ملفات خاصة

 
 
 

محمد المنصور: فريد شوقي تمنى تقديم دوري في فيلم «القادسية»

الفنان الكويتي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب قلة الإنتاج السينمائي ببلاده

بغدادانتصار دردير

بغداد السينمائي

الدورة الأولى

   
 
 
 
 
 
 

محمد المنصور: فريد شوقي تمنى تقديم دوري في فيلم «القادسية»

الفنان الكويتي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب قلة الإنتاج السينمائي ببلاده

بغدادانتصار دردير

قال الفنان الكويتي محمد المنصور إن انعقاد مهرجان «بغداد السينمائي» يعد برهاناً على عودة الحياة الثقافية والفنية إلى العراق مجدداً لتبقى دوماً منارة للفن والإبداع، وكشف المنصور في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الفنان المصري الكبير الراحل فريد شوقي تمنى تقديم دوره في فيلم «القادسية».

وأوضح أنه عمل بنصيحة الفنان الكبير زكي طليمات، وواصل الدراسة حتى حصل على درجة الماجستير، مشيراً إلى أنه سيشارك في مسلسل غنائي استعراضي، كما يستعد لتقديم برنامجين بكل من قناتيَ «إم بي سي» و«تليفزيون دبي».

ويعد المنصور رائداً من رواد الفن بالكويت، فقد لعب بطولة أول فيلم روائي كويتي طويل «بس يا بحر» 1972 للمخرج خالد الصديق، كما شارك في بطولة الفيلم الروائي السعودي «ظلال الصمت» 2006 مع المخرج عبد الله المحيسن، وشارك في بطولة فيلم «القادسية» 1981 وهو إنتاج عراقي وإخراج المصري صلاح أبو سيف1981، وفي مسيرة الفنان الكويتي أعمال درامية كثيرة، من بينها «بوهباش»، و«أسد الجزيرة»، و«الصفقة»، كما قدم عشرات الأعمال المسرحية، من بينها «حفلة على الخازوق»، و«على جناح التبريزي وتابعه قفة»، إلى جانب تميزه في تقديم البرامج، ومن بينها «تو الليل».

وشارك الفنان الكويتي عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الأولى لمهرجان بغداد السينمائي، وكشف أن الأفلام المشاركة شهدت منافسة كبيرة لتميز مستواها، وهو ما حققته السينما العربية في السنوات الأخيرة، وأشاد المنصور بما تقوم به وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح ونقابة الفنانين العراقيين، مؤكداً أنه إنجاز يستحق التقدير بعدما نجحت في إحداث حراك فني وثقافي لافت.

ويعد فيلم «القادسية» أحد الأعمال المهمة في مسيرته الفنية وإحدى أيقونات السينما العربية، وحول كيفية مشاركته به، قال إن صديقه المؤلف محفوظ عبد الرحمن هو من رشحه للمخرج صلاح أبو سيف الذي اختاره لأداء شخصية «القائد»، ورغم أن العمل بالفيلم كان فرصة مهمة جداً لكنه تردد أمام هذا الدور قائلاً: «كان عليّ أن أقوم بضرب سعاد حسني ضمن مشاهد الفيلم، وقد كانت صديقتي وهي رقيقة وجميلة ومحبوبة من الجمهور العربي، وخشيت أن يكرهني الجمهور لذلك».

ويضيف أن «مصادفة مثيرة أنقذته من مخاوفه بعدما شاهده المخرج صلاح أبوسيف أثناء مشاركته بمسرحية «عريس لبنت السلطان» أثناء عرضها ضمن الأسبوع الثقافي الكويتي في بغداد، وفوجئ به يسند له شخصية (أبو محجن الثقفي) وكان فارساً وشاعراً، وهذا الدور غبطني عليه ممثلون كبار كانوا يتطلعون لكي يسنده أبو سيف لهم، وأذكر أن الفنان فريد شوقي قال لي بمحبة، أنت أخذت الدور الذي كنت أحلم به، ثم احتضنني مهنئاً وضحكنا كثيراً، وقد كان هذا العمل فرصة كبيرة لي في فيلم شارك به ممثلون عرب، ونال تقديراً واهتماماً»، ووصف سعاد حسني بأنها «فنانة لا تتكرر».

ورغم تقديمه أعمالاً مسرحية ودرامية كثيرة، فإنه قدم أعمالاً سينمائية أقل، لكن المنصور يؤكد: «لا يقاس الأمر بالكم، وفي رصيدي الفني كثير من الأفلام التي أعتز بها، ومنها «بس يا بحر» 1972 لصديقي المخرج خالد الصديق، وهو أول فيلم كويتي طويل، وقد تناول حياة صيادي اللؤلؤ في الكويت، وكان أول فيلم كويتي يرشح للأوسكار ضمن دورته الـ45».

كما يتوقف عند فيلم «ظلال الصمت» للمخرج عبد الله المحيسن، ويقول «هو فيلم سعودي طويل شاركت به ضمن نخبة من الممثلين العرب، من بينهم، الفنان السعودي عبد المحسن النمر، ومن سوريا غسان مسعود ومنى واصف، ومن لبنان إحسان صادق».

وحول قلة الإنتاج السينمائي بالكويت يقول محمد المنصور: «رجال الأعمال الذين كان بإمكانهم الدفع بالإنتاج السينمائي اتجهوا إلى (مجال البزنس)، وبالتالي تأثر الإنتاج السينمائي في الكويت عموماً».

