عن الإنتاج والعائلة والمجتمع..
وحيد حامد يتحدث في الجزء الأخير من حواره مع «بوابة الأهرام» | صور
حوار – سارة نعمة الله
·
الدول العربية رفضت شراء «طيور الظلام» وخسرت فيه
·
وجود وزيرة في الحكومة لا يعني أنها أخذت حقوقها
·
لا أتحدث مع مروان ابني في الفن؛ بل في الشأن
·
تركيا تبتز أوروبا بمهاجرينها.. وتحاول إثبات أن العالم العربي ليس لديه
قدرة على الفعل
·
السوشيل ميديا منحت مساحة كبيرة لمعتوهين
·
هل كانت تجربة الإنتاج مثمرة لك؟
متقدريش تاخدي رأي فالموضوع ده؛ لأَنِّي كنت بنتج بهدف ليس من أجل الربح،
ولكن لكي أقول ما أريده، وما كنت أتحصل عليه من أموال في حالة حصولنا على
«سلفة توزيع عن البيع الداخلي والخارجي» وأحيانًا كان المنتج من قبل ما
ينتج الفيلم يأخذ حصته من الأول، وهذا يؤثر على إنتاج الفيلم بالطبع، وكنت
أحاول أن يغطي الفيلم نفسه وأطلع بأجره وأكون كسبان.
·
لماذا كنت تذهب للإنتاج بعيدًا عن إيمانك بفكرة ما؟.. هل كنت تجد تعثرات
وعدم حماسة من المنتجين لأعمالك؟
نعم.. فمثًلا فيلم مثل «طيور الظلام» مكنش حد هينتجه؛ لأنه مكنش هيجيب مكسب
حتى أنا نفسي لم أربح منه، على الرغم أن كل أفلام عادل إمام، كانت بتجيب
ربح مضمون، كما أنني لم أبع الفيلم للخارج بسبب رفض الدول العربية شراءه؛
نظرًا لطبيعة المرحلة حينها، بالإضافة إلى أن السينمات كانت بتخاف تعرضه.
·
ما الذي تغير بالمجتمع ويسبب لك إحباط؟
الفوضى الموجودة في الشارع المصري، والتي ظهرت قبل سنوات، حتى إن الشارع لم
يعد هناك حاكم له.
·
مقاطعة: وبناءً عليه معدل الجريمة زاد؟
ويستكمل: معدل الجريمة والفوضى والقذارة وكل شيء، وحالة الناس النفسية
والصحية كمان، كل هذا يسبب لي إحباط ووجع.
«المرأة»
·
تظهر المرأة دائمًا في أعمالك شخصية قوية.. ما قوة تأثيرها في حياتك؟
تربيت في منزل لجدة قوية جدًا من ناحية الأم؛ لأن جدة والدي كانت متوفية،
والحقيقة أنها أشرفت على تربيتي في الطفولة، ولذلك أحب المرأة ذا الشخصية
القوية، وحتى عندما أقدمت على الارتباط اخترت امرأة قوية، أما والدتي كانت
سيدة طيبة وماتت في سن مبكّرة جدًا عن عمر 39 عامًا... بخلاف أنني على مدار
حياتي اصطدمت بسيدات شخصياتها قوية؛ لذلك أنا لا أحب الإنسان المهزوم
والمنكسر.
ودعني أقول لك: أنا في مرحلة الشباب لم أتعامل في حياتي مع سيدة رخيصة،
وحتى في قصص الحب عندما أصطدم وأجد الفتاة التي أمامي ضعيفة أو "هايفة"
أتركها، لأَنِّي لم أجد المستقبل فيها.
·
عاصرت المرأة على مراحل زمنية مختلفة، لكن حتى الآن لا تزال محصورة في قالب
محدد تفرض فيه بعض السلطة عليها؟
هناك مثل شعبي يقول"اللي بيحني ظهره بيتركب"، المرأة هي التي تنازلت عن
حقوقها وأصبحت في موقف لا تحسد عليه، لكن المرأة زمان كانت "عود" أي صلبة
وكانت تستطيع أن تقول لا، وخديها قاعدة "المرأة التي لا تستطيع قول لا
تتنازل عن حقوقها.
