مخرجون وكتاب في «مهرجان أسوان»:
المرأة كانت البطلة دائما في أعمال يوسف إدريس والسينما
ظلمتها
كتب: محمود
ملا
عقد مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، ندوة حول المرأة في
سينما يوسف إدريس، أدارتها المخرجة ماجي مرجان المستشار الفني للمهرجان،
وشارك فيها المخرج الكبير مجدي أحمد على، والكاتبة نسمة يوسف إدريس، أستاذ
المسرح في الجامعة الأمريكية، والكاتب والقاص أحمد أبوخنيجر .
وقالت ماجي مرجان، إن الأفلام التي نقلت أدب يوسف إدريس
بعضها علامات مهمة في السينما ومنها أفلام الحرام من إخراج هنري بركات، ولا
وقت للحب إخراج صلاح أبوسيف، والنداهة من إخراج حسين كمال، وقاع المدينة
إخراج حسام الدين مصطفى.
وفي البداية، قالت نسمة يوسف إدريس، إنه كان يحب أن تصل
أعماله للسينما لكنه كان يتدخل في السيناريو، يرى أن المخرجين يجدون صعوبة
في توصيل إحساسه عبر السينما، موضحة أن علاقته بالمرأة كانت ملتبسة حتى
أنجبها، فكان لديه ولدان قبلها لكنه كان مصرا على إنجاب بنت، وبدأ ينظر
للمرأة نظرة مختلفة تماما، وأصبحت وأكثر عمقا وهي ظاهرة كثيرا في أعماله،
وإحساسه بالمرأة كان عاليا جدا.
وأكدت أن فيلم الحرام عرض في الولايات المتحدة الأمريكية في
السبعينيات، والسيدات خرجن من السينما يبكين، والنداهة أيضا الذي وصف
المرأة القادمة من الريف وتسعى للتطور والتحرر، وتحرر الأمر في فيلم على
ورق سولفان وناقش علاقة الرجل بالمرأة، وكيف تحترم المرأة زوجها وتغيرت
وجهة نظرها فيه بعدما شاهدته في مجال عمله وشددت على أنه أقرب الأفلام
لقلبها، فالفيلم ناقش مدى القرب والألفة بين الزوج والزوجة وما يؤدي إليه
من غياب الشغف.
وقالت نسمة يوسف إدريس إنه «ربما كانت علاقته بوالدتي هي
الأكثر تأثيرا في حياته وليس فقط في أدبه، فقد كانت أمي تعامله كطفل، وكانت
ترعاه وكان يقول دائما لولاها لما عشت أصلا وليس فقط لما كتبت».
وقال المخرج مجدي أحمد على، إن «يوسف إدريس ممن بنوا
شخصيتي، ففي شبابنا كان مهما جدا أن نقرأ نجيب محفوظ ويوسف إدريس، بدأت
بيوسف إدريس، حتى أنني أصبحت أقرأ محفوظ بعين يوسف إدريس، لم تكن القصة
القصيرة مشهورة في وقتها»، مضيفا أن «إصرار نجيب محفوظ على كتابة الحوار
بالفصحى كان أمرا معقدا جدا، المعلم في المقهى ورئيس مجلس الإدارة يتحدثان
بلغة واحدة، لكن يوسف إدريس خرج من هذا المأزق، أتذكر أن إبراهيم أصلان قال
إن الحوار لا يعبر عن الشخصية بل إنه هو الشخصية».
وأضاف مجدي أحمد أنهم حتى اليوم يعتبرون أن القصة القصيرة
رواية مختصرة التعبير عن لمحة زمنية أو نفسية، فهذا ما رسخه يوسف إدريس في
صفحة واحدة، فيها براعة الاستهلال وفيها الدراما وفيها الحوار وفيها كل شئ
بنسب متفاوتة، مشيرا إلى أن القصة القصيرة إذا حاولت أن تعمل بها فيلم طويل
تفقد معناها.
وأضاف أن «القصة عند يوسف إدريس عبقرية ويستحق في رأيي
جائزة أكبر حتى من نوبل، فقد علمنا عبقرية الاختصار، وتجسيد مشاعر الشخصية
بأقل الكلمات وتجسيدها بالانفعال نادرا عندما يعبر بالحوار»، موضحا أنه «في
فيلم النداهة أري أن المشهد الافتتاحي مذهل -مات حامد، بالضبط مات- بعد ذلك
تعرف أنه اكتشف خيانة زوجته، وأرى أن ما قدم من أفلام يوسف إدريس أقل بكثير
من أعماله، وأتذكر في إحدى المسرحيات كنت حاضرا وانزعج جدا من العرض،
وأوقفه وتعارك مع المخرج رغم أنه كان مخرجا كبيرا.
واستكمل مجدي الحديث قائلًا: إن إدريس في النداهة عبر عن
قدرة المدينة على سحب أرواح الناس حين عملت خادمة أصبحت تذهب إلى الجامعة
وأصبحت افضل هذا عكس ما أراد أن يقوله، أنت تكتب ولكن من الذي ينقل أفكارك
إلى الشاشة، معظم الناس لم تقرأ نجيب محفوظ ولكن تتذكر الأفلام المأخوذة عن
رواياته فمثلا قصة لي لى في غاية الجمال لكن اللقطة الأخيرة هي المركزية،
حين يترك الشيخ الناس سجودا ويستسلم للغواية، وللأسف في السينما أحيانا
المخرج والسيناريست يكونون ليسوا على قدر الكتابة، هيكل ومحفوظ ويحيى حقي
ويوسف إدريس هم من المظلومين في عالم الدراما .