وعن مدى تأثر الإنتاج السينمائي العربي المشترك بالمواقف السياسية بين البلدان العربية يقول: «بالطبع تأثر كثيراً، ولم يعد هناك تجارب مماثلة على غرار (القادسية) و(ظلال الصمت) اللذين جمعا فنانين من مختلف الدول العربية».

وحصل الفنان الكبير على دبلوم الموسيقى وبكالوريوس الفنون المسرحية، كما حصل على درجة الماجستير من أكاديمية الفنون بالقاهرة، ويؤكد أن سبب حرصه على الدراسة يرجع للفنان المصري زكي طليمات مثلما يقول: «لقد عملت بنصيحته، فقد أكد لي على أهمية الدراسة الأكاديمية وأن الموهبة وحدها لا تكفي، وتصقلها الدراسة والقراءة، وكان على حق».

وكشف المنصور عن استعداده لبدء تصوير مسلسل غنائي استعراضي كتبه مؤلف مصري وأعجبه كثيراً لكنه أبدى تحفظاً في الكشف عن تفاصيله.

وجمع الفنان الكويتي بين التمثيل وتقديم البرامج التي برع فيها ويجد فيها متعة أخرى حسبما يقول: «لديَ برنامجان جديدان سأقدم أحدهما بقناة (إم بي سي)، والآخر بتلفزيون دبي عقب شهر رمضان».

 

الشرق الأوسط في

17.02.2024

 
 
 
 
 

بغداد أول مرة

ناهد صلاح

وصلت مطار القاهرة متأخرة، وهذا جديد تمامًا، فالتأخير ليس من عاداتي، لم أكن السبب ولم يكن كذلك ترددي في الخروج، هذا التردد الذي يأكل نصف الوقت أو أغلبه، لكنه كان الطريق المزدحم ثم طابور الدخول الطويل الذي استغرق نحو ساعة كاملة، كما استغرق حلمي لزيارة بغداد سنوات توازي أغلب عمري.

ظللت أُردد منذ صباي المثل الشهير:" القاهرة تكتب وبيروت تنشر وبغداد والخرطوم تقرأ"، وظللت أيضًا أحلم أن أعيش في مدينتين: بيروت وبغداد، تحقق جزء من الحلم حين نمت علاقتي بالعاصمة اللبنانية وترسخت بعلاقة متأنية وطويلة المدى.

لم أعرف سببًا واحدًا لتأخر زيارتي لبغداد، فقد تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.. وأخيرًا ذهبت إلى بغداد بعد انتظار طويل ورحلة شاءت الظروف أن تكون طويلة ليتوهج خيالي أكثر بصورة بغداد التي تسكنني، وليصبح مشوار " القاهرة- بغداد" كما عنوان الفيلم المشترك بين مصر والعراق، أخرجه أحمد بدرخان في العام 1947، فرصة لتجميع شتات نفسي قبل لقاء العاصمة العراقية التي سكنت وجداني وعشت أوجاعها الكثيرة عن بُعد.

 زرت بغداد عبر بوابة السينما، ضيفة الدورة الأولى لمهرجان بغداد السينمائي.. الدورة التي جمعت الشامي والمغربي واليمني والسوداني والخليجي و.. المصري على أرضية واحدة هي السينما.

محظوظة لأنني كنت جزءً من حضور مصري كبير ومشاركة فيلمية متعددة من بينها الفيلم القصير (شارع شامبيليون) عن نص من تأليفي ضمن مجموعتي القصصية "دومينو"، ليكتمل حضوري إلى بغداد بقبس من نورها.

شاءت الصدفة أن ترتبط زيارتي الأولى للعراق بيوم ممطر جميل يليق بأمنياتي صوب بغداد، على حسب المثل المصري الشعبي :" الخير على قدوم الواردين"، على قدر حماسي لبغداد ومهرجانها الذي تمنيته فرصة للتأمل والنقاش الجدي حول السينما، فإنني كنت معتزة بطريقة العراقيين في التغلب على ما عاشوه من حصار وحرب وقتل، بفعاليات أدبية وفنية تعيدهم إلى الحياة الثقافية بحماسة وهِمَّة، كذلك كنت ممتنة للتحايا والمفردات العراقية الخاصة، هذه الخصوصية التي عبر عنها الشاعر الفلسطيني محمود درويش حين قال: "الشِّعْرَ يُولد في العراق فكُنْ عراقيًا لتصبح شاعرًا يا صاحبي!"، وهذا ليس بكثير على بلد أبو نواس، المتنبي، نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، محمد مهدي الجواهري، سعدي يوسف و.. غيرهم.

حاضرنا ماضينا..

أمضيت سنوات كثيرة أستمع وأقرأ حكايات بغداد وأقرأ أشعارها بين الشجن والمباهاة، انفعلت بها كمدينة تتسع جغرافيتها لكل الأساطير وغضبت بحصارها واحتلالها وضحاياها، بهذه الأحاسيس تجولت في شوارعها تغمرني هذه الأحاسيس المُلْتَبِسة من الشجن والأمل والتطلع صوب حياة جديدة، بينما الشعر لا يفارقني، إذ يتردد صوت محمود درويش مجددًا في أذني:

لا بد من شاعر يتساءل :

