ملفات خاصة

 
 
 

لماذا فاز "تشريح سقوط" الفرنسي بذهبية كان؟

جوائز فاجأت الجمهور وأخرى كانت متوقعة وقانون المهرجان حرم ممثلات من الفوز

هوفيك حبشيان

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

انتهت الدورة السادسة والسبعون من مهرجان "كان" السينمائي (16 - 27 مايو/ أيار) أمس بفوز المخرجة الفرنسية جوستين ترييه بـ"السعفة الذهبية" عن فيلمها الروائي الطويل الرابع، "تشريح سقوط". بعض المعلومات تفرض نفسها في هذا السياق: ترييه البالغة من العمر 44 عاماً، ثالث مخرجة تنال هذه الجائزة المهيبة التي سبق ان نالتها جاين كامبيون قبل 30 عاماً وجوليا دوكورنو قبل عامين، علماً أن الأخيرة هي عضو لجنة التحكيم التي يرأسها السويدي روبن أوستلوند. بفوزها، تكون فرنسا، البلد المنظّم للحدث السينمائي الأكبر في العالم، قد نالت عاشر "سعفة" في تاريخها. مسيرة ترييه السينمائية عمرها 15 سنة، وكانت بداياتها الحقيقية مع "فيكتوريا" (2016)، داخل قسم “اسبوع النقاد” في مهرجان كان.

استغلّت المخرجة التي تسابقت على الجوائز الرسمية للمرة  الثانية في حياتها، صعودها إلى خشبة المسرح واستلام "سعفتها" من يد جاين فوندا، لقول تصريح سياسي عن إصلاح نظام التقاعد الذي يشغل الفرنسيين منذ فترة. ودانت الطريقة التي تعاملت بها السلطة مع هذا الملف، عندما قامت الاحتجاجات في الشارع الفرنسي. خطاب ترييه تضمّن أيضاً كلمة عن "تسليع الثقافة الذي تدافع عنه الحكومة النيوليبرالية والذي في طريقه إلى القضاء على الاستثناء الثقافي الفرنسي". هذه اللفتة الأخيرة حظيت بتصفيق كبير من الحضور. وسارعت وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك في الرد عليها عبر "تويتر" ووصفت كلامها بالـ"ظالم"، وقالت: "هذا الفيلم ما كان ليرى النور من دون نموذجنا التمويلي الفرنسي الذي يتيح تنوعاً غير موجود في العالم". 

"تشريح سقوط" عُرض في منتصف أيام المهرجان، وكان بمثابة رياح منعشة تهب على أفلام المسابقة الـ21 التي انطوت على عدد لا بأس به من الأعمال المهمة في دورة متماسكة، كما كنّا موعودين بها منذ الاعلان عن البرنامج.

ينتمي "تشريح سقوط" إلى نوع معروف في السينما وهو "أفلام المحكمة" التي كان عددها غير قليل في هذه الدورة، لكنّ السيناريو في فيلم ترييه يتجاوز هذا النوع، فهو متشعب ومتداخل، ينطلق من حادثة سقوط رجل من بيت في جبال الألب، انتقل للعيش فيه قبل عام مع زوجته وابنه ذي الأعوام الـ11. يؤدي السقوط إلى وفاته فوراً، تاركاً عائلته، وكل مَن يحاول الإحاطة بالحادثة في حال من حيرة. فالأسئلة كثيرة: هل السقوط  فعل جريمة أو ناجم عن انتحار؟ لا يمر الكثير من الوقت قبل أن تصبح الزوجة (ساندرا هوللر)، وهي كاتبة ألمانية تعيش في فرنسا، متهمة وعليها أن تثبت براءتها، فتبدأ مذ ذاك سلسلة من الجلسات التي تعيد سرد حكايتهما الزوجية من وجهات نظر ومستويات مختلفة. هذه الجلسات تكون أشبه بقطع بازل تعيد بناء لوحة شاملة تساهم في بلوغ الحقيقة. تكون المحاكمة مؤلمة، خصوصاً للإبن، الذي لا يكفي أنه خسر والده، بل عليه أيضاً أن يخوض إجراءات قضائية بموازاة عملية الحداد الضرورية. 

سرعان ما تتحوّل صالة المحكمة مسرحاً لتشريح العلاقة الزوجية المعقدة بين شخصين يعملان في المجال نفسه (الكتابة)، وتوجد بينهما بالتالي خلافات مهنية وأخلاقية وعاطفية كبيرة، تبدأ مع شعور الزوج بالدونية المهنية تجاه زوجته الأنجح منه مهنياً، ولا تنتهي مع تحميل الزوجة زوجها مسؤولية فقدان البصر الذي أصاب ابنهما إثر حادثة. هذه المحاكمة التي تفجّر المكبوتات وتموضع الأطراف في مواقعها الحقيقية، تعيد وصل الخيوط بعضها ببعض، فيتشكّل بورتريه لمَا يدور خلف الأبواب وداخل الجدران الأربعة. من خلال الكثير من المشاعر الملتبسة التي ترتسم على وجه الممثّلة الألمانية ساندرا هوللر التي تؤدي دور الزوجة، تروي ترييه حكاية متشظية أخرى بطلتها امرأة، وذلك بعد فيلمين سابقين هما "فيكتوريا" و"سيبيل"، جعلاها واحدة من أكثر المخرجات قدرةً على الحديث عن التجربة النسائية. 

