عِبرَ حماسة الجمهور الألماني لحضور الأفلام العربية، المقدّمة في
الدورة
الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، يمكن المرء قياس مدى
اهتمام
العالم بالمُتغيرات التي تشهدها منطقتنا. وتعكس الحوارات التي تَلت كل عرض
منها، مع
صنّاعها مباشرة، الاهتمام الزائد بموضوعاتها، الى درجة تسببت
أحياناً في كسر بعض
الصرامة الألمانية، المعروفة بدقة البرمجة والتوقيت، فيما تغاضى
الجمهور نفسه في احيان أخرى عن أخطاء ربما لا يتسامح بها في
ظروف غير المهرجان، كما
حدث مع فيلم يحيى العبد الله «الجمعة الأخيرة» حين فَضّلَ الناس الانتظار
وقتاً
طويلاً لإصلاح الخطأ التقني في جهاز العرض على مقترح الإدارة بترك المكان
واسترجاع
أثمان بطاقاتهم. وقد لوحظ الى هذا ان حضور العرب في سوق المهرجان بدا
لافتاً،
فمهرجان الدوحة، مثلاً، حجز لنفسه جناحاً، وأفلام عربية كثيرة
عرضت فيه، من بينها
المغربيان «أيادٍ خشنة» و «عاشقة من الريف».
وإذا كان هذا الاهتمام يثير
لدى المعنيين بالسينما مخاوف من مجيئه على حساب مستوى الحضور
السينمائي نفسه، فإن
اختيارات مبرمجي الدورة بَددت المخاوف، وعززت الأفلام المنتقاة بحرص شديد
التوازن
بين احتفائية سينمائية ومناسبة مقرونة بأحداث سياسية، وربما يصلح أن يكون
الفيلم
الأردني «الجمعة الأخيرة» مثالاً للتوازن. فهو لم يتناول
أحداثاً سياسية مباشرة،
ومع هذا استقبل بترحاب ملحوظ، هو من دون شك جدير به، لرهانه على اللغة
السينمائية
دون سواها.
لم يكثر الفيلم من الحوارات الطويلة مفضلاً عليها لقطات تشبع
ببطئها قدرتها التعبيرية وتساهم في كشف المناخ النفسي لبطلها الذي كان
يعاني من
مشاكل حياتية، أكثرها مبعثاً للقَلَق قدراته الجنسية المهددة
بالعطل بسبب المرض.
بين رجولة مهددة وفشل علاقة زوجية وعمل موقت كسائق تاكسي توزعت حياة يوسف،
حياة
جعلت منه كائناً حزيناً، يقرر في النهاية السفر من بلده الأردن الى بلد
خليجي ليبدأ
حياته من جديد على أمل تحسنها في هجرة جربها من قبل ثم خسر كل
ما جناه منها. عمل
يحيى العبد الله يذهب الى داخل الكائن، فيما يحيط خارجه بعلائق إجتماعية
وسياسية
متوترة، تصلنا تفاعلاتها عبر جهاز التلفاز الذي يتركه مفتوحاً وقَلما
يشاهده فاسحاً
المجال في أغلب الأحيان لصوته يصل الى مسامعه. في تلميح ذكي
ينقل لنا مشهد يظهر فيه
بطله وهو يستمع الى خطاب الرئيس حسني مبارك قبل استقالته ثم سرعان ما يغلقه.
فالتحول المرجو غير قريب منه ما دام انه
يعاني من عزلة وجودية ومن عبء عوز يجبره
على ترك ولده الوحيد لطليقته.
