ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق الحدث السنوي الأبرز في عالم
صناعة السينما، مهرجان كان السينمائي الذي تأتي دورته السادسة والسبعين
حافلة بقائمة ضخمة من الأفلام المرتقبة من أبرز صناع السينما في العالم.
في مقال سابق قمنا بعرض كل المعلومات المتاحة عن 14 فيلمًا
عربيًا تشارك في المهرجان، لكن ما يشغل بال محبي السينما في كل مكان
بالعالم هو دائمًا المسابقة الدولية للمهرجان، التي يجتمع فيها سنويًا أكبر
الأسماء لعرض أفلامهم والمنافسة على سعفة المهرجان الذهبية، الجائزة
السنوية الأقيم.
21
فيلمًا اختارها المهرجان لمسابقته هذا العام، تضم مزيجًا من المخرجين
الكبار المتوجين بجوائز كان مسبقًا، والمواهب الجديدة التي يرى المهرجان
أنها تستحق فرصة بهذا الحجم. سنتعرف في هذا المقال عن كل المعلومات المتاحة
عن أفلام مسابقة مهرجان كان 76.
مدينة الكويكب
Asteroid City (الولايات
المتحدة)
في المؤتمر الصحفي اكتفى مدير المهرجان تيري فريمو بوصف
الفيلم بأنه "فيلم جديد على طريقة ويس أندرسون". الجميع فهم المقصود،
فأفلام المخرج الأمريكي صارت علامة مميزة يعرفها الجميع، بقصصه الغريبة
واهتمامه بتماثل الصورة وألوانها والنبرة التي تجمع بين الجدية والهزل، هذه
المرة في حكاية بلدة أمريكية هادئة في خمسينيات القرن الماضي تتحول الحياة
فيها عندما تستقبل زيارة من الفضاء.
كالعادة يجمع ويس أندرسون فريق كامل من النجوم، في فيلم
يلعب بطولته كل من جيسون شوارتزمان وسكارليت جوهانسن وتوم هانكس وجيفري
رايت وتيلدا سوينتون وإدوارد نورتون وأدريان برودي وليف شرايبر وستيف كاريل
ومات ديلون ووليام ديفوي ومارجو روبي وجيف جولدبلوم. وحده أندرسون يمكنه أن
يصنع فيلمًا تملأ أسماء نجومه فقرة من مقال.
المشاركة هي الثالثة لأندرسون في مسابقة كان بعد أن شارك
عام 2012 بفيلم "مملكة سطوع القمر
Moonrise Kingdom"
وعام 2021 بفيلم "الرسالة الفرنسية
The French Dispatch".
مايو ديسمبر
May December (الولايات
المتحدة)
مخرج آخر من أصحاب البصمة الإبداعية الخاصة في السينما
المعاصرة هو تود هاينس، بتعامله الرقيق مع العلاقات الإنسانية المعقدة.
يعود هاينس للمشاركة في مسابقة كان للمرة الرابعة (والخامسة في المهرجان
بشكل عام)، كان أبرزها مشاركة فيلمه الشهير "كارول
Carol"
عام 2015.
"مايو
ديسمبر" حكاية شيقة كتب السيناريو الخاص بها سامي بورش عن قصة وضعها
بمشاركة أليكس ميكانيك، تبدأ بعلاقة بين مدرسة (جوليان مور) وموظف يصغرها
بعشرين عامًا (تشارلز ميلتون)، تتحول إلى قضية ساخنة في صحف الفضائح،
لكنهما يتمكنان من التغلب عليها والزواج. تمر أعوام ويكبر أبنائهما،
لتزورهما نجمة سينمائية (ناتالي بورتمان) تحاول دراسة حالتهما بغرض تجسيد
القصة في فيلم سينمائي، ليجبرهما وجودها على إعادة النظر لماضيهما وكل ما
مرّا به معًا.