"منطقة اهتمام" للبريطاني جوناثان غلايزر حاز الجائزة الكبرى، وهي الثانية من حيث الأهمية في لائحة الجوائز، رغم أن كثراً كانوا يتوقّعون له "السعفة". سُئِل المخرج خلال المؤتمر الصحافي ما إذا كان يحس بشعور سلبي لعدم فوزه بـ"السعفة"، فرد أن هذا سؤال لئيم جداً. وكان هذا الفيلم الذي يواكب عودة غلايزر إلى العمل بعد عشر سنوات غياب، محل اهتمام واسع عند النقّاد، وبعضهم اعتبره تحفة. وهذا لا يعني أنه كان على منأى من الجدال، لكونه يتناول المحرقة النازية باسلوب مغاير، فهو لا يجسّدها بالمعنى الكلاسيكي بل يضعها في الخلفية. من خلال لقطات تستند إلى حس جمالي وبصري مشغول بعناية، يرينا الفيلم يوميات أحد قادة أوشفيتز، يُدعى رودولف هوس. يعيش هوس على مقربة من المعسكر حيث قضى اليهود حرقاً خلال الحرب العالمية الثانية. هذه المنطقة التي يقيم فيها أطلق عليها "منطقة اهتمام". نرى زوجة الضابط تهتم بتفاصيل منزلها الذي  بحديقة وحوض، توليه عناية خاصة. هذا كله على بُعد مسافة قليلة من الأفران التي تنهش عظام اليهود. الزوجان وأولادهما يعيشون في هذه الجنة، ولا تبدو عليهم اي مظاهر الانزعاج والقلق.

الفيلم المقتبس من رواية للبريطاني مارتن أميس، يعود بنا إلى مسألة عادية الشر، هذا الشر الذي لا يمكن رؤيته رغم حضوره لحظة بلحظة. لا يكشف شيئاً مرئياً بل يقول استحالة رؤية ما هو غير مرئي، حاصراً فيلمه بين لحظتين افتتاحيتين، هما عبارة عن شاشة سوداء تغرقنا في العدم في تحريض واضح على التفكير. هذه ليست أول مرة تحكي فيها السينما عن صعوبة تجسيد الرعب والمآسي، لكن غلايزر يحملها إلى مستوى آخر من التحليل، ويحصرها في عالمه الخاص، ولا يوجد أدنى شك بأنه سيكون محل نقاش سياسي وسينمائي واسع النطاق عند عرضه في الصالات. 

جائزة لجنة التحكيم ذهبت عن حق للمخرج الفنلندي الكبير آكي كوريسماكي وفيلمه "أرواق ميتة". لم يحضر كوريسماكي حفلة الختام، فقد عاد إلى بلاده، فناب عنه الممثّلان ألما بويستي وجوسي فاتانين اللذان بدا وكأنهما يخرجان من الفيلم الذي لعبا فيه، لكثرة التطابق بين الواقع والخيال. يروي الفيلم لقاء بين امرأة تعمل في سوبرماركت ورجل مدمن على الكحول يُطرد من عمله باستمرار، ويعاني كلاهما الوحدة منذ زمن طويل في مدينة هلسينكي المملة، ويسمح لهم اللقاء بتجديد صلتهما بالحب. لكن، كل شيء في الفيلم يتماهى مع اسلوب كوريسماكي البارد والكئيب. يموضع صاحب "يوها" الحكاية داخل عالم متأزم حيث الناس الذين يعانون وحدة قاتلة، يحاولون التمسّك بالحب، ليتمكنوا من مواصلة رحلة البحث عن السعادة.

أما المخرج الفرنسي الفيتنامي تران أن هونغ، فاستحق جائزة الإخراج عن "شغف دودان بوفان"، وهو فيلم يعرفنا على متذوق أكل فرنسي (بونوا ماجيميل) يعيش مع طباخته (جولييت بينوش) تحت سقف واحد منذ عشرين عاماً، وثمة علاقة عاطفية بينهما. يحتفي هذا الفيلم الهادئ والحساس المقتبس من كتاب للسويسري مارسيل روف، بالمطبخ الفرنسي الرفيع، من خلال مشاهد طويلة ترينا كيفية تحضير أطباق فريدة ترد الإعتبار إلى مكان الطبخ في الحياة الفرنسية. لكن الفيلم ليس وثائقياً، بل متشبّع بالرومانطيقية والشغف. فيلم يعدينا إلى الماضي (القرن التاسع عشر) حيث الناس كانوا يملؤون بطونهم بلا أي اعتبار لهواجس التغذية الصحية السلمية.

