الرثاء مؤلم واستحضار عشرة العمر أكثر إيلامًا
حديث الدموع.. في كلمات ومشاعر رفاق الفنان الراحل علي
الغرير
سعيد محمد:
بدا الأمس حزينًا ومفجعًا بالنسبة لأهل البحرين وأهل الخليج
مع انتشار نبأ وفاة الفنان المحبوب علي الغرير إثر سكتة قلبية، فما أن
تواردت الأنباء ظهيرة الأحد 12 يناير 2020 عن رحيله عن هذه الدنيا، حتى
تسارعت نبضات القلوب ومعها الدعوات بأن يكون هذا الخبر "كاذبًا"، لكنه قضاء
الله وقدره، وبإيمان تام بهذا القضاء والقدر، والتسليم لأمر الله.. رحل
زارع الابتسامة وصاحب الروح المرحة إلى جوار ربه، ليتبادل الناس في وسائل
التواصل تلك الموجة الحزينة المشفوعة بالبكاء والدعوات لإنسان أحبه
الجميع.. وكان مقطع الفيديو الأكثر انتشارًا هو ذلك المشهد من مسلسل "طفاش"
وهو على النعش وحوله يبكي "جسوم".. الفنان خليل الرميثي ووالدته الفنانة
غادة الفيحاني، وربما كان هو المشهد الأكثر تأثيرًا ووقعًا في النفوس، فبين
تمثيل الموت والوداع الأخير بون شاسع.
الجميري: حيرة وسؤال صعب
ومع ذلك، كانت الصدمة الكبيرة هي من جعل الناس بين مصدق
ومكذب، وهذا هو الحال بالنسبة للفنان الكبير أحمد الجميري الذي بقي حال
تلقي الخبر المحزن في حيرة، حتى أنه يقول :"صعقني الخبر وبقيت بعض الوقت في
انتظار تكذيب كما يحصل بين حين وحين من أخبار كاذبة عن وفاة بعض الشخصيات
ويتم نفيها لاحقًا، والحيرة ذاتها بقيت مع السؤال الصعب.. هل اتصل به
مباشرة؟ أو هل أتحدث مع صديقه الفنان خليل الرميثي؟ فالإثنان بالنسبة لنا
من الناس الذين أحبهم ويحبونني، وكنت في انتظار معلومة تعيد إلي الاطمئنان،
لكن تأكد خبر وفاته رحمه الله".
البلوشي: تعالي لا تروحين!
لم يتمكن الكثير من الفنانين الذين تواصلنا معهم من رفقاء
الراحل الغرير من الحديث، ومن تحدث كان بالكاد يكمل عبارته وهو يحاول
مغالبة البكاء والدموع والزفرات الأليمة.. "أم عذاري"، الفنانة نورة
البلوشي كان في طريقها مساء أمس إلى منزل المرحوم مع إحدى صديقاتها، وكانت
مكالمتنا معها صعبة للغاية فقد إنهارت من شدة البكاء عن إنسان وصفته بأنه
"أخ دنيا وعشرة عمر"، وكنت معه يوم السبت في فعالية بحلبة البحرين، وكان
طوال فترة الفعالية يكرر علي :"تعالي لا تروحين" وكأنه يودعني بطريقته
الخاصة، ومع وجودنا وإصراره للتصوير مع الجمهور، صغارًا وكبارًا، كان يقول
نحن هنا من أجل أن نسعدهم جميعًا، ومع أنني في حزن على رحيل السلطان قابوس
بن سعيد سلطان عمان رحمه الله، أبلغي الأهل في عمان تعازينا، وكان حينها
يقول :"مع حزني على رحيل السلطان قابوس، لكن لا أستطيع أن أغادر المكان
وأرفض التصوير مع الأطفال الذين جئنا لإسعادهم".