جمرة
Firebrand (المملكة
المتحدة)
لم تنفجر شعبية المخرج البرازيلي جزائري الأصيل كريم آينوز
من فيلم فائق النجاح قدم موهبة ضخمة للعالم، ولكن بتوالي عدد كبير من
الأفلام الجيدة، المختلفة كليًا سواء في شكلها أو موضوعها أو آلية تنفيذها،
كلها لا تفوز بجوائز ضخمة، لكنها تضمن لصانعها الوجود في أكبر مهرجانات
العالم، حتى جاء إلى كان عام 2019 بفيلم درامي كبير بعنوان "الحياة السرية
ليوريديس جوزماو
Firebrand"
ليحصد الجائزة الكبرى لمسابقة نظرة ما، ويحقق الفيلم نجاحًا ملحوظًا في
القاعات عندما عُرض بعدها تحت عنوان أقل تعقيدًا "حياة خفية
Invisible Life".
يعود أينوز إلى كان للمرة الرابعة، مشاركًا في المسابقة
الدولية للمرة الأولى بفيلم "جمرة"، من إنتاج بريطاني وحكاية تدور في
فرنسا، مع مشاركة نجوم منهم أليشيا فيكاندر وجود لو وإيرن دوروتي وسام
رايلي. تروي الأحداث حكاية كاثرين بار، سادس وآخر زوجات لويس الثامن ملك
فرنسا. تلفت كاثرين نظر الملك لويس الذي يرغب في الزواج منها بينما تحلم هي
بنمط حياة مختلف، لكنها تجد نفسها فجأة متورطة في زيجة ومشكلات لا تعرف
عنها شيئًا.
المقارنة بين أداء جود لو لدور لويس الثامن، وبين ما سيقدمه
جوني ديب في شخصية لويس الخامس عشر ضمن فيلم افتتاح المهرجان "جين دو باري
Jeanne du Barry"
للمخرجة مايوين ستكون حاضرًا بالتأكيد، لا سيما وأن كلا الفيلم يسرد علاقة
ملك فرنسي بامرأة من خارج البلاط.
الوهم
La Chimera (إيطاليا)
أليتشي رورفاكر هي بالتأكيد أهم مخرجة إيطالية ناشطة
حاليًا، وأحد أهم المخرجات الأوروبيات على الإطلاق، حيث تمكنت فيلمًا بعد
الآخر من صياغة عالم خاص يجمع بين الواقع والخيال طارحًا أفكارًا قيّمة عن
الحياة والتاريخ والإنسان. تعود رورفاكر إلى مسابقة كان للمرة الثالثة
(والمرة الخامسة في المهرجان بشكل عام) لتُكمل ثلاثية عُرضت كلها في
المسابقة.
الثلاثية التي تصفها المخرجة بأن موضوعها الهوية الإيطالية
بدأت عام 2014 بفيلم "العجائب
The Wonders"
الذي نال جائزة لجنة التحكيم الكبرى، ثم "سعيد مثل لازارو
Happy As Lazzaro"
الذي نال جائزة أحسن سيناريو عام 2018. الفيلم الثالث تدور أحداثه داخل ما
يُعرف بلقب "سارقي القبور
tombaroli"،
الجماعة التي تفتش في المقابر الأثرية ليلًا بغرض الإتجار غير المشروع في
الآثار.
تطرح أليتشي رورفاكر سؤال علاقة الحاضر بالماضي مجددًا،
وتجمع لذلك فريقًا من الممثلين المشاهير في أوروبا وأمريكا اللاتينية على
رأسهم البريطاني جوش أوكونور المعروف بدور الأمير تشارلز في مسلسل "التاج
The Crown"،
وبالطبع شقيقتها النجمة الإيطالية ألبا رورفاكر.
وحش
Monster (اليابان)
منذ أن نال السعفة الذهبية عام 2018 عن فيلمه "سارقو
المتاجر
Shoplifters"
لم يصنع الياباني هوريكازو كوري-إيدا فيلمًا في وطنه، فخاض تجربتين خارجه:
في فرنسا صنع "الحقيقة
The Truth"
جامعًا النجمتين كاترين دونوف وجوليت بينوش، ثم في كوريا الجنوبية صنع
"سمسار
Broker"
لينال بطله ونجم فيلم "طفيلي
Parasite"
سونج كانج هو جائزة التمثيل في مهرجان كان العام الماضي.