بغداد : كم مرة تخذلين الأساطير؟ كم

مرة تصنعين الثماثيل للغد؟ كم مرة

تطلبين الزواج من المستحيل؟

 يخبرني صديقي المخرج العراقي المقيم في فرنسا، ليث عبد الأمير، أن بغداد كانت أجمل وأن ثمة تغيير وحشي قد حدث فيها، أطوف معه ميادينها وشوارعها: أبو نواس، المتنبي، الرشيد، السعدون، إلى حيفا وفلسطين، أشاهد تماثيلًا من عصور مختلفة في مدينة التماثيل والنُصب والجداريات، أتوقف عند ساعة القشلة البغدادية التراثية وبيت الحكمة وبيت هارون الرشيد ثم مكتبات المتنبي ومنها إلى مبان معاصرة و"مولات" تجارية، ليحملني هذا التوازي بين القديم والحديث إلى أرض الواقع الذي يبرهنه سائق التاكسي بجملة مكثفة:"حاضرنا ماضينا"، كان يقصد أنهم يعيشون على إرث الجمال الذي تركه الماضي، لكنني شعرت بالجروح الممتدة من الماضي إلى الحاضر، ومع ذلك فإن هذه الجروح مهما كانت درجة عمقها لم تتسبب في موت المدينة، فالبطل لا يموت، وبغداد بطل الحكايات والوقائع، أبناؤها مثل فرسان الساموراي، يمضون دائمًا مع الريح في ترحال لا يعرف الراحة والاستقرار، بينما تبقى أرضهم ثابتة، مؤكدة البعد الأسطوري فيها الذي ينطلق من تلك النقطة الغامضة التي تستهل بها روايات عن أولئك الأبطال الذين يملأون الحياة بحضورهم المتميز، ثم تأتي اللحظة العجيبة التي يُصارع فيها البطل وحشًا لا يُقهر، إنه الموت الذي أراد جلجامش أن يقهره عبر تسلط غير إنساني، وعندما رأى جثة صديقه انكيدو أصابته الدهشة التي منحته الخلود عبر ممارسته لسلوك التحضر الذي يشبه الفن الآن، فعندما خاف انكيدو من الهبوط إلى الغابة قال له جلجامش: لا تتحدث يا صديقي كإنسان ضعيف، إنس الموت، من يمض في المقدمة يحفظ صاحبه، يحم صديقه، فإذا سقطا حفرا لنفسيهما اسمًا خالدًا.. وبغداد على هذا الأساس تهيأت لتكون خالدة، فيها الدم كثير والفن أكثر.

ألف ليلة وليلة...

  قد تكون جدارية "نصب الحرية" في ساحة التحرير للنحات جواد سليم، الأب الروحي للنحت العراقي المعاصر، والذي رحل شابًا ولم يشهد افتتاحها، هي الأشهر في بغداد وربما الأكثر شعبية لأنها تحكي عن سردية نضالية عراقية، تصوّر ثورة الرابع عشر من يوليو والشعب العراقي بكل فئاته في حالة النزوع إلى الحرية والانعتاق، وبالمناسبة ثمة فيلم عنه بعنوان "نصب الحرية.. أحلام وثورات" للمخرج حيدر موسي دفار، فاز بالجائزة الثالثة في مسابقة فضاءات جديدة بمهرجان بغداد السينمائي، لكن شهرة "نصب الحرية" يُحاذيها هذا الولوج المبهر في عالم ألف ليلة وليلة.. للحظة بدا الأمر كما لو كنت دخلت كتاب "ألف ليلة وليلة" ذاته بمخزونه الإبداعي والسردي المذهل، إنفصلت تمامًا عن ضوضاء الشارع ومشاكله الراهنة، وجدتني مشدودة لـ"كهرمانة" كما صممها الفنان محمد غني حكمت وهي تستقبلنا وسط نافورة في شارع السعدون وهي تصب الزيت على اللصوص كما في قصة "علي بابا والأربعين حرامي"، فتذكرت المعمارية العراقية الشهيرة زُها حديد حين اختارت "كهرمانة" عندما سُئلت عن أي نصب تذكاري بغدادي تفضّل أن يكون رمزًا إعلاميًا لبغداد، كتمثيل رمزي لعصر الرشيد الذهبي لبغداد، كما أنني لم أستطع تفادي الجمال في تمثالي شهر زاد وشهريار وهما أيضًا من تصميم محمد غني حكمت، تقف شهر زاد كأميرة في مواجهة أنثوية، استحواذية نحو شهريار المستلقي على أريكة منجذبًا إليها ولحواديتها.. التمثالان في حدائق أبي نواس نسبة للشاعر العباسي المعروف بحكاياته وأخباره مع الخليفة هارون الرشيد والسيدة زبيدة في الكتب التراثية، والذي شُيد له تمثالًا في نفس الحدائق على امتداد الضفة الشرقية لنهر دجلة في منطقة الكرادة الشرقية.

 الكرادة تعيش راهنها بأسلوب التي تعافت بعد كارثة التفجير الإرهابي الداعشي الذي تعرضت له في العام 2016، تزدهر تجاريًا وثقافيًا.. فضاء للحداثة والتنوير، مقاه ثقافية: "كهوة وكتاب، رضا علوان"، ملتقى للأدباء والفنانين وذيوع أعمال أدبية وموسيقية، الكرادة تقريبًا لا تنام كأنها تعوض ما فات من سنوات الألم والبؤس العراقي، وهي جزء من بغداد المدينة التي كُتبت حكاياها إما بالدم أو عنه، تاريخ الحرب جزء من روحها مطبوع بشكل أو بأخر في مخيّلتنا نحن محبيها ومتابعي أخبارها على شاشات الأخبار.

