ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان "كان" الـ76:

أفلام عربية فرضت نفسها

كانّ ــ محمد هاشم عبد السلام

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

اختتمت مساء يوم 27 مايو/ أيار فعاليات الدورة الـ76 لـ"مهرجان كان السينمائي الدولي"، ليُسدل الستار على دورة كانت تعد بكثير جدًا، قبل انطلاقها، نظرًا للأسماء الكبيرة المُكرسة في عالم الإخراج السينمائي، والتي جاءت بجديدها إلى "كان"، سواء داخل "المسابقة الرئيسية"، أو غيرها من المسابقات، لتنتهي الآمال المعقودة إلى خيبات متفاوتة، مردها الضعف الإبداعي، أو إعادة تدوير الأفكار، أو المعالجة، أو عقم التجديد السينمائي، بصريًا وجماليًا. بصفة عامة، يُلاحظ على الأفلام المعروضة انتفاء الأصالة، وضعف الطرح، فنيًا وفكريًا وفلسفيًا وإنسانيًا، وليس إنتاجيًا. إذ، من بين 21 فيلمًا في "المسابقة الرئيسية"، تضمنت مشاركة نسائية هي الأكبر بإجمالي 7 أفلام، تنوعت موضوعاتها بين السياسي والاجتماعي والإنساني والتاريخي، حظيت نصف أفلام المُسابقة، أو أقل، باستحسان النقاد والصحافيين، وبشبه إجماع للآراء على جودة وحُسن الاختيار.
وفي ما يتعلق بالجوائز الرسمية لدورة هذا العام، التي جرت مراسم توزيعها على مسرح "لوميير الكبير"، ومُنحت بناء على قرارات أعضاء لجنة التحكيم برئاسة المخرج السويدي روبن أوستلوند، وعضوية الممثل الأميركي بول دانو، والمخرجة والممثلة الأميركية بري لارسون، والمخرجة المغربية مريم توزاني، والممثل الفرنسي دينيس مينوشيه، وكاتب السيناريو والمخرج البريطاني الزامبي رونغانو نيوني، والكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، والمخرج وكاتب السيناريو الأرجنتيني داميان زيفرون، والمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو، فقد جاء معظمها في محله تمامًا. فقد ذهبت "السعفة الذهبية" إلى فيلم "تشريح السقوط" للفرنسية جوستين ترييه، بعد مشاركة هي الثانية لها في مسابقة المهرجان، إذ كانت المرة الأولى عام 2019 بفيلم "سيبيل". تدور أحداث "تشريح السقوط"، في إطار شبه بوليسي، وتشويقي محبوك للغاية، حول مقتل زوج، وارتياب الشرطة في أن زوجته هي من قتلته. تستمر الأحداث ما بين شك ويقين وتحقيقات ومحاكمات إلى أن تنجلي الحقيقة، وفقًا للأدلة المتوافرة. اللافت أنه كان من المتوقع فوز الممثلة الرائعة ساندرا هولر بجائزة التمثيل نظرًا لأدائها المقنع لدور "ساندرا"، زوجة القتيل
.

أما "الجائزة الكبرى" فنالها فيلم "منطقة الاهتمام"، للمخرج البريطاني جونثان غليزر، والذي فاز عنه أيضًا بجائزة "الاتحاد الدولي للنقاد"، أو الفيبريسي. وهي المرة الأولى التي ينافس فيها المخرج في مسابقة المهرجان، وبفيلم ناطق بالألمانية. تدور الأحداث على نحو غير تقليدي، وبشكل مختلف كليًا ومغاير بالمرة لنوعية الأفلام التي تناولت معسكر "أوشفيتز" الشهير. الجائزة مستحقة جدًا للفيلم، الذي ترشح بقوة حتى اللحظات الأخيرة للفوز بـ"السعفة الذهبية". ومن بين الأفلام التي كانت مرشحة للسعفة وبقوة، أيضًا، "أوراق الشجر المُتساقطة" للفنلندي آكي كوريسماكي، والذي فاز عنه بجائزة "لجنة التحكيم". يتناول الفيلم، في إطار كوميديا سوداء، لا تخلو من عمق وفلسفة ولمسات إنسانية رائعة، علاقة حب بين رجل وامرأة من الطبقة الكادحة، في مجتمع لا إنساني.

