فى آخر حوار له قبل الرحيل عزت العلايلى..
رضيـت ربنـا فى الفن.. وبعــد مـراتـى أنـا مـش مظبــوط
كتب حوار: مـى الوزيـر
عندما التقيته وأخبرته برغبتى فى محاورته على صفحات مجلة
«صباح الخير» استقبلنى بحماس شديد وقال لى: «صباح الخير الجميلة.. هى
معبودتى الجميلة، هل تعلمين أننى أعتبر نفسى من المؤسسين لمجلة صباح الخير؟
صباح الخير هى العشق». وفتح قلبه لى وبهدوئه المعهود الذى
يخفى وراءه حماس «فيلسوف حكاء» لديه الكثير من الذكريات بالفن والثقافة
والسياسة وحواديت صنعت المواطن مصرى, كنا نتمى أن يقرأ الحوار لكن القدر لم
يسعفه.
عزت العلايلى فنان استثنائى بموهبة وملامح استثنائية أيضًا،
وكذلك كان مشواره وحتى رحيله بهدوء ووقار شديدين يشبهان شخصيته وحضوره، كان
لنا هذا الحوار معه قبل رحيله حدثنى فيه عن محطات مهمة وعن ذكرياته مع
زوجته، رفيقة عمره والتى عانى كثيرًا بعد رحيلها وكيف يقيم نفسه وتاريخه.
•
عزت العلايلى لديه تاريخ حافل ساهمت فى صنعه أعمال مأخوذة
من روايات أدبية، كيف ترى الرواية الأدبية؟
-
نجيب محفوظ ويوسف السباعى وغيرهما من الأدباء الكبار لن يقوموا بكتابة عمل
أدبى إلا إذا كان ذا قيمة وله «أصل» وجذر وبناء خاص، سواء من الناحية
الدرامية أو من الناحية الفكرية، ولا بد أن يكون هناك عائد فكرى وعائد له
مردود، سواء أراد أن يُنقل عن طريق السينما أو عن طريق التليفزيون.
وحتى مع عودتى للمشاركة فى عمل مع الكاتب الشاب أحمد مراد
فى روايته «تراب الماس» كان سببها الأهم هو جدية الموضوع ورؤية الكاتب
أحمد مراد، خاصة أننى شخصيًا أحترمه جدًا لأن عنده رؤى محترمة والموضوعات
التى كتبها وكل ما قرأته له تحقق، وفاهم بيعمل إيه «مش أى كلام» ومطلِع
وعايش الحياة السياسية والاجتماعية بشكل ناضج جدًا.
•
ما تقييمك لصناعة السينما الآن بعد أن عاصرت العظماء
و«الكبار» فى كل المجالات؟
-
السينما والكتاب والتليفزيون هم ظِل المجتمع، فما أعكسه فى عمل درامى هو
ظِل المجتمع.. وهناك شباب مجتهدون جدًا وبنات، ولكن للأسف البناء الفكرى
ليس موجودًا، فى جيلنا كان لدينا «تشكيلة» من الأدباء والمفكرين وإلى
آخره، ولكنكم للأسف لا، ولا أعلم السبب ولكن أنا «زعلان جدًا» بسبب هذا
الموضوع فالجيل الجديد من الشباب لن يكون له قدوة ولا رائد.
فالسينما والمسرح هما الموارد النظرية العظمى لأى بلد، هى
موارد اقتصادية ونظم سياسية وتقاليد اجتماعية وخلقية زائد الفنون والآداب
هم الضلع الرابع، وإذا غاب هذا الضلع البلد يختل.
•
من المخرج صاحب الأثر فى مسيرتك الفنية؟
-
كل مخرج تعاملت معه وحققت معه نجاحًا كان نتاج جهد مشترك وساعات طويلة،
«يوسف شاهين وصلاح أبوسيف» مخرجان أحببت العمل معهما وساهم كل منا فى نجاح
الآخر من خلال أعمال مهمة وتعاونا بشكل ناضج جدًا، كل الأعمال الناجحة التى
قدمتها كانت مع مخرجين استمتعت كثيرًا بالعمل معهم، العمل الفنى لا يخرج
بشكل سهل للجمهور فبعد جلسات ومناقشات وساعات تصوير طويلة يكون الناتج هو
العمل الفنى المهم ورسالته وخاصة السينما، وكذلك المسرح فمثلا لينين الرملى
فى عرض «أهلا يا بكوات» والنجاح الذى شهدناه ذلك رغم التفاصيل المجهدة وراء
العمل والأداء أمام خشبة المسرح، والحمد لله أن ربنا وفقنى خلال مشوارى
بالعمل مع أسماء كبيرة من المخرجين.