 خطرت لي رواية "فرانكشتاين في بغداد" للكاتب العراقي أحمد سعداوي، حين مررت ببعض الدروب الضيقة، المظلمة، المتفرعة من شارع الرشيد، كما لو كنت أستدعي لحظة موجعة في تاريخ البلد أو أحاول أن أستجيب لمحاولة الثقة بالذات في هذه المدينة الرافضة للموت، الموزعة بين النوستالچيا وحفلات البكاء الجماعي وبين النزوع الانعتاق إلى براح يخلو من أية متاريس أو أثقال قديمة.. إنها بغداد تدفع ثمن عراقتها وتميزها بفسيفساء عرقية ودينية، وثقافة راسخة، وهي الآن تحاول أنن ترفع صوتها الإبداعي بمهرجانات فنية وأنشطة ثقافية لأنها تريد الحياة.

 

اليوم السابع المصرية في

19.02.2024

 
 
 
 
 

مجلة السينمائي تُكرّس عددًا خاصًا لمهرجان بغداد السينمائي الأول

بغداد: عدنان حسين أحمد

صدر في بغداد العدد الرابع عشر من مجلة السينمائي وهو عدد خاص مُكرّس للدورة الأولى من مهرجان بغداد السينمائي الأول الذي انطلقت فعالياته في 10 شباط/ فبراير 2024 وأُختُتمت في الرابع عشر منه. وقد جاء على الغلاف الأول بأنّ (مهرجان بغداد السينمائي هو الحدث الأبرز في العراق). تضمّن العدد الممتاز 26 مقالة دبّجها كُتّاب عراقيون وعرب مختصون بالشأن السينمائي. وقد جاء في افتتاحية العدد التي انضوت تحت عنوان "نحتفي بمهرجان بغداد بعددنا الخاص والممتاز" بقلم رئيس التحرير قبول فكرة مهرجان بغداد السينمائي الأول من قِبل رئيس الوزراء، المهندس محمد شياع السوداني شرط أن يكون عربي الطابع ولا يقتصر على بقعة جغرافية محددة من وطننا العربي الكبير وبادر إلى دعمه بملياريّ دينار عراقي لتعزيز الفن السابع الذي يساهم في بناء ونهضة الشعب العراقي الذي يقاتل ضد "ثالوث التخلّف والإرهاب والفساد". كما أشاد عبدالعليم البنّاء بالدكتور جبار جودي، رئيس نقابة الفنانين العراقيين لدوره الفاعل في تحقيق هذا المهرجان وتحويله من حلم يداعب مخيلة محبيّ الفن السابع إلى حقيقة راسخة على أرض الواقع. كما أشاد بدور وزير الثقافة والسياحة والآثار الذي يواصل العمل للارتقاء بكل مفاصل الوزارة مُركزًا على السينما والدراما وبقية الفنون القولية وغير القولية. وفي السياق ذاته أثنى على دور الدكتور عارف الساعدي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية وقد وصفه عبدالعليم البنّاء بأنه "همزة الوصل الأمينة والمميزة في تحقيق ما يتمناه ويطمح إليه كل شرائح المثقفين العراقيين بدون استثناء". وما إن نطوي الافتتاحية حتى نجد رئيس التحرير نفسه يحاور وزير الثقافة الدكتور أحمد فكّاك البدراني الذي أشار إلى أنّ رئيس مجلس الوزراء، المهندس محمد شياع السوداني قد دعم الصحفيين العراقيين بمبلغ 5 مليارات دينار عراقي وخصص لمهرجان بغداد السينمائي مبلغ ملياري دينار عراقي، ومن بين المعلومات الكثيرة التي يزخر بها هذا الحوار أشار الوزير إلى أنه سيتبنى دعم مجلة السينمائي وطبعها في دار الشؤون الثقافية. وهذه التفاتة كريمة نتمنى أن تتجسد على أرض الواقع ويتم دفع مكافآت مجزية للمساهمين في الأعداد القادمة أسوة بدول الخليج في أقل تقدير.

مهرجان بغداد السينمائي . . الحدث الأبرز في العراق

يكتب المخرج والسينارست سعد نعمة عن مهرجان بغداد بوصفه الحدث الأبرز في العراق ويؤكد على ضرورة تشجيع الجمهور على المشاركة والتفاعل ودعم صنّاع الأفلام. كما توقف نعمة عند شعار المهرجان الذي استوحاه الفنان أحمد البحراني "من شكل المرأة العراقية التي قدّمت الكثير وتستحق أن تكون حاضرة في هذا الملتقى الفني المميز حيث تحوّل الرأس إلى شمس تشرق من جديد وكأنّ هذه المرأة تهزج مُرحبةً بضيوف العراق". كما تطرّق بالتفصيل إلى مسابقات المهرجان الخمس وتكريم ثلاث شخصيات فنية مهمة وهم المخرج محمد شكري جميل، والفنان قاسم الملاك، والفنان سامي قفطان.

يتناول كاتب هذه السطور الأفلام الروائية الطويلة المشاركة في مهرجان بغداد السينمائي الأول ويسلّط الضوء على ثيماتها المتنوعة ومن أبرز هذه الأفلام الاثني عشر "آخر السُعاة" و "ميسي بغداد" و "المُرهقون" و"رحلة يوسف"، و"إن شاء الله ولد" و"وادعًا جوليا".

ثمة مقال عن إعلان أسماء لجان التحكيم للمسابقات الخمس وهي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والروائية القصيرة، ومسابقة الأفلام الوثائقية، وأفلام التحريك (الأنيميشن)، ومسابقة فضاءات سينمائية جديدة. وتكريم الفنانين الثلاثة المُشار إليهم سلفًا إضافة إلى إزاحة الستار عن تمثال نصفي للمخرج محمد شكري جميل في مدخل نقابة الفنانين إلى جانب تمثال نصفي للفنان الراحل يوسف العاني علمًا بأن تمثال شكري من إبداع الفنان محمد جاسم الرسّام.