"الجائزة الكبرى نالها فيلم "منطقة الاهتمام"، للمخرج البريطاني جونثان غليزر، والذي فاز عنه أيضًا بجائزة "الاتحاد الدولي للنقاد"، أو الفيبريسي"

جائزة "أحسن إخراج"، نالها الفيتنامي الفرنسي تران أن هونج، عن فيلمه "شغف دودان بوفان". يُعد الفيلم، الرقيق والمثير والحسي، إضافة إلى فيلم آخر لم يفز بجائزة، وهو بعنوان "نادي الصفر" للنمساوية جيسكا هاوزنر، من الأفلام الغريبة جدًا، أو الشاذة عن السياق، ضمن برمجة مسابقة المهرجان هذا العام. الفيلمان تدور أحداثهما عن الطعام، بصفة عامة، مع اختلاف الزمن والسرد والأحداث والتناول. إلا أن "شغف دودان بوفان"، الذي تدور أغلب أحداثه داخل المطبخ، يتعمق أكثر في تقاليد المطبخ الفرنسي في القرن الثامن عشر، من خلال أحد الطهاة المهرة، وبراعته وسحره في تقديم أشهى الأطباق مع مساعدته التي تموت فجأة، فتنقلب حياته.

أما جائزة "أفضل سيناريو"، فذهبت إلى كاتب السيناريو الياباني ساكاموتو يوجي. وذلك عن سيناريو فيلم "وحش" للمخرج الياباني المعروف هيروكازو كورييدا. وإن كانت الجائزة محل اعتراض بعض الشيء، نظرًا لأن الفكرة مطروقة في غير أفلام. ويمكن القول إن المعالجة، أو التناول الفني الإخراجي، والمونتاج بصفة أساسية، أنقذت الفكرة من فخ التكرار. إجمالًا، يتناول الفيلم العلاقة بين مراهق وصبي تنشأ بينهما علاقة صداقة عميقة جدًا. يدخل أحدهما إلى عالم الآخر، ويسكنه. لكن قبل هذا، يسرد لنا المخرج وكاتب السيناريو الأسباب التي دفعتهما إلى الانعزال والتقوقع بعيدًا عن محيطهما، وتمسك أحدهما بالآخر.

عن جدارة واستحقاق فعلي، ذهبت جائزة "أحسن ممثل"، للياباني كوجي ياكوشو، عن دوره في فيلم "الأيام الرائعة" للألماني فيم فيندرز. يتناول الفيلم أيامًا من حياة هيراياما، عامل تنظيف المراحيض العمومية الصموت، الذي يعشق القراءة والتصوير الفوتوغرافي، ويمضي حياته متفانيًا وبإخلاص نادر في عمله الذي يعشقه بشدة. وكيف أنه كان يعيش حياته خارج الزمن، تقريبًا، إلى أن تقع بعض الأحداث البسيطة التي تبدل روتينه اليومي المعتاد. وربما تجعله يرى العالم من منظور آخر مشرق.

ذهبت جائزة "أحسن ممثلة" إلى التركية ميرفي ديزدار. وذلك عن دورها في فيلم "عن الأعشاب الجافة" للتركي نوري بيلج جيلان. رغم الأداء القوي، والصادق جدًا، للموهوبة ميرفي ديزدار في دور نوراي، المُعلمة الثورية الجامحة التي فقدت ساقها في سبيل مبادئها، والتي لا تبحث إلا عمن يحتويها، ولو بدافع الصداقة، إلا أن مساحة دورها ليست كافية بالمرة للحكم عليها، ومنحها جائزة أحسن ممثلة. على الأقل مقارنة ببطلات غيرها في أفلام ضمن أفلام المسابقة.

