أيام قرطاج السينمائية تثير قضايا الجنوب بلغة سينمائية
متجدّدة
المهرجان يستعيد مسابقته الرسمية ويحتفي بالسينما الليبية
والبلجيكية.
تستعد تونس لتنظيم الدورة الـ32 من مهرجان "أيام قرطاج
السينمائية" بعرض أكثر من ألف فيلم من 45 دولة عربية وأجنبية وأفريقية تحت
شعار "نحلم لنحيا". وتأتي هذه الدورة لتواصل ترسيخ أهداف المهرجان في نشر
السينما في كل مكان من الشوارع والسجون وحتى الثكنات العسكرية، حيث تؤكد
على رهانها في إتاحة الفن السينمائي لكل الشرائح واستقطاب أهم السينمائيين،
مركزة بشكل خاص على قضايا جنوب المتوسط ونضالات شعوبه.
تونس
- تعود
أيام قرطاج السينمائية إلى جمهورها هذا العام بمختلف أقسامها وأركانها
وفقراتها السابقة، بعد دورة استثنائية غابت عنها المسابقة السنة الماضية
بسبب تفشي وباء كورونا. وتنتظم هذه الدورة الثانية والثلاثون من الثلاثين
من أكتوبر إلى السادس من نوفمبر 2021 تحت شعار “نحلم… لنحيا”.
وعقد المنظمون ندوة صحافية يوم الثلاثاء بأحد النزل في
العاصمة، تمّ خلالها الكشف عن تفاصيل الدورة الثانية والثلاثين للمهرجان،
وتحدّث المدير العام للمهرجان رضا الباهي عن مشاركة 45 دولة في هذه الدورة
من ضمنها 28 بلدا أفريقيا و17 عربيا.
وذكر الباهي أن إدارة المهرجان تلقّت ترشحات 750 فيلما
عربيا وأفريقيا قصيرا وطويلا في المسابقة الرسمية، وتمّ انتقاء 56 فيلما
منها 12 فيلما روائيا طويلا و13 فيلما وثائقيا طويلا و21 فيلما قصيرا،
بالإضافة إلى 10 أفلام في مسابقة السينما الواعدة.
السينما في كل مكان
تسجّل السينما التونسية حضورها في المسابقة الرسمية بـ14
فيلما، منها 3 أشرطة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة “فرططو ذهب”
لعبدالحميد بوشناق و”مجنون فرح” لليلى بوزيد و”عصيان” للجيلاني السعدي، و3
أشرطة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هي “حلال سينما” لأمين بوخريص
و”أبي فيمَ أفنيت شبابك؟” لأكرم عدواني و”مقرونة عربي” لريم التميمي، وكذلك
5 أفلام قصيرة هي “في بلاد العم سالم” لسليم بلهيبة و”فريدا” لمحمد بوحجر
و”سواد عينيك” لطارق الصردي و”سياح خارج الموسم” لماهر حسناوي و”يا عمّ
الشيفور” لبية مظفر.
أما الأفلام التونسية الحاضرة في مسابقة السينما الواعدة
فهي “فالصو” لمين غزواني و”أمل” لآمال كراي و”pomme
d’amour”
لدنيا غضاب.
كما نجد عددا من الأفلام العربية المشاركة منها “خديجة ” من
مصر، و”سينما حلال” و”حلم” من الجزائر و”علّي صوتك” من المغرب.
المهرجان يحاول هذا العام تنظيم عروض في الثكنات العسكرية
علاوة على عروضه في السجون والجهات
وتحتكم عروض مسابقة الأفلام الروائية إلى لجنة متكونة من 6
أشخاص يرأسهم السينمائي الإيطالي إينزو بورسلي، أما لجنة مسابقة الأفلام
الوثائقية فهي أيضا متألفة من 6 أشخاص ترأسهم السينمائية كلوي عائشة بورو
من بوركينا فاسو.
وفي الدورة المرتقبة تمت إضافة جائزتين، الأولى “جائزة لينا
بن مهني” (ناشطة حقوقية تونسية) والثانية “جائزة الصادق أنور الصباح”
(لبناني) ليلتحقا بجوائز “تانيت” الذهبي والفضي والبرونزي وغيرها.
وتَطرُقُ أيام قرطاج السينمائية هذا العام باب الثكنات
العسكرية، حيث سيتم تنظيم عروض لفائدة عناصر الجيش الوطني. كما تُحافظ
الأيام على عروضها في السجون ومراكز الإصلاح وفي الجهات.
من جهته أكد المدير الفني لهذه الدورة كمال بن ونّاس في
مداخلته أن العروض السينمائية المدرجة ضمن المسابقة أو خارجها قد خضعت
لمقاييس دقيقة في عملية اختيارها. وذكر بن ونّاس من هذه المقاييس استيفاء
الأفلام للأرضية الثقافية والهوية التي انبنى عليها المهرجان منها التعبير
عن قضايا دول الجنوب ومشاكلها، بلغة سينمائية جدية ومتجدّدة على مستوى
الشكل لا على مستوى المضمون فقط.