·
لكن لماذا لم تعد المرأة تقول كلمة "لا" برغم تطور المجتمع؟
لسبب بسيط جدًا، عليها ضغط في الداخل والخارج، وأنقل لكي شكوى أم مثقفة
لديها ابنة "٢٧" عامًا لم تتزوج حتى الآن وحزينة جدًا بسبب ذلك وتحاول
ممارسة الضغط في هذه النقطة عليها، فالمرأة مطحونة من أسرتها قبل الخارج .
·
هل المرأة أخذت المكانة التي تستحقها؟
لا، كل ما يحدث أمامك حاجات شكلية، وليس معنى وجود وزيرة في الحكومة أن
المرأة أخذت حقوقها، والدور الفاعل للمرأة في المجتمع ليس ذلك؟
"العائلة "
·
كيف يكون الحوار بين كاتب مخضرم ومخرج موهوب، وهي حالة فقدت في الوسط الفني
حاليًا؟
المخرج هو مؤلف بداخله فهو يأخذ السيناريو يضيف إليه خياله وكل ما كان
المخرج مهتم بالشأن العام وعلى تواصل مع الناس، يعزف بنفس اللحن مع الكاتب،
ودعيني أقول لك أني أما بقعد مع مروان لن نتحدث في أمور الفن تمامًا، لكن
نتحدث في الشأن العام وما نبحث ونكره وما يضايقنا في الشارع.
·
مقاطعة: معقول.. لا يوجد حديث بينكم عن الفن
يوجد حديث مثل هذا عمل جيد وهذا سيئ، أو يرشح كلًا منا فيلمًا أو مسلسل
للآخر أو آخذ رأيه في حوار خاص بي.
·
لكن وجود إعلامية مخضرمة بالمنزل مثل زينب سويدان، ربما يفرض حديثًا عن
الإعلام؟
هي بتتفرج على التليفزيون، لكن كل مدة طويلة تبدي استياءها وعدم رضاءها،
لكنها تتغاظ كثيرًا عندما تشاهد نشرة الأخبار وترى مذيعين ومذيعات لا
يجيدون نطق اللغة العربية وتتساءل من خرج هؤلاء على الشاشة مع صرخة عالية.
·
لماذا دائمًا قضايا صناعة السينما ليست محل نقاش في البرلمان؟
"كلًا يبكي على ليلاه"، الناس التي تنفق ملايين للدخول لمجلس النواب ماذا
يهدفون هل أهدافهم مشروعة أم لا، فالجميع يذهب للحصانة فقط ومصالحهم
الشخصية وللأسف يمتصوا الضحية لآخر نفس.
·
هل وجود أسماء مثل يحيى الفخراني وسميرة عبد العزيز يعود بفائدة مجلس
الشيوخ؟
التاريخ يعيد نفسه، فقديمًا كان المليجي وأمينة رزق به من قبل، وهو تقليد
وقد يكون هناك رؤية في ذلك، وربما يكون هناك أشخاص آخرون مهمومين بالثقافة
تكون فائدتهم أكثر فائدة من الفنان.
·
متى ينتهي الإرهاب؟
قدمنا كتير قوي، لأَنِّي احنا بنعلم الإرهاب للناس، وانظري لسلوكيتنا فنحن
نمارس فرض الإرادة بالقوة في كل شيء، وليس شرطًا أني أذبحك أو أضربك
بالسلاح، ولكن حتى طريقة التهديد في الحوار وأسلوب الحديث حتى مثلًا في
علاقة الرجل بزوجته هو نوع من الإرهاب، فنحن سرقنا من الحياة سهولتها،
عزوبتها وإنسانيتها.
·
لكن قضية الإرهاب لمن نرجعها، للخطاب الديني أم الثقافة والوعي أو أخرى؟
نحن نريد إعادة التوعية في ثقافتنا فلابد من تغيير ثقافة الناس على جميع
المستويات "وتشمل ثقافة ذهنية وسمعية وموروث شعبي"، والحقيقة أغلب المنابر
والمشايخ بداخلهم داعشي صغير بيخرج منهم بحكم الذي درسوه وقرأوا منه، فأين
هي سماحة المشايخ ولطفهم أي زهدهم؟، والمفروض نسميه "تغيير" وليس تجديد
الخطاب الديني.