•
ما الدور الأقرب لقلبك ؟
-
كل دور قدمته بالنسبة لى مميز وله خصوصية فى قلبى، كل دور واخد منى وواخد
من فكرى وأحلامى ومن طموحاتى، كل دور قدمته أخذ منى وأعطانى فأنا قدمت
أدوارًا مصرية خالصة لم أقدم عملاً لم يجسد روحًا مصرية، أنا قدمت أعمالاً
مهمة وأخذت من كل قيمة أدبية وفكرية منها، فأخذت من «التوت والنبوت» وأخذت
من «الاختيار» و«الأرض»، وكل ما تتذكرينه أنت وتحدثيننى عنه الآن فأنا روحى
فى كل عمل منها وتعبت وأجهدت لأصل لكل عمل منها، فأنا لم أقدم أى عمل منها
بالصدفة. بل بعد تعب وعمل شاق ومثابرة، وهذا ما يسعدنى لأننى لن أرضى أن
أضحك على المتفرج أو أقدم له مُنتجًا فاشلاً، فأنا لا أريد أن أصل لجمالك،
ولكن لعقلك كمتفرج لأننى إنسان أساعد على بناء مجتمع.
•
هل هناك عمل ندمت على تقديمه؟
-
بالتأكيد هناك أدوار لم أوفق فيها أو فى اختيارها فليس هناك شىء سليم على
طول الخط، «لو أنكم لا تخطئون لأتى الله بقوم يخطئون يغفر لهم».
•
لماذا لم تقم بكتابة مذكراتك؟
-
طُرح علىَّ الأمر أكثر من مرة، ولكنه لا يجد الوقت للقيام بهذه الخطوة
و«أنا مش متحمس» رغم أن هذا الموضوع طُرح علىّ أكثر من مرة.
•
كيف أدارت الزوجة والحبيبة حياة عزت العلايلى؟
-
زوجتى.. هى شرايينى وفكرى، زوجتى صاحبة الأثر الأكبر فى حياتى، هى كل
الدنيا، هى كل حاجة فى حياتى، هى شرايينى هى فكرى، هى حبيبتى هى راحتى هى
كل حاجة، هى حياتى اللى أنا عايش فيها.. 99 % من نجاحى إذا كنت نجحت فى
حياتى هى السبب فيه وهى كل حاجة، لذلك من بعدها أنا «مش مظبوط» وكأنى لا
أسير فى خط مستقيم من بعدها، فأنا أفكر فيها كثيرًا جدًا، لذلك أشعر أنى
مفتقدها جدًا، نحن لم نتزوج زواجًا تقليديًا، بل تزوجنا عن حب وحب عميق
جدًا وكانت طوال عمرها تعلم جيدًا تعلقى الشديد بها، استوعبتنى واستوعبت
حياتى وتفاصيلها وأدارت حياتنا بمنتهى الذكاء.
•
بنظرة الآن إلى تاريخك وكل ما قدمته، هل أنت راضٍ عنه تمام
الرضا وفخور؟
-
إلى حد ما، أولاً أنا أرضيت الله سبحانه وتعالى وهذا ما ليس عليه جدال، من
عبادتى لله وقيامى وصلاتى ونُسُكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين، أما
بالنسبة لرضاء الناس والجمهور فهذا ما أتمناه وأرجوه لأن الفن هو أمانة
والكلمة أمانة.
محطـات فـى حيـاة «راضـى قبطـان»
-
الاسم: عزت حسن العلايلى. وُلد 15 سبتمبر 1934 بباب الشعرية.
-
حصل على بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1960، وبدأ نشاطه
الفنى عام 1962 وحقَّق شهرة مدويّة بأعمال ظلت باقية فى تاريخ الفن المصرى،
ويعتبر فيلم «السقا مات» أقرب الأعمال لقلبه.
-
أدى أدوار البطولة فى عدد من الأعمال، أشهرها: «الطريق إلى إيلات، التوت
والنبوت، ذئاب لا تأكل اللحم، عاد لينتقم، الطوق والإسورة، الشارع الجديد،
الأرض».
-
بدأ حياته الفنية متأخرًا لتفرغه لرعاية إخوته الأربعة بعد وفاة أبيه.
-
عمل فترة معد برامج تليفزيونية قبل المشاركة فى أول عمل فنى «رسالة من
امرأة مجهولة».
-
قدم نحو 192 عملاً فنيًا متنوعًا طوال مشواره الفنى، مثّل 86 فيلمًا منها:
«قنديل أم هاشم، إسكندرية ليه، الإنس والجن، السقات مات، مخالب امرأة، بئر
الخيانة، رجل من نار، كلاب المدينة، جرانيتا وتراب الماس».
-
لعب أدوارا بـ64 مسلسلاً منها: وآه يا زمن، النوارس والصقور، الشارع
الجديد، خان القناديلى، ربيع الغضب، ستائر الخوف، وقيد عائلى، وله 9
مسلسلات إذاعية وسهرات تليفزيونية منها: إيزيس، الصبر فى الملاحات، قصص
القرآن.
-
على خشبة المسرح لعب أدوارًا فى 8 مسرحيات منها: ثورة قرية، خيال الظل،
وداعا يا بكوات، وأهلا يا بكوات.
وحصل على جائزة أحسن ممثل عن فيلم «الطريق إلى إيلات» إضافة
إلى جوائز كبرى أخرى، وأطلق اسمه على الدورة 36 لمهرجان الإسكندرية
السينمائى لدول البحر المتوسط العام الماضى. |