كان الممثّل الفرنسي بونوا ماجيميل يستحق جائزة التمثيل عن دوره هذا، لكن قوانين المهرجان لا تسمح بإسناد جائزة الإخراج والتمثيل لفيلم واحد، لذلك وقع الاختيار على الممثّل الياباني كوجي ياكوشو الذي لعب في "أيام مثالية" للمخرج الألماني فيم فندرز، وهو عن يوميات رجل خمسيني ينظّف المراحيض العامة في طوكيو. نتابع يومياته على فترات متقاربة، منذ لحظة نهوضه من الفراش حتى عودته إليه ليلاً، وبين اللحظتين الكثير من التنظيف. تتكرر يوميات الرجل وتتشابه، لكن فندرز يحرص على إيجاد الفوارق بينها، من خلال فيلم يصوّر هؤلاء الناس الذين لا نعير لهم الإنتباه في حياتنا اليومية، على الرغم من أهميتهم في استمرار دوران الحياة. أما الممثّلة التركية مروى ديزدار التي لعبت دور مدرّسة مبتورة الساق في "فوق الأعشاب الجافة" لنوري بيلغي جيلان، فمنحت جائزة التمثيل النسائي، على الرغم من التنافس القوي مع ساندرا هوللر عن دورها في "تشريح سقوط"، وفق قانون عدم اسناد أكثر من جائزة لفيلم واحد، ان تحصل عليها. 

جائزة السيناريو حازها يوجي ساكاموتو عن "وحش" للمخرج الياباني هيروكازو كوريه إيدا، الفائز السابق ب بال"سعفة". وقد تغيب ساكاموتو عن حفلة الختام فناب عنه المخرج. الفيلم عن علاقة بين طالبين تجري فصولها في قرية يابانية تشهد أحداثاً غامضة. انجذاب تلميذين يخرجان عن المألوف، أحدهما نحو الآخر، هو الحكاية المركزية التي يبني عليها المخرج فيلمه، بأسلوبه المعتاد في نقل التجربة الإنسانية.

أخيراً، كانت جائزة "الكاميرا الذهبية" التي تكرم أفضل عمل أول في كل الأقسام (ترأستها هذا العام الممثلة أناييس دوموستييه) من نصيب المخرج الفيتنامي تيان أن فام عن "داخل الشرنقة الصفراء"، باكورة أعماله الروائية الطويلة (ثلاث ساعات) التي تحملنا إلى جبال فيتنام من خلال رحلة يقوم بها شاب لإيصال جثة اخت زوجته إلى مسقطها. عمل بديع يُعد واحداً من أبرز اكتشافات هذه الدورة التي شغلت وسط السينما اسبوعين متتاليين، ولن تنتهي أفعالها مع حفلة الختام، بل ستكون فاتحة للحديث عن أبرز الاتجاهات في السينما الحالية. 

 

الـ The Independent  في

28.05.2023

 
 
 
 
 

السينما العربية في مهرجان كان 2023 تعزف على مقام الإنسان!

كان – عبد الستار ناجي

السينما العربية امام نقلة جديدة في مسيرتها عبر جيل من الرهانات الجديدة استطاع ان يحقق حضورة اللافت خلال اعمال الدورة الاخيرة لمهرجان كان السينمائي 2023 . ومن ابرز مميزات هذا الحضور هو العزف على مقام الانسان مقرونا باحترافية سينمائية عالية هي حصاد حتمي للدراسة المتخصصة والاشتغال وفق مناهج احترافية اعتبارا من كتابة النص الى تطويره مرورا بكافة المراحل الانتاجية ذات المواصفات الدولية التى تشرع الابواب صوب تعاونيات فنية دولية.

القراءة الاولي لمجموعة الاعمال السينمائية التى عرضت ضمن الاختيارات الرسمية للدورة السادسة والسبعين لمهرجان كان السينمائي تجعل نتوقف في المحطة الاولي امام فيلم – بنات الفة – للمخرجة التونسية كوثر بن هنية التى استطاعت عبر مزج بين التوثيق والابعاد الدرامية استحضار الظروف الموضوعية التى عصفت بحياة واسرة الفه الحمروني التى تظل طوال مسيرتها مشغولة برعاية بناتها الاربعة بعد انفضالها عن زوجها لتكشتف في لحظة شاردة عن الزمن ان اثنتين من بناتها اختفين للالتحاق بداعش في ليبيا لتبدا متاهة اخري ورحلة معقدة مركبة لا تزال خيوطها متشابكة بانتظار عودة البنات والاحفاد التى جاءوا كنتيجة لما سمي يومها بجهاد النكاح .

في فيلم – بنات الفه – كوثر بن هنية لا تبالغ في تركيب المشاهد بل تحرص على ان يكون المزج بين التوثيقية والبعد الدرامي هو الخلطة التى اشتغلت عليها حيث تتداعي الاحداث بكل من العفوية والبساطة التى تشبة الى حد قريب حياة تلك السيدة التى سرعان من عصفت بها الايام والزيجات المتتالية والعمل على حماية ورعاية بناتها الاربعة على خلفية الاحداث التى عاشتها تونس خلال السنوات الاخيرة اثر ثورة الياسمين .

قراءة متاملة للاحدث والمتغيرات وهيمنه التيارات الدينية والاحزاب وايضا انهيار المؤسسة الرسمية امام تلك المتغيرات العاصفة .

سينما كوثر بن هنية في فيلمها الاخير – بنات الفه – شفافة عميقة حادة قاسية مكتوبة بعناية . شخوصها هم مزيج بين الشخصيات الحقيقية واخري محترفة جاءت لمنح التجربة البعد الدرامي مثل هند صبري ونور القروي واشراق مطر بالاضافة الى مجد مستوره . ومعهم الفه الحمروني نفسها وبناتها .

سينما تشرع الابواب صوب الالم . صوب الحقيقة . صوب الانسان بكل مركبات التعب والهم اليومي وقسوة الضغوط التى تطحنه حتى نسمع قرقعة العظام والاحاسيس وهي تتهشم .

