جوائز الـ«بافتا» ذهبت إلى الجبهة الغربية
«الشرق
الأوسط» في موسم الجوائز:
(2)
هوليوود: محمد رُضا
اتسمت حفلة توزيع جوائز «بافتا» البريطانية، التي توزعها
«الأكاديمية البريطانية للفيلم والتلفزيون» مساء أول من أمس (الأحد)، بحضور
الأمير وليام بصفته الرئيس الفخري للمؤسسة البريطانية العملاقة، التي توزع
جوائزها السينمائية والتلفزيونية في مثل هذه الأيام من كل عام.
أُسّست الأكاديمية عام 1947 بهدف مساعدة المواهب السينمائية
البريطانية وأفلامها. أوجدها عدد من المخرجين، من بينهم ديفيد لين، ومايكل
باول، وكارول ريد، وألكسندر كوردا، والناقد روجر مانفل. ومنذ ذلك الحين
داومت على تفعيل دورها عبر قنوات عدّة تلتقي في نهاية المطاف بجوائزها
السنوية التي كانت توصف، على نحو غير رسمي، بـ«الأوسكار البريطاني» وذلك
حتى نحو 30 سنة مضت.
الأول والثاني
بالنسبة لهذا الناقد، هذه هي المناسبة السينمائية السنوية
الأساسية الأولى هذا العام التي عكست جوائزها إدراكاً لنوعية الأفلام
والمواهب الرابحة للـ«بافتا» بحيث ليس من الممكن، في غالبية تلك المسابقات
المعهودة، (فيلم، إخراج، تصوير، سيناريو، تمثيل، إلخ...) انتقاد الفائزين
بها.
هذا يشمل فيلم «كله هادئ على الجبهة الغربية»
(All is Queit on the Western Front)
الذي فاز بثماني جوائز، منها: أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل فيلم أجنبي،
وأفضل سيناريو مقتبس، وأفضل تصوير، وأفضل مؤثرات خاصّة، وأفضل صوت، وأفضل
موسيقى مكتوبة خصيصاً لفيلم.
بالنظر إلى تاريخ جوائز الـ«بافتا» فإن احتفاء الأكاديمية
بهذا الفيلم على هذا النحو هو الثاني من نوعه في تاريخها بالنسبة لكونه ليس
فيلماً ناطقاً بالإنجليزية. هذا حدث مرّة واحدة من قبل عندما فاز فيلم
جيسيبي تورناتوري «سينما باراديزو» بخمس «بافتيات» سنة 1988.
عددياً أيضاً، خرج «جنيات إنيشِرين»
(The Banshees of Inisherin)
ثانياً بعدد ما فاز به من جوائز (4) فهو خطف جوائز أفضل سيناريو مكتوب
خصيصاً، وأفضل فيلم بريطاني، وأفضل تمثيل رجالي مساند (باري كيوغن)، وأفضل
ممثلة مساندة (كيريكوندون، بعدما نودي على منافستها كاري موليغن خطأ).
في النطاق الأول، وهو مسابقة أفضل فيلم، فإن المنافسة التي
كان على الفيلم الألماني المنشأ «كله هادئ على الجبهة الغربية» لإدوارد
برغر، تجاوزها لكي يفوز «جنيات إنيشِرين» لمارتن مكدونا، و«إلڤيس» و«تار»
لتود فيلد، و«كل شيء في كل مكان في وقت واحد» لدانيال كوان ودانيال شاينرت.
عملياً، شغل برغر على «الجبهة الغربية» هو الأكثر جهداً،
وصعوبة تنفيذ من مشهد لآخر. في بعضه ميل استعراضي يكاد يخطف من الفيلم
إيمانه بما يطرحه، وآخر صوب قوّة حضور عناصر وآليات المشهد على عمقه
ودلالاته. لكن هذا لا يسود بما يكفي للانتقاص من كفاءة الفيلم.
فوز إدوارد برغر بـ«بافتا» أفضل إخراج، مبرر على النحو
نفسه. مرّة أخرى نظر المحكّمون هنا إلى نسيج «كل شيء هادئ...» وعناصر العمل
والجهد المبذول فيها ما منح الفيلم نقطة إضافية على فيلم مارتن مكدونا
«جنيات إنيشِرين».
الأفلام الثلاثة التي نافست في مسابقة الإخراج هي من أساليب
مختلفة كذلك: «إذن بالمغادرة» لبارك تشان ووك (كوريا الجنوبية) الذي هو عمل
بصري أخاذ لحكاية تختلط فيها المشاعر العاطفية بالألغاز البوليسية، و«كل
شيء في كل مكان في وقت واحد» الذي تأرجحت آمال فوزه باكراً حسب توقعات
النقاد البريطانيين، وهو من إخراج دانيال كوان ودانيال شاينرت، و«تار» لتود
فيلد.
