بعد أن واجه الممثل المعروف، بيلي بوب ثورنتون، عقبات كثيرة حالت
سابقا من تحقيق طموحه باحتلال مكانة مرموقة كمخرج، يعود الممثل الذي ظهر في
نحو 60 فيلما من منتصف الثمانينات، بثقة أعلى ودراية أفضل لإنجاز فيلمه
الرابع كمخرج، وعنوانه «سيارة جين مانسفيلد».
الإحساس بالغبن إثر تحقيقه فيلمه السابق كمخرج «كل الجياد الجميلة»
سنة 2001، بعدما شطبت شركة الإنتاج «ميراماكس» طموحاته، ثم باعت الفيلم
رخيصا لإحدى المحطّات الفضائية، منعه من الرغبة في الوقوف وراء الكاميرا من
جديد حتى اليوم. لكن «سيارة جين مانسفيلد» يلتقي و«كل تلك الجياد الجميلة»
في أنه يقع أيضا خارج المدن الكبيرة. ما يختلف عنه، أن فيلمه السابق، بصرف
النظر عن تجربته فيه، أفضل من فيلمه الجديد.
تدور الأحداث في أواخر الستينات في ولاية ألاباما، وهي فترة عايشها
المخرج الذي وُلد في الجنوب الأميركي بدوره. وهي تغطّي نسيجا كبيرا يشمل
صراعات الأفراد ضد بعضهم، والتطاحن العائلي، والمواجهة بين الفرد والمؤسسة
والحرب الفيتنامية. البيئة عائلية، لكن الأحداث من التكاثر والمفارقات من
التعدد ما ينتج عنه حاجة ملحة لإعادة كتابة السيناريو وتخليص الفيلم من
الشوائب العالقة التي ربما تصلح لرواية مطبوعة وليس لفيلم، كلما أراد
التقدم في وجهته اعترضته حادثة أخرى زادته تطويلا.
لكن ما ينجح الفيلم فيه هو البرهنة على طموح الممثل - المخرج ورغبته
الواضحة في إثبات حضوره كمخرج ذي صبغة فنية. وهو إذ حضر برلين وقدم فيلمه
هذا في المسابقة، استطاع التقاط وقع الفيلم بين مشاهديه على ناحيتيه
الإيجابية والسلبية. وكان لـ«الشرق الأوسط» حوار خاص مع بيلي بوب ثورنتون
فيما يلي نصه.
·
طبعا الفيلم لا علاقة له بسيارة
الممثلة جين مانسفيلد. لنقل ذلك من البداية.
- كلا، لا علاقة له بها. إنها رمز لحطام أكبر شأنا. حين النظر إلى
الماضي كثيرا ما نرى إما سعادة بالغة أو قدرا كبيرا من الدمار الذي نريد أن
لا نتذكّره؛ ما الذي يحدث إذا تذكّرناه فعلا؟ ربما هذا هو جوابي عن سؤال
البعض حول سبب إقدامي على كتابة وإخراج هذا الفيلم.
·
السيارة المحطمة هي رمز لعائلة
محطمة إذن؟
- صحيح، الفيلم هو دراما عائلية لا تتحدث عن التلاحم، بل عن التناقض
والتشرذم. هذا الفيلم يدور حول أب وأولاده الثلاثة وعن الظروف الاجتماعية
التي تحيط بهم. وهي ليست اجتماعية فقط، بل عاطفية. روبرت دوفال هو الأب وهو
شخصية طاغية. تجده في مطلع الفيلم يزيح «شريف» البلدة (رئيس البوليس
المحلي) من طريقه من دون أن يخشى أي عاقبة. أنا أحد أولاده الثلاثة لجانب
كفن بيكون وروبرت باتريك وأكثر إخوتي انصياعا له حتى بعد بلوغي الخمسين. ثم
هناك العائلة الإنجليزية التي يمثلها جون هيرت. والدتنا طلقت من أبينا
وتزوجت من ذلك الإنجليزي ثم ماتت في بريطانيا، وها هو الزوج يعود لدفنها.
