رحيل نادية لطفي... أخلصت للسينما والقضايا العربية
القاهرة ــ مروة عبد الفضيل
غابت عن عالمنا، اليوم الثلاثاء، الفنانة المصرية نادية
لطفي التي
سجلت اسمها واحدة من أبرز نجوم السينما
المصرية في
عقدي الستينيات والسبعينيات.
وعقب تدهور حالتها الصحية، وضعت نادية لطفي تحت العناية
المشددة. وكانت قد دخلت المستشفى قبل حوالي أسبوعين، وترددت إشاعة وفاتها،
ثم طرأ تحسن على صحتها، إلى أن أعيدت ثانية تحت الرقابة الطبية الحثيثة،
لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة اليوم.
بولا لطفي شفيق، الشهيرة بنادية لطفي، من مواليد حي عابدين
في القاهرة عام
1937، أو 1938 في بيانات أخرى.
أواخر عقد الخمسينيات، دخلت نادية لأول مرة الاستديو لإجراء
اختبار كاميرا أمام عدسة كل من المخرجين رمسيس نجيب، ونيازي مصطفى.
اختار رمسيس نادية التي لفتت نظره بملامحها "الأوروبية"
وطباعها المصرية، لكنه طلب تغيير اسمها "بولا"، وبعد عدة اختيارات، منحها
اسم نادية ليتطابق مع اسم بطلة رواية الأديب إحسان
عبد القدوس "لا
أنام" (1957)، التي جسدتها فاتن
حمامة.
وتمر الأيام وتدخل نادية لطفي تجربة من تأليف إحسان عبد
القدوس، وإخراج صلاح أبو سيف، مع فيلم "لا تطفئ الشمس"، (1961)، وكان هذا
الفيلم محطة مهمة في حياتها الفنية.
عملت الفنانة الراحلة مع نيازي مصطفى في عدد من الأفلام،
منها الوطني والرومانسي والتاريخي، كما سنحت لها الفرصة للوقوف أمام كبار
نجوم الفن المصري، مثل عمر الشريف، وعبد الحليم حافظ، وأحمد مظهر، ورشدي
أباظة، ومحمود مرسي، وغيرهم.
شكلت محطتها مع الفنان الراحل عبد الحليم حافظ أهمية خاصة
في مشوارها الفني، حيث وقفت أمامه في عملين، هما "الخطايا" (1962)، و"أبي
فوق الشجرة" (1969).
وأكدت نادية في العديد من لقاءاتها أنها تعلمت الكثير من
"العندليب الأسمر"، موضحة أنها كانت واحدة من معجباته بعيداً عن كونهما
فنانين.
لم تكن نادية لطفي مولودة لأب أو أم مؤمنين بالفن. كان
والدها ذو الجذور الصعيدية لا يحب أن تتعطل ابنته عن دراستها بسبب الفن،
فمنعها من الوقوف على خشبة المسرح إلى حين إنهاء دراستها.
ولكن حبها للفن دفعها إلى مخالفة والدها، ووقفت فعلياً على
خشبة المسرح المدرسي، وكانت واحدة من أبرز التلميذات الموهوبات.
اشتغلت نادية لطفي بجد، حتى أنها قدمت أحياناً في السينما
أربعة أفلام في العام الواحد.
ركّزت الفنانة على الشاشة الكبيرة ونسيت خشبة المسرح
والتلفزيون، إذ لم تقدم في كل منهما سوى عمل واحد فقط. على المسرح قدمت
خلال السبعينيات مسرحية "بمبة كشر"، وفي التلفزيون قدمت مسلسلاً واحداً هو
"ناس ولاد ناس" عام 1993.
تزوجت نادية لطفي ثلاث مرات كلها بعيدة عن الوسط الفني،
ولها ابن وحيد من زوجها الأول واسمه أحمد الذي درس في الولايات المتحدة،
وفضّل الإقامة مع جدته لوالدته هناك.
على الرغم من اعتزال نادية لطفي الفن، منذ سنوات، إلا أنها
لم تعتزل الحياة الفنية، وكانت كثيرة الظهور، وكُرمت، أخيراً، مرات
عديدة، ومُنحت عدة جوائز، منها حصولها على جائزة "موريكس دور" في لبنان.
وكرمت الفنانة الراحلة في عيد الفن أيضاً، ومن قبلها حصلت
على درع من هيئة الأطباء في مستشفى قصر العيني، ما أعادها إلى تكريم أيام
الاستنزاف وحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حيث كانت تخدم هناك، وتساهم في
مداواة جروح المصابين.
كما عرفت نادية بالتزامها العميق تجاه القضية الفلسطينية،
وخلال حصار بيروت عام 1982 على يد العدوان الإسرائيلي، انضمت إلى صفوف
المقاومة الفلسطينية، وبقيت مع المقاتلين حتى خروجهم.
واستثمرت هوايتها في التصوير مسجلة 25 فيديو لوقائع حقيقية
لها مع الحصار، وسجلت 40 ساعة في القرى والنجوع المصرية، وشهادات أسرى
مصريين حول الجرائم الإسرائيلية التي وقعت في 1957 و1967.
وكانت لطفي تعتبر أنّ إقدامها على دخول المعترك السياسي، هو
تعبير عن واجب الفنان في توسيع أفقه ونشاطه في أكثر من جانب، مستثمراً
شهرته ليس أمام الكاميرات فقط، بل على أرض الواقع أيضاً تجاه القضايا التي
يؤمن بها. |