المرأة والتغيّر الجديد
في الوثائقية
العربية شاهدنا فيلمين جيدين وهما من صنع مخرجتين تناولتا واقع المرأة
وعلاقتها
بالتغير الجديد من دون الاعتماد على آنية الحدث وسرعة تسجيله. فالمخرجة مي
اسكندر،
صاحبة فيلم «الزَبالين» وهي تقيم في الولايات المتحدة
الأميركية اختارت موضوعاً ذا
علاقة بالإعلام وبروز أجيال جديدة من الصحافيين يعتمدون في شغلهم على وسائل
التواصل
الاجتماعي وعلى تقنيات حديثة تتوافق مع التثوير الكوني لأشكال جديدة من
التفاعل مع
الجمهور المتلقي. جمعت اسكندر في فيلمها «كلمات الشاهد» بين
البورتريه لصحافية شابة
إسمها هبة عفيفي وبين قضية المفقودين من الثوار التي اقترحت إجراءها في
صحيفتها «المصري اليوم». تميز هذا الوثائقي بتصوير
جيد وسلاسة في سرده البصري، وقدمت فيه
مخرجته نموذجاً لشباب يتطلع الى التغيير وفق تجربته الخاصة
ولهذا نرى هبة متنازعة
المواقف بين العائلة وتحفظاتها، ورغبة جدية في داخلها لشق طريقها المهني من
دون خوف
على رغم جدية المخاطر التي تحيط بها وببلدها.
ومن نساء بلدها اختارت حنان
عبدالله لفيلمها «ظل راجل» عينات نسائية متفرقة، لتقدم عبرهن
واقع المرأة المصرية
التي تعيش لحظة الانعطاف بين ماضي أتعبها وتغير طموح يردن العيش على أمله.
معايشة
حنان او نسجها خيوط ثقة بينها وبين من إختارتهن أعانها كثيراً وسهّل عليهن
في
المقابل البوح أمام كامرتها بما كن يشعرن به فجاءت شهاداتهن
الشخصية محمّلة بالصدق
الذي بفضله قبلهن الجمهور وتعاطف معهن ومع تجاربهن الموزعة على مساحة واسعة
تشير
الى واقع سيئ لا بد من تغييره وعلى المرأة نفسها أن تساهم فيه.
اختيارات
برلينية مميزة
رهانات برلين على جديد السينما العالمية دائمة ويصعب حصرها
لكمّها الكبير وتوزّعها على برامج عدة، ومع هذا، فإن المسابقة الرسمية قد
تعطينا
بسبب عدد أفلامها القليل نسبياً، إمكانية تلمس بعضها، من خلال
نماذج متميزة على
مستوى الأسلوب، كفيلم المخرج البرتغالي ميغل غوميز «تابو»، الذي يعود من
خلال قصة
معاصرة الى فترات سابقة من فترات احتلال بلاده لجزء من القارة الأفريقية.
في فيلم
بالأبيض والأسود وبأبعاد الشاشة القديمة وبطريقة سرد للحكاية
تشبه المتبعة في
الأفلام الصامته قدم هذا الفيلم شريحة من المحتلين البرتغاليين، وصلت الى
نعيمها
عبر جهد المستعمرين الأوائل الذين بنوا ثرواتهم على حساب أبناء المستعمرات
ومن ثمّ
على عكسهم، عاش أحفادهم مترفين من دون أي عناء، لهذا تراهم مغرقين في
الملذات.
وحكاية بطلة الفيلم أورورا تلخص واقع أبناء المستعمرات. في أسلوب خاص ربط
غوميز فيه
بين الزمن الراهن والزمن الذي سبق نهوض الحركات التحررية الأفريقية،
ودمجهما في
لُحمة بدت عسيرة الفهم في البدء. لكن ومع تطور مسار الفيلم
اتضح الكثير من التفاصيل
التي صارت مفهومة لقرب لغتها من لغة السينما العادية على رغم انها امتلأت
بتمايزات
اسلوبية حرصت «البرليناله» على تقدميها قبل غيرها. وقريب من هذا التميّز
الأسلوبي
يأتي عمل الأخوين الإيطاليين باولو وفيتوريو تافياني «قيصر يجب أن يموت»
الذي استمد
موضوعه من مسرحية «يوليوس قيصر» لشكسبير. في فيلمهما الجديد هذا أدخل
الشقيقان
المخضرمان، الكثير من العناصر غير التقليدية في صنع الفيلم
منها اعطاؤهما أدواراً
تمثيلية لسجناء حقيقيين، وتحويلهم الدرامي داخلياً الى ما يشبه الوثائقي،
أو ليبدو
الواقع فيه موثقاً درامياً وبالتالي يصبح الفصل بين الواقعي و «الفيلمي»
صعباً،
ومنه يتولد لدى مشاهده إحساس بالاغتراب يشبه الاغتراب
البريختي، فالمساحة الضيقة
للمكان أو العرض المسرحي تجد حلها عبر سعة الكاميرا، لكنها تضيق أكثر في
دواخل
السجناء أنفسهم حين يشعرون مع مضي الوقت أنهم في زنزانات يحيطها عالم خارجي
شديدة
السعة.
