استحوذ كل من الزعيم عادل إمام، والسندريلا سعاد حسني،
والكاتب الكبير وحيد حامد على العدد الأكبر من الأفلام العشرة الأولى في
قائمة أفضل مائة فيلم سياسي في الاستفتاء الذي أقامه مهرجان الإسكندرية
السينمائي، وشارك فيه 41 ناقداً من مصر والدول العربية، حيث تواجدت ثلاثة
أفلام لكل من "الزعيم" و"السنريلا" و"حامد" في القائمة التي ضمت أفلام:
(الكرنك)، (البريء)، (شيء من الخوف)، (احنا بتوع الأتوبيس)،
(في بيتنا رجل)، (طيور الظلام)، (الإرهاب والكباب)، (العصفور)، (غروب
وشروق)، و(القاهرة 30). وعن تفاصيل أفلام كل من عادل إمام وسعاد حسني ووحيد
حامد في هذه القائمة، نلتقي في السطور التالية.
يُعتبر عادل إمام هو النجم الوحيد الذي تواجدت له 3 أفلام
ضمن الأفلام العشرة الأولى في قائمة أفضل مائة فيلم سياسي في تاريخ السينما
المصرية. الأول هو فيلم (إحنا بتوع الأتوبيس) إنتاج عام 1979، وهو مأخوذ عن
واقعة حقيقية وقصة للكاتب جلال الحمامصي، وسيناريو وحوار فاروق صبري،
وإخراج حسين كمال. وشارك في بطولته مع عادل إمام كل من: عبد المنعم مدبولي،
وسعيد عبد الغني، ومشيرة إسماعيل، وإسعاد يونس، وعقيلة راتب، وجمال
إسماعيل، ويونس شلبي، ووجدي العربي، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه في نهاية فترة الستينيات من القرن الماضي حول
الاعتقالات السياسية، وما كان يحدث داخل المعتقلات السياسية من عمليات
تعذيب لانتزاع اعترافات غير حقيقية من المعتقلين على مشاركتهم في تنظيمات
سرية ضد نظام الحكم. وقدَّم عادل إمام من خلاله شخصية «جابر» الذي يعمل في
جمعية الرفق بالحيوان، وأثناء استقلاله أتوبيس نقل عام مع جاره «مرزوق»
الذي جسَّد دوره عبد المنعم مدبولي، تقع مشاجرة بينهما وبين كمسري
الأتوبيس، فيتوجهون إلى أحد أقسام الشرطة الذي يحتجز بعض المعتقلين
السياسيين قبل ترحيلهم إلى أحد المعتقلات، فيتم ترحيل جابر ومرزوق معهم.
وداخل هذا المعتقل، يحاول الضابط -الذي جسَّد دوره سعيد عبد الغني- أن
يجبرهما على الاعتراف بأنهما كانا ضمن تنظيم سري يعمل على قلب نظام الحكم،
وعندما يرفضان الاعتراف بذلك، يتم تعذيبهما بشكل وحشي، ويتم قتلهما في
نهاية الأحداث عندما يطلق بعض العساكر الرصاص على المعتقلين بشكل عشوائي.
الفيلم الثاني هو (طيور الظلام) إنتاج عام 1995، ومن تأليف
وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة. وشارك مع عادل إمام في بطولته: يسرا، ورياض
الخولي، وجميل راتب، وأحمد راتب، ونظيم شعراوي، ونهال عنبر، ومجموعة أخرى
من الفنانين. وتدور أحداثه حول المحامي «فتحي نوفل» الذي جسَّد دوره عادل
إمام، والذي يعيش ويعمل في إحدى المناطق الريفية، ويلجأ إليه من وقت لآخر
أحد أهم المحامين في القاهرة ليساعده في بعض القضايا المعقدة لذكائه
الشديد، ويقوده هذا إلى أن يتولى الحملة الانتخابية لأحد الوزراء لعضوية
مجلس الشعب. وبعد أن ينجح في هذه المهمة، يصبح مدير مكتب الوزير، وتتغير
شخصيته وحياته بالكامل؛ حيث يستغل هذا المنصب وكذلك عضويته في الحزب الحاكم
في تحقيق مكاسب مادية بالرشوة والفساد.
