ملفات خاصة

 
 
 

كلاوديا كاردينالي..

أيقونة الشاشة الأوروبية التي اكتشفها عمر الشريف

كتبت: مرفت عمر

رحيل أيقونة الجمال السمراء

كلوديا كاردينالي

   
 
 
 
 
 
 

في ربيع السينما الإيطالية والأوروبية في ستينيات القرن الماضي، بزغ نجم ممثلة شابة قادمة من تونس، لتصبح رمزاً للجمال الناعم، والتمثيل الممزوج بالموهبة والمتوهج بالعاطفة، إنها كلاوديا كاردينالي، الممثلة الإيطالية – التونسية المولد، التي استطاعت أن تكتب اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الفن السابع، وأن تحفر بصمتها في ذاكرة الجمهور العالمي، ورغم أن مسيرتها ارتبطت بكبار المخرجين الإيطاليين مثل فيسكونتي وفلليني، إلا أن بداية اكتشافها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً باسم مصري خالص، هو النجم العالمي عمر الشريف، الذي كان له دور في لفت الأنظار إليها، ليصبح بذلك أحد مفاتيح عبورها إلى الأفق العالمي.

ولدت كلاوديا كاردينالي في مدينة حلق الوادي القريبة من العاصمة التونسية عام 1938، وسط عائلة إيطالية الأصل استقرت في شمال أفريقيا، لم تكن تفكر يوماً في أن تصبح ممثلة، إلى أن شاركت مصادفة في مسابقة "أجمل فتاة إيطالية في تونس" عام 1957، وفازت بها، الجائزة كانت رحلة إلى إيطاليا، وهناك بدأت مسيرة جديدة لم تكن تخطر ببالها. في إيطاليا التقت بالمخرج والمنتج فرانكو كريستالدي، الذي أصبح فيما بعد زوجها، وكان له دور محوري في إدخالها إلى عالم السينما، لكن نقطة التحول الكبرى جاءت عام 1963 عندما ظهرت إلى جوار عمر الشريف في فيلم "جحا"، وهو الدور الذي اعتبرته جواز سفرها إلى قلوب النقاد والجمهور على السواء، ومن هنا بدأ اسمها يتردد بقوة في الدوائر السينمائية الأوروبية.

علاقة كلاوديا كاردينالي بعمر الشريف لم تكن مجرد صدفة مهنية، بل كانت بمثابة لحظة فاصلة في مسيرتها فالشريف، الذي كان قد لمع نجمه في مصر ثم في أوروبا قبل أن ينطلق إلى هوليوود، قدم لها فرصة الظهور في عمل سينمائي مشترك فتح لها أبواب الشهرة. لطالما تحدثت كاردينالي في حواراتها عن احترامها لعمر الشريف، معتبرة أنه كان من أوائل الذين آمنوا بموهبتها، والأهم أنها رأت فيه فناناً ذا شخصية آسرة استطاع أن يكون جسراً بين السينما العربية والأوروبية، وهو ما جعلها تحتفظ بذكريات خاصة معه، وفي أكثر من مناسبة أشارت إلى أن الشريف لم يكن مجرد ممثل عالمي، بل إنسان مثقف ومنفتح، يعي معنى أن تكون جسراً بين الشرق والغرب.

بعد تجربتها مع عمر الشريف، انطلقت كاردينالي بسرعة لتصبح إحدى أهم نجمات السينما الإيطالية، عملت مع المخرج لوشينو فيسكونتي في "روكو وإخوته" (1960) و"الفهد" (1963)، كما شاركت في "ثمانية ونصف" لفلليني، حيث كرّست مكانتها كأيقونة للجمال والفن الراقي. هوليوود بدورها لم تقاوم سحرها، فظهرت في أفلام بارزة مثل "النمر الوردي" (1963)، و"المحترفون" (1966)، وصولاً إلى تحفتها "حدث ذات مرة في الغرب" (1968) مع سيرجيو ليوني، ورغم كل هذه النجاحات، كانت حريصة على ألا تتحول إلى "كليشيه"، فعادت في السبعينيات إلى السينما الإيطالية والفرنسية، حيث قدمت أدواراً أكثر عمقاً وجرأة.