وربما والى حد كبير يمكن اعتبار فيلم «أخت» متفرداً على مستوى
النماذج المتحركة. وربما يعود ذلك الى عدم ذهاب مخرجته الفرنسية
أورسلا مير، الى بحث الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع
طفلاً الى السرقة
ولم تركز على الدوافع النفسية لأم تنكرت لأمومتها أمام الناس وأجبرت
وَلَدها على
نعتها بصفة «الأخت». لقد تعاملت معهما بوصفهما كائنين جاهزي التكوين، وهي
عبر
وجودهما الفيزيائي وسط جبال شاهقة يتزحلق الناس فوق ثلجها
قرّبتنا من عزلتهما
الداخلية. لقد ظل سيمون طيلة فصل الشتاء وحيداً يواجه مصاعبه ومغامراته
ويمارس
سرقاته من دون انقطاع، لم يقلّص وجود والدته في المكان نفسه من عزلته، بل
زادها
شدة، وحينما ذاب الثلج شعر بوحدة لا حدود لها يأتي المشهد
الأخير ليجسدها كاملة. اذ
هنا نجد كيف ان الطفل الصغير شعر بتقزّمه لحظة انفضاض الناس عن المكان
وانفضاض
والدته عنه لتتركه في مواجهة عالم واسع يصعب على المرء المضي في طرقاته
وحيداً.
الحياة اللندنية في
17/02/2012
البرادعي قبّل أنجلينا، يا للهول!
محمد عبد الرحمن / القاهرة
لا يترك تويتر المصري وفايسبوك أي حدث يمرّ مرور الكرام. رغم مشاركة
بعض مخرجي المحروسة في «مهرجان برلين السينمائي»، بيد أنّ المصريين لم
ينتبهوا إلى الحدث إلا بعدما طبع محمد البرادعي قبلة على خدّ النجمة
الهوليوودية
لم تمرّ مرور الكرام القبلة التي طبعها محمد البرادعي على خدّ أنجلينا
جولي عندما سلّمها منذ أيام جائزة أفضل فيلم عن باكورتها الإخراجية «في أرض
الدماء والعسل» خلال «مهرجان السينما من أجل السلام». علماً بأنّ هذا الحدث
يقام سنوياً على هامش «مهرجان برلين السينمائي» الذي يُختتم الأحد. حالما
انتشرت الصور على فايسبوك، انطلقت النكات ولحقتها الانتقادات. النكات ركّزت
على أنّ المرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية «رفع رأس مصر» بعدما كان
الرجل المصري الأول الذي يقبّل أنجلينا جولي مع توقعات بأنّ الغضب قد يصيب
براد بيت.
وتابع هؤلاء قائلين إنّ الدبلوماسي السبعيني كان أفضل ممثّل لمصر في
المحافل الدولية، ولولا انسحابه من السباق الرئاسي، لفاز بمنصب الرئيس
بالتزكية بسبب هذه القبلة. وتابع الساخرون على تويتر: «ناس ليها السلف
والإخوان، وناس ليها أنجلينا»، و«يعني إيه ليبرالية يا برادعي، يعني تبوس
إنجلينا لوحدك واحنا نبوس إيدينا وش وظهر»...