لكن شخصية دوفال ليست في وارد نسيانها ما يعتبره فعلا مشينا وهو يكره ذلك
البريطاني، والبريطاني لا يستسيغه لكثرة ما سمع من شكوى الزوجة.
·
تؤدي الدور هنا بدراية من خبر
الشخصية، هل هذا عائد إلى أن الفيلم يعتمد على ذكرياتك الخاصة لتلك الفترة؟
- إلى حد بعيد، الكثير مما يأتي في هذا الفيلم هو قبسات من ملاحظات
وذكريات عشتها بالفعل. حين كنت ولدا صغيرا، كان والدي يأخذني وشقيقي الأكبر
إلى حيث تقع حوادث السير. نقف ونمعن النظر إلى الحطام، حين كبرت وجدت نفسي
أشتغل في مهنة تنظيف أماكن وقوع الصدامات بين السيارات على الطرق الريفية.
هذا يخبرك شيئا عني وعن اختياري للعنوان أيضا وليس فقط عما يدور عنه
الفيلم.
·
اشتغلت مع روبرت دوفال في فيلمك
الأول، كمخرج
Sling Blade
ثم استعان هو بك حين أخرج «المبشّر».
- صحيح، روبرت يعطيك ما ترغب سريعا، وعلى نحو مجسد. حين أجلس لأتابعه
في الأفلام، أجد نفسي أمام ممثل يقحمني مباشرة في شخصيته، سواء أكانت طيبة
أو شريرة. عيناي لا تفارقه حين أشاهده في «العرّاب». تترك الآخرين على
الرغم من قدراتهم البالغة لتلاحق هذا الممثل الذي يخضع لضرورات الشخصية
تلقائيا.
·
وروبرت باتريك كان معك في فيلمين
على الأقل.
- هو من أفضل الممثلين وهو لا يسعى لقبول أي دور لمجرد أنه ممثل. هذا
ما احترمه جدا فيه.
·
ما الذي حدث قبل 11 سنة حين
أخرجت «كل الجياد الجميلة»؟
- ليس شيئا لم يقع مثيل له في هوليوود. المخرج الذي يريد صنع الفيلم
على هواه وشركة الإنتاج، التي ترتعب لهذه الخاطرة فتتدخل وتقطع الفيلم كما
تشاء.
·
نسختك الأصلية تتجاوز الثلاث
ساعات.
- نعم، أربع ساعات إلا عشرين دقيقة، لكني أؤمن بأن كل دقيقة منها كانت
محسوبة.
·
هذا أيضا ما قاله مات دامون بعد
أن شاهد النسخة الأصلية. أعتقد أنها الآن موضوعة فوق رفّ ما؛ أليس كذلك؟
- نعم ولا أمل في عرضها، لأن المانع لا يزال موجودا. لقد أخرجت ذلك
الفيلم لأن الحكاية التي وضعها المؤلّف كورماك مكارثي كانت رائعة، وأردت
تجسيدها بكاملها. لكن ضرورات السوق لا تساعد في هذا المجال. حين شاهدت «ميراماكس»
(الشركة المنتجة) الفيلم ذعرت وأحد مسؤوليها قال إنه أكثر الأفلام التي
شاهدها هدرا للوقت.
·
ما انعكاسات ذلك الوضع عليك؟ هل
هذا السبب الفعلي وراء انتظارك كل هذه الفترة؟
- بالتأكيد. لكن دعني أقل لك: لم يتغير شيء يُذكر. هوليوود ليست
مستعدة اليوم لما كانت تمانعه بالأمس. أحب الفترة التي أقضيها خلال
التصوير. بعد ذلك صدامات لا تتوقف بين الفنان ومجموعة من رجال الإنتاج
الذين يتجرأون على إخبارك كيف يريدون الفيلم أن يكون. إنه فيلمهم ويعاملونه
كبضاعة صنعوها بمنأى عن القيمة الفنية التي تريدها. إنه أمر مؤسف، هوليوود
منشغلة الآن بأفلام لا قيمة لها.