تضمّن "ملف العدد" ست مقالات دشّنها رئيس التحرير بمقالة تحمل عنوان "مهرجانات السينما في العراق.. إلى أين؟ قدّم فيها نبذة تاريخية عن أوائل المهرجانات العالمية مثل البندقية 1932 ومهرجان موسكو 1935 واعتبر الجوائز والتكريمات المنصفة هي من أهم الحوافز للمشاركين في صناعة أي فيلم متميز. وأنتقد بعض المهرجات العراقية التي لا تكشف عن المصادر والممولين وتعظّم الاستقطاب والشللية متناسين الاشتراطات والمقاييس العربية والعالمية.

مهرجانات عراقية تشكو من قِلّةالدعم و شحّة التمويل

يسترسل الناقد والمؤرخ مهدي عباس في مقاله المعنون "المهرجانات السينمائية في العراق" ويرصد ازدياد عدد المهرجانات بعد 2003 بحيث وصلت إلى 20 مهرجانًا أو أكثر في بعض السنوات. وأورد سبع ملحوظات مهمة من بينها قلّة الدعم أو انعدامه، وأنّ بعض المهرجانات لا يدعو ضيفًا عربيًا أو أجنبيًا واحدًا، وتشابه المهرجانات لدرجة أنها تعرض الأفلام نفسها. توقف مهدي عند مهرجان بغداد السينمائي الدولي الذي يشرف عليه الدكتور عمّار العرّادي والدكتور طاهر علوان واعتبره الكاتب أهم مهرجان عراقي على الإطلاق وقد نُظمت منه ثماني دورات ناجحة وتوقف بسبب قلّة الدعم. وجدير ذكره أنّ هذا المهرجان المحترف والناجح كان يعرض أفلامًا طويلة وقصيرة ويدعو ضيوفًا عربًا وأجانب بخلاف المهرجانات العراقية الأخرى الأمر الذي يدعو إلى الالتفات إليه وإعادة النظر بدعمه وتمويلة لكي يواصل مشروعه الفني الذي ظل متألقًا على مدى ثماني سنوات متتالية. ومهرجان (3 X 3) الذي يشرف عليه الدكتور حكمت البيضاني وهو المهرجان الأكثر حضورًا في بغداد بحسب كاتب المقال وكانت مدتة ثلاثة أيام ويعرض أفلامًا لا يزيد طولها عن ثلاث دقائق. و "مهرجان العراق الدولي للفيلم القصير" الذي أقامه نزار الراوي وتوقف بعد دورتين. و "الملتقى النسوي السينمائي" الذي أقيمت منه دورتان ثم توقف. وحاول المخرج نزار شهيد الفدعم إقامة مهرجان "سومر السينمائي" لكنه لم يتحقق على أرض الواقع. إضافة إلى مهرجان گلگامش المستمر حتى الوقت الحاضر ويشرف عليه الفنان محمد عبدالمنعم. كما يتوقف الكاتب عند مهرجانات الإقليم وتسع محافظات عراقية إضافة إلى مهرجانات أكاديمية الفنون الجميلة.

يتساءل الناقد السينمائي علاء المفرجي في مقاله الموسوم "ما جدوى المهرجانات إذن؟" ويقترح إعادة النظر بالمهرجانات العراقية وتقديم ورقة عمل يضعها المتخصصون لتوحيد الجهود المتناثرة من أجل إقامة مهرجان سينمائي واحد في الأقل على أن يكون مستوفيًا للشروط المُتعارف عليها في المهرجانات السينمائية الدولية ولا بأس من تنظيم مهرجانات متخصصة شرط أن يكون ذلك مقرونًا بزيادة الإنتاج العراقي.

إشاعة ثقافة اللغة البصرية

يستفيض الدكتور الناقد صالح الصحن في مقاله "شغف المهرجانات السينمائية" ويذكر ويشخَّص 30 ملحوظة جديرة بالقراءة والتأمل من بينها إشاعة ثقافة اللغة البصرية، وتبادل الأفكار والتعارف الثقافي بين الضيوف المدعوين، ودعا إلى أن تحمل المهرجانات اسم الفكرة والموضوع المحوري الذي تدور حوله مثل البيئة، التسامح، الطفولة، المرأة وما إلى ذلك.

يتناول الدكتور سالم الشدهان موضوع "المهرجانات بين الاستقلال والحكومة" ويقول بأنّ إنتاج الأفلام القصيرة في العراق يتجاوز الـ 200 فيلمًا لكن نسبة ما يمكن أن نطلق عليه تسيمة الفيلم السينمائي لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. ودعا إلى التفريق بين المهرجانات الحكومية والدولية، فالحكومة طارئة وتتغير لكن الدولة باقية وراسخة في ذاكرة الناس الجمعية.

يرصد الناقد الفني رضا المحمداوي في مقاله المعنون "البحث عن جمهور السينما الضائع" الذي يرتاد صالات السينما العراقية والذي يُفترض أن يكون جمهورًا عريضًا وواسعًا وجادًا وحريصًا على متابعة الأفلام العراقية والعربية والأجنبية ويتساءل عن سبب اختفاء هذا الجمهور الذي يحتاجه صانع الفيلم كي يعرض عليه بضاعته البصرية وما تنطوي عليه من آفاق ثقافية وفنية جديرة بالمشاهدة.