يعود كوري-إيدا أخيرًا إلى اليابان، ليقدم فيلمًا ربطته
التقارير برائعة مواطنه الأشهر أكيرا كوروساوا "راشومون
Rashomon"
باعتباره الفيلم الذي أسس فكرة الحكاية المروية من عدة وجهات نظر. في "وحش"
تتغير تصرفات صبي مما يدفع أمه لزيارة المدرسة للتحقيق في هذا الاختلاف،
لنشاهد الحكاية ثلاث مرات، من وجهة نظر الأم والطالب والمُعلم.
قدرة هوريكازو كوري-إيدا في تحويل العلاقات الأسرية
والمشكلات الشخصية مادة خام لحكايات إنسانية عابرة للثقافات، وعودته مجددًا
إلى اليابان التي يعرفها جيدًا كلها أمور تجعلنا نترقب "وحش" بحماس.
ذا أولد أوك
The Old Oak (بريطانيا)
عامًا، 17 مشاركة سابقة في كان، سعفتان ذهبيتان، ولا يزال
كين لوتش قادرًا على تقديم الجديد والحضور في أكبر مسابقة سينمائية في
العالم.
المدهش في صاحب "الريح التي تهز الشعير
The Wind that Shakes the Barley"
و"أنا دانيال بلاك
I, Daniel Blake"
المتوجين بالسعفة الذهبية -هي قدرته على الاحتفاظ بنفس القناعات والأفكار
وتقديمها في كل مرة بشكل مختلف. سينما كين لوتش ملتزمة بالدفاع عن الفقراء
والمهمشين ومحاولة الانتصار على الشاشة لمن يخسرون عادةً في الحياة.
عنوان الفيلم هو اسم حانة في بلدة صغيرة بمقاطعة دورهام،
كانت مزدهرة وقت أن كانت مركزًا للتعدين، ثم توقفت الصناعة فخفتت الحياة
وأُغلقت أبواب الحانات فلم تبق إلا "ذا أولد أوك" التي يحاول صاحبها
الإبقاء عليها. وعندما تبدأ موجات اللاجئين في الوصول إلى بريطانيا، تصل
عدة أسر سورية إلى البلدة، لتبدأ صداقة تنشأ بين مالك الحانة وشابة سورية.
من الآن يمكننا أن نرى التشابه الإنساني بين بطلي الفيلم،
لكن يبقى السؤال حول الطريقة التي سيعالج بها المخرج المخضرم حكايته.
النادي صفر
Club Zero (النمسا)
عندما شاركت النمساوية جيسيكا هاوزنر لآخر مرة في كان عام
2019، ذهبت جائزة أحسن ممثلة لبطلة فيلمها "جو الصغير
Little Joe"
الذي دار حول علاقة من نوع خاص بين عالمة ونبات معدل جينيًا يكوّن شخصية
وسيطرة عليها تدريجيًا. تعود هاوزنر مجددًا بفيلم يمزج مجددًا بين التجارب
العلمية ومخاوف النفس البشرية.
في "النادي صفر" تُجري معلمة (الممثلة الأسترالية ميا
فاشيكوفسكا) تجربة نفسية على خمسة من طلابها، تقنعهم فيها بتطبيق ما تسميه
بـ "الأكل الواعي" عبر تقليل كمية الطعام الذي يأكلوه بشكل ملحوظ، مما يبدأ
في إدخالهم في مشكلات صحية واجتماعية، ليحاول الآباء والمعلمون
الزملاء التصدي للتجربة، لكن هل يأتي تدخلهم بعد فوات
الأوان؟
يشارك في بطولة الفيلم الممثل أمير المصري الحائز على جائزة
البافتا عن دوره في
"Limbo"
في دور معلم يحاول إيقاف التجربة.
منطقة الاهتمام
The Zone of Interest (بريطانيا)
قبل عشر سنوات كاملة عرض جوناثان جلازر فيلمه الطويل
الثالثة "تحت الجلد
Under the Skin"
في مهرجان فينيسيا. لم ينل الفيلم وقتها أي جائزة في المهرجان، لكن النقاد
وقعوا في غرامه واعتبروه واحد من أفضل الأفلام على الإطلاق، بقصته الغريبة
التي جسدت فيها النجمة سكارليت جوهانسن دور كائن فضائي يغري الرجال في
أسكوتلندا!