لم تكن مصر بالنسبة لكلاوديا كاردينالي مجرد بلد صدف أن صورّت فيه أحد أفلامها المبكرة، بل كانت محطة وجدانية وإنسانية، فقد شاركت في مهرجانات مصرية كبرى، من بينها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث احتفى بها النقاد والجمهور على حد سواء. وجودها في القاهرة ارتبط دائماً بعلاقة الود التي جمعتها بعمر الشريف، كما أنها كانت ترى في السينما المصرية نموذجاً عربياً يستحق التقدير والاحتفاء، كثيراً ما تحدثت عن إعجابها بالمخرجين المصريين الذين سعوا إلى تقديم سينما جادة تعكس قضايا المجتمع.

وأقيم تكريما لها وبحضورها عروضا لأفلامها في تونس مسقط رأسها، وفي افتتاح "Cité de la Culture" ومبنى السينما التونسيّة، وتدشين Cineteca تونسية تحت رعايتها، مما يدل على تماسك علاقاتها الفنية والثقافية مع بلادها الأم. في مقابلة عندما تم تكريمها في تونس، وصفت تونس بأنها “أرض ترحّب بالناس” وأعربت عن تعاطفها مع المهاجرين واللاجئين، قائلة إن مفتاح الإنسانية هو كيف نستقبل الآخر والمهجّر. كذلك، في مهرجان القاهرة عام 2015، قالت عبارات مثل "أحب مصر" ودعت إلى أن يعود السياح، مما يدل على ودّ وتقدير، كما تم تكريمها في عدة دول عربية منها مهرجان وهران للفيلم العربي بالجزائر. من أبرز المواقف التي رسخت اسم كلاوديا كاردينالي كفنانة صاحبة موقف، الدفاع عن حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية، حتى إنها اختيرت عام 2000 سفيرة للنوايا الحسنة للأمم المتحدة، هذا الانحياز للقضايا الإنسانية جعلها تحظى بمكانة خاصة في قلوب الجماهير العربية، التي رأت فيها رمزاً للصدق الفني والمبدئي.

على الرغم من أن مسيرتها الفنية شهدت تعاوناً مع عمالقة السينما العالمية، ظل اسم عمر الشريف حاضراً في ذكرياتها، لم يكن مجرد زميل عمل، بل صديقاً ومُلهمًا، وربما نافذة أولى على العالم العربي الذي احتضنها لاحقاً. وعندما رحل الشريف عام 2015، عبّرت كاردينالي عن حزنها البالغ، واصفة إياه بأنه كان سفيراً حقيقياً للسينما العربية على الساحة العالمية، هذا الارتباط العاطفي والمهني ظل جزءاً من صورة كلاوديا في الذاكرة المصرية والعربية.

برحيل كلاوديا كاردينالي، تفقد السينما العالمية واحدة من ألمع نجماتها، سيرتها تظل شاهداً على جيل من الفنانين الذين لم يكونوا مجرد وجوه جميلة، بل رموزاً ثقافية عابرة للحدود. لقد كانت مثالاً للفنانة التي جمعت بين الموهبة والموقف، بين السحر السينمائي والالتزام الإنساني، وبين الشرق الذي ولدت على ضفافه في تونس، والغرب الذي صنعت فيه مجدها الفني. وكأنها بذلك تجسيد حي لمعنى الجسر الثقافي الذي بدأه عمر الشريف، وظل ممتداً عبرها حتى آخر أيامها.

بصمات لا تنسى:

“Goha” (1958 / 1959 فرنسا ‒ تونس) هذا هو أول ظهور سينمائي لكلاوديا كاردينالي إلى جانب عمر الشريف في فيلم فرنسي-تونسي. رغم أن الدور لم يكن الدور الرائد الأول، إلا أنه مهم جداً لأنه أوّل خطوة رسمت ملامحها الفنية، وأتاحت لها دخول الأوساط السينمائية العالمية عبر مهرجانات مثل كان، هذا الفيلم يُعد أساسياً في ربطها بالسينما العربية وشراكتها الأولى مع عمر الشريف، ما فتح لها مسارات أوسع. “The Leopard” (Il Gattopardo, 1963) من الأفلام التي تُعدّ تحفة سينمائية، إخراج لوتشينو فيسكونتي، تصوير رائع، تصميم ملابس مبهِر، والموسيقى والمونتاج في السياق الدرامي الذي يمزج بين التواري الزمني والتغير الاجتماعي، شخصية أنجيليكا التي لعبتها كاردينالي كانت رمزًا للإلتقاء بين الجمال، البرجوازية الجديدة، والطموح الاجتماعي، وعاملا مؤثرا في صراع التصنيف الاجتماعي والتحولات التي تحدث في المجتمع العرَّوبي-الإيطالي آنذاك، الفيلم رسّخ شهرتها لأنها لم تكن فقط وجه جميل، بل ممثلة قادرة على التفاعل مع شخصيات مركبة والتعبير عن تناقضاتها.