لا يمكن مقارنه هذا العمل ببقية افلام كوثر بن هنية لانه يمثل حالة متفردة رغم الاشتغال على ذات النهج الا انها هذة المرة تذهب بعيدا في ان تكون القضية هي الحاضر الاساسي بعيدا عن تاثيرات مفردات الحرفيات السينمائية التى رغم اثراءها العمل الا انها تسرق المشاهد من القضية المحورية وهنا القضية والانسان هما الحاضر الاساسي .

ونذهب الى فيلم السوداني – وداعا جوليا – للمخرج محمد كوردفاني والذى ياخذنا الى حكاية جوليا السودانية الجنوبية التى وجدت نفسها في لحظة سيريالية شاردة وحيدة مع طفلها بعد وفاة زوجها في ظروف هي حصاد حالة الفوضي التى يعيشها السوادن في هذة المرحلة من تاريخه .

وفي خط متوازي نتابح حكاية منى التى اضطرت لتغيير مسارها امام التظاهرات لتصطدام بطفل (ابن جوليا) وتبادر منى للهرب وليلحق بها والد الطفل (زوج جوليا) وحينما تصل منى الى منزلها تستنجد بزوجها الى يشهر سلاحة ويغتال زوج جوليا بحجة الدفاع عن النفس .

بعدها تشعر ( منى ) بالذنب وتبدا بالبحث عن اهل القتيل والعمل على تعويضهم حيث تلتقي مع جوليا وابنها وتدعوها للعمل والعيش في منزلها وتمضي العلاقة بود واحترام .. حتى نهاية الفيلم .

الا اننا امام فيلم يشرع الابواب امام نواقيس تظل اصداها تتردد بعد الخروج من الفيلم اننا امام مستقبل مظلم وامام حرب اهلية ولربما ابعد من كل ذلك حيث تقرر جوليا الهجرة الى الجنوب مع طفلها بينما تظل مني وسط تلك الظروف التى تحاول ان تغير جوانب منها بالذات فيما يخص زوجها المتزمت الشكاك الذي جعلها تبتعد عن الغناء والسيطرة عليها ..

فيلم يستحضر الالم الانساني على خلفية براكين المتغيرات التى تتفجر في السودان الهادي . ولكن خلف ذلك الهدوء مواقف عنصرية بين الشمال والجنوب وخلافات طاحنة مع بحث وتحليل لكم من القضايا وموضوعات الاجتماعية . حيث الانسان وظروفه الحياتية والمعيشية هي المحور والاساس .

وقد قدم لنا المخرج الشاب محمد كوردفاني قراءة متانية وشاهد مرسومة بعناية ومكتوبة باحترافية بعيدا عن كل التاثيرات المحيطة في السينما العربية والمصرية على وجه الخصوص ومن هنا اهمية هذة التجربة التى تعمد مخرج يمتلك ادواته وقبل كل هذا عشقة وشغفة للفن السابع .

وفي المحطة التالية نتوقف عند الفبلم المغربي – كذب ابيض – للمخرجة الشابة اسماء المدير التى تلتقط حكاية هامشية حيث تسأل جدتها ذات يوم لماذا لا يوجد لها صور وهي صغيرة لتقول جدتها ان الصور حرام ولتبدا تلك الصبية في استحضار الماضي بكل تفاصيلة من خلال بناء الحي بالكامل عبر الدمي والكارتون في اشتغال اخذ الكثير من الوقت والجهد . اشتغال وتحليل وذهاب الى اصعب اللحظات التى تمثلت بما سمي يومها ب – ثورة الخبز – .

مع اسماء المدير جميع افراد اسرتها بالذات الجدة التى مثلت محور اساسي لانها كانت المسيرة للاحداث في تلك المرحلة الزمنية ولا تزال هي المتحكم في اسرتها . فيما جسدت الدمي الكثير من الاحداث التى غيبت صورها وشخوصها . وهنا نتوقف طويلا امام مدير التصوير حاتم نيشي الذى قدم تجربة اضافية على صعيد الصورة لتحقق اضافية الى الابعاد الدرامية والتوثيقية في فيلم – كذب ابيض – .

الانسان حاضر نابض بكل ظروفه والمتغيرات التى تتحرك بخطوط متقاطعة مع مسيرتها والمه اليومي المعاش في تجربة اسماء المدير وهو ما يمثل استحضار عال وذكي وثري يجعلنا نؤكد باننا امام مخرجة شديدة الذكاء عميقة .

ونوجه البوصله صوب المخرج المغربي كمال الازرق في فيلمه – عصابات – حيث حكاية بسيطة اردها الارزق لتكون ذريعة لتمرير الشكل الذى يريدة وهنا نتابع حكاية اب مع ابنه يقودهما المصادفة لاغتيال شخص وعليهم طيلة الفبلم التخلص من جثه . حيث تجوب تلك الجثة انحاء الدار البيضاء على مدي ليلة كاملة .

جثة تبحث عن الخلاص . وثنائي اب خارج من السجن لتوه وابنه والعلاقة بين الاجيال وفي الحين ذاته تحليل لعالم الليل في كازابلانكا والعصابات التى تتحكم في الاحياء والمناطق وايضا خفايا واسرار تلك العوالم والمحطة التى يتوقف عندها هذا الثنائي في بحثه عن مكان لدفن الجثة .

