تنطلق مساء غدٍ الثلاثاء فعاليات الدورة الثامنة والسبعين
من مهرجان كان السينمائي الدولي، في مدينة كان جنوب فرنسا، وسط أجواء
احتفالية تُعد من الأبرز في تاريخ المهرجانات السينمائية العالمية.
ويشهد المهرجان هذا العام حضورًا عربيًا لافتًا، سواء على
مستوى الاختيارات الرسمية، أو من خلال المشاركة في سوق الفيلم الدولية، إلى
جانب كوكبة من النجوم، والمخرجين، والمنتجين، والموزعين، والنقاد،
والإعلاميين من مختلف أنحاء العالم.
ويُفتتح المهرجان بفيلم فرنسي رومانسي بعنوان "إجازة ليوم
واحد" (Partir
un jour)
للمخرجة الفرنسية إميلي بونان (مواليد 1985). ويُعد هذا الفيلم رابع فيلم
فرنسي يُعرض في افتتاح المهرجان.
وتدور أحداث الفيلم حول شخصية "سيسيل"، وهي شابة تستعد
لتحقيق حلمها بافتتاح مطعم فاخر في العاصمة باريس. لكن تتغير خططها فجأة
عندما تضطر للعودة إلى قريتها الصغيرة بعد تعرض والدها لأزمة قلبية.
وخلال زيارتها، تلتقي بحبها الأول، ما يدفعها إلى إعادة
النظر في حياتها وقراراتها الماضية والمستقبلية.
تواصل السينما العربية تحقيق حضور متزايد ولافت عامًا بعد
عام، ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، الذي يُعد
الأهم عالميًا في مجال الفن السابع، وأصبح محطة رئيسية لصنّاع السينما من
مختلف أنحاء العالم.
ومن المقرر أن تشهد الدورة الـ78 للمهرجان، والتي ستُقام في
مدينة كان جنوب فرنسا خلال الفترة من 13 إلى 24 مايو المقبل، حضورًا عربيًا
مميزًا، يتمثل في خمسة أفلام مثيرة لعدد من صنّاع السينما العرب من جيل
الشباب.
وينافس فيلمان من بين هذه الأعمال على السعفة الذهبية في
المسابقة الرسمية، فيما تشارك ثلاثة أفلام في مسابقة "نظرة ما"، من بينها
فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران"، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج المصري
مراد مصطفى، من إنتاج سوسن يوسف وفيصل بالطيور من السعودية. ويمثل هذا
الفيلم ثاني حضور لمراد مصطفى في مهرجان كان، بعد تجربته السابقة في الفيلم
الروائي القصير "عيسى"، الذي عُرض ضمن أسبوع النقاد في الدورة الـ76، وحصد
آنذاك جائزتين مستقلتين من جمعية محبّي السينما، وجمهور صالة فالبون
الفرنسية.
ووفق المعلومات المتوفرة حتى الآن، يشارك في بطولة الفيلم
بوليانا سيمون، إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا، وعماد غنيم، وممدوح
صالح، مع مونتاج محمد ممدوح، وتصوير مصطفى كاشف، الذي سبق له التعاون مع
مصطفى في فيلم "عيسى"، ويشارك للعام الثاني على التوالي في قسم "نظرة ما"
بمهرجان كان، بعد مشاركته العام الماضي بفيلم "قرية قرب الجنة" للمخرج
الصومالي مو هاروي.
يمثل السينما العربية والفلسطينية في مهرجان كان السينمائي
الدولي، ضمن تظاهرة "نظرة ما"، المخرجان عرب وطرزان ناصر بفيلمهما الجديد "Once
Upon a Time in Gaza"
أو "كان ياما كان في غزة"، والذي تدور أحداثه خلال فترة تولّي حركة "حماس"
زمام الأمور في القطاع.
ويروي الفيلم قصة يحيى، الذي يسعى للانتقام لمقتل صديقه
أسامة بطريقة وحشية، إلا أن مواجهته مع القاتل تُغيّر مجرى الأمور بشكل غير
متوقع. ويؤدي دور البطولة في الفيلم الممثل السوري نادر عبد الحي.
وجدير بالذكر أن الأخوين ناصر كانا قد شاركا سابقًا في
مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان كان عام 2013 بفيلمهما القصير "كوندوم
ليد"، ثم عادا إلى المهرجان عام 2015 بفيلمهم الروائي الطويل "ديغراديه"،
والذي عُرض ضمن أسبوع النقاد. كما عُرض فيلمهما الأخير "غزة مونامور" في
مسابقة آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي عام 2020، وحاز جائزة نيتباك
في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي.