“Girl with a Suitcase” (La Ragazza con la Valigia, 1961) دورها في هذا الفيلم يُبرزها بوصفها امرأة قادرة على إعطاء عمق إنساني لأدوارها، البُعد الدرامي للفيلم من حيث قضية الحب المكسور، التوق إلى التقدير، والانعكاسات الاجتماعية على شخصية "Aida" وجروحها الناتجة عن علاقات غير متوازنة، كلها سمات أكسبتها ثقة النقاد والجمهور. أفلام أخرى مؤثرة مثل “8½” لفديريكو فيليني، حيث شاركت في أحد الأدوار التي يتم التعامل معها بصيغة الفن المكثف النفسيا، مما زاد من رصيدها الفني، أيضا أفلام مثل “Once Upon a Time in the West” وغيرها التي أظهرت كاردينالي في سياقات سينمائية متعددة (الغرب، التشويق، الإثارة) مما وسّع من جمهورها بين أوروبا وأمريكا.

 

####

 

تعاونت مع عمر الشريف وكرمت من القاهرة السينمائي..

من هي الراحلة كلوديا كاردينالي

هناء حمدي

رحيل هادئ ودعت من خلاله الفنانة الإيطالية كلوديا كاردينالي عالمنا عن عمر ناهز الـ 87 عام بعد أن تركت إرثا سينمائيا طويلا حقق نجاحا في العالم أجمع حتى تعلق بها الجمهور المصري.

فلم تكن مجرد فنانة إيطالية بارزة ولكنها تمكنت من دخول قلوب المصريين وذلك من خلال تعاونها الفني مع الفنان الراحل عمر الشريف الذي فتح لها أبواب العالم العربي وحب الجمهور المصري لها والتي بادلته ذات المشاعر بتعبيرها الدائم عن حبها لمصر والمصريين.

وبدأت علاقتها بالجمهور العربي بعد دخولها عالم السينما في عام 1957 وذلك بعد فوزها بمسابقة ملكة جمال تونس لتنطلق بعدها في زيارة إلى مهرجان فينسيا السينمائي ومنها إلى شاشات السينما لتدخل قلوب الجماهير المصرية في عام 1958 بعد تعاونها مع الفنان الراحل عمر الشريف في فيلم «جحا».

لتكرر بعد 33 عام التعاون مجددا مع عمر الشريف في فيلم «مايرينج – الأم» وتتحول منها العمل إلى صداقة دائمة جمعت بينهما وعبرت عنها الفنانة الراحلة كلوديا كاردينالي في لقائتها وكان الختام مع حصولها على جائزة فاتن حمامة للتميز عن مجمل أعمالها ضمن فعاليات الدورة الـ37 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

24.09.2025

 
 
 
 
 

وداعاً كلوديا كاردينالي ..

رحيل أيقونة السينما الإيطالية الشهيرة عن 87 عاماً

روما ـ «سينماتوغراف»

توفيت الممثلة الإيطالية الشهيرة كلوديا كاردينالي، أيقونة السينما الأوروبية لأكثر من ستة عقود، يوم أمس 23 سبتمبر 2025 في نيمور، فرنسا، عن 87 عاماً، وقد أكدت عائلتها نبأ وفاتها، الذي يُعد نهاية لعصر ذهبي في تاريخ السينما.

قضت كاردينالي آخر أيامها في هدوء وراحة في منزلها، محاطة بأفراد عائلتها، وقد حافظت على أسلوبها الأنيق والمحتشم طوال حياتها.

على عكس العديد من الممثلات في جيلها، اختارت كاردينالي البقاء في أوروبا، حتى مع تلقيها عروضاً من هوليوود، ولم يؤثر هذا القرار على نجاحها، بل عزز مكانتها كأيقونة في أوروبا.