لم يصنع جلازر فيلمًا طويلًا من وقتها مكتفيًا بثلاثة أفلام
طويلة لكل منها محبين متحمسين يرونه أحد أهم صناع السينما الأحياء، وها هو
يعود ليقدم فيلمه الرابع مسجلًا مشاركته الأولى في مهرجان كان، بفيلم من
المنتظر أن يثير الكثير من الجدل وقت عرضه، ليس فقط بسبب مسيرة مخرجه، ولكن
لموضوعه المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب البريطاني مارتن أميس.
الحكاية عن ضابط نازي يقع في حب زوجة قائده (تلعب دورها
النجمة الألمانية ساندرا هولر)، وكلاهما يعمل في معسكر اعتقال أوشفتز ذي
السمعة الأسوأ في التاريخ، فهل يكون حاضرو كان مستعدين لاستقبال حكاية حب
كهذه؟ وكيف يتعامل معها المخرج دراميًا؟
عن العشب الجاف
About Dry Grasses (تركيا)
فيلم عودة أحد أعظم صناع السينما المعاصرين، الوصف الذي
يبدو مبتذلًا في كل عام مع قدر المواهب التي يحشدها كان في مسابقته. التركي
نوري بيلج جيلان الذي يشارك بالفيلم السابع على التوالي في مسابقة كان
الدولية، فمنذ صنع "أوزاك" عام 2002 اختيرت كل أفلامه للمسابقة، وكان يمتلك
رقمًا مدهشًا هو أن أول خمسة أفلام شاركت فازت جميعها بجوائز، حتى خرج
فيلمه الأخير "شجرة الكمثرى البرية
The Wild Pear Tree"
بدون جوائز فكسر سلسلة الفوز.
صانع "سبات شتوي
Winter Sleep"
الذي نال السعفة الذهبية عام 2014 يعود بفيلم يتجاوز زمنه ثلاث ساعات وربع،
وهو أمر معتاد من بيلج جيلان الذي يدرك محبوه قيمة الإيقاع الهادئ في
أفلامه. أحداث "عن العشب الجاف" تدور في قرية جبلية بمنطقة شرق الأناضول،
يعيش فيها البطل الذي يعمل معلمًا في مدرسة ويأمل في الانتقال إلى إسطنبول،
لكن خططه تتبدد عندما يتهم بالتحرش بطفل. حكاية تعيد للأذهان رائعة توماس
فنتربيرج "الصيد
The Hunt"،
لكن نوري بيلج جيلان سيقدمها بالتأكيد على طريقته الخاصة.
تشريح سقوط
Anatomy of a Fall (فرنسا)
شاركت المخرجة جوستين تريه مرة واحدة من قبل في مسابقة كان،
وذلك عام 2019 بفيلم "سيبيل
Sibyl"
الذي لم يترك أثرًا يُذكر، وقتها كان حضور أربعة أو خمسة أفلام فرنسية في
المسابقة كل عام أمر يتعامل معه غالبية الحضور باعتباره شرًا لا بد منه،
وضريبة يدفعها المهرجان للسينما المحلية، فننتظر وجود فيلم أو اثنين كبيرين
بينما توجد البقية لضرورات دعم السينما المحلية، لا سيما في حالة الأفلام
التي تصنعها مخرجات.
لكن الانقلاب الذي أحدثته الفرنسية الشابة جوليا دوكورنو
بفيلمها "تيتان
Titane"
عندما فاجأت الجميع بفيلم خارج التوقعات ونالت السعفة الذهبية، جعل الحماس
يزيد نحو الموجة الجديدة من صانعات السينما في فرنسا. وها هي جوستين تريه
تعود إلى المسابقة للمرة الثانية بفيلم من بطولة النجمة الألمانية ساندرا
هولر (التي تتنافس بدوري بطولة مختلفين على جائزة التمثيل هذا العام).
تجسد هولر في "تشريح سقوط" شخصية كاتبة ألمانية يتم القبض
عليها واتهامها بقتل زوجها الذي لقى حتفه في الجليد تحت ظروف غامضة، فتحاول
أن تثبت براءتها وتكشف الحقيقة وراء مقتل الزوج. المقارنة ستكون حاضرة
بطبيعة الحال بين دوري هولر في فيلم جوستين تريه وفيلم المخرج البريطاني
جوناثان جليزر.
