المشهد الأخير.. رحيل سمير سيف المغرم بـ"هوليوود"
كتب: مصطفى
عمار وهبة أمين وأحمد حسين صوان وحاتم سعيد حسن
فجأة توقف قلب المخرج الكبير سمير سيف، بعد رحلة عطاء كبيرة
عاشها مخلصاً للسينما، منح سنوات عمره عن طيب خاطر للفن الذى برع فيه سواء
كمخرج أو كمدرس للإخراج بمعهد السينما، كان يمنح تلاميذه دروساً فى حب
السينما والإخلاص لها، كان يتنبأ لهم بمن سيكون امتداداً لكبار المخرجين،
لم يغلق بابه يوماً فى وجه طالب يبتغى المعرفة، ولم يبخل فى أعماله على منح
الوجوه الجديدة فرصة لتكون الخطوة الأولى لهم على طريق النجومية، سيرته
الذاتية ممتلئة بأعمال يعشقها الجمهور ويشيد بها النقاد فى آن واحد، وربما
يكون من المخرجين القلائل، الذين يتفق عليهم الجمهور والنقاد، ولكن يبقى
أنه كمخرج استطاع أن يجمع خلال مسيرته أعمالاً للأربعة الكبار بالسينما
المصرية خلال تاريخها، وهم عادل إمام وأحمد زكى ونور الشريف ومحمود
عبدالعزيز، وجميعهم اجتمعوا على رقيه وإخلاصه لمهنته وتقديره واحترامه
لها.. رحل سمير سيف وبقيت أعماله خالدة.
نقاد: كانت لديه قدرة على خروج الفنان من الشكل النمطى
للأداء التمثيلى
يُعد سمير سيف واحداً من أهم المخرجين فى تاريخ السينما
المصرية، حيث تميز بأسلوب خاص وموهبة شديدة الخصوصية، جعلته من رواد سينما
الحركة «الأكشن»، لكن على الجانب الآخر برع على المستوى الأكاديمى، فقد قام
بالتدريس للكثير من شباب المخرجين، سواء فى المعهد العالى للسينما، أو
الجامعات الخاصة، وكذلك قصر السينما.
ووصفت الناقدة خيرية البشلاوى، الراحل سمير سيف، بالمُخرج
المُغرم بالسينما الأمريكية، وأنه كان أحد أسباب تعلق المصريين بسينما
هوليوود، كونه كان عاشقاً للغة الحركة والأكشن، ويعرف جيداً الإيقاع
المطلوب بشأن جذب الجمهور، موضحة أنه واحد من أبرز المخرجين الذين تعاونوا
مع أكبر النجوم فى السينما المصرية، مثل عادل إمام ونور الشريف.
وقالت «البشلاوى» إن أعماله السينمائية حققت نجاحاً
تجارياً، وفنياً على المستوى الفنى، وكان لديه هدف محدد منذ أول أعماله
السينمائية «دائرة الانتقام»، فقد كان مهتماً بحجم إقبال الجمهور على شباك
التذاكر، دون الإهمال فى فن ولغة السينما.
رامى عبدالرازق: تلقى اتهامات فى الثمانينات باقتباس أعمال
أمريكية
من جانبه، قال الناقد رامى عبدالرازق، إن الراحل سمير سيف،
وُجّهت إليه اتهامات فى فترة الثمانينات، بأنه المخرج القادم من أمريكا،
ويسعى إلى إنجاز بعض الأعمال التى شاهدها هناك، مع تمصيرها هنا: «رغم
المبالغة فى هذه الاتهامات، لكنه استطاع تطوير تكنيك السينما المصرية فى
وقتٍ كانت فيه بأشد الاحتياج إليه، لا سيما مع الأعمال الكوميدية والأكشن»،
موضحاً أن ذلك برز جيداً فى أفلام مثل «شمس الزناتى» و«المشبوه» و«غريب فى
بيتى» و«الشيطانة التى أحبتنى».
وأعتقد أنه لولاه لكانت السينما سوف تشهد تأخراً طويلاً
يُضاف إلى سنوات تأخرها، فقد كان يخوض مغامرات إخراجية ويسعى لتمصير أعمال
أمريكية.
وأشار إلى أن سمير سيف، كان لديه العديد من الإمكانيات
والخبرات، لكن لا يتم استثمارها، رغم أن أعماله كانت الأكثر كوميدية على
مستوى النضج والرُقى، إذ كان لديه حس كوميدى، وعلى فهم حقيقى بفلسفة
الكوميديا السينمائية وكيفية إبراز الـ«إيفيه» سواء كان لفظياً أو حركياً.
ووصف الناقد الفنى أشرف غريب، الراحل بأنه قيمة وقامة كبيرة
لما قدمه فى الحياة السينمائية، ويُعد من أشهر مخرجى الحركة، وكان مميزاً
جداً فى هذا المجال منذ بداية مشواره، ومن أفضل ثلاثة مخرجين فى الحركة، مع
حسام مصطفى ونيازى مصطفى.
وأضاف «غريب»، أن «سيف» نجح فى تقديم أفلام ناجحة ومميزة
بعيداً عن الحركة، سواء فيلم «غريب فى بيتى»، الذى قدّم فيه الفنان نور
الشريف بشكل كوميدى مختلف، وفيلم «معالى الوزير» مع الفنان أحمد زكى،
وبالتالى أثبت أنه مخرج متمكن من أدواته ويستطيع إدارة الممثل بشكل جيد.
من جانبه، قال المخرج الشاب محمد عبدالكريم، الذى عمل لفترة
معيداً بقسم المسرح بالجامعة البريطانية، حينما كان يترأسها «سيف»، إن
علاقته بالراحل بدأت منذ التحاقه بالمعهد العالى للسينما، واصفاً إياه بأنه
كان بسيطاً للغاية، ويقدم المساعدة لكل من يطلبها منه، وكان متعاوناً مع
الطلبة، سواء بالشرح الأكاديمى لهم أو مساعدتهم فى تطوير السيناريوهات
الخاصة بأفلامهم.
وأضاف «عبدالكريم» أن الراحل على المستوى الإنسانى كان
إنساناً بالدرجة الأولى، فكان دوماً قريباً ممن يعملون معه ومن الطلبة،
ورغم تقدمه فى العمر فإنه كان دوماً نشيطاً فى العمل ويقدّم الكثير من
الأفكار والاقتراحات لطلابه: «غياب سمير سيف سيؤثر على جيل كامل من
السينمائيين، وتعتبر وفاته خسارة كبيرة».
فيما صرح المخرج أحمد عاطف، بأن سمير سيف كان أستاذاً
عظيماً، وكان من أنقى الشخصيات الإنسانية: «كان صاحب فضل كبير علىّ وعلى كل
من عمل بالمجال السينمائى، وكان دوماً مدافعاً عن الحق، ولم يتحيّز لشخص ضد
آخر، ويتعامل مع أى خلاف بابتسامة وهدوء. |