·
متى استشعرت أن هناك خطرا من الإرهاب وقررت تواجهه بسلسلة من الأعمال
وتحاربه، وكم تهديد تلقيته بحياتك؟
لم أخف من تهديدات الإسلاميين، لكن خفت من الكشف اللي عملوا الموساد
الإسرائيلي وكان في مجموعة من المصريين المستهدفين، وبالنسبة للإخوان كان
لي منهم أصدقاء وكنا نتناقش ونتحاور رغم اختلاف الفكر بشكل جذري، فهم كانوا
يعلمون جيدًا أنني ضدهم تمامًا، والحقيقة كنت فاكر أنها ستسمر صراعا فكريا
فقط.
·
لكن ما الذي جعل الصراع مع الإخوان من الفكر إلى الدم؟
العجز أولًا ثم الفشل في إقناع طرف آخر بالحوار مما جعلهم يلجأون للعنف
لأنك بتكوني مستعجلة على النتيجة، وجماعة الإخوان تاريخها بالأساس مبني على
الدم.
·
ماذا عن الجزء الثالث من "الجماعة" هل يشهد مزج بين المرحلة الحالية
والماضي، وهل بدأت بالفعل في كتابته أم لا؟
حتى هذه اللحظة، لدي مشكلة كبيرة في الجزء الثالث من "الجماعة"، نظرًا
لخطورته، اللهم وأعلم هيطلع شكله إيه، لا أستطيع أن أقول كيف سيخرج وماذا
سأفعل به.
وبالفعل بدأت أكتب فيه، لكن أقول لك تعبيرا واضحا هو "كتابة غير مستقرة"،
فأنا حريص ومخلص للقضية التي أعالجها لأَنِّي لا أقدم عمل دعائي أنا مش
عايز اتصور، أنا عايز شىء يعيش في وجدان الناس.
·
ماذا عن محاولات تركيا بفرض السيادة على المنطقة العربية؟
تركيا لابد أن تجد من يردعها، فهي تبتز أوروبا بالمهجرين "اللي عندها"
والأخيرة عاجزة أمامها، وتبرز العالم العربي أنه ليس لديه قدرة على الفعل.
·
لماذا سيرة أحمد زكي أصبحت مشاعا بعد وفاة الابن، ما بين حديث عن مقتنايته
ومنزله، وموقع باسمه ومشروع درامي؟
انا كصديق شخصي له لأحمد زكي، وك وحيد
حامد مكنتش
أحب أن هذا يحدث، فأنا حزني على الابن أكثر من الأب، وبصراحة كل ما أستطيع
قوله ربنا يرحم الاثنان.
·
يحمل تكريم مهرجان القاهرة خصوصية كبيرة لك، هل من المهم أن تكون الجائزة
التقديرية ليست باسم فنان أو فنانة؟
ليس شرطا، هي جائزة المهرجان أفضل وليس باسم فنان أو فنانة، لأنه مهما بلغت
شهرة الفنان هتكون محدودة في بلده، طبعا على راسي فاتن حمامة لكن عندما
تمنحي الجائزة لأجنبي جايز ميعرفش الممثل صاحب الجائزة ج بعكس ما تمنحيها ل
مصري، ومازالت جائزة فاتن حمامة موجودة لكن لابد أن تكون محلية ولا تمنح
لضيف أجنبي.
·
وماذا عن هذا التكريم؟
على مدار مشواري، حصلت على جوائز كثيرة فرحت بها، من بينها مهرجان دبي
عندما كان قائمًا، وقيمة التكريم بقيمة الجهة المانحة، ومهرجان القاهرة
مهرجان كبير ومش صغير، وبناء عليه التكريم منه يشكل إضافة لما سبق لي من
تكريم.
·
هل التكريم الأهم يكون من الجمهور؟
بالتأكيد، وما أراه على السوشيل ميديا يصنع عندي سعادة عندما أرى أجيال
جديدة تعرف أعمالي جيدًا، وأقولك على شيء، في إحدى محن المرض لأي مررت بها
طلعت إشاعه أني توقيت وفي التعليقات وجدت محبة كبيرة وحزن شديد منهم عليا،
ففرحت جدًا.
·
من بين المكرمين معك بالمهرجان، الفنانة منى زكي التي ظهرت على يدك وشريكة
نجاح في أعمالك، كيف ترى تطورها على مدار الرحلة؟
أول ظهور لها بالفعل كان معي في مسلسل"العائلة"، ودورها مثلًا في فيلم "دم
الغزال" استثنائي وكبير، ومذلك شخصية "تهاني" في فيلم "أضحك الصورة تطلع
حلوة"، بالإضافة إلى فيلم "احكي ياشهرزاد".