لم تكن كلوديا كاردينالي مجرد ممثلة موهوبة، بل كانت رمزاً ثقافياً. ولدت في 15 أبريل 1938 في الغيلت، منطقة ساحلية في تونس، التي كانت عزيزة على قلبها رغم شهرتها العالمية، ونشأت في بيئة متعددة الثقافات، مما ساهم في تشكيل رؤيتها الفنية.

بدأت مسيرتها الفنية بشكل غير متوقع، بعد فوزها بلقب "أجمل إيطالية في تونس" عام 1957، وهو اللقب الذي قادها إلى مهرجان فينيسيا السينمائي. هناك، لفتت انتباه المنتج فرانكو كريستالدي، الذي كان له دور بارز في بداياتها.

أكملت كاردينالي مسيرتها الفنية المتميزة، حيث شاركت في أكثر من 150 عملاً. وفي عام 1963، تألقت في فيلمين تاريخيين: "8½" لفيليبي فيليني و"النمور" لليتشينو فيسكوتي، ولاحقاً، شاركت في أفلام دولية مثل "ذا بينك بانثر" و"ذات مرة في الغرب" لسيرجيو ليوني، مما وسع نطاق تأثيرها.

تقديرًا لمساهماتها في عالم السينما، كُرّمت بجائزة الدب الذهبي الفخرية في مهرجان برلين السينمائي عام 2002، ورغم ابتعادها نسبيًا عن الأضواء، استمرت بالمشاركة في بعض المشاريع الفنية، من بينها مسلسل "بول" السويسري (2020) وفيلم "روغ سيتي" على نتفليكس، وفي عام 2022، شاركت في الفيلم التونسي "جزيرة الغفران" للمخرج رضا الباهي، في عودة مؤثرة إلى جذورها، وفي عام 2023، خصص لها متحف نيويورك للفن الحديث معرضًا فنيًا، مؤكدًا مكانتها البارزة في تاريخ السينما.

وصدر عام 2022 كتاب يحتفي بحياتها بعنوان "كلوديا كاردينالي. التي لا تقهر".

كاردينالي، التي جمعت في شخصيتها كل التناقضات، ستظل في ذاكرة السينما رمزاً للأنوثة المستقلة، للفن الصادق، وللقوة التي تجعل من الممثل أكثر من مجرد وجه جميل على الشاشة. لقد كانت بحق نجمة لا تغيب، حتى في غيابها، لأن كل من شاهدها يعرف أن ضوءها لا ينطفئ، وأن قلبها النابض بالحياة سيظل حياً في كل صورة وكل مشهد وكل ابتسامة تركتها لنا.

اليوم، ونحن نودع كلوديا كاردينالي، نودع امرأة صنعت من السينما والمسرح لوحة فنية حية، من تونس إلى روما، من باريس إلى هوليوود، وتركت في القلوب والذاكرة صورة لا تنسى، وصوتاً يتردد، وعينين قادرتين على اختراق الزمن.

رحيلها لحظة من الحزن، لكنها أيضاً فرصة لاسترجاع عبق لحظات السينما الجميلة، تلك التي جعلتنا نحب الحياة، ونحلم، ونؤمن بأن الفن قادر على تخطي حدود الزمان والمكان.

 

####

 

«لا تُنسى، تركت أثراً لا يُمحى، وسنفتقدها بعمق» ..

مهرجانات السينما تودّع كلوديا كاردينالي

«سينماتوغراف» ـ متابعات

نعى مهرجان كان السينمائي الفرنسي كلوديا كاردينالي بكلمات شاعرية، مستعيداً لقبها الشهير "الفتاة مع الحقيبة" (La ragazza con la valigia). وجاء في بيانه: "جابت العالم من أوروبا إلى هوليوود، مروراً بأميركا الجنوبية وكندا وأستراليا وروسيا.. ضحكت وغنّت ورقصت وأحبت، وتألقّت أمام كاميرات كبار المخرجين: أبيل غانس، فيرنر هيرتزوغ، بليك إدواردز، سيرجيو ليوني، هنري فيرنويل، مانويل دي أوليفيرا، وغيرهم. تألقت في 8½ لفيلليني، وفي Il Gattopardo لفيسكونتي، الفائز بـ"السعفة الذهبية" عام 1963".