وتناول الفيلم علاقة الصداقة التي تجمع بين فتحي وبين شخصية
«علي الزناتي» المحامي الذي يعمل مع جماعة الإخوان، وكيف تتحول هذه الصداقة
إلى صدام بينهما بعد ذلك. وطرح الفيلم من خلال ذلك الصراع بين الحزب الحاكم
في ذلك الوقت وجماعة الإخوان من أجل السيطرة على البلد، والأساليب
الإجرامية والاغتيالات التي تلجأ إليها جماعة الإخوان لتحقيق أهدافها،
وكذلك الأساليب غير المشروعة التي يلجأ إليها فتحي نوفل وكل منهما من أجل
تحقيق مصالحه الشخصية، واستمرار الصراع بين الصديقين فتحي وعلي وما يمثله
كل منهما حتى المشهد الأخير في أحداث الفيلم.
الفيلم الثالث هو (الإرهاب والكباب) إنتاج عام 1992، تأليف
وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة. وشارك مع عادل إمام في بطولته كل من: يسرا،
وكمال الشناوي، وأحمد راتب، وأشرف عبد الباقي، وعلاء ولي الدين، وإنعام
سالوسة، وماجدة زكي، ومحمد يوسف، وأحمد عقل، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه حول فكرة أشكال الإرهاب المختلفة التي يتعرض لها العديد من
الأشخاص، ومدى تأثير ذلك على حياتهم، وذلك من خلال شخصية «أحمد» التي
جسَّدها عادل إمام، الذي يعمل في شركة المياه أثناء النهار وفي أحد المطاعم
أثناء الليل، وهو متزوج وله طفلان، ويتوجه إلى مجمع التحرير لنقل طفلَيه من
مدرستهما إلى مدرسة قريبة من منزله، فتقع مشاجرة بينه وبين أحد الموظفين
تقوده بالصدفة إلى أن يمسك سلاحًا ويحتجز بعض العاملين والموجودين في
المجمع، فيتم التعامل معه على أنه إرهابي يحتجز رهائن من أجل تنفيذ مطالب
لجماعته الإرهابية.
وتقوم الداخلية بمحاصرة المجمع والتفاوض معه من أجل إطلاق
الأشخاص الذين يحتجزهم، ومن خلال ذلك والأشخاص الذين ينضمون إليه فيما يقوم
به، يتم تناول ما يواجهه العديد من الأشخاص من أشكال مختلفة ومتعددة من
الإرهاب الذي يتعرض له البعض في حياتهم اليومية، وكذلك العديد من المشاكل
الاجتماعية.
سعاد حسني
تُعد سعاد حسني هي النجمة الوحيدة التي تواجدت لها 3 أفلام
ضمن العشرة الأفلام الأولى في قائمة أفضل مائة فيلم سياسي في تاريخ السينما
المصرية. والفيلم الأول هو (الكرنك) الذي تصدَّر هذه القائمة، وهو من إنتاج
عام 1975، وهو مأخوذ عن رواية الأديب نجيب محفوظ التي تحمل نفس الاسم،
وسيناريو وحوار ممدوح الليثي، وإخراج علي بدرخان. وشارك في بطولته معها:
نور الشريف، وكمال الشناوي، وفريد شوقي، وصلاح ذو الفقار، وشويكار، ومحمد
صبحي، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه حول مجموعة من الطلبة الذين يتواجدون في مقهى
الكرنك، ومن بينهم «زينب» التي جسَّدت دورها سعاد حسني، والمرتبطة بقصة حب
مع شخصية «إسماعيل» الذي جسَّد دوره نور الشريف. كما يتردد على المقهى بعض
المفكرين والمثقفين، الذين يتحدثون دائمًا في موضوعات تتضمن انتقادًا لثورة
يوليو ولما يجري في المجتمع، إلى أن يتم القبض على زينب وإسماعيل
واعتقالهما، ومحاولة إجبارهما على الاعتراف بانضمامهما لتنظيمات سرية تعمل
ضد البلد، وعندما يرفضان ذلك، يتم تعذيبهما واغتصاب زينب التي تتدمر حياتها
تمامًا.
