كواليس إطاحة محمد حفظي من مهرجان القاهرة السينمائي
القاهرة/ العربي الجديد
أصدرت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، الثلاثاء، قراراً
بإسناد رئاسة "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" في دورته الـ44 إلى الممثل
حسين فهمي،
بعد إطاحة المنتج والسيناريست محمد حفظي، الذي تولى رئاسة المنصب لأربع
دورات متتالية طاولتها
انتقادات عدة.
وعلمت "العربي الجديد" أن محمد
حفظي خضع
لتحقيقات تولتها جهة سيادية، قبل قرار إطاحته من منصبه. وقالت مصادر خاصة
إن جهاز الرقابة الإدارية حقق مع حفظي في ملفات أثيرت خلال رئاسته
للمهرجان، وعلى رأسها دعوته شخصيات داعمة للاحتلال الإسرائيلي والتعاون في
المهرجان. وأضافت أنه "على الرغم من عدم ممانعة الدولة المصرية لفكرة
التطبيع من حيث المبدأ، إلا أن تعامل حفظي مع
شخصيات صهيونية من
دون علم الأجهزة أغضب مسؤوليها".
بعد انقضاء أول دورة لحفظي في "مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي"، طالب نقّاد وسينمائيون باستبعاده من الرئاسة، وقالوا إن الدورة
"تضمنت مخالفات تستوجب استبعاده"، وأبدوا "اعتراضهم على استضافة إدارة
الدورة 40 عام 2018 عدداً من الضيوف يعدون من أكبر الداعمين للسينما
الإسرائيلية والمناصرين للكيان الإسرائيلي، ومن بينهم المنتج ميشيل زانا
والمنتج لورون دانييلو وجيوم دي ساي، وجميعهم من متخذي القرار بمشروع دعم السينما التابع
لمعهد سام شبيغل في إسرائيل، ومنهم من ينتج بانتظام للسينما الإسرائيلية،
مثل ميشيل زانا، ومن أفلامه ضد مصر (اختراق) و(زيارة الفرقة)".
وأشار بيان لمجموعة النقاد والسينمائيين حينها إلى أنه "من
بين هؤلاء من يترددون على كل المحافل السينمائية الإسرائيلية ويدعمون
مواطنيها، جيوم دي ساي مثلاً (...) وفي الوقت نفسه، شارك حفظي في إنتاج أحد
أفلامه، وهو (علي معزة وإبراهيم)، ما يضع شكوكاً حول مصدر تمويل دي ساي
لأفلام مصرية وهدفه".
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إنه من ضمن الملفات التي
حُقق فيها مع حفظي واحد يتعلق بمخالفات مالية وإدارية، وشبهة استغلال منصبه
في الترويج وعقد صفقات لصالح شركته "فيلم كلينك" وشركات أخرى تربطه بها
مصالح كبيرة وممتدة مثل "ماد سوليوشنز".
"كارتيل
لم يعد أحد يستطيع الهرب منه"؛ هكذا وصف ناقد فني مصري ومسؤول عن أحد أقسام
"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" حال صناعة السينما في الوطن العربي، بعد
تحكم الشركتين المذكورتين بالقطاع وتصدرهما للمشهد السينمائي في مختلف
المهرجانات العربية الكبرى، وأبرزها مهرجانات القاهرة وقرطاج والجونة،
وأخيراً "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي" في المملكة العربية
السعودية.
"ماد
سوليوشنز" اسم ظهر في السينما
المصرية قبل
أعوام قليلة، لكنه فرض نفسه باعتباره من الأكبر في المجال في فترة قصيرة.
وأخذت الشركة تتمدد تدريجياً في المهرجانات العربية الأبرز، لا سيما مهرجان
القاهرة الذي أصبحت تتولى إمداده بالأفلام التي تشارك في مسابقاته الرسمية.
أما "فيلم كلينك" فصعد نجمها أخيراً في مجال صناعة
السينما في مصر،
رغم سيطرة الأجهزة الأمنية على صناعة الفن عامة في البلاد.
بدأت "ماد سوليوشنز"، لصاحبها السوري علاء الكركوتي، كشركة
علاقات عامة صغيرة في مصر تعمل في المجال السينمائي، ثم شرعت في التوسع عبر
مهرجاني دبي وأبوظبي السينمائيين اللذين ساعدا في إنجاحها ومنحاها مصداقية
في الوسط السينمائي.