قاسم الملاّك . . جوهرة السينما العراقية

يحاور الكاتب عبدالعليم البنّاء أيضًا الفنان المخضرم قاسم الملاك الذي وصفه المُحاوِر بـ "الجوهرة السينمائية التي صقلها بفنه وإبداعاته التي كانت مغايرة لما يقدّمه الآخرون". ثمة معلومات مهمة لابد من الإشارة إليها من بينها أنّ الفنان حمودي الحارثي هو الذي نصحه بالالتحاق بمعهد الفنون الجميلة، وأنّ الفنان أسعد عبدالرزاق هو الذي اقترح عليه العمل في فيلم "الجابي"، ثم توالت مشاركاته حتى بلغ رصيده 22 فيلمًا بضمنها فيلم "المسألة الكبرى" للمخرج محمد شكري جميل. كان الملاّك معجبًا بالمخرج عبدالهادي الراوي لأنّ خياله كان خصبًا وملحوظاته دقيقة جدًا. ومع أنه تعب وبذل جهدًا كبيرًا في فيلم "افترض نفسك سعيدًا" لعبدالهادي الراوي إلاّ أنّ عرّابه هو المخرج محمد شكري جميل الذي مثّل معه كثيرًا وأفاد من خبراته إلى حدٍ كبير.

كما تُحاور هدير هادي في باب "سينمائيون عراقيون" المخرج والسينارست سعد نعمة الذي حصد جائزة الإبداع العراقي لأفضل سيناريو فيلم روائي طويل استلهمه من رواية "عذراء سنجار" للكاتب المبدع وارد بدر السالم. أخرج سعد نعمة "خطوات واثقة"، و "الفردوس المفقود"، و "مدينة الفقراء"، و "ليلة رحيل القمر" و"قناديل المعرفة" كما كتب عدة سيناريوهات من بينها "بغداد"، و "الفراشة البيضاء" ويتمنى أن يُخرج "عذراء سنجار" بدعم ورعاية وزارة الثقافة والسياحة والآثار ودائرة السينما والمسرح.

يتناول الناقد والسينارست استناد حدّاد فيلم "الدكتور حمّودي" للمخرج هادي ماهود ويصنّفه ضمن "أفلام الهجرة" ويتساءل الناقد:"هل تستحق الهجرة أن نفني أعمارنا من أجلها؟" ثم يضيف:"أننا أمام فيلم يحاكم عصر الطاغية بلغة بصرية فيها الكثير من التشكيل على مستوى اللقطة واختيار الزوايا". مقال مكثف ورصين يستنطق روح الفيلم ويقدّمه على طبق من ذهب إلى القارئ الكريم.

يرصد الناقد اللبناني محمد رضا "حصيلة 2023 السينما العربية . . تتقدم هنا وتتأخر هناك لكنها عمومًا في مكانك سرّ" ويشيد بعدد من الأفلام السعودية مثل "مندوب الليل" و "إلي ابني" و "نورة"، و "الناقة"، و"حجين"، كما يُثني على تجربة نادين لبكي وفيلم "وادعًا جوليا" لمحمد كوردفاني.

يراجع أحد القائمين على مجلة "السينمائي" مهرجانيَ "الجونة" و "البحر الأحمر" ويتوقف عند جوائز المسابقات الرسمية وثمة تركيز على فيلم "سعادة عابرة" للمخرج الكوردي سينا محمد الذي فاز بجائزة أفضل فيلم عربي كما خطفت السيدة بروين رجبي جائزة أفضل ممثلة مع أنها لم تمثّل من قبل. أما مهرجان البحر الأحمر فقد تميز بعرض فيلم إشكالي مثير للجدل وهو "إخفاء صدّام حسين" للمخرج الكوردي أيضًا هلكوت مصطفى. يسرد هذا الفيلم قصة علاء نامق، الشخص الذي قام بإخفاء صدام حسين لمدة 235 يومًا بينما كان يبحث عنه أكثر من 150 ألف جندي أمريكي خلال الحرب الأمريكية على العراق.

يكتب رسالة باريس كالعادة الناقد السينمائي صلاح سرميني مركزًا فيها على معرض احتفائي بالمخرجة الفرنسية آنييس ڨاردا التي كانت تطالب بسينما حرة.

يحلل الناقد سمير حنا خمورو فيلم "القاتل" للمخرج ديفيد فينشر ويصفه بفيلم الجريمة والإثارة السايكولوجية الذي كان يحلم بإخراجه وإنتاجه منذ 15 عامًا. ويتميز هذا الفيلم بسرعة التقطيع في المونتاج. وعلى الرغم من ثناء الناقد لهذا الفيلم إلاّ أنه يرى بأنّ الجمهور لن يتذكروا هذا الفيلم طويلاً والذي يبدو كأنه استراحة محارب لا غير.

السينما اللاتينية مرتبطة بالواقع الوطني وترفض الهروب منه وتشويهه

يتناول الناقد السينمائي رضا الأعرجي في دراسته الموسومة "السينما الجديدة في أمريكا اللاتينية. . لمحة تاريخة" وهي "سينما مرتبطة بالواقع الوطني وترفض أية صيغة للهروب من الواقع أو تشويهه، وبالتالي هي سينما واقعية تنتقل من الأحداث البسيطة إلى التحليل المتعمق والتحريض المفتوح على التغيير" كما يذهب الناقد وقد اقتفت السينما اللاتينية أثر الموجة السينمائية الجديدة وأنّ ما يجمع صانعي الأفلام اللاتينيين هو فكرة وهدف مشترك. وكان نجم البرازيل هو أول من حلّق في سماء السينما الجديدة. مقال جميل لا يمكن الإحاطة به بعجاله وأدعو إلى قراءته بتأمل كبير.