وكما هي العادة، جرت الاستعانة بالنكات الأقدم وتركيبها على الموقف
الجديد: مثلاً، للشيخ المتشدد حازم شومان تصريح شهير مفاده أنّ «ليبرالية
البرادعي تعني أنّ أمك تقلع الحجاب»، فجاءت النكتة أنّ «الليبرالية هي أن
يقبّل البرادعي أنجلينا جولي، وأنت تكتفي بأن تقبّل رأس والدتك سواء أكانت
محجبة أم لا».
كذلك، كان الإعلامي المحسوب على النظام السابق توفيق عكاشة قد انتقد
صاحب «نوبل» للسلام في تصريح كوميدي شهير. يومها، قال إنّ البرادعي لا يعرف
كيف تأكل البطة في الأرياف، بما معناه أنّه بعيد عن شؤون المصريين. أما
النكتة الجديدة، فقد ردّت الصاع لعكاشة، فجاءت: «من البرادعي إلى توفيق
عكاشة: لو عرفت تقبّل أنجلينا جولي، هننتخبك رئيس جمهورية». أما محبّو
البرادعي فقد لاموا زعيمهم بأنّهم وقفوا إلى جواره كثيراً في مصر، لكنّه لم
يفكّر في اصطحابهم معه لمقابلة أنجلينا! بينما قال الكاتب الساخر بلال فضل
إنّه سيواصل انتقاده لمواقف البرادعي، وتابع أنّ ذلك لن يمنعه من أن يطلب
منه رقم هاتف النجمة الأميركية. الانتقادات التي طاولت البرادعي جاءت حتى
من بعض الذين عملوا في حملته الرئاسية قبل الانسحاب. إذ قال الناشط حازم
عرفة إنّه يجب أن يدرك البرادعي طبيعة المجتمع الذي ينتمي إليه، ويريد أن
يقود التغيير فيه دائماً؛ لأنّ أنصاره تعبوا من الدفاع عنه، وخصوصاً أنّ
هناك عقولاً كثيرة لن تقبل مشهد تقبيل البرادعي للنجمة مهما كانت المبررات.
أما الأصوات الإسلامية المعارضة للبرادعي على طول الخط، فقال بعضها إنّه
«يطالبنا بالحداد كلما وقعت كارثة للشباب المتظاهرين، لكنه لا يمانع في
الذهاب إلى مهرجانات سينمائية ومقابلة نجمات هوليوود». وبين هذا وذاك، برز
تيار ثالث رأى أنّ الرجل لم يعد طامعاً في الرئاسة، وبالتالي هو حرّ في
تصرفاته، ومن غير المنطقي أن يُشغَل الناس كل هذا الوقت بقبلة لم تستغرق
ثواني معدودة.
اللافت أنّه لا أحد توقف عند الشريط الذي أهّل أنجلينا للفوز بجائزة
أفضل فيلم، ولا عند الدور الذي تؤديه النجمة الأميركية على مستوى العالم من
حيث نشاطاتها الإنسانية. حتى عندما قررت أن توقع فيلماً باسمها، اختارت أن
يدور في البوسنة عن قصة حبّ بين شاب صربي وفتاة بوسنية قبل اندلاع الحرب.
وتكتشف الفتاة أنّ حبيبها هو أيضاً أحد جنود معسكر الإبادة ويكنّ كرهاً
للمسلمين. ورغم الأفكار المسبقة والصور النمطية للإسلام التي امتلأ بها
الشريط وفق بعض النقاد، إلا أنّه يبقى دعوة ولو «هوليوودية» إلى السلام.
الأخبار اللبنانية في
17/02/2012
البرادعى من السياسة إلى السينما
حنان شومان
أزعم أنى من أكثر الناس احتراماً وحباً للسينما والأهم معرفة بقيمتها فى
حياة الشعوب وتأثيره، تلك مقدمة لابد منها قبل أن ندخل فى أى حديث،
فالسينما فن شعبى قادر على أن يخترق حاجز اللغة واللون والدين، ورغم ذلك
فقد دهشت وتعجبت وتوقفت أمام خبر تداولته الصحف منذ أيام حول ترأس د. محمد
البرادعى للجنة تحكيم فى مهرجان برلين السينمائى.
