كوريا الجنوبية انتزعت الأوسكار وتكسر حاجز اللغة
فوز متوقع ليواكين فينيكس ورينيه زيلويغر تحصد أوسكارا
ثانيا بعد غياب.
دخل فيلم “طفيلي” (باراسايت) الكوري الجنوبي تاريخ السينما،
الأحد، كأول فيلم غير منجز باللغة الإنجليزية يفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم
في هوليوود، إضافة إلى ثلاث جوائز أخرى، وهي جائزة أفضل فيلم دولي وجائزة
أفضل إخراج وأفضل سيناريو أصلي.
لوس أنجلس
– لأول
مرة في تاريخ هوليوود، يفوز فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية بجائزة
أكاديمية فنون وعلوم الصورة المتحركة، (الأوسكار) لأفضل فيلم.
وحصد فيلم “طفيلي” (باراسايت) للمخرج الكوري الجنوبي بونغ
جون- هو جائزة أفضل فيلم، في الدورة الثانية والتسعين للأوسكار، التي أقيمت
في وقت متأخر من مساء الأحد في مدينة لوس أنجلس الأميركية.
وفاز الفيلم الذي تدور قصته حول عائلة كورية جنوبية فقيرة
تخرق صفوف أسرة ثرية بأربع جوائز، متحديا بذلك الاعتقاد السائد بأن
أكاديمية فنون السينما وعلومها المانحة للأوسكار ستتجاهل فيلما آسيويا
مترجما. وقال مخرج الفيلم بونغ جون- هو بعد فوزه بجائزة أفضل مخرج “ظننت أن
الأمر قد انتهى ويمكنني أن أسترخي”.
لكن المفاجأة الكبرى أتت لاحقا عندما تغلب الفيلم على
“1917” لسام منديس الأوفر حظا، للفوز بأوسكار أفضل فيلم، والذي اكتفى
بجوائز أفضل تصوير وأفضل مؤثرات خاصة وميكساج صوت.
وكان “1917” الذي يتناول الحرب العالمية الثانية بطريقة
شخصية ومبتكرة، وهو مصوّر كأنه لقطة واحدة متواصلة، حصد جوائز كثيرة في
موسم المكافآت السينمائية قبل الأوسكار.
وحصد “طفيلي” أيضا جائزتي أفضل فيلم دولي، وهي التسمية
الجديدة لفئة “أفضل فيلم أجنبي”، علاوة على جائزتي أفضل إخراج وأفضل
سيناريو أصلي. وأتى هذا الإنجاز بعد احتفال السينما الكورية بمرور مئة عام
على انطلاقتها في 2019.
فيلم "طفيلي" عن عائلة كورية جنوبية فقيرة تحتال لضمان عمل
لأفرادها في دارة أسرة غنية، كمدرسين وسائق ومدبرة منزل
وقال بونغ عند تسلمه جائزة أفضل سيناريو “لا نكتب أبدا
لتمثيل بلادنا، إلاّ أن هذه أول جائزة أوسكار لكوريا الجنوبية. شكرا”.
وأضاف “أشعر بأنني سأستيقظ لأكتشف أنه مجرد حلم، الأمر سريالي”.
وأشاد بونغ بمارتن سكورسيزي، مؤكدا أنه كان أحد أبطال
طفولته والمرشح معه في هذه الدورة، ما دفع الحضور إلى الوقوف مصفقا للمخرج
المخضرم صاحب فيلم “الأيرلندي” (ذي آيرشمان) الذي خرج خالي الوفاض.
وسبق لفيلم “طفيلي” الساخر اللاذع حول التفاوت الاجتماعي أن
فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان العام الماضي وجائزة أفضل فيلم
أجنبي في حفلة غولدن غلوب. وكان أول فيلم بلغة أجنبية يفوز بجائزة الطاقم
التمثيلي الرئيسية التي تمنحها جمعية الممثلين الأميركيين، كما أنه نال
جائزة بافتا البريطانية عن أفضل فيلم بلغة أجنبية وأفضل سيناريو أصلي.