وأحكيلك موقف مهم، يصمت ويقول "والله انا عملت حاجات كويسة في حياتي"،
ويستكمل: خلال تحضيرنا فيلم "أضحك الصورة تطلع حلوة" تعرضت منى لحادث
وآصيبت بصمودها الفقري، وقتها طلبت من شريف عرفة الانتظار شهرين حتى تسترد
صحتها وحينها قال لي "معقولة هتستنى احنا حضرنا وداخلين نصور"، فقلت له
"يعني واحدة راقدة أكمل عليها بالإحباط".
والحقيقة أنا عملت كدا لأَنِّي في البدايات كتبت مسرحية اسمها "أحزان الفتى
المسافر" وكان زمان في رقابة مسرح وسينما، ورقابة المسرح رفضتها لجرأة
فكرتها وعندما ذهبت إلى اعتدال ممتاز رئيس الرقابة حينها، قرأت الملخص
واندهشت ثم قرأت المسرحية فوجدت بها فكرة فاذة في تاريخها واتخذت القرار
على مسئوليتها، وقالت "مش ممكن ألاقي مسرحية بهذه الجرأة وأعمل إحباط لشاب
صغير لِسَّه بيبدأ طريقه"، شوفي بقى مردود ده حصل ازاي بعد سنين ومع مين.
والحقيقية منى زكي عندها حضور قوي وموهوبة، وكنت بضحك كتير جدًا في مسرحية
"كدا أوكيه" وكنت مندهش من قدرتها على إجادتها لشخصية الفلاحة رغم أنها
تنتمي للطبقة الأرستقراطية.
·
إذا سألتك عن روشتة تقدمها للشباب، ولمن هم يهتمون بحب الكتابة ويريدون
مزاولة المهنة؟
أقول للشباب لا تنسوا جذوركم، ولا تتنكروا للواقع بتاعكم عيشوه وحاولوا
تطوره قدر الإمكان لأن زمن المعجزات انتهى.
أما من يريدون أن يكونوا كتاب بنفس الموهبة والقدر والتواصل مع الجمهور،
يعملوا اللي عملوا وحيد
حامد ،
وهي مسألة بسيطة أنه لم ينفصل عن الناس ثانية واحدة، وفي النهاية لم أترك
نفسي فقد بحثت عن المعرفة بكل وسائلها ومازالت حتى هذه اللحظة أبحث عنها
وأدور عنها وأتعلم من الأصغر مني، والعلم لايوجد فيه كبير وصغير.
وفي بداية جلستنا سألتيني، لماذا تتعمد العمل مع الشباب، وأقول لك أنني أحب
كثيرًا التعاون مع الجيل الجديد لأنه بيعرف حاجات انا معرفهاش مثل لغة
الناس، فقد تطورت وغيري "بينبهني ليها" أي أني بعيش ثقافة وفكر مختلف،
ومثلًا أنتي حاليًا في مرحلتك العمرية لديكي إحساس بالمجتمع أكثر من إحساسي
لأن "اللي في دماغي تراث"
·
هل تتفاعل مع السوشيل ميديا، وهل هي سبب فيما وصلنا له من عوار بالمجتمع؟
لا أتفاعل معها، وبكل تأكيد تسببت في عوار كبير لأَنِّي أراها نميمة لكنها
منحت مساحة كبيرة أيضًا لمعتوهين وجهلة أن يتصدوا لعقلاء، وكثرة السفهاء
على السوشيل ميديا للأسف حاصرت العقلاء وقضت عليهم.
·
الفترة الماضية كانت حرجة بسبب أزمة "كورونا"، هل يمكن أن تكتب عملًا ليس
عن المرض ولكن عن فكرة صناعة الخوف والقلق؟
مشعارف هذا الكابوس المحيط بالكرة الأرضية لابد أن يولد شيء عند كثر، لكن
لا نعرف ماذا سيخرج، وبدون شك نحن تأثرنا كثيرًا خصوصًا أن مسألة الخوف
التي لا زالنا نعيش فيها مرتبطة بمرض فتاك. |