وبعيداً عن كثير من التعليقات والسخرية التى صاحبت انتشار هذا الخبر
والحديث بخفة عن قبلة البرادعى لجميلة جميلات السينما أنجلينا جولى الفائزة
بجائزة أفضل فيلم فى مسابقة السلام، أود أن أطرح أسباب دهشتى وتعجبى.
الدكتور البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحاصل على
جائزة نوبل للسلام بالتأكيد شخصية عالمية يصح ويجوز أن تتجه له الأنظار
عالمياً ليكون وجهاً لجائزة السلام فى مهرجان سينمائى دولى له قيمة وقامة
مهرجان برلين، إذاً اختيار البرادعى لرئاسة هذه اللجنة هو أمر يُحمد لإدارة
المهرجان ويعتبر اختيارا ناجحا وفى موقعه.
أما قبول الدكتور البرادعى رئاسة هذه اللجنة فهو أمر آخر وفى غير موقعه،
فالرجل الذى يطالب البعض بأن يكون الأب الروحى للثورة المصرية فى هذا
التوقيت، وهو ذاته الذى عوّلت عليه كثير من القوى السياسية مسؤولية تولى
الرئاسة، فكان مرشحاً محتملاً فى سباق الرئاسة المصرية فى لحظة فارقة فى
تاريخ مصر، هذا الرجل ذاته هو من انسحب من سباق الرئاسة وكانت له أسبابه،
قبلتها أو اختلفت معها، ولكنها بالتأكيد كانت محبطة للكثيرين.
الدكتور البرادعى قد تحول فجأة من بطل خبر سياسى إلى بطل خبر فنى وهو تحول
فى الظروف العادية ليس بغريب، فكم من علماء ومشاهير سياسة يجذبهم الفن
وأهله وأحياناً قيمته ودوره فى التغيير.
ولكن حين يكون الوطن فى مأزق هوية وفهم وثورة، ويخرج من يرى فيه كثير من
أهل الثورة صفة المخلص ليكون عضو لجنة تحكيم فرعية فى مهرجان سينمائى حتى
لو كان «برلين» يُعد هذا عيباً فى الحد الأدنى لفهم الموقف.
خذل البرادعى الثوار كثيراً منذ الخامس والعشرين من يناير عام 2011 لحظة
اندلاع الثورة وحتى من قبلها حين أتى إلى مصر داعياً للتغيير ليأتى مهرجان
برلين ولجنة تحكيمه وقُبلة أنجلينا كآخر التصرفات المخذلة للرجل، ورُبَّ
قائل بأن كلمة البرادعى عن الربيع العربى والتغيير فى مهرجان برلين نزعت
التصفيق والاحترام، وعن هذا القول أرد بأن أى شخص كان سيقول ذات الكلمات
كان سينزع التصفيق والاحترام لأن الربيع العربى ومصر صارت ثورتها تنزع
الاحترام حتى لو كان المتحدث شعبان عبد الرحيم، وبالتالى الرجل لم يضف
ولكنه خذل المزاج العام والظرف العام كما خذل الثوار من قبل.
فى ذات هذا المكان وفى نفس الجريدة كتبت فى شهر سبتمبر من عام 2011، أى قبل
شهور من الثورة، أن مأزق مصر، أن كثيرا من أبطالها أبطال من ورق، وأن
البرادعى فى تصورى بطل من ورق، وها أنا أعود لذات العبارة، نعم البرادعى
بطل من ورق لم يحتمل طويلاً أو حتى قليلاً مما نحتمله كشعب من حجر.
