كان عماد حمدي لدى أبناء جيلي، نموذجا من نماذج "نبلاء التمثيل" في مصر.
فهو ضمن مجموعة من عشاق التمثيل السينمائي في مصر الذين تشعر أنهم كانوا
يمنحون الفيلم الذي يشاركون فيه، من أنفسهم، ويضفون على الشخصيات التي
يقومون بها، الكثير من الملامح الإنسانية القريبة من الإنسان المصري، ابن
الطبقة الوسطى في زمن صعودها ثم تدهورها، تحبه وتفهمه وتستنكر ضعفه وتفرح
بتوبته وعودته إلى طريق الاستقامة. فهو الموظف الذي يتمسك بالقيم
الأخلاقية، ولا ينحني أمام جبروت "المؤسسة"، وعندما تجبر الطبقة على
الإنحناء مع توحش الظرف الاقتصادي، يسقط رغما عنه في "الجريمة"، لكن عماد
حمدي بأدائه العبقري يشعرنا بأنه ضحية ويجعلنا نتعاطف معه في فيلم
"المذنبون" مثلا.
هو أيضا ابن الطبقة التي فقدت الأمل في مجتمع العدل بعد أن ساد الخوف،
فيغرق نفسه في غيبوبة المخدر كما في "ثرثرة فوق النيل"، ولكن من دون أن
يفقد القدرة على التعليقات الساخرة القاسية الموجعة التي تعبر عن ضمير
أبناء الطبقة. وهو الأب المتمسك بالقيم التي نشأ عليها، في مجتمع الإنتاج
الصغير في "الورشة" لكن الظرف السياسي والاجتماعي يتجاوزه ويدفع به إلى
دوامة اليأس، مع زحف الجشع على جيل الأبناء في "سواق الأوتوبيس".
عماد حمدي هو الأب والأخ والصديق، وهو الرمز والشخصية، يجسد الطبقة كما
يعكس صورة المجتمع، وحتى وهو يقوم بدور الأب القاسي في "الخطايا" سرعان ما
تتغلب مشاعره النبيلة على غضبه. لقد كنا دائما نرى أنفسنا فيه، نتعاطف معه،
ونجعله مثالا لنا كما جعلنا هو قبلة له. عماد حمدي ممثل صبغ السينما
المصرية بصبغته الخاصة عبر أكثر من أربعين عاما. عاش مثل هواة الفن، أخلص
للسينما فمنحته الخلود. |