وأضاف مهرجان كان: "المغامِرة الإيطالية الحرة والملتهبة خطفت قلوبنا في نحو 150 فيلماً، بروح من الفرح والجرأة. واليوم، وهي تمضي في رحلتها الأخيرة، نقول لها كم أحببناها وأعجبنا بها، وكم سنفتقدها بعمق".

فيما أعرب مهرجان فينيسيا السينمائي عن "إعجاب وامتنان عميقين"، وكتب في بيانه: "نودّع كلوديا كاردينالي، الممثلة الإيطالية الفريدة التي لا تُنسى، المرأة ذات العزم المستمر، والنجمة الاستثنائية التي أضاءت سينما المؤلف الإيطالية والعالمية".

وأشار البيان إلى تكريمها بـ"الأسد الذهبي عن مجمل أعمالها عام 1993"، وتأكيد حضورها البارز في فيلم Vaghe stelle dell’Orsa (1965) للمخرج لوتشينو فيسكونتي، الحاصل على "الأسد الذهبي". وختم البيان بالقول: "ستبقى دائماً شخصية متألقة وغير قابلة للمحو في تاريخ بينالي السينما".

واستعاد مهرجان لوكارنو السينمائي في سويسرا ذكريات تكريمها عام 2011 بمنحها "الفهد الذهبي عن مجمل أعمالها"، وكتب في بيانه: "لن ننسى أبداً اللحظات والمشاعر التي عشناها حين استقبلنا كلوديا كاردينالي. كانت نجمة مشعة للسينما الإيطالية والعالمية، ظهورها على الشاشة، ابتسامتها، كلماتها، كلها تركت أثراً لا يُمحى، وكأنها تجسّد ما كان في الخيال فقط".

وأضاف لوكارنو في بيانه: "لو لم تكن كلوديا كاردينالي، لما بلغت سينما فيلليني وفيسكونتي ومونيشيلي وليوني وغيرهم هذه العظمة والخلود. ستبقى للأبد تلك الطيف الساحر في فيلم 8½ لفيلليني، كما رآها مارشيللو ماستروياني: الصورة المثالية للسحر الذي يرافق كل مشاهد لها". وختم: "إلهية، رائعة، لا تُنسى".

 

####

 

كلوديا كاردينالى في حوار خاص سابق لـ «سينماتوغراف» :

عشت أمام الكاميرا (أكثر من 150 حياة)

«سينماتوغراف» ـ حاورتها : وردة ربيع

قالت النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي، التي لقبت ذات يوم بـ«فاتنة الشرق»، في حوار خاص سابق مع «سينماتوغراف» نعيد نشرة بعد رحيلها، (إن الإنسان يعيش حياة واحدة لكني عشت أكثر من 150 حياة خلال وقوفي أمام الكاميرا لتمثيل الأفلام).

ومسيرة كلوديا كاردينالي، «تونسية المولد، إيطالية الجنسية وفرنسية بالتبني»، بدأت بالصدفة، حيث توجت عام 1957 بجائزة ملكة جمال تونس، ومهدت لها هذه الجائزة طريق التحليق عالياً في الأفق الرحب للسينما العالمية.

وكسبت «كاردينالي» الرهان بجمالها الأخاذ وروحها المرحة وتفاعلها الصادق مع كل الأدوار التي جسدتها.. الأمر الذي مثل حافزاً لها على انتقاء أفضل الانتاجات السينمائية فكان أن تقاسمت مع ريناتو سيلفاتوري فيلم «عصابات المافيا» وفيلم «رياح الجنوب» سنة 1959 حيث أدت دور فتاة من صقلية فأتت مقنعة وممتعة في الاداء، ومثلت سنة 1963 نقطة تحول هامة في حياتها السينمائية وهي تقف لأول مرة أمام كاميرا المخرج الايطالي الكبير «فريديريكو فيلليني» لتنطلق منها إلى السينما الامريكية في فيلم «ثمانية ونصف»، لتحقق بعد ذلك قفزات سينمائية بارزة مع بولونيني في «أنطونيو الجميل» ومع زورليني في «الفتاة وحقيبة السفر» ومع كوفيشيني في «الفتاة التي من بوبه» ومع سيرجيو ليوني في فيلم «حدث ذات يوم في الغرب» ومع المخرج لويجي زامبا في «عالم العرب» ومع داميانو دامياني في فيلم «يوم البومة».

