وترشح لخمس جوائز جولدن
جلوب منها أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي.
Parasite
في المرتبة الرابعة الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية طفيلي،
وهو أول فيلم كوري جنوبي يفوز بهذه الجائزة الكبرى، وينتمي لنوع الكوميديا
السوداء والإثارة، إخراج بونج جون هو.
جمع هذا الفيلم بين قمة الكوميديا وقمة الماساة في آن واحد،
حيث نتعرف من خلال أحداثه على عائلة فقيرة للغاية أغلب أفرادها يعانون
البطالة، لا توجد لديهم معايير أخلاقية طالما الأمر يتعلق بالحصول على قوت
يومهم، وتتقاطع طرقهم مع عائلة على النقيض تمامًا، شديدة الثراء والسذاجة.
ينتقد مخرج الفيلم من خلال عمله الأخير الرأسمالية التي
دمرت الطبقات الفقيرة، وهو نفس النهج الذي أتبعه في أفلامه السابقة مثل
Okja
وThe
Host،
وذلك من خلال إظهار التناقض الكبير بين العائلتين، والمحصلة النهائية لهذا
التداخل، مع واحد من أفضل الأداءات التمثيلية في 2019 من طاقم العمل
بالكامل.
قدمت كوريا فيلم طفيلي ليمثلها في مسابقة أوسكار أفضل فيلم
أجنبي، وهو الفيلم الثاني لبونج جون هو الذي تقدمه بلاده لهذه المسابقة،
ووصل الفيلم للقائمة القصيرة، وأتوقع أن يحصل على الجائزة.
The Irishman
في المرتبة الثالثة أيضًا واحد من أفلامي المفضلة لهذا
العقد بالكامل، آخر أفلام المخرج مارتن سكورسيزي، فيلم ينتمي إلى سينماه
القديمة، حيث نعود إلى قصص العصابات والمافيا، وكذلك أبطاله المفضلين روبرت
دي نيرو وجو
بيشي بالإضافة إلى آل باتشينو.
لا يمكن ألا تلاحظ شغف سكورسيزي بكل لقطة في فيلمه الذي
تجاوزت مدته ثلاثة ساعات ونصف، وتجاوزت ميزانيته كل ميزانيات أفلامه
السابقة، يبدو الفيلم لأول وهلة كما لو أنه تتويج لمسيرة سينمائية عظيمة.
قصة على الرغم تكرارها ليست مملة، مع أفضل أداء لآل باتشينو
منذ عقود، وعودة لجو بيشي بعد اعتزاله، كل ذلك جعل الفيلم بالفعل تجربة
ممتعة ومشبعة للغاية لأي محب للسينما وعلامة لا يمكن نسيانها.
عٌرض الفيلم لأول مرة في مهرجان نيويورك السينمائي، وحصل
على إعجاب النقاد والمشاهدين بعد عرضه على نتفليكس،
وترشح لخمس جوائز جولدن جلوب بما فيها أفضل فيلم درامي.
A Hidden Life
لم أكن يومًا من كبار محبي المخرج تيرانس ماليك وأفلامه،
لذلك وجود هذا الفيلم بالمرتبة الثانية بقائمتي يعني أمرين، أولًا أن
ذائقتي اختلفت على مر السنوات، وثانيًا أن هذا الفيلم رائعًا بحق.
يتناول الفيلم الحرب
العالمية الثانية ولكن
من وجهة نظر مغايرة، فيلم عن الحرب بدون مشاهد حربية، فيلم يبرز أهمية
السلام في عصر جن العالم فيه.
تدور الأحداث في ألمانيا التي تحولت للنازية، حول عائلة
صغيرة من أب شاب وزوجته وأطفاله، وفي الوقت الذي يسارع الجميع لتشجيع الحرب
التي ستعيد لألمانيا أمجادها بعد هزائم وإذلال الحرب العالمية الأولى يرفض
رب العائلة فكرة الحرب أو الولاء لمجنون مثل هتلر،
وتحتدم الأمور عندما يُطلب للحرب.
استطاع تيرانس ماليك في فيلمه أن يستخدم السينما لتصبح وسيط
روحاني أثيري، ويمكن اعتبار الفيلم ثالث أفضل تصوير في العام بعد فيلمي
الحياة الخفية والمنارة، عٌرض الفيلم بمهرجان كان السينمائي وحصل على
جائزتين كذلك.
Marriage story
في المركز الأول المفاجأة الحقيقية لعام 2019، فعلى الرغم
من متابعتي لأفلام نواه بومباخ السابقة والتي كانت كلها جيدة بالفعل إلا أن
أكثر توقعاتي تفاؤلا لم تكن لتصل لهذا الحد نهائيًا.
ليس فقط أفضل أفلام العام من وجهة نظري، ولكن كذلك من أفضل
أفلام العقد، ومن أفضل الأفلام التي تناولت موضوع الطلاق أو العلاقات
الأسرية بصورة عامة.
فيلم بسيط للغاية، لم تحتوي القصة الخاصة به على أحداث
مثيرة أو تحولات كبيرة في الأحداث، زوج وزوجة يقرران الطلاق ونتابع معها
كيف تنفصل عرى العلاقات الزوجية.
يتميز سيناريو الفيلم بأنه حقيقي للغاية، مع حوارات طويلة
ومنطقية وأفضل إدارة ممثلين في 2019 ليصنع نواه بومباخ في النهاية سلسلة من
المشاهد الأيقونية التي لا تنسى.
الفيلم من بطولة سكارليت جوهانسون وآدم درايفر ولورا ديرن،
وعرض لأول مرة في مهرجان فينيسيا السينمائي قبل عرضه على شبكة نتفليكس
المنتجة، وحصل على 6 ترشيحات للجولدن جلوب بما فيها أفضل فيلم درامي. |