عام 2015 أسست الشركة "مركز السينما العربية"، الذي شكل
بدوره لجنة تحكيم "جوائز النقّاد" السنوية
The Critics’ Awards
التي بدأت محدودة وضمت عدداً قليلاً من النقاد العرب والأجانب، على هامش
فاعليات الدورة الـ70 لـ"مهرجان كانّ السينمائي الدولي" في مايو/ أيار
2018، وضمت قائمة الأفلام العربية التي أنتجت عام 2016، ونافست على جوائز
المسابقة في نسختها الأولى، وهي: "اشتباك" للمخرج المصري محمد دياب، و"أخضر
يابس" للمخرج المصري محمد حماد، و"آخر أيام المدينة" للمخرج المصري تامر
السعيد الذي فاز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل، بينما فاز محمد دياب بجائزة
أفضل مخرج. ومع انطلاق النسخة الثالثة من الجوائز، فوجئ الجميع بإقحام فيلم
"التقارير حول سارة وسليم"
(The Reports on Sarah and Saleem)،
من إنتاج فلسطين وألمانيا وهولندا والمكسيك، وإخراج مؤيد عليان الذي يقيم
في مدينة القدس المحتلة، وبطولة الممثلين الإسرائيليين إيشاي غولان وسيفان
كريتشنر، مع الممثلة الفلسطينية ميساء عبد الهادي ابنة مدينة الناصرة
المحتلة، والسوري أديب صفدي ابن الجولان السوري المحتل.
ووفقاً للناقد المصري مجدي الطيب، وجدت لجنة التحكيم نفسها
في مأزق، بعدما أصبحت مطالبة بالاختيار بين الممثلين العرب والممثلين
الإسرائيليين، فإيشاي غولان خدم في الجيش الإسرائيلي، وسيفان كريتشنر غنت
في احتفالية "شهر عليا" التي تنظمها "الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل"
سنوياً في تل أبيب احتفالاً بعودة اليهود إلى ما يسمونها "أرض الميعاد".
إلى ذلك، لفتت مصادر "العربي الجديد" إلى أن حفظي "استغل
أنشطة المهرجان المختلفة في الترويج للأفلام التي يشترك في إنتاجها"، مشيرة
إلى تنظيمه احتفالية، ضمن فعاليات الدورة الماضية، للاحتفاء بمسلسل
"بيمبو"، وهو من إنتاج شركة "دائرة ميم الإبداعية" المملوكة له والمخرج
عمرو سلامة. "دائرة ميم الإبداعية" دخلت ضمن مجموعة شركات "فيلم كلينك
للإنتاج والتوزيع السينمائي" التي تتضمن "فيلم كلينك برودكشن" و"فيلم كلينك
إندي ديستربيوشن".
وأضافت المصادر أن التحقيقات مع حفظي تضمنت أمثلة مشابهة،
واتهامات له بتنظيم احتفالية من أموال الدولة لخدمة أغراض شخصية.
واجه حفظي في الفترة الأخيرة أزمات عدة تتعلق بالأفلام التي
أنتجها، بينها "ريش" (2021)،
الذي أنتجه مع جولييت لو بوتر وبيير مناحم وشاهيناز العقاد، إذ اتهم
بالإساءة إلى مصر؛ وأزمة
فيلم "أميرة" (2021)،
من إنتاجه مع مُعز مسعود ومنى عبد الوهاب وهاني أبو أسعد وأميرة دياب، الذي
منعت "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" عرضه في الدورة الافتتاحية
لـ"مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي"، ثم سحبته من مسابقة "أوسكار"
التي يمثل الأردن فيها لاتهامه بـ"التشكيك في نسب الأطفال الفلسطينيين من
أبناء المعتقلين"؛ وأزمة فيلم
"أصحاب... ولا أعز" (2022)
الذي موله كمنتج منفذ مع هشام الغانم، إذ اتهم بـ"ضرب ثوابت وقيم المجتمع،
والترويج للمثلية الجنسية، والتحريض على الدولة". واتهم حفظي أيضاً
بـ"إهانة الشعب الفلسطيني"، كونه شارك في إنتاج فيلم
"صالون هدى" (2021)،
مع مخرجه هاني أبو أسعد وشاهيناز العقاد وأميرة دياب وعلاء كركوتي وماهر
دياب. |