أيام مثالية
Perfect Days (ألمانيا)
في عمر الثامنة والسبعين يعود فيم فيندرز، أحد رموز الموجة
الجديدة للسينما الألمانية، للمشاركة في مهرجان كان بفيلمين جديدين دفعة
واحدة، الأول وثائقي ثلاثي الأبعاد بعنوان "أنسلم ضجيج الوقت
Anselm (Das Rauschen Der Zeit)"
يُعرض ضمن برنامج العروض الخاصة، والثاني روائي ذو طابع خاص، صوّره المخرج
المخضرم بعيدًا عن وطنه، تحديدًا في اليابان.
"أيام
مثالية" عبارة عن مجموعة من أربع قصص قصيرة، يربط بينها هيراياما، عامل
تنظيف في دورة مياة، يعيش حياة بسيطة ويحب الموسيقى والقراءة، يدخل في
سلسلة من اللقاءات غير المتوقعة. يجسد الشخصية الممثل الياباني كوجي ياشوكو
الذي ظهر في العديد من الأفلام الأمريكية.
لا تؤكد المواد المنشورة عن الفيلم حتى الآن إذا ما كانت
هذه الحكايات الأربعة ستكون أنطولوجية منفصلة عن بعضها أم متوازية دراميًا،
لكن بكل الأحول سيترقب الجميع الجديد من مخرج كبير يشارك في المسابقة للمرة
العاشرة وفي المهرجان عمومًا للمرة الثالثة عشر، ونال السعفة الذهبية من
قبل عام 1984 عن فيلمه الأشهر "باريس تكساس
Paris, Texas".
بانيل وآداما
Banel & Adama (السنغال)
نادرًا ما يختار مهرجان كان أعمال أولى لمخرجيها في مسابقته
الدولية، وهو ما يمنح فيلم المخرجة السنغالية الشابة راماتا تولاي ساي
أهمية خاصة، فهو العمل الأول الوحيد بين 21 فيلمًا تتنافس على السعفة
الذهبية.
المخرجة الشابة التي تحمل الجنسية الفرنسية أيضًا كوّنت
سمعة طيبة بأفلامها القصيرة التي حصدت جوائز في مهرجانات تورونتو وكليرمون
فيران، وبمشاركتها في كتابة سيناريو أعمال مهمة مثل "سيدة النيل
Our Lady of the Nile"
للمخرج والأديب الأفغاني الشهير عتيق رحيمي، عضو لجنة تحكيم المسابقة.
فيلم تولاي ساي يدور في قرية بشمال السنغال، يعيش فيها
بانيل وآداما، شاب منفتح على الحياة وفتاة خجولة، يقعان في الحب ويقرران
مخالفة الأعراف المجتمعية عندما يرفض آداما أن يرث قيادة القرية متسببًا في
اندلاع فوضى كبيرة.
الصيف الأخير
Last Summer (فرنسا)
في عام 2019 قدمت المخرجة الدنماركية مصرية الأصل مي الطوخي
فيلمًا بعنوان "ملكة القلوب
Queen of Hearts"،
نال تقديرًا دوليًا وأثار جدلًا حول موضوعه الذي يتناول علاقة جنسية تنشأ
بين محامية ناضجة وابن زوجها المراهق، مما يهدد مسيرتها المهنية وحياتها
الأسرية بأكملها. المخرجة والروائية الفرنسية المخضرمة كاترين بريا قررت أن
تعيد تقديم القصة من وجهة نظرها، في سياق فرنسي تلعب فيه الممثلة الفرنسية
ليا دروكر دور البطولة.
صفحة "الصيف الأخير" على موقع ويكيبيديا تصفه بأنه دراما
إيروتيكية، وهو أمر متوقع بحكم القصة الأصلية نتوقع أن يصل مع كاترين بريا
لحدود أبعد (وربما لا). يُمثل الفيلم مشاركة المخرجة الثانية في المسابقة
بعد مشاركة وحيدة عام 2007، وهي مشاركتها الثالثة في المهرجان بشكل عام.