أما الفيلم العربي الثالث ضمن مسابقة "نظرة ما" في مهرجان
كان السينمائي، فهو فيلم "سماء بلا أرض"، وهو العمل الروائي الطويل الثاني
للمخرجة التونسية أريج السحيري، التي سبق أن حقق فيلمها الأول "تحت الشجرة"
عرضه العالمي الأول في قسم "نصف شهر المخرجين" بمهرجان كان 2022، قبل أن
يُختار لتمثيل تونس في ترشيحات الأوسكار لعام 2023.
وتدور أحداث "سماء بلا أرض" في تونس، حيث تعيش ثلاث سيدات
من ساحل العاج ينتمين إلى أجيال مختلفة في منزل أشبه بكنيسة. إحداهن قسيسة
إنجيلية، والثانية سيدة أعمال، والثالثة طالبة. ومع وصول فتاة يتيمة إلى
المنزل، تُجبر النساء على مواجهة جراحهنّ الخفية وهشاشة حياتهنّ، وحياة
المهاجرات الإفريقيات في تونس.
أما في المسابقة الرسمية، فيتنافس فيلمان لصنّاع سينما
أوروبيين من أصول عربية:
- الأول من توقيع حفصية حرزي، المخرجة الفرنسية ذات الأصول
التونسية-الجزائرية، والتي تشارك بفيلمها الطويل الجديد "البنت الصغرى".
- والثاني من إخراج طارق صالح، المخرج السويدي من أصل مصري،
الذي يعود إلى "كان" بفيلمه الجديد "نسور الجمهورية"، بعد نجاحه السابق في
فيلم "صبي من الجنة"، الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان 2022.
ويُعد "نسور الجمهورية" الفيلم الروائي الطويل الثالث لطارق
صالح، بعد "حادثة النيل هيلتون" الذي تناول مقتل فنانة شهيرة، و*"صبي من
الجنة"* الذي ناقش الصراعات السياسية داخل الأزهر. وتمتاز أعماله بجرأتها
وطرحها المثير للجدل.
وتدور أحداث فيلمه الجديد حول ممثل شهير يقع في أزمة كبرى
مع السلطة إثر فضيحة تهدد مسيرته، ما يدفعه لقبول عرض لا يستطيع رفضه.
يقوم ببطولة الفيلم الممثل اللبناني فارس فارس، الذي سبق له
التعاون مع صالح في فيلميه السابقين، وتشاركه البطولة شيرين دعيبس
(فلسطينية - أمريكية)، و*لينا خضري* (فرنسية - جزائرية)، إلى جانب عمرو
واكد، الذي يُعرض له في المهرجان فيلمان، حيث يشارك أيضًا في بطولة فيلم
"أورتشين" من إخراج وتمثيل البريطاني هاريس ديكنسون، والذي يُعرض ضمن
تظاهرة "نظرة ما".
تشارك المخرجة والممثلة الفرنسية من أصل تونسي حفصية حرزي
في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي بفيلمها الجديد "البنت الصغرى"،
الذي ينافس على السعفة الذهبية.
ويروي الفيلم قصة "فاطيما"، فتاة شابة تغادر منزل عائلتها
المحافظ في الضواحي لتلتحق بدراسة الفلسفة في باريس. لكن انتقالها إلى
العاصمة الفرنسية يصطدم بحياة طلابية متحررة وصاخبة، ما يضعها أمام صراع
داخلي بين جذورها الدينية المحافظة والعالم الليبرالي الجديد.
ولا تزال آمال السينما العربية معلّقة على الأيام المقبلة
من المهرجان، حيث يُنتظر الإعلان عن الأفلام المشاركة في عدد من التظاهرات
المهمة، مثل:
- أسبوع المخرجين
- أسبوع النقاد
- مسابقة الأفلام القصيرة
- تظاهرة "سينيفونداسيون" الخاصة بأفلام المعاهد
السينمائية، والتي تستقطب سنويًا عددًا من أبرز المواهب الشابة في السينما
العالمية.
وعلى صعيد الحضور العربي، يسجل المهرجان هذا العام مشاركة
متميزة من خلال:
- الجناح السعودي
- الخيمة العراقية (لأول مرة)
- أجنحة تمثل فلسطين، الجزائر، المغرب، ومصر (من خلال شراكة
بين مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الجونة)
- مركز السينما العربية
كما يحضر عدد من مديري المهرجانات السينمائية العربية،
وأبرز المنتجين والموزعين والنقاد، إلى جانب ممثلين عن القنوات التلفزيونية
العربية لتغطية هذا الحدث السينمائي العالمي الأهم. |