وقال الكاتب الروائي والقاص أحمد أبوخنيجر، إن القضية تكمن
في من يتصدى للعمل، وخاصة كاتب السيناريو أو من يحولها لمسرح، وأري أنتي
وسف إدريس كاتب مركب يعمل على القصة القصيرة والتفاصيل فيها محدودة ومركزة،
فهو يعمل على المفاهيم، مفهوم الحرام ما هو، هل الحرام أن البطلة ذهبت
لتأخذ بطاطا من حقل شخص آخر دون إذن، أم أن الحرام هو مرض زوجها أم أنها
وقعت في الخطيئة أم انها قتلت ابنها أم الظروف الصعبة التي نشأت بها
وعاشتها.
وأضاف: النداهة وحادثة شرف قصص قصيرة، كيف يناقشها، حسام
الدين مصطفى يحول القصة إلى أكشن، كيف تحول قصة قصيرة إلى فيلم روائي طويل،
وأشار أبوخنيجر إلى أن التعامل مع الأفكار نفسها يتطلب مسافة بين الكاتب
وكتاباته، بيت من لحم في السبعينيات، كيف يتم تناوله اليوم .
وقالت عزة كامل نائب رئيس مجلس أمناء مهرجان أسوان إن
النقطة المهمة في أعمال يوسف إدريس أنه كان الأكثر قدرة على رسم الأجواء
الاجتماعية، فكان يقدم لنا العوالم المصرية بطريقة تجعلنا نتخيلها
سينمائيا؟ كيف للضعيف أن يجلد الضعيف. كيف تكون ناس ضحية للجهل والمرض.، هو
كان كاريزما كبيرة جدا وكان حريصا على التاكد من أن رؤيته ستقدم بشكل ملائم
فمن حق المخرج أن تكون له رؤية، ولكن بما لا يجور على النص الأصلي أو محتوى
القصة .
وقالت الفنانة سلوى محمد على، القصة الجيدة لا تصنع فيلما
جيدا، القصة الرديئة قد تصنع فيلما جيدا. لفت نظرنا إلى جوانب كثيرة فيما
رأيناه في على ورق سوليفان. العلاقة الزوجية حين تفقد الشغف، وأشارت إلى
الأعمال المهمة التي قدمت عن ادب يوسف إدريس وقدرة المخرجين على تقديمها
بالشكل الملائم.
وأضافت سلوى إنه كان يتحدث دائما عن قصص الحب، طريقته في
تناول قصص الحب، قصة الحب صاحبتها ليست موجودة، الحب عنده مختلف، التعبير
عن الحب، لا وقت للحب، كان طريقة متفردة، حين اعترفا بالحب كانا يتحدثان عن
الديناميت، دائما كانت لديه طريقة مميزة في الافصاح عن الحب.
وأشارت إلى انه كان من أوائل الكتاب الذين نقلوا التجربة
البريشتية في المسرح في الفرافير، الاطار التسجيلي، وحتى اليوم مازالت تلك
المسرحية علامة في المسرح .
وأشار مجدي أحمد على إلى أن خلود الشخصية أعطى مساحة لإعادة
الرؤية، وهذا يستلزم بالضرورة وجود قامات كبرى قادرة على استيعاب هذا الأمر
وتحويل الكتابة إلى عمل فني ملائم، مضيفة أن ماركيز مثلا اضطر للعمل في
السيناريو، وأغلب كتاب الرواية كانوا يكتبون بلغة السينما، تقنيات السينما
دخلت في الكتابة.
ويري مجدي أحمد أن المرأة هي البطلة معظم الوقت. النداهة،
الحرام، بيت من لحم، قاع المدينة كان يحترم المرأة جدا ويمركزها في أعماله،
فالمرأة هي محور الحدث، وهو شعر انه لا غنى في أي حياة في مجتمعاتنا عن
المرأة. رأيي أنه سيكون سعيدا جدا لو وجد ناس على مستوى كتابته، فطريقة
ماجدة في تقديم النداهة سيئة جدا على مستوي اللبس والطريقة والاختيار،
ويوسف إدريس ونجيب محفوظ ويحيى حقي تحدثوا عن ناس يعرفونهم لكن معظم
المخرجين لم يعرفوا هذه الشخصيات على الحقيقة.
وعن التوقعات حول التناول الجديد لأعماله خاصة مسلسل «سره
الباتع» الذي حصل على حقوق تقديمه المخرج خالد يوسف من قصة ليوسف إدريس،
قالت نسمة إن خالد يوسف مهووس بهذه القصة منذ عشرين سنة واشتراها منا 3
مرات، عاد بهذه القصة للعمل وهو متحمس لها جدا وانا ممتنة لأي انتشار
لأعمال يوسف إدريس، وأتمنى أن يكون العمل جيدا. |