مشوار طويل مع العمل وذكريات لا تعد ولا تحصى تصفها البلوشي
بأنها مسيرة من المحبة والخير والعطاء والإبداع، من فنان لم نعرفه يومًا
يجري وراء الشهرة أو المادة، وكان يحمل في قلبه الإخلاص والحب للجميع، رحمه
الله ومسح على قلوبنا برحيله وجعل مثواه الجنة.
عماد: أتذكر يومًا ما
صوت الإعلامي والفنان عماد عبدالله الذي يبدو للجميع قويًا
كان بالكاد يغالب نبرة الحزن والأسى، يقول عماد أن معرفته بالفنان الراحل
كانت عبر محطات طويلة، لكنه منذ العام 1997 كان قريبًا منه بشكل أكثر مما
مضى حتى رحيله، ومن الصعب صياغة كلمة رثاء فهو يحاول أن يتذكر يومًا ما أنه
لم يراه ضاحكًا أو رآه مكتئبًا، بل كان دام السرور وحين يتواجد في أي موقع
لابد وأن يملأ ذلك المكان بشحنة إيجابية بحضوره وضحكاته ومحبته للجميع، حتى
وإن كان المكان الذي أنت فيه كئيبًا، يتحول إلى مكان بطابع البهجة حين
يتواجد الغرير فيه رحمه الله وأسكنه الجنة، حتى في المشاكل والأزمات تراه
يشيع في النفس الأمل والتفاؤل.
العلي: نكبر بالحب
"حين أتكلم عن أخي الكبير، فأنا أتكلم عن إنسان احتضننا
وأحبنا وعلمنا كيف نكبر بالحب"، هذه هي كلمات الفنانة والإعلامية فاطمة
العلي التي تقول أن المرحوم "جاري" بالفريج في مدينة عيسى قبل أن يكون زميل
عمل، وتربينا في ذلك الفريج، ورأينا كيف أن ذلك الفنان الإنسان الطيب يعامل
الناس بحب وفرح، بل لم يكن يرضى أبدًا أن يرى أحدًا في حالة حزن أو زعل،
وهو حين يتكلم فهي نصمت لنسمعه.. كان الراحل علي الغرير حين يتكلم، نصمت
لأن كلامه يصل إلى القلوب قبل العقول.. كان لنا رحمه الله شيئًا كبيرًا في
حياتنا: كالأب والأخ والصديق والقلب المحب للجميع.
الغيلان: التواضع علي الغرير
ويعبر الفنان جمال الغيلان، كحال كل من أحب الراحل، عن
مكانته في نفسه، ويختصر الكثير من الكلام عن مكانة ومقام وسمات "الغرير"
بالقول :"هذه الإنسان الذي أحببناه رحمه الله، هو التواضع.. فحين تقدم
نموذجًا للتواضع ستقول علي الغرير.. التفاؤل والحب علي الغرير.. وحين تتكلم
عن "الفزعة" في الأزمات فهو علي الغرير الذي تجده سندًا وعضدًا، ويحيل
اللحظة معك إلى طاقة إيجابية بروحه الملأى بالخير.
جاسم الضامن: أحبك وأجننك
سبقت دموع الفنان جاسم الضامن حديثه أيضًا، وعادت به
الذاكرة إلى مسرحية "نار يا حبيبي نار" في العام 1997 مع الفنانين: محمد
القفاص، زهرة عرفات، أحمد مجلي وغيرهم من الأخوة الفنانين والفنانات، فكان
يمثل دور الطبيب في المسرحية وأن ممرضه "شهرام"، ومنذ ذلك اليوم، وعلاقته
مع كعلاقة جميع الفنانين وجميع من أحبه.. يقول الضامن :"كان المرحوم يجنني
كثيرًا ويحط علي.. وكان يقول لي أنا أحبك لو ما أحبك ما أجننك"، وأنا أعرف
أنه يحبني وأنا وأحبه كثيرًا ومؤمن بقضاء الله وقدره رغم حزننا الكبير على
رحيله، لقد رحل عن الدنيا تاركًا سيرة إنسان أحبه الصغار والكبار.. رحمه
الله وجعل الجنة مثواه. |