وقال جايسن بيشيرفيز الأستاذ في جامعة سونغسيل الكورية إن
الفيلم نال استحسانا يتجاوز مجتمعا محددا “فثمة غضب سياسي مستعر في العالم
بأسره يؤججه الشعور الملموس بتوسع انعدام المساواة الاجتماعية وباراسايت
يلعب على هذا الوتر بفعالية كبيرة”.
المال مثل المكواة
يتبع فيلم “طفيلي” عائلة كورية جنوبية فقيرة تحتال لضمان
عمل لأفرادها في دارة أسرة غنية، كمدرسين وسائق ومدبرة منزل. وكان جميع
أفراد العائلة عاطلين عن العمل في بداية الفيلم ويعيشون في شقة تحت الأرض
حقيرة تنتشر فيها الصراصير من دون خدمة إنترنت في أحد أكثر بلدان العالم
تطورا على الصعيد التكنولوجي.
وخلال الفيلم، سيعمد أفراد العائلة الأربعة إلى تزوير
شهادات جامعية وتنظيم سلسلة من الأكاذيب ستفضي لاحقا إلى عنف مروّع في
الدارة الفسيحة، حيث يعملون والتي تخفي ديكوراتها الأنيقة مجموعة من
الأسرار. وفي أحد مشاهد الفيلم، تقول الوالدة “المال مثل المكواة، يزيل كل
التجاعيد”.
وقال جون لي الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في بيركيلي إن
الفيلم “نجح في إظهار كيف أن الفقر والثراء متشابكان بشكل وثيق، فالأغنياء
هم بمثابة طفيليات على الفقراء والعكس صحيح”.
وأتى نجاح “طفيلي” رغم الهيمنة العالمية للّغة الإنجليزية
في الأفلام، ما يشكل تحديا دائما للسينمائيين العاملين بلغات أخرى خصوصا في
أكبر سوق سينمائية في العالم.
وقال باو نغوين السينمائي الأميركي من أصل فيتنامي إن فوز
بونغ بالأوسكار “مثال يجب أن يحتذي به مخرجون آسيويون وأميركيون جدد”.
وأوضح أن “طفيلي” يستمد “جذوره العميقة من وصف المجتمع الكوري الجنوبي من
دون أن يحاول إرضاء الجمهور الأجنبي”.
وتوقعت ديبورا شو أستاذة الدراسات السينمائية في جامعة
بورتسمث في بريطانيا أن يفتح هذا النجاح مجالات أكثر لأفلام أخرى ويجعل
“منتجين وموزعين عالميين أكثر ميلا إلى الاستثمار في فيلم بلغة أجنبية غير
الإنجليزية”. وأكدت “هو أثبت أن القصة المروية بشكل احترافي ولها بعد
عالمي، يمكنها أن تتجاوز حاجز اللغة”.
فينيكس وزيلويغر
نال يواكين فينيكس جائزة أفضل ممثل عن تأديته دور الشرير في
“جوكر” الذي خاض الأمسية مع أكبر عدد من الترشيحات. وفي كلمته المؤثرة جدا،
حمل الممثل على الظلم “والنظرة الأنانية إلى العالم” التي تؤدي إلى تدمير
البيئة، قبل أن يوجه تحية إلى شقيقه ريفر وهو ممثل أيضا توفي في العام 1993
من جرعة مخدرات زائدة.
وتوّجت رينيه زيلويغر عودتها اللافتة إلى السينما بفوزها
بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن “جودي”، وأهدت الجائزة إلى أسطورة هوليوود
الراحلة جودي غارلاند التي يروي الفيلم سيرتها الذاتية.