المخرج الازرق قدم احترافية سينمائية تؤكد باننا امام مخرج عال الكعب يمتلك ادواته ويعي حرفته حيث جميع المشاهد مكتوبة باحترافية وعمق وثراء ولكل مشهد ايقاعة ومقدمة ووسطة ونهايته . وله ايضا اضاءته وتفاصيله الدقيقة التى عملت على تعميق الرحلة والمها وتعبها وارهاصاتها القاسية والمعقدة .

مع كمال الازرق مدير تصوير امين باردا التى منح الفيلم بعد اضافي عبر حلوله البصرية العالية وتنفيذة مشاهد الرحلة . وهكذا الامر مع ثنائي المونتاج هوليس بيلكو وستيفاني ميزكوسكي وموسيقي الراب الرائعة وحلوله السمعية التى شكلت عنصرا اساسيا في هذا الفيلم الذى يعصف بقضايا الانسان في مغامرة سينمائية ثرية وهامة .

المخرج الاردني امجد الرشيد في فيلمه – انشاء الله ولد – الذى ياخذنا الى حكاية سيدة توفي زوجها لتجد نفسها امام ورطة كبري اقلها تامين معيشتها واطفلتها وايضا المحافظة علي شقتها من اطماع شقيق زوجها والتشريعات الخاصة بالارث التى تتيح له واخوته المشاركة في الشقة كل ذلك على خلفية الظروف المعيشية الصعبة وتامين لقمة العيش والخلاص من تلك الظروف الضاغطة والمدمرة .

استطاع امجد الرشيد ان يكتب نصا جميلا خالي من التصريحات والمباشرة ثري بالشخوص والاحداث والاسقاطات الذكية التى تظل تناقش وتحلل وتدعو للحوار والتغيير .

ارملة لم يعد امامها مفر الا ان تكون حامل من زوجها وايضا يكون حملها ولد حتى تحصل على البيت لان الابن هو الوريث بينما الابنه يشاركها اهل الزوج الارث .

وعند امجد الرشيد الامر ليس مجرد حكاية ارملة وتشريعات وقوانين بل امر هو ابعد من كل ذلك انها منطقة للحوار والتغيير وحكاية لتكون ذريعة لتشريح المجتمع الاردني العربي بكل اطيافة الاسلامية والمسيحية
فيلم شديد الحساسية ذكي وعميق وقبل كل هذا يظل يعزف على ايقاع القضية بكل شفافية واحترافية
.

وهو ما يؤكد باننا امام مخرج سيكون له كثير من الشان في مسيرة السينما الاردنية والعربية .
الانسان هو الشغل الشاغل والقضية الاكثر حضورا في الاعمال السينمائية العربية التى كانت ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي 2023
.

 

####

 

البريطاني كين لوش يعزف مقطوعة التضامن في فيلمه.. السيديانة المعمرمة

كان – عبد الستار ناجي

اعترف باننى شددت الرحال هذا العام الى مهرجان كان السينمائي من اجل فيلمين اولهما كان – قتله زهرة القمر – للاميركي مارتن سكوسيزي والثاني للمخرج المعلم البريطاني كين لوش حيث فيلم – السينديانه المعمرة – . ولاننا امام اسماء كبيرة شامخة فان تلك الرحلة كان مكللة مشاهدة تحفتين سيتوقف النقاد امامهما طويلا وعميقا .

في هذا العمل ولربما سيكون اخر اعمال كين لوش الذي اعلن بانه سيتوقف عن الاخراج السينمائي يواجه مالك حانة في الشمال عداء السكان المحليين تجاه المهاجرين السوريين في أحدث افلام كين لوش ذات النبض السياسي اليساري الصريح والواضح .

في هذا العمل الذي ياتى كجزء من ثلاثية ، يمكن أن ينظر إليها على أنها الحلقة الأخيرة. من خلال العمل مع مساعده المعتاد ، كاتب السيناريو بول لافيرتي ، كان لوتش يتعامل مع القضايا والقصص التي لا تراها في الأخبار التليفزيونية أو على خدمات البث الجذابة ، وأظهر أن صانعي الأفلام يمكنهم التدخل فعليًا في العالم الحقيقي.

بحث لوتش أيضًا عن الموضوعات المؤلمة وغير العصرية ، وسار إلى حيث كان صوت إطلاق النار أعلى. مع – أنا دانيال بليك- ، كانت هذه تجربة التقشف التقشفية. مع آسف لقد افتقدناك ، كانت عبودية اقتصاد الوظائف المؤقتة.

الآن ، في – السنديانه المعمرية – او ذا اولد واك – يذهب لوش الى الظاهرة القبيحة التي ابتعدت عنها الطبقات الليبرالية في لندن في نفور حزين: مهاجرون يقيمون في بيوت في جميع أنحاء المملكة المتحدة يتعرضون لسوء المعاملة والهجوم من قبل السكان المحليين المتطرفين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن لوتش لا يهاجم “المؤسسين” للطبقة العاملة البيضاء. على العكس تماما. يفكر عالميا ، يتصرف محليا، يعاملهم بتعاطف. هم نفس ضحاياهم. لقد وضعتهم قوى السوق والمصالح الجيوسياسية في نفس وضع الوافدين السوريين البائسين الذين تم تشجيعهم على كرههم للشعور بالرضا عن أنفسهم . وهنا يفتح النار وبشكل مشترك علي تلك التيارات العنصرية المتطرفة وايضا الظروف التى تحيط بالجميع في طرح موضوعي قاس واليم .