"فازت المغربية أسماء المدير بجائزة "أفضل مخرج"، عن فيلمها "كذب أبيض". الفيلم مُبتكر وصادق. يتسم بكثير من الخيال، وببناء جدلي مركب ومتعدد الرسائل والمدلولات، إنسانيًا واجتماعيًا وسياسيًا"

جائزة "الكاميرا الذهبية"، التي تُمنح لأفضل عمل أول في أي قسم من أقسام المهرجان، نالها الفيلم الفيتنامي "داخل شرنقة صفراء" للمخرج الشاب تاين أن فام. تدور الأحداث في إطار تأملي فلسفي، شبه صوفي، حول الحياة والموت والإيمان والرب والحرب والاضطهاد الديني في فيتنام. إذ يتعين على بطل الفيلم "ثين" أخذ رفات شقيقة زوجته إلى مسقط رأسها بصحبة ابن شقيقه. ما يعرضهما لمواقف ومواجهات صعبة. يعد الفيلم، رغم أهميته وشاعريته، من أطول الأفلام التي عرضت في تظاهرة "نصف شهر المخرجين" (180 دقيقة، تقريبًا).

في قسم "نظرة ما"، التالي في الأهمية بعد "المسابقة الرئيسية"، والذي يحتضن التجارب الأولى للمخرجين والمخرجات، وتحظى جوائزه باهتمام كبير، وتنافس فيه 22 فيلمًا، منحت لجنة التحكيم التي ترأسها الممثل الأميركي جون سي رايلي، فيلم "كيف نمارس الجنس" للبريطانية مولي ماننج والكر جائزة التظاهرة. وفيه تذهب ثلاث فتيات بريطانيات مراهقات وحدهن لقضاء عطلة صيفية، كان من المفترض أن تكون واحدة من أفضل عطلاتهن، لكن الأمور تمضي على عكس المتوقع تمامًا. أما فيلم "نحس" الكونغولي ففاز بجائزة "أفضل مخرج واعد". يتناول الفيلم عودة شاب كونغولي، بعد سنوات طويلة قضاها في بلجيكا، إلى مسقط رأسه في كينشاسا، ليواجه تعقيدات كثيرة مرتبطة بعادات وتقاليد، وإرث ثقافي ومجتمعي وديني وسياسي، يتصادم معه ويرفضه.

الأفلام العربية

للعام الثاني على التوالي، جذبت الأفلام العربية المعروضة في المسابقة كثيرًا من الاهتمام، نظرًا لمستواها الفني الرفيع، بل وفرضت نفسها على جوائز التظاهرة. إذ فاز الفيلم المغربي "عصابات" لكمال لأزرق بجائزة "لجنة التحكيم". ويتسم الفيلم بقدر كبير من التشويق، واحترافية ملموسة في كتابة السيناريو، وإدارة الممثلين، وتكثيف الأحداث خلال نهار واحد. وتقديم المخرج لرؤية بصرية قوية ومتميزة فعلًا لعوالم الليل والعصابات والإجرام في المغرب. وصفت لجنة التحكيم الفيلم بأنه "يفتح عيوننا على حقائق نعيشها كل يوم".
كذلك فازت المغربية أسماء المدير بجائزة "أفضل مخرج"، عن فيلمها "كذب أبيض". الفيلم مُبتكر وصادق. يتسم بكثير من الخيال، وببناء جدلي مركب ومتعدد الرسائل والمدلولات، إنسانيًا واجتماعيًا وسياسيًا. وذلك في انتقال سلس بين الخاص والعام، الذاتي والموضوعي، الذاكرة والتاريخ. ويمكن تصنيفه كفيلم وثائقي أو دراما روائية تشكيلية. إذ تبني المخرجة عالمها مستخدمة الصور الفوتوغرافية والنماذج الخشبية والحجرية الصغيرة، والدمى والعرائس، وفن "الماكيت". وتطرقت فيه إلى أحداث "انتفاضة الخبز" الدموية في المغرب، التي وقعت أحداثها في مطلع ثمانينيات القرن الماضي
.