اليوم السابع المصرية في
17/02/2012
خيارات جديدة في مهرجان برلين السينمائي العالمي 2012
عصام الياسري
في 30 فبراير/ شباط 2012 عقدت اللجنة المنظمة لمهرجان برلين السينمائي
العالمي "البرليناله" برئاسة د. ديتير كوسلك، مؤتمراً صحفياً في المركز
الصحفي التابع للحكومة الألمانية، والواقع على ضفاف نهر شبريه "Spree"
الشهير الذي يخترق العاصمة الألمانية برلين. وقام فريق العمل الخبير بإدارة
وتنظيم المهرجان منذ سنوات طويلة، بإستعراض برنامج المهرجان الثاني والستين
والذي سينطلق هذا العام من 9 وحتى 19 فبراير 2012 يرافقه "سوق الفيلم
الأوروبي EFM" الذي يقام سنوياً وستعرض خلال أيام مهرجان هذا العام بشكل
مميّز أكثر من أربعمائة مؤسسة من جميع أنحاء العالم أحدث إنتاجها السينمائي
والتلفزيوني والذي يتجاوز الـ 750 فيلماً. أما "سوق البرليناله للإنتاج
المشترك" Berlinale Co- Production Market وهو صندوق تمويل صناعة الفيلم في
مجال الإنتاج الدولي المشترك تشرف عليه لجنة متخصصة في "أعمال الإنتاج وكتب
السيناريو" أُختير لهذا العام 39 مشروع فيلم دولي وتقوم مجموعة متخصصة من
المخرجين والمنتجين من 30 بلداً بالحكم عليها.
أعلنت إدارة المهرجان في مؤتمرها الصحفي أسماء لجنة التحكيم المكونة من
ثمانية أعضاء على رأسهم رئيس اللجنة: Mike Leigh مايك لي، وهو واحدٌ من أهم
السينمائيين البريطانيين، وقد فازت أفلامه بالعديد من الجوائز الدولية وحصل
على عدة ترشيحات للاوسكار. المصور والمصمم والمخرج الهولندي Anton Corbijn
انطون كوربين. المخرج وكاتب السيناريو الإيراني Asghar Farhadi أصغر فرهادي،
الممثلة الفرنسية البريطانية Charlotte Gainsbourg شارلوت غينسبورغ، الممثل
الأمريكي جيك جيلنهال Jake Gyllenhaal الذي رشح مؤخرا لجائزة الأوسكار من
قبل الأكاديمية البريطانية للسينما والتلفزيون "BAFTA" وفاز عام 2005
بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية، المخرج والسيناريست الفرنسي
فرانسوا أوزون François Ozon أحد أبرز صناع الأفلام الإستعراضية وأفلام
الكوميديا والقصيرة، الكاتب الجزائري بوعلام صنصال Boualem الذي له العديد
من المؤلفات الفكرية والروائية التي ترجمت إلى لغات عالمية منها الفرنسية
والألمانية، وعن روايتهDas Dorf des Deutschen "قرية الألمان" التي عرضت
عام 2011 في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، منحته المؤسسة الألمانية لتسويق
الكتاب جائزة للسلام. ممثلة السينما والمسرح، والمغنية الألمانية Barbara
Sukowa باربارا زوكوفا، التي إكتشف مواهبها المخرج الألماني القدير،
الراحل "راينر فيرنر فاسبيندر" الذي قدمها عام 1981 في بطولة فيلمه الثاني
الشهير Lola "لولا" وعن دورها الرئيسي في فيلمه "روزا لوكسمبورغ" حازت عام
1986 على جائزة أفضل ممثلة.
برنامج المهرجان الرئيسي لعام 2012، يتضمن 23 فيلماً، من ثلاثة وعشرين
دولة، منها 18 فيلماً تتنافس للحصول على أحد جوائز المسابقة "الدببة"
الذهبية والفضية أو البرونزية. وخمسة أفلام خارج المسابقة، من بينها فيلم
واحد فقط "صيني" من نوع الأبعاد الثلاثة "D3" طوله ثلاث ساعات ونصف. فيما
سيحتفل في البرليناله تسعة عشر فيلماً بعرضه العالمي الأول. وتأتي أفلام
المسابقة من البرازيل والدنمارك وألمانيا وجمهورية الصين الشعبية، فرنسا،
اليونان، بريطانيا، هونغ كونغ، اندونيسيا، ايطاليا، ايرلندا، كندا،
النرويج، الفلبين، البرتغال، الاتحاد الروسي، السويد، سويسرا، السنغال
واسبانيا وجمهورية التشيك والمجر والولايات المتحدة.
