مهرجانات السينما الأفريقية تتحد لتطوير الصناعة المحلية
والترويج لها عالميا
الأقصر (مصر)
جمعية المهرجانات الأفريقية أول كيان يضم 30 من المهرجانات
السينمائية الأفريقية التي تقام داخل بلدان القارة وخارجها.
يشهد الفن السابع في أفريقيا تطورات سريعة جعلت الإنتاجات
السينمائية تخوض مسابقات عالمية، فيما تأخذ المهرجانات الأفريقية أو تلك
التي تعنى بالسينما الأفريقية نسقا تصاعديا.
وفي خطوة لتعزيز الحضور السينمائي الأفريقي دوليا، أعلن
صناع السينما الأفارقة الأحد عن تشكيل "جمعية المهرجانات الأفريقية"، أول
كيان يضم 30 من المهرجانات السينمائية الأفريقية، التي تقام داخل بلدان
القارة وخارجها.
جاء ذلك خلال مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، والذي
تتواصل فعاليات نسخته العاشرة بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، إلى
نهاية شهر مارس الجاري.
وقالت عزة الحسيني، مديرة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية،
إن ”جمعية المهرجانات الأفريقية” ستضم كل مهرجانات القارة في شبكة واحدة،
تتولى خلق دوائر لتطوير الأفلام الأفريقية والترويج لها أفريقيا وعالميا.
وأشارت الحسيني إلى أن الجمعية الجديدة سيكون من بين
أهدافها بناء مبادرات تمويلية للمهرجانات السينمائية الأفريقية، وتسويقها
محليا وإقليميا، وتشكيل مجموعة اتصال موحدة تتولى الحديث باسم صناعة
السينما الأفريقية، أمام صناع السينما ومنظمي المهرجانات ببلدان العالم.
وأكدت أن الكيان الجديد انضم إليه 30 مهرجانا، وأن تفاصيل
وخطط عمل الكيان السينمائي الأفريقي الجديد ستعلن في مؤتمر يقام مساء
اليوم بحضور نخبة من فناني وصناع السينما بالقارة السمراء، من المشاركين في
فعاليات النسخة العاشرة من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.
وقالت مصادر سينمائية أفريقية إن المشاركين بالجمعية
الجديدة للمهرجانات السينمائية الأفريقية قاموا بترشيح مديرة مهرجان الأقصر
للسينما لتولي منصب رئاسة الجمعية الجديدة، بجانب ترشيح المخرج
النيجيري مايكل بريش لتولي منصب نائب رئيس الجمعية التي اختارت مدينة
الأقصر التاريخية بصعيد مصر مقرا لها.
وتتميز الأفلام الأفريقية بغوصها في أعماق الأزمات التي
شهدتها القارة السمراء طيلة عقود، من بينها التمييز العنصري وعدم المساواة
بين الجنسين، والحروب والنزاعات التي تعصف بأمن عدد من الدول، بالإضافة إلى
مسائل قانونية عالقة منذ سنوات وغيرها.
لكن قطاع السينما يشكو إلى الآن من قلة التمويل ويغيب عن
السياسات الثقافية للحكومات الأفريقية، رغم أن السينما أصبحت خلال السنوات
الأخيرة صناعة حقيقية تلعب دورا اقتصاديا هاما.
واختار مهرجان الأقصر في دورته العاشرة أن يكون فيلم "هذه
ليست جنازة، إنها قيامة" فيلم الافتتاح، والفيلم رشحته دولة ليسوتو لسباق
الأفلام الطويلة الدولي بمسابقة الأوسكار.
فيلم ينبش في قضية الانتماء والبحث عن الهوية
وتدور أحداث الفيلم حول تعرّض أرملة رفقة أبناء قريتها
لضغوطات بسبب عزم السلطات بناء مشاريع تنموية في الجهة، ومطالبتهم بالرحيل
أو إعادة توطينهم القسري.
وترغب الأرملة التي تبلغ من العمر 80 عاما في حماية منزلها
والمقبرة التي دُفن فيها أفراد عائلتها، وتقود حركة لمقاومة السلطات وترفض
رفقة متساكني قريتها الفقيرة والمهمشة فكرة التوطين القسري.
وتكشف المرأة المسنة أثناء دفاعها عن هويتها والمكان الذي
ولدت وتربت وكبرت فيه، عن مفارقات كثيرة في بلد ممزّق بين ماض زراعي وحاضر
يتشبّث بفكرة التمدّن والتنمية العصرية، ولو على حساب انتماء سكانه.
وينافس الفيلم التونسي "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة كوثر
بن هنية، أيضا، ضمن جوائز الأوسكار للعام 2021، بالإضافة إلى فيلم "ستموت
في العشرين" للمخرج السوداني أمجد أبوالعلاء.
ويرى النقاد السينمائيون في الأفلام الأفريقية محاولات
جاهدة للتأمل في الإنسان الأفريقي وتاريخه وتفكيك مشاكله داخل بلاده
وخارجها، حتى صارت نوعا من التأمل المعرفي والجمالي والنقدي للذات
الأفريقية وللعالم، الذي يقدم صورة مثيرة للانتباه عن سكان القارة.
وتسهم أفريقيا في الإنتاج السينمائي الدولي بنصيب كبير، رغم
القدرات المالية المحدودة التي ترصدها الحكومات للفن السابع والثقافة عامة،
حيث تقدم مصر ونيجريا إنتاجا غزيرا فيما تدعم دول أخرى مهرجانات سينمائية
كبرى، أقدمها المهرجان البانافريقي للسينما والتلفزيون في واغادوغو،
ومهرجان قرطاج السينمائي الذي يلتزم بطابعه الأفريقي وتأسس في العام 1966،
و"فيسباكو" الذي أقيمت دورته الأولى عام 1969 في بوركينا فاسو.
ورغم تعدد المبادرات لدعم السينما الأفريقية، فإن المخرجة
التونسية ليندا بلخيرية رأت خلال ندوة "تأثير المنصات الرقمية على صناعة
السينما التقليدية"، المقامة ضمن فعاليات مهرجان الأقصر، أن البلدان
الأفريقية لا تزال تعاني من نقص التمويل والإنتاج والتوزيع.
وفي السنوات القليلة الماضية، وجدت السينما الأفريقية
طريقها إلى المستوى الدولي، وتمت مكافأة العديد من الأفلام وبرمجتها في
أكثر المهرجانات هيبة.
وتقول بلخيرية إن "العيون الآن تتجه نحو السينما الأفريقية،
حيث تم الكشف عن إمكانات سينمائية ضخمة في رواندا والسودان، وهما الدولتان
اللتان جذبتا اهتمام المنتجين والصناديق العالمية في السنوات القليلة
الماضية". |