مالك الحانة تي جيه بالانتين (ديف تيرنر) يعاني من محنة شبيهة بالوظيفة: فهو مطلق ومكتئب ولديه ابن بالغ لا يتحدث معه . The Old Oak

هو اسم الحانة الخاصة به ، وهو مكان اجتماع المجتمع الوحيد في مدينة التعدين السابقة الشمالية الشرقية المحرومة – وهو في حاجة ماسة إلى التجديد. (في هذا الفيلم يردد أصداء عمل سابق في لوتش ، جيميز هول.) يغضب أعوانه النظاميون بالغضب ، وغاضبون من الانهيار في أسعار المساكن ومثقلون بمقاطع الفيديو على اليو تيوب حول المهاجرين. إنهم يغضبون في العقارات المجاورة التي تشتريها الشركات العقارية مقابل أغنية ويتم تأجيرها بشكل استغلالي ، وبالتالي ينهارون قيمة المنازل التي كانوا يأملون أن تخفف بشكل فعال تقاعدهم ، وقيمة التعدين في قطاع غزة من المجتمع. ثم تصل حافلة محملة بالسوريين المذعورين ويزداد التوتر سوءًا.

يُظهر الفيلم أن تي جيه قد ارتكب خطأً استراتيجيًا على الأرجح: يطلب منه السكان المحليون البيض الغاضبون فتح الغرفة الخلفية المغلقة منذ فترة طويلة في الحانة كمكان للاجتماع للتعبير عن مظالمهم. إنه يرفض، لكنه يسمح له بغير لباقة بأن يكون مكانًا لعشاء مجتمعي على غرار بنك الطعام لكل من السكان المحليين والسوريين ، بما في ذلك يارا (إيبلا ماري). هي شابة سورية تسكن مع اشقاءها ووالدتها العجوز ، في حاجة ماسة إلى أخبار والدها المسجون في سورية .

تلقي الصداقة بين – تي جي والصبية السورية بعد التفسيرات المسيئة من بعض شاربي الكحول تفسيرها بشكل ساخر. هناك مشهد مؤثر للغاية حيث أخذها لرؤية كاتدرائية دورهام ؛ لقد تأثرت بشدة من خلال الاستماع إلى الجوقة وذهولها المبنى الذي يبلغ عمره ألف عام. إنها تتساءل حقيقة أنها لن ترى مرة أخرى المعابد في تدمر ، التي بناها الرومان ودمرتها الدولة الإسلامية. يجادل لوتش ولافيرتي بحماسة أنه من خلال التضامن والاعتراف بالمصالح الحقيقية ، يمكن للشعب البريطاني إظهار التعاطف بشكل طبيعي مع المهاجرين واللاجئين .

فيلم كبير متعاطف مع الانسان وهذة المرة الانسان العربي السوري المهاجر اللاجئي عبر صياغة سينمائية خالية من الشعارات عامرة بالعزف على سيمفونية التضامن والتعاطف والتعايش لان العالم قادر على استيعاب الجميع .. وهناك جملة تتكررفي الفيلم تقول ( حينما نأكل سويا نلتصق مع بعض ) ومن خلال هذة المقولة تيعمل صاحب الحانة والصبية السورية على اقامة بنك الطعام ليستفيد من الجميع ويكون وسيلة للتلاقي والتحاور وبالتالي التضامن .

فيلم كبير من مخرج كبير هو البريطاني كين لوش.

 

####

 

مهرجان كان السينمائي 2023 : قراءة في النتائج!

كان – عبد الستار ناجي

الحديث عن نتائج مهرجان كان السينمائي في دورته السادسة والسبعين تم تجتوزه من حيث الخبر ومعرفة الفائز والخاسر ولكن الامر في هذة النحطة يتجاوز ذلك الى القراءة والتحليل للمعطيات والحيثيات التى انطلقت منها لجنة التحكيم والابعاد المترتبة على هكذا نتائج حيث تاريخ جديد يصنع ويكفي ان نشير الى ان ان امراة ثالثة فازت بالسعفة الذهبية وهو ما يمثل انجاز اضافي لرصيد النساء المبدعات . ودعونا نقتطف شي مما قالته المخرجة جوستين تريت حيث اعلنت موقفها السياسي اذ قالت ” إن المظاهرات بشأن التغييرات في المعاشات تم قمعها “بطريقة مروعة” وتحدت أيضًا السياسات الثقافية للحكومة”.

وقد أثارت الفائزة بجائزة السعفة الذهبية المرموقة لهذا العام عن أفضل فيلم في مهرجان كان ، خلافًا سياسيًا بعد استخدام خطاب قبولها لشن هجوم لاذع على السياسات الثقافية للحكومة الفرنسية .

قالت المخرجة جوستين تريت، عند استلامها جائزة دراما قاعة المحكمة او ” تشريح السقوط ، “إن تسويق الثقافة التي تدعمها الحكومة الليبرالية الجديدة في طريقه لكسر الاستثناء الثقافي لفرنسا .