أما مجموع أفلام مهرجان 2012 التي ستعرض في أكثر من 35 صالة سينما، وصل 395
فيلم "روائي وتسجيلي وقصير" من أكثر من مئة دولة، أي بمعدل زيادة 10 أفلام
عن العام الفائت. موزعة على أقسام المهرجان كالفوروم ومهرجان أفلام
الأطفال، والفيلم الألماني الحديث والبانوراما "تسجيلي وشبيسيال" بالإضافة
إلى أفلام الديكتال وعروض التكريم "Hommage" والرتروسبكتيف وبرسبكتيف. تحظى
كلها بإهتمام الجمهور وأكثر من مئة مؤتمر صحفي تشارك فيه مختلف وسائل
الإعلام المحلية والدولية.
يتعرض العديد من أفلام مهرجان هذا العام لمواضيع إجتماعية وسياسية هامة
عدة، يغلب على بعضها طابع الإثارة والانفعال أو العنف، فيما يلامس بعضها
الآخر مناخات دافئة لا تخلو من الرومانسيه والهوس العاطفي. وستعرض على هامش
المهرجان ولأول مرة، أفلام روائية وتسجيلية تتناول موضوعة "الربيع العربي"
ضمن عروض الفوروم والبانوراما. كما سيكرم المهرجان أفلام وشخصيات أوروبية
وعالمية، من الوسط الفني والسياسي والاجتماعي، جوائز مادية ومعنوية مرموقة
كجائزة الدب والكاميرا "الذهبيتين".
يحظى الإتحاد الروسي هذا العام بإهتمام واسع، حيث سيقدم على هامش المهرجان
أكثر من 25 فيلماً "أسود أبيض و ملون" لفنانين ومخرجين عمالقة كان لهم دور
كبير في صناعة السينما العالمية وتطورها أنتجت قبل وبعد ثورة أكتوبر
الروسية 1917. ولما تحمل من قيمة فنية وتاريخية فريدة، ستكون فرصة ثمينة
أمام المهتمين من الأجيال الحديثة. وفي ذات الإتجاه وتحت عنوان عام سعيد "ستوديو
بابلسبيرك" وهو من أهم الستديوهات السينمائية ذات الشهرة على المستوى
العالمي، في مدينة بوتسدام الشهيرة، والذي كانت تنتج فيه الأفلام الروائية
والتسجيلية "للسينما والتلفزيون" في جمهورية ألمانيا الديمقراطية آنذاك.
ستعرض مجموعة أفلام هامة أنتجت في هذا الستوديو خلال الحرب الباردة بين
الشرق والغرب. كما سيقدم المهرجان عروضاً متميزة إعتاد أن يقدمها سنوياً
تحت عنوان "الفيلم الألماني" الذي أصبح واحداً من أهم أقسام المهرجان على
المستوى المحلي والأوروبي.
ويبدو أن مهرجان "البرليناله" لهذا العام يكتسب أهمية خاصة، إذ يتزامن
إنعقاده مع ما يجري في العديد من البلدان العربية من حراك سياسي وإنشغال
وسائل الإعلام والسياسة بما يطلق عليه "الربيع العربي" إذ إرتقى هذا
الإهتمام إلى الإشادة بهبوب رياح التغيير في المنطقة والعالم طلباً
"للحرية" ومن أجل العدالة الاجتماعية والسياسية. وهي المرة الأولى التي
يكون إنحياز إدارة المهرجان منسجماً مع أهمية العالم العربي، وعرضه كماً من
الأفلام التسجيلية والروائية العربية والأجنبية التي تتناول موضوعات حساسة
كمسألة الحكم والإصلاح والتغيير. فضلاً عن إقامة العديد من الندوات التي
يشارك فيها بعض الفنانين والمفكرين والإعلاميين العرب والأجانب على هامش
المهرجان.
إيلاف في
12/02/2012 |