بنات ألفة
Four Daughters (تونس)
بكل المقاييس يمكن اعتبار التونسية كوثر بن هنية واللبنانية
نادين لبكي المخرجتان الأنجح في السينما العربية خلال السنوات الماضية،
سواء بالحضور في أكبر المهرجانات، الترشح للأوسكار، أو تحول صانعة الأفلام
نفسها إلى نموذج معبر عن البلد والمنطقة الآتية منها.
لكن بينما تنغمس لبكي في كل عمل أكثر في إتقان الصياغات
التي تلائم ذائقة المشاهد الغربي وتوقعاته، تحاول بن هنية في كل فيلم
استكشاف الجديد فيما يتعلق بالوسيط السينمائي وطرق استخدامه. وإذا وضعنا في
الاعتبار كونها الأنشط بين مخرجات السينما العربية كلهن بغض النظر عن قدر
النجاح، فمن المؤكد أن أفلام كوثر بن هنية صارت بالفعل مسيرة مغايرة يمكن
دراستها بشكل مستقل.
"بنات
ألفة" هو ظهور بن هنية الأول في مسابقة كان الدولية بعدما شاركت في مسابقة
نظرة ما بفيلم "على كف عفريت" عام 2017. وفيه تواصل التجريب السينمائي، عبر
التعاون مع النجمة هند صبري التي تجسد شخصية حقيقية هي ألفة، المرأة
المثيرة للجدل التي انضمت بناتها لتنظيم داعش. فيلم يفترض أن يقع في مساحة
وسطى بين الروائي والتسجيلي، وهي مساحة يصعب عادةً أن تعمل فيها نجمة بحجم
هند صبري، لكنه نجاح كوثر بن هنية والثقة في قدراتها هو ما جعل عمل كهذا
ممكنًا.
ذباب أسود
Black Flies (الولايات
المتحدة)
لا يمتلك المخرج الفرنسي جان ستيفان سوفير مسيرة مؤثرة،
ولديه فيلم واحد مهم هو "جوني ماد دوج
Johnny Mad Dog"
الذي عرض عام 2008 في مسابقة نظرة ما عن الأطفال المشاركين في الحرب
الأهلية بدولة ليبيريا، لكن ما يميز المخرج هو قدرته على العمل في دول
مختلفة وسياقات إنتاجية متعددة. سوفير صنع أفلامًا في فرنسا وكولومبيا
والمكسيك وليبيريا، وها هو يصل إلى الولايات المتحدة ليصنع فيلمًا كبيرًا،
على الأقل إنتاجيًا.
القصة مأخوذة عن رواية بنفس الاسم للكاتب شانون بروك، تدور
أحداثها في مدينة نيويورك حيث يلتحق شاب للعمل في خدمات الإسعاف (النجم
الشاب تاي شريدان)، ليصاحبه مُسعف خبير بالمدينة (شون بين) ويقدم له طرق
العمل فيها. رحلة يقابل فيها الثنائي مواقف عديدة يظهر فيها عدد من ضيوف
الشرف من ضمنهم الملاكم الشهير مايك تايسون.
شغف دودان بوفان
La Passion de Dodin Bouffant (فرنسا)
ولد المخرج تران أنه هونج في فيتنام، لكنه درس وعاش في
فرنسا وصنع فيها كل أفلامه التي انتمى معظمها إلى مدرسة أفلام المهجر، فهو
يصنعها في فرنسا لكن أحداثها تتعلق بوطنه الأم فيتنام، لكنه يعود هذه المرة
ليصنع فيلمًا فرنسيًا يعيده إلى كان بعد 23 عامًا من آخر مشاركة عام 2000.
دودان بوفان المذكور في العنوان شخصية من رواية للكاتب
الفرنسي مارسيل روف (1877-1936)، اختار المخرج المُشبّع بالثقافة الفرنسية
أن يبني حولها حكاية تدور عام 1885 عن طاهية (تلعب دورها النجمة جوليت
بينوش) تعمل سنوات طويلة مع خبير طعام (بينوا مادجيمل) فتنشأ بينهما صداقة
وتقارب، عندما يبدأ في أن يصير حبًا يُحدث ذلك فارقًا في صناعة الطهي كلها.