وتنتهي أحداث الفيلم مع ثورة التصحيح، والقبض على شخصية
«خالد صفوان» المسؤول عن المعتقل وتعذيب المعتقلين، وبداية حياة جديدة
لزينب وإسماعيل. وقد شهد هذا الفيلم إقامة دعوى قضائية لمنع عرضه، واعتراض
الكاتب يوسف السباعي -وزير الثقافة في ذلك الوقت- على عرض الفيلم إلا بعد
حذف العديد من مشاهده، ولم تتم الموافقة على عرض الفيلم إلا بقرار من
الرئيس السادات.والفيلم الثاني هو (غروب وشروق) إنتاج عام 1970، قصة جمال
حماد، وسيناريو وحوار رأفت الميهي، وإخراج كمال الشيخ. وشارك مع سعاد حسني
في بطولته: رشدي أباظة، ومحمود المليجي، وصلاح ذو الفقار، وإبراهيم خان،
ومحمد الدفراوي، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه مع بداية عام 1952 حول شخصية «مديحة» التي
قامت بدورها سعاد حسني، وهي ابنة «عزمي باشا» رئيس البوليس السياسي، والتي
سعت إلى التمرد على القيود التي يفرضها عليها والدها بالزواج من «سمير» على
أمل أن تعيش معه خارج قصر والدها، إلا أنه لا ينجح في إقناع والدها بذلك.
ولشعورها بالملل من حياتها، خاصة بسبب ابتعاد سمير عنها بسبب عمله كطيار،
تقوم بالتعرف على صديقه «عصام» الذي عرفت عنه الكثير من سمير، وصاحب العديد
من التجارب النسائية، دون أن تكشف له عن شخصيتها. وبالصدفة، يكتشف سمير
وجود مديحة في غرفة نوم صديقه عصام، فيفضحها أمام والدها وكل الموجودين في
قصره ويطلقها. وينتقم عزمي باشا منه بقتله.
وحين يكتشف عصام أن مديحة كانت زوجة صديقه سمير، يشعر
بالصدمة، ويوافق بعد ذلك على الزواج منها بعد أن ينضم لإحدى التنظيمات
السرية التي تسعى لكشف فساد عزمي باشا وفساد الملك، ويعمل معها من أجل ذلك
الهدف حتى ينتقم لصديقه سمير ومن أجل البلد، بعد أن تتغير شخصيته ويدرك ما
كان يجهله، إلى أن ينجح في مهمته، ويتم عزل عزمي من وظيفته والقبض عليه.
الفيلم الثالث هو (القاهرة 30) إنتاج عام 1966، وهو مأخوذ
عن رواية للأديب نجيب محفوظ، وكتب له السيناريو: صلاح أبو سيف، وعلي
الزرقاني، ووفيق خيري، وحوار لطفي الخولي، وإخراج صلاح أبو سيف. وشارك في
بطولته مع سعاد حسني كل من: أحمد مظهر، وحمدي أحمد، وعبد العزيز مكيوي،
وعبد المنعم إبراهيم، وأحمد توفيق، وتوفيق الدقن، وشفيق نور الدين، وعقيلة
راتب، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه خلال فترة الثلاثينيات من القرن الماضي حول
مجموعة من الزملاء في إحدى الكليات، ولكل منهم ظروف مختلفة، ومن بينهم «علي
طه» الشاب المثقف والمرتبط بقصة حب مع الفتاة الجميلة الفقيرة «إحسان» التي
جسَّدت دورها سعاد حسني، والتي تعيش مع أسرتها المعدمة، ويسعى والدها لأن
يزوجها أو يدفعها لعلاقة مع أي شخص ثري، إلى أن يتحقق له ذلك عندما يشاهدها
«قاسم بيه» ويعجب بها، ويرتبط بعلاقة معها دون زواج مقابل منح والدها
المال، وهي توافق على ذلك من أجل أسرتها.
كما نتابع من بداية الأحداث شخصية «محجوب عبد الدايم» زميل
علي، والذي يعاني من الفقر الشديد، ويلجأ إلى ابن قريته «سالم الأخشيدي»
الذي أصبح يشغل منصبًا مهمًّا ليجد له فرصة لأي عمل، فيعرض عليه الزواج من
إحسان ليحصل على العمل الذي يريده، بعد أن يوضح له أن إحسان هذه هي عشيقة
قاسم بيه الذي سيزورها مرة كل أسبوع في منزلهما، وأن عليه أن يغادر المنزل
أثناء ذلك، فيوافق محجوب على ذلك، ويستغل هذا الزواج ليحصل على منصب أعلى،
ويسعى للصعود في هذا المجتمع الذي يسوده الفساد في كل شيء، حتى عندما ينكشف
أمره وحقيقة بيعه لشرفه من أجل منصبه والحياة الجديدة التي أصبح يعيشها،
فإن هذا لا يشغله، ويؤكد أن الفضيحة لن تنال منه بسبب طبيعة المجتمع الذي
يحيا فيه. في الوقت الذي يسعى فيه علي بالنضال السياسي إلى أن يغير من هذا
المجتمع، فيتم إطلاق النار عليه وهو يوزع بعض المنشورات.