كل فيلم هو عن «فامباير» طائر. ليس هناك الكثير من هذه الأعمال التي
يمكن أن تشغل البال أو تدفع المشاهد لتلمس بعض الواقع. ليس كما تفعل
الأفلام الأوروبية، حين أردت تحقيق هذا الفيلم طلبت 12 مليون دولار لكني
حصلت على ثمانية.
الشرق الأوسط في
19/02/2012
ندوة وأفلام عن
«الربيع
العربي»..
يا له من شتاء طويل!
برلين: محمد رُضا
لم يكن هناك مشترك سوري في الندوة التي أقيمت قبل يومين وتناولت وضع «سينما
الربيع العربي»، لكن ذلك لم يؤثر على عدد الحضور أو سخونة الموضوع. وعلى
ندوات تقام عادة في مهرجانات عربية في الخارج يكون عدد المعتلين للمنصة
أكثر من عدد الحاضرين، أو جمهور غفير من الراغبين في معرفة الحقيقة، والوضع
المستجد على الساحة، إن لم يكن سياسيا فسينمائيا على الأقل.
أما المنصة ذاتها فقد احتوت على المنتجة اللبنانية هانيا مروة والمخرجة
المصرية هالة جلال (التي كادت لا تحضر بسبب إشكال في «الفيزا») والمخرجة
التونسية نادية الفاني والصحافية المصرية نورا يونس.
ليس ما قيل جديدا غير معروف، لكنه حط على مسامع جمهور يبغي المعرفة. وفي
حين أن الكلام المماثل في المحافل العربية عادة ما يجر مناقشات تخرج من
نطاق احترام رأي المتحدثين إلى محاولة مصادرته، فإنها هنا عرفت قدرا رائعا
من تبادل وجهات النظر، وإن التقت المتحدثات على أكثر من نحو كما لو كانت
أوركسترا رباعية عليها أن تعزف لحنا واحدا.
الوجود العربي في برلين في الواقع انبثق من هذا الربيع الساخن الذي دخل
شتاءه الثاني ولا يزال محتدما، يلاحظ هذا في كل الأفلام التي عرضت،
باستثناء «بيع الموت» لفوزي بنسعيدي، و«ضل راجل» لحنان عبد الله، و«الجمعة
الأخيرة» ليحيى العبد الله.
«بيع الموت» هو ذلك العمل المغربي الذي يتمحور حول حياة القاع كما يراها
المخرج بنسعيدي، دافعا إلى الأمام شخصية رئيسية تطلب الحب لكنها تجد نفسها
منهوبة، بالا ونفسا ومالا أيضا، من الآخرين. الفيلم المصري «ضل راجل» هو
فيلم تسجيلي عن الوضع السائد بين الرجل والمرأة، أو - إذا ما أردت - وضع
المرأة في مجتمع يظلله الرجل بمواقفه وتقاليده. أما «الجمعة الأخيرة» فهو
الفيلم الأول للمخرج الأردني الذي يرصد حياة أب وابنه يمر الأول فيها بفترة
صحية حرجة اختار لها المخرج أسلوبا مداعبا، ولو أنه لا يترك الجدية تتسرب
من بين يديه. يضاف إلى هذه الأفلام، المغربي والمصري والأردني، فيلم سالي
الحسيني «أخي شيطان» الذي هو في حقيقته بريطاني التمويل، ولو أنه لا يتناول
ما يحدث الآن على أي صعيد بل يبقى في إطار حكاية فردية بعيدة نسمع عن
الأوضاع المصرية فيها عبر الراديو في مشهدين أو ثلاثة.