وقالت الممثلة التي فازت بذلك بثاني جائزة أوسكار في حياتها
“لم تحصل جودي غارلاند على هذا الشرف في حياتها، لكنني على ثقة بأن هذه
اللحظة هي امتداد للاحتفاء بإرثها الذي بدأ خلال تصوير الفيلم. السيدة
غارلاند كانت بلا شك من بين الأبطال الذين يوحّدوننا وهذه الجائزة لك
بالتأكيد”.
وكانت رينيه زيلويغر ارتقت سريعا سلم النجومية في هوليوود
في مطلع الألفية مع نيلها ثلاثة ترشيحات متتالية وفوزها بالأوسكار مرة
واحدة عن دورها في “كولد ماونتن” في 2003، لكن بعد سلسلة النجاحات هذه،
تراجعت مسيرتها وابتعدت زيلويغر مطولا عن أوساط السينما في العام 2010.
وعادت زيلويغر إلى أجواء السينما في العام 2016 مع مشاريع
صغيرة. إلاّ أن تأديتها دور النجمة الاستعراضية جودي غارلاند في فيلم
“جودي” بطريقة صارخة وحسّاسة في آن واحد، شكلت عودتها الكبيرة إلى الشاشة
في سن الخمسين.
رينيه زيلويغر حصدت كل الجوائز خلال موسم المكافآت
السينمائية الحالي مع نيلها غولدن غلوب وبافتا وآخرها أوسكار أفضل ممثلة
وقد حصدت زيلويغر كل الجوائز خلال موسم المكافآت السينمائية
الحالي مع نيلها غولدن غلوب وبافتا وغيرها. ويتناول الفيلم وصول غارلاند
إلى لندن خلال موجة السوينغ في العام 1968 لتقدم حفلات على مدى خمسة أسابيع
محجوزة بالكامل في نادي “ذي توك أوف ذي تاون” الليلي.
ومع أن المغنية كانت في السادسة والأربعين، إلاّ أنها كانت
نجمة سينمائية أيضا منذ ثلاثة عقود بفضل فيلم “ذي ويزرد أوف أوز”. وكان نمط
الحياة الهوليوودي وأربع زيجات فاشلة أثرا كثيرا على غارلاند كما يظهر في
أداء زيلويغر البارع.
وولدت رينيه زيلويغر في أبريل 1969 في منطقة ريفية في ولاية
تكساس الأميركية من والدين من أصول نرويجية وسويسرية. وبدأت العمل في أدوار
محدودة في أفلام مستقلة بميزانية قليلة. وبعد انتقالها إلى هوليوود، منحت
عددا من الأدوار غير الرئيسية قبل أن يتم اختيارها في فيلم “ريالتي بايتس”
في العام 1994. إلاّ أنها لفتت انتباه الجمهور بعد سنتين على ذلك عندما
لعبت دور أم عزباء “تروّض” وكيل الأعمال الرياضي العاصف توم كروز في فيلم
“جيري ماغواير”. وبعد ذلك، تميزت مسيرتها الفنية بسلسلة من الأدوار التي
فيها مجازفة. ففي العام 2001، عمدت إلى زيادة وزنها حوالي عشرة كيلوغرامات
واعتمدت لكنة بريطانية مقنعة لتلعب دور امرأة عزباء محببة في الفيلم الضارب
“بريدجيت جونز دايري”.
وقد صعق أداؤها كل الذين شككوا بأنها قادرة على إتقان
اللكنة الإنجليزية وشخصية بريدجيت جونز المميزة. وقد أدت الشخصية نفسها في
فيلمين آخرين. واضطرت زيلويغر إلى تعلم الغناء والرقص لتأدية دور مغنية
الكاباريه روكسي هارت في فيلم “شيكاغو” في 2002 الذي رشحت عنه للفوز بجائزة
أوسكار.
وقالت الممثلة في تلك الفترة “أحب القيام بأشياء لست متأكدة
من أنني قادرة عليها، وإلاّ ما الجدوى ممّا نقوم به؟”. وقد حازت جائزة
أوسكار أفضل ممثلة في دور ثانوي عن فيلم “كولد ماونتن” حول الحرب الأهلية
الأميركية.