وفي هوليوود كانت لكلوديا كاردينالي أكثر من محطة متميزة وما حققته هذه الايطالية الفاتنة وسط زخم من الممثلات كصوفيا لورين وجين فوندا وبريجيت باردو.. يعتبر تحدياً مفتوحاً أمام اي ممثلة ايطالية تسعى جاهدة لكسب رهان النجومية العالمية.

وغدت كلوديا كاردينالي برومانسيتها الحالمة وبجمالها الآخاذ فتاة الأحلام المثالية لملايين الشبان في ايطاليا خلال فترة الستينات والسبعينات وحتى حضورها البارز في هوليوود واعتبرت النموذج الأفضل للجمال والأنوثة والإثارة في تاريخ السينما العالمية حتى أن أحد النقاد العالميين اعتبرها أهم اختراع إيطالي..

التقتها «سينماتوغراف» ن وكان معها الحوار الخاص التالي:

** كيف تواجهين التحوّل الذي يطرأ على جمالك مع مرور الوقت؟

ـ أؤمن أن الجمال يزول مع مرور الزمن، ولم أخضع أبداً لعمليات التجميل. علينا أن نتكيّف مع الواقع، ولست مستعدة لإضاعة لحظة من حياتي.

** ما هو السر الذي مكنك من الإستمرار في الرؤية نحو الأمام وعدم التشبت بالماضي بعكس بعض النجوم الذين رفضوا تقبل مرور السنين و تمسكوا بمكانتهم في زمن مضى، وهو الأمر الذي حطمهم وأدى في بعض الأحيان إلى استعجال نهايتهم؟.

ـ عادة نعيش حياة واحدة، وأنا عشت أكثر من 150 حياة وهذا أمر رائع أن تكون قادراً على التحول، ولكي تقوم بمهنة كهذه يجب أن تكون قوياً داخلياً وإلا تتعرض لخطر فقدان شخصيتك. ريتا هيوورث، أبكتني يوماً. عندما رأتني أتت إلى العربة التي كنت أستعد داخلها لتصوير مشهد، إنهارت بكاءا وقالت لي : «أنا ايضاً كنت جميلة من قبل» وأنا إلي اليوم ما زلت أعمل، وأرفض شد الوجه وعمليات التجميل، ولا أحب كل هذه الأشياء، لأنه لا يمكن إيقاف الزمن.

** لو نستطيع الرجوع بالزمن، هل ستغيرين شيئا في مسيرتك؟

ـ أبداً، رصيدي حالياً 152 فيلماً ولكن مازلت بإرادة كبيرة أصور أفلام حتى الآن وأوافق على كل العروض التي تقدم لي وأؤمن كثيرا بالقضاء والقدر.

** هل تشاهدين بشكل عام أفلام عربية أو مغاربية؟

ـ لا تتاح لي الفرصة كثيراً، أتمنى أن تكون هناك الكثير من الأعمال المشتركة حتى نشاهدها في فرنسا لأننا للأسف لا نشاهد هناك إلا الأفلام الأمريكية وهذا يزعجني لأني شخصياً مهتمة بسينما حوض البحر الأبيض المتوسط، والسينما المغاربية على وجه الخصوص، خاصة وأني أعرف الكثير من الممثلين ذوي الأصول المغاربية والإفريقية في السينما الفرنسية.

** منذ عام 1975 وحصول الجزائري والعربي والافريقي الوحيد «لخضر حمينة» على السعفة الذهبية لمهرجان كان، هل تظنين أن هناك من السينمائيين الشباب من سيتوج بهذه الجائزة مستقبلاً؟

ـ أكيد، وأنا أثق في هؤلاء الشباب خاصة وأنهم يتمتعون بحس فني كبير ولهم أفكار أبداعية مميزة تجعل من كل واحد فيهم مشروعا ناجحا.

** وكيف تثقين فيهم؟

ـ لقد لامست عن قرب تجاربهم السينمائية، وأنا أعمل كثيراً مع مخرجين شباب في تجاربهم الأولى. صورت العديد من الأفلام في النمسا وإسبانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وأنا أحب مساعدة الشباب ولا أرفض الظهور في أفلامهم الأولى، ولا أضع شروطاً معينة لقبول عمل ما، فالأهم بالنسبة لي هو السيناريو وقدرات المخرج الفنية والإبداعية وتعامله مع الفنان.