وأضاف “نحاول اختيار أفلام تعبر عن القضايا بجمالية
سينمائية لخلق حوار بين المخرج والجمهور الذي يعتبر نجم المهرجان بفضل وعيه
وذائقته الرفيعة”.
وأفاد بن ونّاس بأن هذه الدورة نجحت في استقطاب مخرجين، رغم
الصعوبات والمنافسة من قبل عدة مهرجانات عالمية أخرى.
ويعد المهرجان الذي تأسس عام 1966 ويقام تحت رعاية وزارة
الشؤون الثقافية أحد أبرز المهرجانات السينمائية العربية وأقدمها. وكشف
المهرجان في وقت سابق هذا الشهر عن الملصق الرسمي للدورة الجديدة والذي حمل
صورة للممثلة هند صبري.
وقال رضا الباهي “هذا العام رفعنا التحدي وصممنا على تنظيم
دورة تتوفر فيها كل شروط النجاح وتراعي في الوقت نفسه الظروف الصحية”.
وتابع “ستكون الدورة في حجم تطلعات الجمهور وتوقعاته
باعتبارها فضاءً لتبادل الأفكار وللنقاش وللفرح والمقاومة”.
وأوضح أن عقيدة المهرجان أنه “متجذر في محيطه العربي -
الأفريقي لكنه في الوقت نفسه منفتح على العالم ومنشغل بالحقائق المتعددة
للواقع ومهتم بالقضايا العادلة”.
ليبيا وبلجيكا وتكريمات
وتهتمّ الدورة الثانية والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية
بالسينما الليبية وأيضا البلجيكية، وذلك من خلال تسليط الضوء على المبادرات
السينمائية الليبية التي تقوم بها مجموعة من الشباب الليبيين من أجل النهوض
بالقطاع السينمائي في ليبيا. كما سيتم تنظيم حلقة نقاش حول “السينما
الليبية: الواقع والآفاق”، بمشاركة ثلّة من السينمائيين الليبيين.
أما بخصوص “نظرة على السينما البلجيكية” فستكون مساحة
للاطلاع على التجربة السينمائية البلجيكية التي تطوّرت بشكل لافت خلال
السنوات الأخيرة، إذ سيتم عرض مجموعة من الأشرطة التي قدّمت قراءة للواقع
بشكل مختلف، بحسب تعبير بن وناس.
كما قرّر المنظمون إحداث “أيام قرطاج السينمائية
والفرنكوفونية”، وستقام ضمن فعاليات الأيام حلقة نقاش بعنوان “إشعاع
الأفلام وعرضها في المنطقة الفرنكوفونية: التحديات والآفاق”. كما سيتم عرض
أفلام حديثة باللغة الفرنسية تمثّل التنوع الثقافي للعالم الفرنكوفوني.
الدورة الثانية والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية تهتم
بالسينما الليبية، وذلك من خلال تسليط الضوء على المبادرات السينمائية التي
تقوم بها مجموعة من الشباب الليبيين من أجل النهوض بالقطاع السينمائي
وتحافظ هذه الدورة على الأقسام الأخرى وهي “نظرة على سينما
العالم” و”نظرة على السينما التونسية” و”ماستر كلاس” التي تُعنى بتقديم
ورشات تكوينية في السينما.
وتُكرّم أيام قرطاج السينمائية هذا العام المنتج والموزّع
اللبناني صادق أنور الصبّاح الذي خصّص جائزة مالية قدرها 15 ألف دينار
تونسي (6 آلاف دولار أميركي) ستُمنح للفيلم المتحصّل على الجائزة الكبرى
للمهرجان.
وسيتمّ أيضا تكريم الناقد السينمائي والصحافي التونسي خميس
الخياطي والناقد السينمائي السينغالي بابا ديوب. وستُكرّم الهيئة المديرة
للمهرجان أيضا الممثلة شاكرة رماح والممثل بحري الرحالي وهاجر بوحوّالة
(مختصة في القيافة والتجميل السينمائي).
وستحظى السينما التشادية بشرف افتتاح الدورة الثانية
والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية، من خلال الفيلم الروائي الطويل “لينغي،
الروابط المقدّسة” للمخرج محمد صالح هارون.
وأفادت مديرة قسم “قرطاج للمحترفين” ليندا بلخيرية بأن
ورشتيْ “شبكة” و”تكميل” ستقامان أيام 1 و2 و3 نوفمبر القادم. وقالت إن
اللجنة اختارت 8 مشاريع في مرحلة تطوير الإنتاج (شبكة) و7 مشاريع بين
روائية ووثائقية في مرحلة ما بعد الإنتاج (تكميل).
وفي ما يتعلّق بالجوانب التنظيمية أكّد المدير العام للأيام
رضا الباهي على ضرورة استظهار الجمهور بشهادة تلقيح ضدّ وباء كورونا حتى
يتمكّن من مواكبة مختلف عروض الأفلام، بالإضافة إلى التقيد بالإجراءات
الصحية المعمول بها (التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامات...). |