أفلام وحيد حامد
تواجدت للكاتب الكبير وحيد حامد ثلاثة أفلام ضمن قائمة أفضل
عشرة أفلام سياسية في تاريخ السينما المصرية، تصدَّرها فيلم (البرئ) إنتاج
عام 1986، وإخراج عاطف الطيب، وبطولة: أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، وممدوح
عبد العليم، وصلاح قابيل، وجميل راتب، وأحمد راتب، وإلهام شاهين، وحسن
حسني، ومجموعة أخرى من الفنانين.
وتدور أحداثه حول شخصية «أحمد سبع الليل» التي قدَّمها أحمد
زكي، وهو شاب ريفي بسيط يعيش في إحدى القرى، وهو غير متعلم ولا يعرف في
الحياة سوى قريته التي يعتبرها وطنه وكل شيء بالنسبة له، إلى أن يتم تجنيده
وتوزيعه للعمل ضمن عساكر الحراسة على أحد المعتقلات السياسية، ويتم إخباره
أن هؤلاء الأشخاص المسجونين داخل هذا المعتقل هم أعداء الوطن. ولأن الوطن
عنده هو أهم شيء، يتعامل أحمد مع هؤلاء المعتقلين بقسوة، ولا يتعاطف مع
التعذيب الذي يتعرضون له، بل يرى أنه أقل شيء يستحقونه، وأنه يجب قتلهم
والتخلص منهم لأنهم أعداء الوطن.
وتتصاعد أحداث الفيلم التي تتضمن أشكالًا مختلفة من التعذيب
الذي يتعرض له هؤلاء المعتقلين، إلى أن يصل للمعتقل مجموعة من الطلبة
المعتقلين، ويكون من بينهم «حسين وهدان» ابن قرية أحمد سبع الليل، والذي
يعرفه أحمد جيدًا وتعلم منه معنى حب الوطن وأهمية الدفاع عنه من الأعداء،
ولهذا لا يصدق أنه من أعداء الوطن، ويرفض أن يشارك في تعذيبه، ولهذا يتم
سجنه مع حسين في زنزانة واحدة وتعذيبه معه، إلى أن يموت حسين من الثعابين
التي يتم إلقاؤها داخل الزنزانة، بعد أن يكون أحمد قد أدرك أن هؤلاء
المعتقلين ليسوا أعداء الوطن، بل من يعذبوهم هم أعداء الوطن.
فيمسك بالرشاش بيده إلى جانب الناي الذي يعزف عليه، ويتحفز
للتمرد على ما يحدث داخل المعتقل مع وصول دفعة جديدة من المعتقلين. وهذه
النهاية هي التي عُرض بها الفيلم بعد حذف نهايته الأصلية التي يقوم فيها
أحمد بإطلاق الرصاص من الرشاش على حراس المعتقل وقتل العديد منهم، وقيام
أحدهم بإطلاق النار عليه حتى يسقط قتيلًا.
ويُعتبر هذا الفيلم من أهم وأجرأ الأفلام السياسية التي
قُدِّمت في فترة الثمانينات من القرن الماضي حول العديد من القضايا المهمة.
وقد اعترضت الرقابة على عرضه، ولم تتم الموافقة عليه إلا بعد مشاهدته من
وزراء الداخلية والدفاع والثقافة في ذلك الوقت، والذين اشترطوا حذف مشهد
النهاية للموافقة على عرضه. وقد أثار الفيلم ضجة كبيرة عند عرضه حتى بعد
حذف مشهد نهايته الأصلي.
أما الفيلمان الآخران للكاتب وحيد حامد ضمن قائمة أفضل عشرة
أفلام سياسية في تاريخ السينما المصرية، فهما (طيور الظلام) و(الإرهاب
والكباب). |