أما "جائزة الحرية" فذهبت إلى الفيلم السوداني "وداعًا جوليا" لمحمد كردفاني. وهو المشاركة الأولى في تاريخ السودان ضمن فعاليات مهرجان "كان". من خلال سياق الفيلم وأحداثه، التي تدور في إطار اجتماعي وسياسي وإنساني في الخرطوم، قبل انفصال الجنوب السوداني عن الشمال، وتتواصل إلى ما بعد مرحلة إجراء الاستفتاء، تتضح الأسباب القوية التي أهلته للفوز، عن جدارة واستحقاق، بجائزة الحرية التي تمنح للمرة الأولى. وقال رئيس لجنة التحكيم عن فيلم "وداعا جوليا" إنه يحكي للناس عن الحرية، وأن هذه الجائزة تحية للمقاومين ضد كل أشكال العنصرية والسلطة، ودعوة لقول الحقيقة، واصفًا الفيلم بـ"البرَّاق والمُمتع".

يُذكر أن الفيلم المصري القصير "عيسى أو أعدك بالفردوس" لمراد مصطفى فاز بجائزة "رايل الذهبية"، التي تمنح لأفضل فيلم قصير في مسابقة "أسبوع النقاد". وتدور أحداثه عن شجاعة وإنسانية لاجئ أفريقي مراهق مُقيم في القاهرة يُدعى عيسى (17 عامًا). وهو أول فيلم مصري قصير يحصل على هذه الجائزة.

 

ضفة ثالثة اللندنية في

29.05.2023

 
 
 
 
 

خاص "هي" من مهرجان كان

فيلم "عيسى"الفائز بجائزة رايل الذهبية.. عندما يفي المخرج بوعوده

أندرو محسن

يَعتبر الكثير من المخرجين الأفلامَ القصيرة مجرد مرحلة أو خطوة تسبق صناعة الفيلم الطويل، وبمجرد أن ينطلقوا في صناعة أفلامهم الطويلة لا يعودون أبدًا للأفلام القصيرة، رغم ما يتيحه هذا النوع المختلف من مساحة للاختلاف والتجريب لا تتيحها الأفلام الطويلة بميزانياتها الأكبر بطبيعة الحال. نتيجة لهذا، لن نجد بسهولة مخرجين يقدمون بانتظام أفلام قصيرة، إذ يكتفي أغلبهم بفيلم أو اثنين، كمشاريع تخرج أو ربما للفت الانتباه له، قبل أن ينتقل إلى الأفلام الطويلة وربما المسلسلات.

هكذا نجد أن ما يقدمه مراد مصطفى من انتظام في صناعة الأفلام القصيرة، هو أمر لافت للنظر بالتأكيد، نعم هو لم يقدم فيلمه الطويل الأول بالفعل، ولكنه يعمل عليه الآن ويجمع التمويل اللازم لتنفيذه، بيد أن هذا لم يمنعه عن تقديم فيلمه القصير الرابع "عيسى" أو "أعدك بالسماء"، والذي منح مراد التواجد للمرة الأولى بأحد أفلامه في مهرجان كان، من خلال عرض الفيلم في مسابقة الأفلام القصيرة في أسبوع النقاد، وحصل بالفعل على جائزة رايل الذهبية.

المتابع للأفلام القصيرة التي قدمها مراد مصطفى، سيجد أنه منذ أولها "حنة ورد" يركز على شخصيات مهشمة، أو في أسفل الهرم المجتمعي، أو ربما أقليات. لا يبتعد "عيسى" عن هذا النمط الواضح في أفلامه مخرجه، إذ يتناول شخصية الشاب السوداني "عيسى" الذي يحاول إنقاذ حبيبته بعد أحداث دامية أصابت رفاقه.