غد مشرق
A Brighter Tomorrow (إيطاليا)
الإيطالي ناني موريتي أحد الأسماء المحببة لمهرجان كان،
فالمخرج الحاصل على السعفة الذهبية عام 2001 عن "غرفة الابن
The Son’s Room"
دائم الحضور في مسابقة كان، حتى بفيلم بدأ عرضه تجاريًا في إيطاليا يوم 20
أبريل، لكن إعجاب المهرجان به جعلهم يوافقون على عرضه في المسابقة مع ربط
موعد طرحه في القاعات الفرنسية بتاريخ عرضه في كان.
موريتي عاد للمهرجان قبل عامين بفيلم مُخيّب بعنوان "ثلاثة
طوابق
Three Floors"،
لكن المراجعات النقدية عن "غد مشرق" تُبشر بعودة كبيرة لمخرج معروف بخفة
ظله وقدرته على إدارة شخصيات عديدة. في الفيلم الجديد يقوم مخرج (يجسده
موريتي بنفسه) بصناعة فيلم عن الثورة الشعبية التي اندلعت في المجر عام
1956 ودور الحزب الشيوعي الإيطالي فيها، قبل أن تقمعها القوات السوفيتية،
وبينما ينغمس في فيلمه يحاول التعامل مع أزمات حاضره الشخصية والمتعلقة
بصناعة الفيلم.
مختطف
Kidnapped (إيطاليا)
إيطالي مخضرم آخر تستقبله مسابقة كان للمرة الثامنة
(والحادية عشر في المهرجان بشكل عام) هو الإيطالي ماركو بيللوكيو. لكن
المدهش أن المخرج الذي شارك في المسابقة للمرة الأولى عام 1980 لم يفز
أبدًا بأي جائزة رسمية في كان، واكتفى بالحصول على تنويه من لجنة تحكيم
المؤسسة المسكونية عام 2002، لتقرر إدارة المهرجان منحه سعفة تكريمية عن
مجمل أعماله خلال دورة 2021.
كون التنويه الذي ناله بيللوكيو من المؤسسة المسكونية
المسيحية مفارقة طريفة، في ظل اهتمامه المستمر بكواليس الحياة الدينية
وخفايا الكنيسة، والذي يتكرر في فيلمه الجديد "مختطف" الذي يعود فيه لقصة
حقيقية حدثت في مقاطعة بولونيا الإيطالية عام 1858، عندما قامت ممرضة سرًا
بتعميد طفل عائلة يهودية في السابعة من عمره، ليقرر البابا أن الطفل صار
مسيحيًا بالعمادة ويأمر باختطافه واحتجازه لدى الكنيسة، الأمر الذي يجعل
أسرته تفعل ما في وسعها لاستعادته وتحوّل الأزمة إلى قضية رأي عام. موضوع
شيّق ربما يذكرنا كمصريين بوقائع حديثة شهدناها في الشهور الماضية.
أوراق متساقطة
Fallen Leaves (فنلندا)
لا يعد آكي كواريسماكي أهم مخرج فنلندي معاصر فقط، بل هو
أهم وأنجح مخرج فنلندي على الإطلاق. صاحب البصمة الاسكندنافية المميزة
والذي انحاز في أفلامه الأخيرة لحياة الطبقة العاملة في دولة من أكثر دول
العالم ثراءً، يعود لمسابقة كان بعد غياب طويل منذ أن شارك بفيلم "لو هافر
Le Havre"
عام 2011. خلال فترة غيابه عن كان حصد كواريسماكي الدب الفضي لمهرجان برلين
2017 عن فيلم "الجانب الآخر من الأمل
The Other Side of Hope".
في فيلمه الجديد يواصل المخرج المخضرم دخوله عالم الطبقة
العاملة، عبر حكاية حب تراجيدية كوميدية تنشأ بين عاملة في سوبر ماركت
ومدمن للكحول (اختيار ملفت في ظل ما يتداوله الصحفيون الدوليون بأن
كواريسماكي نفسه مدمن كحول)، علاقة يصفها المخرج بأنها "لقاء بالصدفة في
ليل هلسنكي لاثنين يحاولون العثور على الحب الأول والأخير والوحيد". يشير
كواريسماكي أيضًا أنه يقدم في فيلمه تحية لمخرجيه المفضلين: روبرت بريسون
وياسوجيرو أوزو وتشارلي تشابلن.