* في الثورة وظلالها
* هذه الأفلام شهدت ازدحاما لا يقل عن ذلك الذي شهدته الأفلام الآتية من
قلب ذلك الربيع الثوري، ومنها «كلمات الشاهد» لمي إسكندر، وهي مخرجة
أميركية الإقامة سبق لها أن حققت فيلما تسجيليا بعنوان «زبالين» معظمه في
محله، رغم طوله المفرط الناتج عن دوران الفكرة حول نفسها أكثر من مرة. هذا
ما يحدث في فيلمها الجديد أيضا. تختار المخرجة صحافية فعلية اسمها هبة
عفيفي تعمل في «المصري اليوم» تقول إنها كثيرا ما رغبت في أن تصبح صحافية،
والفرصة أتاحتها أحداث يناير (كانون الثاني) العام الماضي.. ها هي تنطلق في
الشوارع وتجري المقابلات مزودة بالورقة والقلم. تسأل ويجيبونها وتكتب ما
تستطيع أو تختار. هل هناك ضرر في ذلك؟ أقصد لجانب أن الميزانية لم تكف
لشراء جهاز تسجيل صغير؟
الضرر في الفيلم ذاته.. لسبب تسويقي محض تحتم المخرجة على هبة وعلى مجلس
التحرير وعلى بعض معارف الصحافية وأقاربها الحديث بالإنجليزية. يشعر المرء
بأن وتدا دق في هذه الصورة التي تحاول أن تنقل الواقع، ففي نهاية المطاف
هذا هو الدور المرجو من «تسجيلية» الفيلم. هو تسجيلي في مقابل روائي خيالي.
والواقع أنه حتى لو كان «كلمات الشاهد» خياليا لما جاء إنطاق شخصياته اللغة
الإنجليزية أمرا سينمائيا ضروريا، فما البال بفيلم يريد لمس الواقع وينزل
إلى الشوارع لالتقاط أنفاسها؟
التركيبة بأسرها تبدو كذلك ممهورة ببعض العبث، إذا كان لا بد من محاولة
قراءة ما حدث عبر زرع صحافية مبتدئة، فإن الأحرى هو منح الفيلم تبريرا
كافيا لذلك. هل الفيلم هو عن شخص أم عن ثورة؟ وإذا كان عن شخص في المقدمة
على خلفية الثورة، فلماذا هو وليس سواه؟ هذا يجب أن نجد إجابة له في الفيلم
وليس بالحديث عنه في النقاش الذي جرى بعد العرض. الأكثر فداحة هو توظيف
طيبة الناس وهم يتدافعون للحديث إلى تلك الصحافية لنقل وجهات النظر..
بالنسبة إليهم ربما بدت كما لو كانت مراسلة الـ«سي إن إن»، بل هي أكثر
مدعاة للثقة كونها مصرية، لكن أليس مزعجا أن تعلم شيئا لا يعرفه الآخرون
ويمضي الفيلم مرمما كل ذلك على نحو غير واقعي؟
وهناك فيلم آخر لا يقترب كثيرا من الثورة، لكنه يمشي في ظلالها نوعا ما؛
عنوانه «العذراء والأقباط وأنا» لنمير عبد المسيح. والإشكال اللغوي ذاته
يطالعنا. مخرج الفيلم الذي يكاد يظهر في كل مشهد منه، هو شاب مسيحي من
الأقباط يعيش مع والديه في فرنسا. رائع. لكن هل كل عربي يعيش مع أسرته في
فرنسا يتحدث بالفرنسية؟ ربما تفلت كلمات على نحو تلقائي، لكن ليس على نحو
متواصل. المشكلة تصبح ملحة حين يصل المخرج إلى مصر لإنجاز فيلم عن ظهور
السيدة مريم العذراء لأعين المؤمنين الأقباط قبل عدة سنوات، فنراه ونسمعه
يتحدث بالعربية مع من يقابلهم في مصر، لكنه كلما اتصل بأمه حدثها
بالفرنسية. الأم تجيد الفرنسية لكن تقسم ردودها بين اللغتين على نحو متساو
تقريبا.