وأضافت جوستين تريت ” أنه لولا هذا الإرث الثقافي “لما كانت هنا اليوم ”.

كما انتقد خطاب تريت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وقع الشهر الماضي على مشروع قانون مثير للجدل يرفع سن التقاعد في فرنسا من 62 إلى 64، على الرغم من الاحتجاجات الواسعة .

وواصلت المخرجة الفرنسية تريت إن بلادها “عانت من احتجاجات تاريخية على إصلاح نظام المعاشات التقاعدية”، لكن “تم رفض هذه الاحتجاجات… وقمعت بطريقة مروعة

قوبلت التصريحات اللاذعة برد سريع من وزيرة الثقافة الفرنسية، ريما عبد الملك، التي قالت إنها سعيدة برؤية الجائزة تذهب إلى مخرج فرنسي، لكنها شعرت “بالذهول” من خطاب تريت “.

لم يكن هذا الفيلم ليرى النور لولا نموذجنا الفرنسي لتمويل الأفلام، والذي يسمح بتنوع فريد في العالم. وكتبت على تويتر، دعونا لا ننسى ذلك ”.

وحري بالذكر ان من الفيلم الفائز، بطولة الممثلة الألمانية ساندرا هولر (التى كانت الاقرب ولربما الاحق بالفوز بجائزة افضل ممثلة)، هو ثاني أفلام المخرجة الفرنسية تريت التي يتم اختيارها للمنافسة في كوت دازور، بعد فيلمها الكوميدي “الأسود العرافة”.

النجمة الالمانية ساندرا هولر

توني اردمان، التي اشتهرت بدورها في الدراما الكوميدية 2016، ظهرت أيضًا في المنافس الرئيسي الآخر للجائزة الأولى في مهرجان كان هذا العام، المخرج البريطاني جوناثان جليزر – نطاق الاهتمام

في فيلم تريت، تلعب دور كاتبة أجبرت على الدفاع عن نفسها باعتبارها المشتبه بها الرئيسي في مقتل زوجها .

جائزة أفضل فيلم (السعفة الذهبية)، منحها فريق من الحكام بقيادة الفائز العام الماضي – مثلث الحزن – ، المخرج السويدي روبن أوستلوند – تم تقديمها من قبل ممثلة هوليوود المخضرمة جين فوندا في الحفل الختامي الرائع للمهرجان السينمائي السنوي .

تريت، وهي ثالث امرأة تفوز بالجائزة المرموقة، تغلبت على المتنافسين الآخرين بما في ذلك المخرج البريطاني كين لوتش، المهرجان المفضل، الذي عرض فيلمه الجديد – السنديانه المعمرة – (ذا اولد واك). وايضا الفيلم الايطالي – المختطف – اخراج المخرج الايطالي ماركو بولوخيو .

في الحين لم يبتعد المخرج البرطاني جوناثان كلايسر خالي الوفاض. حيث فاز بالجائزة الكبرى عن – نطاق الاهتمام – (منطقة الاهتمام)، وهو مقتبس من رواية مارتن أميس التي تصف بشكل مرعب المخاوف المحلية لعائلة نازية تعيش على مقربة من معسكر اعتقال أوشفيتز في بولندا قرب نهاية الحرب العالمية الثانية .

اشتهر جليزر بضرباته الحاسمة، عبر افلام مثل  Sexy Beast و Under the Ski، عالم الخيال العلمي الذي قام ببطولته سكارليت جوهانسون ككائن فضائي. وقال عند استلامه للجائزة: “هذا شرف يفوق أحلامي. أريد تكريم ذكرى مارتن أميس وأنا سعيد للغاية لأنني تمكنت من عرض الفيلم له ” .

وذهبت جائزة أفضل تمثيل (افضل ممثل) إلى أسطورة التمثيل اليابانية كوجي ياكوشو، لتصويره عامل تنظيف مراحيض في طوكيو طوكيو متحفظ ومحب للأشجار في فيلم “أيام مثالية” للمخرج الالماني فيم ويندرز
.
إنه أداء يتضح فيه تعقيد مشاعر الشخصية للعالم الطبيعي من حوله ، وتفاصيل ماضيه المؤلم كعضو في عائلة ميسورة الحال، حيث تتكشف القصة ببطء ويتعامل مع الشخصيات التي يلتقي بها
.

وذهبت أفضل ممثلة إلى ميرف دزدار، نجمة الدراما التركية عن فيلم (عن العشب الجاف) للمخرج نوري بيلج جيلان. فتنت ديزدار العديد من النقاد بدورها كمعلمة نوراي ريفية. وقالت ديزدار وهي تسلم جائزتها “أود أن أهدي هذه الجائزة لكل النساء اللواتي يناضلن للتغلب على الصعوبات في هذا العالم، وللاحتفاظ بالأمل ”.

قال الممثل البريطاني أورلاندو بلوم، أثناء تقديمه جائزة لجنة التحكيم الخاصة، إن قيمة السينما هي الطريقة التي يمكنها بها التغلب على الاختلافات، “ليس دائمًا بالأمر السهل”. وقد منح الجائزة للمخرج الفنلندي آكي كوريسماكي عن فيلمه – الاوراق المتساقطة ، الذي يقوم ببطولته ألما بويستي كموظفة سوبر ماركت تقود حياة منعزلة حتى تلتقي بعامل بناء يشرب الخمر بكثرة والذي يبدو أيضًا على غير هدى .