كما هو معتاد في الكثير من الأفلام القصيرة الجيدة، يختار كاتب السيناريو -مراد مصطفى وسون يوسف في هذا الفيلم- لحظة محددة أو موقف معين ينطلقون منه دون كشف الكثير عن ما سبق هذه اللحظة تحديدًا، ولكنه يترك للمشاهد حرية استكمال الصورة طبقًا لما يشاهده. يصبح غموض اللحظة التي يبدأ فيها هذا الفيلم جزءًا أساسيًا من حبكته ومتعته أيضًا، إذ نشاهد عيسى في البداية وآثار الضرب بادية على وجهه، ونحاول طيلة الفيلم استنتاج ما حدث له، لكننا لن نعرف هذا بشكل قاطع، بل يمنحنا العمل لمحات مختلفة تجعلنا نستنتج ضمنيًا ما حدث له، وهذا بالتأكيد أفضل من تقديم كل شيء جاهز للمشاهد دون محاولة مداعبة خياله، بل ربما تصبح مشاهدة الفيلم مرة أخرى لمحاولة رسم صورة أفضل لتاريخ الشخصية أمرًا محببًا في هذه الحالة.

يضاعف المخرج هنا من عناصر التهميش والانتماء للأقليات في شخصياته، إذ نجد أن عيسى ليس فقط مهاجرًا سودانيًا، لكنه مسيحي الديانة أيضًا، لكن الفيلم -بذكاء- لا يجيبنا عن التساؤل حول السبب الأساسي للأزمة التي يمر بها البطل حاليًا، هل لأنه أسمر البشرة؟ هل بسبب جنسيته أم بسبب ديانته؟ وربما كل هذه الأسباب معًا. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن مراد مصطفى يختار للمرة الأولى أن يكون بطله رجلًا عكس أفلامه الثلاثة السابقة التي كانت البطلات شخصيات نسائية، وقد يكون هذا الاختيار أيضًا مناسبًا لإضافة المزيد من الغموض على أزمة الشخصية الرئيسية، إذ كونه ذكر في هذا المجتمع فإنه يقع على عاتقه حماية أحبائه حتى النهاية.

يأخذنا الفيلم في أماكن ربما ليست مألوفة، يبدو الفقر واضحًا في كل شبر منها، لكنه لا يقع في فخ الابتزاز العاطفي والمغالاة في تصوير حالة الفقر، بل نشعر أن المخرج يقف على مسافة جيدة من الشخصيات يتابعها عن قرب دون أن يتدخل، وفي هذا بالتالي يصور لنا العالم الذي يعيشون فيه. يعتمد مراد مصطفى على الكاميرا الثابتة في أغلب مشاهد الفيلم، وباستخدام إطار 4:3 الذي يختزل الكثير من تفاصيل اللقطات ويجعل التكوين دقيقًا، ينقل فقط الحالة الشعورية المقبضة التي نشاهدها ولا يدع لنا الكثير لنشاهده غير ذلك.

فيلم "عيسى" هو أفضل تجارب مراد مصطفى من بعد فيلمه الأول "حنة ورد"، ويظهر فيه النضج الذي اكتسبه خلال السنوات والأفلام الماضية، كما يؤكد أنه على استعداد لتقديم فيلمه الطويل الأول، وإن كنا نرجو ألا يُبعده هذا عن صناعة المزيد من الأفلام القصيرة المميزة مثل هذا الفيلم.

 

مجلة هي السعودية في

29.05.2023

 
 
 
 
 

السجادة الحمراء في مهرجان كان مساحة للاحتجاجات السياسية والاجتماعية

هنادي العنيس

اقتحمت امرأة ترتدي فستاناً بلونَي العلم الأوكراني السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي، يوم الأحد 21 مايو/ أيّار الحالي، ثمّ سكبت على نفسها سائلاً أحمر مشابهاً للدماء، كاحتجاج على استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، قبل أن يُخرجها رجال الأمن من المكان.

قبلها بأيام، اقتحمت ناشطة نسوية السجادة الحمراء أيضاً في خطوة احتجاجية على تأجير الرحم أو ما يُعرف أيضاً بالحمل البديل. وكانت ترتدي فستاناً أحمر يكشف عن بطنها الذي يُظهر حملاً مزيفاً وكتبت عليه "تأجير الرحم".

نفس الناشطة، دخلت السجادة الحمراء خلال دورة العام الماضي عارية الصدر، وغطّت القسم العلوي من جسمها بلوني العلم الأوكراني مع عبارة "توقفوا عن اغتصابنا".