بلغات شتّى
كايت بلانشت هي من خرجت بالجائزة الأولى كأفضل ممثلة وكان
عليها لكي تفوز تخطي خمسة أسماء أخرى هي فيولا ديفيز عن
«The Woman King»،
ودانيال ديدوايلر عن
«Till»،
وآنا د أرماس عن «بلوند»، ومن ثَم إيما تومسون عن «حظ سعيد لك، ليو
غراندي»، فميشيل يواه عن «كل شيء في كل مكان في وقت واحد».
رجالياً، خطف الـ«بافتا» الشاب أوستن بتلر عن «إلڤيس»
واستخرج الفوز من منافسين جديرين، هم بل نيغي عن
«Living»،
وبول مسكانل عن
«Aftersun»،
وبراندون فرايزر عن
«The Whaler»
وكولِن فارل عن «جنيات إنيشِرين». الخسارة بالنسبة لكل من فرايزر وفارِل
ضربة موجعة بسبب الطموح الكبير الذي تلا عروض فيلميهما. فرايزر جيء به من
الغياب للعب دور العمر كأستاذ يدمن الأكل ويعيش حياة صعبة داخل شقته وفارل
الرجل الذي يتسبب في الأذى من دون أن يكون شريراً بالفعل.
في سباق أفضل فيلم أجنبي (أو «ليس باللغة الإنجليزية» كما
اسمه رسمياً) لم يحظَ «أرجنتينا 85» بالتقدير الذي كان يستحقه. هو فيلم
سياسي النزعة عن أحداث التاريخ المذكور في الأرجنتين. ليس هو الفيلم
الأرجنتيني الأول الذي يتحدّث عمّا ساد البلاد في تلك الفترة من صراعات
وضحايا، لكنه من بين أفضل. لجانبه في الانزلاق خارج الفوز البلجيكي
«Corsage»،
والكوري
«Decision to Leave»،
والآيرلندي
«The Quiet Girl».
«بافتا»
«الفيلم الأول لبريطاني كاتباً أو مخرجاً أو منتجاً» نالته شارلوت وَلز عن
«Aftersun»،
و«بافتا» أفضل فيلم رسوم (أنيميشن) ذهبت إلى
«Guillermo Del Toro Pinocchio»،
واكتفى
«Avatar»:
«The Way of Water»
بجائزة أفضل مؤثرات بصرية (وهي جائزة لا يمكن نزعها عن فيلم مبهر كهذا
الفيلم). الصوت فيه كان أيضاً شغلاً مميّزاً، لكن الجائزة ذهبت إلى «كله
هادئ على الجبهة الغربية».
أحياناً ما يكون الحديث عن تلك الأقسام المتخصصة في أي
جائزة أصعب من الحديث عن النتائج الأولى التي عادة ما تشد انتباه القراء.
هذا الوضع واضح في «بافتا» هذا العام في مجالات التصوير والتوليف والكتابة.
جائزة التصوير ذهبت إلى مدير التصوير البريطاني جيمس فرند
(Friend)
عن تصويره «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» وفرند من الجيل الجديد من
مديري التصوير وهذا الفيلم هو التحدّي الأكبر منذ أن امتهن عمله قبل سنوات
ليست بعيدة. شغل كريغ فرازر عن
«The Batman»،
وماندي ووكر عن
«Elvis»
و- المخضرم - روجر ديكنز عن
«Empire of Light»،
ثم كلوديو ميراندا عن
«Top Gun:
Maverick»
كانت كلها تعبيراً عن مواهب رائعة كل في نوع مختلف عن الآخر لاختلاف كل
فيلم بدوره.
في التوليف تم تفضيل «كل شيء كل مكان في وقت واحد» على «كله
هادئ...» و«إلڤيس» و«توب غن: ماڤيريك» و«جنيات إنيشِرين» ربما بفارق أصوات
قليلة نظراً لأن توليف الفيلم الناجح ليس أفضل من توليف إيدي هاملتون
لـ«توب غن: ماڤيريك» وكلاهما شريك في أسلوب توليف بصري واحد.
مسابقتان للسيناريوهات تلك المقتبسة من أعمال أو وسائط أخرى
واستحقها «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» وتلك المكتوبة خصيصاً للسينما
التي قطفها «جنيات إنيشِرين» الذي كتبه المخرج نفسه (مارتن مكدونا). |