** هل كنت مرنة خلال تعاملك مع المخرجين الكبار سابقا؟

ـ كلا، الأمر لا يتعلق بطبيعة التعامل، لأن الأهم بالنسبة للممثل قدرته على تقمّص الشخصية أمام الكاميرا، ومن ثمّ التحوّل إلى الإنسان الآخر، وأن تكون ما يطلبه المخرج منك أن تكون، ولقد لعبت أدواراً بدأت من سن الـ 35 عاماً، وإنتهت في الـ 85، ودور المخرج مهم جداً بالنسبة لي، وهو قائد البلاتوه. وأترك للمخرج أن يقرر، لا أنا.

** اليوم هناك الكثير من السينمائيين الشباب سواء خلال العمل أو اثناء مقابلتهم في المهرجانات السينمائية، بماذا تنصحينهم؟

ـ عندما كنت صغيرة كنت دائماً أقول إن أردت فأنت تستطيع، ويجب أن يكونوا بطاقة إيجابية كبيرة وأن يحاربوا إلى آخر رمق لأجل أهدافهم.

** وماذا أكسبتك تجربتك السينمائية؟

ـ الكثير(تبتسم).. لقد كنت محظوظة بلقاء سينمائيين لهم ثقلهم في الساحة السينمائية ووجودي لم يكن عبثا، ولقد رسخت صورتي وهذا ما أكسبني خبرة سينمائية كبيرة اليوم. فالسينما كانت مغامرة بالنسبة لي ولم أتوقع يوماً أن أصل إلي ما حصلت إليه.

** عندما تتحدثين عن ما تركه لك فيليني وفيسكونتي، اللذان كان لهما الفضل في إنطلاق مسيرتك العالمية بأفلام مثل «ثمانية ونصف» و«إيل غاتوباردو»، تقولين: فيليني أعطاني جناحين وفيسكونتي صالحني مع نفسي. ماذا تقصدين بذلك ؟

ـ كانا مختلفين تماماً. مع فيسكونتي، قبل بداية التصوير كنا نقوم بجميع البروفات حول الطاولة مع جميع الممثلين، وكان يجب ان يكون كل شيء متقن، ومع فيليني، على العكس لم يكن هناك سيناريو. كل شيء مبني على الإرتجال، وكان لي الحظ في أن أقضي أوقاتا طويلة مع فيسكونتي، كنا دائماً مع بعضنا، سواء في بيته أو في رحلات، وكنا نذهب دائماً سوياً لمهرجان سان ريمو. أما فيليني فقد كان يعشقني، يركع أمامي، كان يغضب حين لا أتغدى جيداً. كان يقول لي : «أنت جذورك إفريقية من الأرض لهذا السبب أنت ملهمتي».

 

موقع "سينماتوغراف" في

24.09.2025

 
 
 
 
 

"أجمل إيطالية في تونس".. رحيل النجمة كلوديا كاردينالي عن 87 عاما

المصدرالفرنسية

غابت عن الساحة الفنية واحدة من أبرز أيقونات السينما العالمية، إذ رحلت الممثلة الفرنسية الإيطالية كلوديا كاردينالي، عملاقة سينما ستينيات القرن الـ20، أمس الثلاثاء عن عمر ناهز 87 عاما في مقر إقامتها بضواحي باريس. وقد شكّل خبر وفاتها محطة مؤثرة في الوسط الفني والثقافي، لما تمثله من إرث سينمائي يمتد على مدى عقود.

مدير أعمالها لوران سافري أفاد بأن النجمة رحلت "محاطة بأبنائها" في نيمور قرب باريس، حيث كانت تسكن، من دون أن يشير إلى سبب الوفاة. وأضاف في رسالة نصية أن كاردينالي، التي أدّت أدوارا مع كبار المخرجين مثل لوكينو فيسكونتي، وفيديريكو فيليني، وريتشارد بروكس، وهنري فيرنوي، وسيرجيو ليوني، "تترك وراءها إرث امرأة حرة وملهمة، في مسيرتها كفنانة وكامرأة على السواء". وأوضح أنّ موعد مأتمها ومكانه لم يُحدّدا بعد.