يقدّم الدكتور ماهر مجيد إبراهيم دراسة قيّمة بعنوان "الواقعية والأثنوغرافية في بنائية الفيلم السينمائي" ويرى أن الفيلم السينمائي الأثنوغرافي قريب جدًا إلى حد التماهي مع المفهوم الواقعي للفيلم السينمائي من أجل إيهام المتلقي بأنّ ما يراه هو الحقيقة من دون أية إضافات. ويتخذ من فيلم "أپوكاليپتو" لميل غبسون أنموذجًا لأنه يتناول حضارة المايا قبل دخول المحتل الغربي.

يقرأ الدكتور عقيل مهدي كتاب "محطات سينمائية" للناقد السينمائي علي حمود الحسن ويصف فصول هذا الكتاب "مقالات رصينة بشفرات سينمائية" يتوزع الكتاب على خمسة فصول من بينها "السينما والسيرة" و"السينما والحياة" و "السينما أنثى" وثمة إشادة كبيرة بهذا الكتاب الذي سد فراغًا في المكتبة السينمائية العراقية على وجه التحديد.

يكتب الدكتور علي علاوي عن فيلم "لو يطيحوا لحيوط" للمخرج حكيم بلعباس الذي يضعه ضمن خانة المخرج الثعلب لأنه ببساطة يصوّر ما لا يُصور، ويسرد ما يجب أن يُسرد لكن برؤية فلسفية تنفلت من الإطار المفروض.

يتابع الدكتور شاكر لعيبي نشر مقاله "سينمات العراق بين 1918-1950 وثائق تاريخية وبصرية" يتناول فيه عرض عروض سينما رويال لبعض الأفلام من بينها "الفرسان الثلاثة" و "الأيدي الشريرة" و "الصبي الكشّاف". كما يتابع عروض سينمات عراقية أخرى مثل سنترال وأولمپيا مثل "الشبح الرمادي" و "الآىس الأحمر" وغيرهما من أفلام تلك الحقبة التي باتت بعيدة نسبيًا.

يكتب الدكتور خليل الطيّار موضوعًا بعنوان "تقتير الصورة . . قلق الذاكرة في مشتتات عامر جاسم" ويؤكد بأنّ "الأشياء لم تعد واضحة وصريحة في عالمنا . . كل ما فيه يمر أمامنا بغواش ويدعو للقلق".

المخرج فاضل عباس عضوًا في لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي

ترصدالدكتورة ورود ناجي في مقال "متابعات سينمائية" عشرة أخبار من بينها حصول المخرجَين محمد الدراجي وعلي الفتلاوي على دورة مُنَح الخريف 2023. وخبر عن فيلم "يا حسين . . أربع رايات" سيناريو وإخراج حيدر مكي. وهناك خبر ثالث عن عضوية المخرج فاضل عبّاس في لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي الذي ينعقد من 15 إلى 25 فبراير / شباط 2024. وشاكيرا تسلط الضوء على حياتها في فيلم وثائقي بعد انفصالها المؤلم عن جيرار بيكيه.

يختتم الدكتور جبار جودي مواد العدد بعمودٍ عنوانه "المهرجان . . الحلم . . أخيرًا" الذي قال فيه "نأمل أن يكون هذا المهرجان باكورة لانطلاق العجلة السينمائية بلا توقف وأن تسترد السينما عافيتها وألقها". وفي الختام لابد من الإشارة إلى أنّ هذه التغطية الشاملة والواسعة لا تغني المتلقي عن اقتناء المجلة وقراءتها فلربما فاتتني بعض الأشياء المهمة على الرغم من حرصي الكبير على أن أُحيط القارئ بأهم الموضوعات والتفاصيل الدقيقة التي وردت في متن هذا العدد الممتاز حقًا الذي يدفعني لأن أحيي رئيس التحرير، الكاتب عبدالعليم البناء، ورئيس التحرير التنفيذي المخرج والسينارست سعد نعمة، ومدير التحرير، الناقد والمؤرخ السينمائي مهدي عباس، والمدير الفني محمد عبدالحميد، والمُحررة الدكتورة ورود ناجي والفوتوغراف حيدر حبّة وكل مَن ساهم في إصدار ورفد هذا العدد بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

موقع "الحوار المتمدن" في

20.02.2024

 
 
 
 
 

المخرج السوري باسل الخطيب: أشعر بالأمان في وجود دريد لحام

قال لـ«الشرق الأوسط» إن فيلمهما الجديد «يومين» يبتعد عن السياسة والحرب

بغدادانتصار دردير

قال المخرج السوري باسل الخطيب إنه فضّل مع الفنان الكبير دريد لحام عرض أحدث أفلامهما «يومين» في مهرجان بغداد السينمائي وتقديمه «هدية للجمهور العراقي» في عرضه الأول.

وأكد الخطيب في حواره لـ«الشرق الأوسط» أن «لحام يعد شريكاً أساسياً في أفلامه، وأنهما صاحبا مشروع واحد»، مشيراً إلى أن «الفيلم يعرض قصة بسيطة، لكنها تتسم بالعمق»، ومنوهاً إلى أن «السينما لا تصنع المعجزات، لكنها ذات تأثير كبير»، وثمّن دور مؤسسة السينما السورية في إنتاج الأفلام، بوصفها المنبر الوحيد لاستمرار صناعة السينما في سوريا.