العودة
Homecoming (فرنسا)
كان اختيار فيلم المخرجة كاترين كورسيني ليمر بهدوء
باعتبارها مشاركة معتادة لمخرجة فرنسية من اللاتي يدعمهن المهرجان، مثلما
حدث مع مشاركتها السابقة في المسابقة قبل عامين بفيلم "الكسر
La fracture"،
لكن أزمة اندلعت بمجرد إعلان إضافة الفيلم للمسابقة بعد عدة أيام من
المؤتمر الصحفي، جعلته العمل الأكثر ترقبًا بين الإعلاميين على الإطلاق.
رسالة غير موقعة وصلت الإعلام والمحترفين تكشف عن تجاوزات
حدثت من المخرجة في تصوير الفيلم، حيث قبل أنها واثنين من فريق الفيلم
تحرشوا بالعاملين فيه وعاملوهم بشكل غير مقبول، وأنها أضافت مشهد جنسي بين
قُصّر لم تتم إجازته مسبقًا من الجهات المعنية بحقوق الأطفال على الشاشة.
المخرجة والشركة الموزعة وبطلة الفيلم قاموا بنفي الادعاءات كلها،
والمهرجان رفض محاكمة الفيلم بناء على اتهامات غير مسبقة، لكنها حتى لحظة
كتابة هذه السطور القضية الأكثر اشتعالًا في الإعلام الفرنسي بين الأفلام
المختارة للمهرجان.
الحكاية حول خادمة أفريقية الأصل تعمل في منزل أسرة سرية،
تذهب مع الأسرة إلى رحلة في جزيرة كورسيكا، رحلة يعود بها الأبوان إلى
المكان الذي خرجوا منه قبل أعوام طويلة بسبب فضيحة، وينفتح فيها الأولاد
على حياتهم كبالغين صغار يتعرفون على الحب والجنس. مشاركة كورسيني هي
الثانية في المسابقة والرابعة في المهرجان بشكل عام.
شباب (ربيع)
Youth (Spring) (الصين)
ظل الصيني وانج بينج يصنع أفلامًا روائية بالأساس حتى عام
2016، حين حصل فيلمه "مال مُرّ
Bitter Money"
على جائزة قسم آفاق في مهرجان فينيسيا، ليتحول بعدها كليًا إلى الأفلام
الوثائقية الانغماسية، التي يعيش فيها طويلًا مع الشخصيات موضوع الفيلم،
ليفوز في العام التالي 2017 بالفهد الذهبي لمهرجان لوكارنو عن فيلمه البديع
"السيدة فانج
Mrs. Fang"
عن الأيام الأخيرة في حياة امرأة معمرة، ويستمر بعدها في نفس النهج من
الوثائقيات.
اختار مهرجان كان هذا العام فيلمين لوانج بينج دفعة واحدة،
ليكون مع فيم فيندرز المخرجين الوحيدين اللذين يعرضان فيلمين جديدين في
المهرجان، مع الفارق بأن فيندرز يعرض فيلمًا روائيًا وآخر وثائقي، بينما
ينتمي فيلما بينج لنفس النوع، ففي فيلم العروض الخاص يعرض "رجل بالأسود
Man in Black"
بينما اختير "شباب (ربيع)" ليكون الوثائقي الوحيد في المسابقة الدولية، وهو
أطول أفلام المسابقة بزمنه الذي يتجاوز ثلاث ساعات ونصف.
العنوان بالأقواس من اختيار المخرج، الذي يقضي فترة طويلة
لمعايشة الشباب الذين يهاجرون إلى مقاطعة ليمينج الصينية، المشهورة بصناعة
المنسوجات وحاجتها للأيدي العاملة. يترك المراهقون والشباب الصينيون
منازلهم ويصلون إلى ليمينج ليعيشوا جماعات في بيوت ضيقة ويعملون في ظروف
سيئة. يعيش المخرج مدة عام مع مجموعة من هؤلاء الشباب في عملهم ومنزلهم
المشترك، قبل أن يذهب كل منهم في رأس السنة الصينية ليزور عائلته في مكان
مختلف. |