وبعد “كولد ماونتن” تراجعت أهمية أدوارها واختفت عن الساحة
لسنوات عدة في العام 2010. وقبل “جودي”، عادت إلى التلفزيون العام 2019،
حيث قامت ببطولة مسلسل “وات/إيف”. وتوّج، الأحد أيضا، براد بيت بجائزة
أوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي عن فيلم “حدث ذات مرة في هوليوود” (وانس
ابون ايه تايم.. إن هوليوود). وكان من بين العديد من الفائزين الذين تطرقوا
إلى موضوع السياسة.
وقال خلال تسلمه جائزته “قيل لي إن لديّ 45 ثانية وهذا أكثر
ممّا أتاحه مجلس الشيوخ لجون بولتون هذا الأسبوع”، في إشارة إلى جلسات
المحاكمة الهادفة إلى عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفاز فيلم “مصنع أميركي” (أميريكن فاكتوري) وهو أول عمل
تنتجه شركة باراك وميشال أوباما للإنتاج بجائزة أفضل وثائقي. وهو يتناول
قصة مصنع يعاد فتحه بعدما اشتراه ملياردير صيني. وقد غرد باراك أوباما
مشيدا بـ“قصة معقدة ومؤثرة حول عواقب التغير الاقتصادي الموجع”.
ونالت لورا ديرن جائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي عن “قصة
زواج” (ماريدج ستوري)، حيث تلعب شخصية محامية سريعة الكلام وقوية. وكانت
هذه الجائزة الوحيدة التي حققتها “نتفليكس” مع أن عملاق البث التدفقي كان
قد حصد أكبر عدد من الترشيحات في هذه الدورة.
وقد أدت المغنية البريطانية المراهقة الحائزة جوائز غرامي
بيلي آيليش أغنية “يسترداي” لمرافقة تكريم بالصور للراحلين في أوساط
هوليوود. وقد افتتحت الصور بنجم كرة السلة كوبي براينت واختتمت بصورة لكيرك
دوغلاس. وفاز إلتون جون بجائزة أفضل أغنية أصلية عن “روكيتمان” الذي يتناول
حياته. وللسنة الثانية على التوالي، لم تتضمن الحفلة مقدما رئيسيا.
أرقام قياسية
تحمل ميريل ستريب الرقم القياسي لأكبر عدد من الترشيحات في
صفوف الممثلين مع 21 ترشيحا. وفي فئة الرجال فقط، يحمل جاك نيكلسون الرقم
القياسي مع 12 ترشيحا. وقد فاز كل منهما بجائزتي أوسكار في دور رئيسي
وجائزة أخرى في دور ثانوي.
أما حامل الرقم القياسي للفوز في كل الفئات مجتمعة، فهو
والت ديزني الذي نال 22 جائزة أوسكار إضافة إلى أربع جوائز فخرية.
وعلى صعيد الممثلين تحمل كاثرين هيبورن الرقم القياسي للفوز
بنيلها أربع جوائز، لكن دانييل داي لويس يبقى الوحيد بين الممثلين الذي فاز
بجائزة أوسكار ثلاث مرات في دور رئيسي.
ويبقى أصغر الفائزين على الإطلاق، تشيرلي تمبل التي نالت
جائزة العام 1935 وهي في سن السادسة، إلاّ أن الممثلة الطفلة اكتفت بجائزة
فخرية صغيرة موجهة للأطفال.
وفي العام 1974، كانت تايتم أونيل في العاشرة عندما فازت
بجائزة أوسكار “فعلية” كأفضل ممثلة في دور ثانوي في فيلم “بايبر مون” لبيتر
بوغدانوفيتش.
في المقابل، اضطر كريستوفر بلامر إلى الانتظار حتى سن
الثانية والثمانين للفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي في فيلم
“بيغنرز”. |