وفي ثالث فيلم يجمعهما بعد فيلمي «دمشق حلب» و«الحكيم» يبتعد دريد لحام وباسل الخطيب عن السياسة والحرب التي استحوذت على أفلامهما سنوات طويلة، ليقدما في فيلم «يومين» قصة اجتماعية بسيطة عن التفكك الأسري وأهمية رعاية الأبناء، حيث يهرب طفلان من قسوة الأب ويحتميان في دار «أبو سلمى» الذي يجسده دريد لحام، والذي يعيدهما بعد يومين إلى أسرتهما، وقد أعطى الأب درساً عميقاً.

وحول فكرة الفيلم التي كتبها الفنان دريد لحام وكتب لها السيناريو والحوار تليد الخطيب (شقيق المخرج) يقول باسل: «نحن أمام حكاية بسيطة، فمفردات الفيلم لا يجب أن تكون معقدة، فليس من المطلوب أن نضع المشاهد أمام ألغاز، هو فيلم بسيط لكنه عميق، وهذا ما يميز أفلام الفنان دريد لحام التي تجمع بين البساطة والعمق في آن واحد».

ويصف الخطيب مرحلة العمل على السيناريو بأنها «مرحلة صعبة وتتطلب وقتاً» قائلاً إن «سيناريو الفيلم استغرق نحو 6 أشهر في كتابته حتى تم الاستقرار على النسخة الأخيرة»، لافتاً إلى أن شقيقه هو من كتب سيناريو فيلم «حلب دمشق حلب»، كما أنه شريك بالكتابة في مجموعة أفلام ومسلسلات تلفزيونية.

وحول إضافات الفنان دريد لحام للفيلم، يقول: «نحن شريكان وصاحبا مشروع واحد، وأنا أحرص على الأخذ برأيه لأنه صاحب تاريخ ولديه تجربة ثرية، وهناك بعض الأمور التي يكون متيقناً بصحة رأيه، والأفلام الثلاثة التي قدمناها أثبتت أن ملاحظاته ومقترحاته تكون لصالح العمل؛ لذلك أشعر بالأمان والطمأنينة في وجوده إذا انشغلت بالإخراج، فهو يتابع أدق تفاصيل السيناريو، وأحياناً نجري تعديلات خلال التصوير، وهو لا يتدخل في الإخراج ولا في اختيار الممثلين، لكنني احتراماً لوجوده أستشيره في فريق الممثلين؛ لأنه شريك أساسي في أفلامي».

واعتمد الفيلم في أغلب مشاهده على التصوير الخارجي، وينفي المخرج صعوبة ذلك مؤكداً: «حينما يتم التحضير الجيد للعمل يكون التنفيذ سهلاً، ولا أتذكر في الأفلام الثلاثة التي جمعتني بالأستاذ دريد أننا واجهنا أي صعوبات أو مشاكل، كنا نتوجه لموقع التصوير بمنتهى الحماس وننجز المطلوب ونعود وكأن نوع من العناية الإلهية تحرس هذه التجارب لتتم بشكل سلس».

وحول كيفية اختيار الطفلين شهد الزلق وجاد الدباغ لبطولة الفيلم، وهل هي تجاربهما الأولى؟ يقول الخطيب: «قمنا باختيارهما من بين أطفال عدة، وشهد لديها أعمال في الدراما السورية، أما جاد فرغم صغر سنه فلديه قناة على (يوتيوب)، وقد أجادا كل منهما في دوره».

فيلم «يومين» من إنتاج «مؤسسة السينما السورية» التي يؤكد المخرج أنها المنبر الوحيد الذي يقوم بالإنتاج، قائلاً: «أعتقد أننا كسينمائيين سوريين محظوظون بوجود المؤسسة، حيث لا توجد جهات إنتاج خاصة بالسينما مثل التلفزيون، ونحن نعمل أفلامنا بمجرد الموافقة على السيناريو وإدراج الفيلم دون أي ضغوط».

وعن الميزانية يقول: «نعمل بميزانيات متواضعة، وطموحاتنا أكبر بكثير من إمكانات الواقع، لكننا نحاول أن نتكيف مع هذه الظروف ونخرج بنتائج جيدة».

ومنذ تقديمه فيلمه «مريم» عام 2012 عقب اندلاع الحرب في سوريا والمخرج باسل الخطيب مهموم بهذه الحرب التي قدمها في أفلام عدة، من بينها «الأب»، «الأم»، «سوريون»، «حلب دمشق»، وحول تأثير هذه الأفلام يقول: «الأفلام لا تصنع معجزات، لكنها تعد سلاحاً قوياً ومؤثراً، وهو ما لمسته خلال عروض أفلامي التي تناولت الحرب في سوريا سواء داخل مدننا أو خارجها، وحتى في دول غربية، حيث عرضت بعض أفلامي بكندا وأستراليا، فقد كانت مؤثرة على الجمهور، وقالوا نحن قبل أن نشاهدها شيء وبعد مشاهدتها شيء آخر».

وحُدد العرض الجماهيري لفيلم «يومين» بسوريا خلال عيد الفطر المقبل ويؤكد الخطيب وجود قاعتي عرض في دمشق يقبل عليها الجمهور السوري.

ويتمتع باسل الخطيب بهدوء كبير متحدثاً دوماً بصوت خفيض تكاد لا تسمعه، لكنه يقول عن ذلك: «لا تنخدعوا بالمظهر، فانفعالاتي داخلية، ولديَّ من الأمور ما يجعلني دائم التوتر، غير أنني أحاول ألا أجعل انفعالاتي تتحكم بي، وفي موقع التصوير أعمل على الاحتفاظ بهدوئي حتى أحصل على النتيجة المرجوة من فريق العمل، وممارستي الرياضة بشكل يومي ساعدتني كثيراً على الوصول لهذه الحالة».

 

الشرق الأوسط في

20.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004