ذهب أفضل مخرج إلى – تران ان هونج – عن فيلم – عاطفة دودين، الذي يضم الممثلين الفرنسيين جولييت بينوش وبينوا ماجيميل ، بصفتهما طاهٍ محترمفين ، حيث يقعان في حب المطبخ .

هذا الوقفة تذهب ايضا الى شي من الاختلاف بالذات حول جائزة – السعفة الذهبية – لانه ثمة اعمال اكثر عمقا واكثر احترافية واكثر قيمة سينمائية وابداعية قادرة على التماس مع الجمهور والنقاد على حد سواء في انحاء العالم ونخص افلام مثل – منطقة الاهتمام – لجوناثان كلايزر وفيلم – المختطف – لماركو لولوكيو وفيلم – عن الحشائش اليابسة – للمخرج التركي القدير نوري بليج جيلان ولا يمكن نسيان فيلم – الايام المثالية – للمخرج الالماني فيم ويندرز حتى رغم توزيع الجوائز بطريقة ذكية من اجيل افساح الطريق امام الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية. لقد استطاع رئيس لجنة التحكيم وبطريقة ذكية ان يوزع الجوائز هنا وهناك من اجل هدف اساسي ان تظل الجائزة في فرنسا. ونحن هنا لا نقلل من قيمة الفيلم او حتى من مكانة المخرجة جاستين تريت ولكنه علينا ان نقول وبصوت مسموح انه هنالك افلام اكثر اهمية عبر قيمتها الفنية والفكرية وهنا نقطة الخلاف .

 

الـ Kiosque24  في

28.05.2023

 
 
 
 
 

التركية ميرفي دزدار تتعرّض لهجوم بعد فوزها بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان “كان”. لمَ رماها شعبها بالحجارة؟

حازت الممثلة التركية، ميرفي دزدار، على جائزة أفضل دور نسائي، مساء السبت، في مهرجان كان السينمائي بدورته الـ ٧٦، وذلك عن فيلم “حول الأعشاب الجافة” أو ABOUT DRY GRASSES.

وتُعد ميرفي دزدار، بطلة مسلسل “شقة الأبرياء”، أول امرأة تركية تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان “كان” السينمائي، حيث دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة بعدما جسّدت شخصيّة في الفيلم دور معلّمة في مدرسة ريفيّة تتحدّى بطل الرواية الذكر المتمركز حول نفسه في فيلم نوري للمخرج بيلج جيلان الطويل والفلسفي حول الأعشاب الجافة.

أهدت ميرفي دزدار الجائزة إلى نساء تركيا اللواتي يكافحن للتغلّب على كل الصعوبات الموجودة في هذا العالم ولأولئك اللواتي ينتظرن عيش الأيام الجميلة التي يستحقّنها في تركيا.

جاء هذا الفوز التاريخي لممثلة تركية لترفع من معنويات الشعب التركي الذي يمّر بأصعب أوقاته جراء الزلزال المدّمر الذي ضرب البلد في شباط/فبراير الفائت، فضلاً عن أزمة اجتماعية واقتصادية وانهيار العملة.

تلّقت ميرفي دزدار رسائل عديدة من مشاهير وجمهور الذين باركوا لها على الفوز التاريخي للسينما التركية، اضافة الى تهنئة خاصة من المرشح عن الانتخابات الرئاسية التركية كمال كليجدار أوغلو الذي قال: “أهنئ من كل قلبي ميرفي ديزدار، التي فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي. واليوم، سنقدّم الديمقراطية إلى “جميع الأرواح المقاتلة في تركيا الذين ينتظرون أن يعيشوا الأيام الجيدة التي يستحقونها”.

في المقابل، تعرّضت ميرفي لهجوم لاذع، حيث انقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض لكلمتها، فهناك من أشار ان المشاهير كسبوا المال من هذا البلد اي تركيا وأصبحوا مشاهير في هذا البلد وفي هذا البلد ايضاً، استمتعوا، أكلوا، شربوا لكنهم لم يتمكنوا من حبّه. وأشاروا أن ميرفي تقيّأت كل كراهيتها بمجرد أن أتيحت لها الفرصة لتشويه سمعة بلدها أمام الأوروبيين الذين اعتبرتهم متفوّقين على أمّتها ولم تهتم بأن هذه الفرصة لم تكن قادرة لاغتنامها لولا فضل هذا البلد عليها حتى تجرّأ البعض على اتهامها بالتواطؤ “الجائزة مقابل الاساءة لصورة تركيا”.

وهنا، لا بد بالعودة الى الوراء عدّة أسابيع فقط عندما أوقفت الرقابة في تركيا مسلسل “شراب التوت” بعد ان وضع الأصبع على جرح النساء النازف والعنف ضد المرأة التي تتعرّض للاهانة والتحقير والعنف اللفظي والجسدي.  وبدل من أن تقوم الرقابة بشكر الكاتب الذي اراد من خلاله توجيه رسالة مجتمعية عاقبت العمل…والأمثلة كثيرة.

من هنا جاءت كلمة ميرفي لمساندة المرأة في بلدها التي تتعرّض للاضطهاد في ظل غضّ الطرف عن كل هذه التجاوزات.

 

موقع "بصراحة" في

28.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004