ويعكس ذلك لجوء مزيدٍ من الناشطين وكذلك الفنانين لاستغلال المهرجانات السينمائية وحفلات توزيع الجوائز، مثل الأوسكار، لتوجيه رسائل احتجاجية على قضايا سياسية أو اجتماعية مختلفة.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي عدداً من الاحتجاجات، التي جذبت أنظار الصحافة والجمهور.

منذ اندلاعها مطلع فبراير/ شباط 2022، حضرت الحرب الروسية على أوكرانيا بقوّة المهرجانات السينمائية، ومن بينها مهرجان كان.

وشهدت الدورة 75 من المهرجان التي أقيمت العام الماضي عرض خاص للفيلم الوثائقي "ماريوبوليس 2" للمخرج الليتواني مانتاس كفيدارافيسيوس الذي قتل على يد القوات الروسية في أوكرانيا في إبريل/ نيسان 2022، والذي يقدم صورة عن قرب عن شكل الحياة تحت القصف. كذلك، خصّص يومٌ للمخرجين الأوكرانيين المحاصرين في بلدهم.

فيما استغل المخرج الأوكراني ماكسيم ناكونيشنيي السجادة الحمراء للتعبير عن رفضه لعدوان روسيا، فسار مع طاقم عمل فيلم "باترفلاي فيجن" على صوت صافرات الإنذار، قبل أن يرفع لافتة كتب عليها "الروس يقتلون الأوكرانيين، هل تجد الحديث عن هذه الإبادة الجماعية أمراً بغيضاً أو مزعجاً؟". بعدها، قام أعضاء الفريق بتغطية وجوههم بأوراق شفافة كتب عليها "محتوى حساس"، في إشارة إلى الخضوع للرقابة.

كذلك، شهدت النسخة الماضية أيضاً قيام مجموعة من المتظاهرات إطلاق أعمدة من الدخان الأسود الكثيف، ورفعن لافتة طويلة تحتوي أسماء 129 امرأة توفيت في فرنسا نتيجة للعنف المنزلي.

وظنّ الحاضرون آنذاك أنّ الفيلم هو نوع من الدعاية لفيلم "هولي سبايدر" للمخرج الإيراني علي عباسي عن قاتل متسلسل يتتبع عاملات الجنس في مدينة مشهد لقتلهم.

أمّا دورة عام 2018، فشهدت عدّة احتجاجات حول قضايا مختلفة. كان أوّلها احتجاج فريق عمل فيلم "صيف" للمخرج الروسي كيريل سيريبرنيكوف الذي كان محتجزاً تحت الإقامة الجبرية، على السجادة الحمراء قبيل العرض الأوّل للفيلم.

كذلك، قادت المخرجة الراحلة أنييس فاردا مجموعةً من 82 نجمة وامرأة عاملة في مجال السينما، من بينهن رئيسة لجنة التحكيم آنذاك كيت بلانشيت، بالسير على السجادة الحمراء للمطالبة بالمساواة في الأجور بين الجنسين.

من جهتها، رفعت الممثلة اللبنانية الفرنسية منال عيسى لافتةً كُتب عليها "أوقفوا الاعتداء على غزة" خلال مرورها على السجادة الحمراء، إلى جانب المخرجة السورية غايا جيجي والمخرج إيتين كالوس قبيل عرض فيلم "سولو: آ ستار وارز ستوري".

وجاء ذلك إثر المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزّة، خلال مسيرة مليونية العودة، بالتزامن مع ذكرى النكبة، وأدّى إلى استشهاد 61 فلسطينياً وإصابة نحو 2771 آخرين.

أمّا دورة عام 2016، فشهدت احتجاج النجمة جوليا روبرتس على شرط ارتداء الكعب العالي للنساء المشاركات في المهرجانات، ومشت حافية القدمين على السجادة الحمراء، رفضاً للقوانين الصارمة التي فرضتها إدارة المهرجان.

 

العربي الجديد اللندنية في

29.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004