من جانبه، رأى وزير الثقافة الإيطالي أليساندرو جولي أنّ رحيل كاردينالي يمثل خسارة "واحدة من أعظم الممثلات الإيطاليات على مر العصور". وقال في بيان إنّها "جسّدت رقة إيطالية أصيلة وجمالا فريدا، وشاركت في أكثر من 150 فيلما طوال مسيرتها الفنية الطويلة، بعضها يُعتبر من روائع سينما المؤلف". وأضاف أنّها "بعدما أصبحت معروفة عالميا، ألهمت أبرز مخرجي القرن الـ20 بموهبتها الاستثنائية".

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فنعى الراحلة اليوم الأربعاء عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) مؤكدا أنّها كانت "نجمة إيطالية وعالمية"، مشيرا إلى أنّها ستبقى "في قلوب الفرنسيين إلى الأبد". وكتب أنّ كاردينالي "كانت تجسّد حرية ونظرة وموهبة أضافت الكثير إلى أعمال الكبار، من روما إلى هوليود، وباريس التي اختارتها وطنا لها".

"أجمل إيطالية في تونس"

ولدت كلود جوزفين روز كاردينالي في 15 أبريل/نيسان 1938 في حلق الوادي قرب تونس العاصمة، لأب فرنسي وأم إيطالية من جزيرة صقلية. وانقلبت حياتها رأسا على عقب في الـ17 عندما فازت بمسابقة جمالية لم تترشح لها، كوفئت عنها بلقب "أجمل إيطالية في تونس" ورحلة إلى مهرجان فينيسيا السينمائي، حيث أثارت ضجة كبيرة وتلقّت عروضا سينمائية عدة. ورغم أنّ لغتها الإيطالية كانت ضعيفة وتنطقها بلكنة فرنسية، شقت طريقها سريعا، مستفيدة أيضا من إجادتها للعربية والصقلية.

برزت بقوة عام 1960 حين شاركت لوكينو فيسكونتي بطولة فيلم "روكو وأشقائه" (Rocco e i suoi fratelli)، ما أهّلها بعد سنوات لأداء واحد من أهم أدوارها في فيلم "إيل غاتوباردو" (Il Gattopardo) عام 1963 إلى جانب آلان دولون وبيرت لانكستر. وفي العام نفسه، جسدت دورا بارزا في تحفة فيديريكو فيليني "أوتّو إيه ميدزو" (Otto e mezzo)، حيث لعبت دور ملهمة الشخصية الرئيسية.

وخلال مسيرتها، قورنت كاردينالي كثيرا ببريجيت باردو، إذ عُرفت الأولى بلقب "سي سي" السمراء، والثانية بـ"بي بي" الشقراء، وجمعت بينهما الشاشة في فيلم "فتيات النفط" (Les Pétroleuses) عام 1971.

أما في هوليود، فقد حققت نجاحا واسعا من خلال مشاركتها في فيلم "النمر الوردي" (The Pink Panther) للمخرج بليك إدواردز سنة 1963، ثم "المحترفون" (The Professionals) إلى جانب بيرت لانكستر سنة 1966. غير أنّ دورها الأبرز والأكثر حضورا عالميا جاء في الفيلم الإيطالي الأميركي "وانس آبان إيه تايم إن ذي ويست" (Once Upon a Time in the West) للمخرج سيرجيو ليوني في 1968، بمشاركة تشارلز برونسون وهنري فوندا. هذا الدور منحها لاحقا جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا عام 1993، وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2002.

كما شاركت في أفضل أفلام النهضة السينمائية الإيطالية مع مخرجين كبار مثل ماورو بولونييني، وفاليريو زورليني، وفرانكو سكويتيرتي. وفي فرنسا تألقت مع فيليب دو بروكا، وهنري فيرنوي، كما ظهرت في ألمانيا مع فيرنر هرتزوغ في فيلمه الشهير "فيتزكارالدو" (Fitzcarraldo) سنة 1982.

الرئيس السابق لمهرجان كان السينمائي جيل جاكوب قال عن رحيلها، "لقد رحلت الفتاة ذات الحقيبة". وأضاف: "كانت جميلة، بسيطة، وهادئة، ولكن عندما كانت الكاميرا تصوّر، كانت تشرق بابتسامة ونظرة حنونة، عزّزها صوتها الأجش. مجّدها العظماء، وخدمتهم، وكنا نحب هذه الشخصية الرقيقة حبا جما".

 

الجزيرة نت القطرية في

24.09.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004