الرغبة في تسويق الفيلم لم تحد من تطلعات أفلام تسجيلية وروائية تحدثت لغة
الوطن الأم. على ذلك بمجرد اعتمادها في هذين الفيلمين نجدهما يخسران نقاطا
في خانة طموحاتهما لتناول الوضع كما هو قائم. بالنسبة لفيلم نمير عبد
المسيح فإن الرغبة في تصوير ظهور مريم العذراء للعيان تأخذنا في رحلة
المخرج لاكتشاف بعض ما غاب عنه في الظرف القائم بين الأقباط والمسلمين:
«المسلمون يكرهون المسيحيين، والمسيحيون يكرهون المسلمين، وكلاهما يكره
اليهود»، يقول المخرج في فيلمه فيضحك المشاهد الغربي من المفارقة. لكن إذا
كان المخرج لا يؤمن بأن مريم العذراء بدت للعيان، وإذا ما كان تأكد له أن
هذا الظهور كان وهجا إلكتروني الشبه، فلماذا الفيلم؟ ثم لماذا اهتمامه بصنع
فيلم يستخدم فيه الشاشة الخضراء والكومبيوتر لصنع ظهور للسيدة الجليلة ولو
كان «مفبركا»؟ ألم يكن من الأفضل لو عرض نفسه كمؤمن بذلك الظهور لكي يكتشف
أنه ليس هناك ما يثبته؟
أول لقطة
* نهاية مهرجان وبداية آخر.. في انتظار مفاجآت مهرجان «كان»
* «الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي الدولي بقي هناك يومان على
نهاية الدورة الثانية والستين من المهرجان الألماني، حيث عرض فيه مئات
الأفلام من كل حدب وصوب وشكل. وإذ يشرف المهرجان على نهايته، فإن بدايات
مهرجان «كان» تتراءى في الأفق. فهل لنا أن نقرأ مثلا ما الذي من المرجح أن
يكون المهرجان الفرنسي قد خبأه لنا؟
بدأ مدير «كان»، تييري فريمو، الذي وافق على إجراء مقابلة خاصة في غضون
الأسابيع المقبلة يلقي فيها الضوء على ما خفي من آليات العمل في ذلك
المهرجان ورأيه في ما يتعلق بالسينما العربية، في العمل حثيثا لدورة أخرى
تضاف نوعيا إليه. والمخرجون الذين انتهت أعمالهم، وأولئك الذين ستنتهي
أعمالهم خلال الأسابيع والأشهر القليلة الفاصلة، باتوا يقفون في الصف،
بعضهم سوف لن يرفض له طلب. هل يمكن مثلا لمهرجان أن لا يعرف فيلما لمخرج ذي
اسم لامع إذا لم يكن الفيلم على مستوى مناسب؟
هذا ليس حال «كان» وحده، بل حال كل المهرجانات. اسم كبير يطرح للجمهور
والنقاد ولجنة التحكيم، وكل حلقة سترى وتحكم، لم يمنع مهرجان نفسه من
الأسماء الكبيرة إذا ما توفرت؟ لكن الملاحظ أن «كان» هو الأكثر اعتمادا على
المخرجين/ الزبائن، أولئك الذين يعودون في كل مرة مختارين «كان» لعرض
أفلامهم. طبعا بعض الاستثناءات متوفر (الأخوان كوون يذهبان إلى فينيسيا
أيضا)، لكنها مجرد استثناءات.
بعض الأسماء شبه المؤكدة تضم المخرج النمساوي الرائع والمخيف بنقده ظواهر
حياتنا على نحو عميق، ميشال هانيكه، وعنوان فيلمه «حب» الذي انتهى من
تصويره فعلا، وهو من بطولة إيزابيل أوبير وجان - لوي ترتنيان. كما تضم
المخرج البرازيلي وولتر سايلز وفيلمه الذي انتهى أيضا من تصويره وعنوانه
«على الطريق» وبطولته تتوزع بين كرستين دانست، وإيمي أدامز، وفيغو مورتنس،
وسام رايلي. المخرج البريطاني كن لوتش سيعرض فيلم «الملائكة تتشارك»،
والإيراني المغالى في تقديره عباس كياروستامي يعرض فيلم «النهاية»، والكندي
ديفيد كرووننبيرغ سيقدم فيلم «كوزموبوليس» مع روبرت باتينسون وبول جياماتي
وجولييت بينوش. ومن فرنسا بات شبه مؤكد اشتراك المخرج جاك أوديار بفيلم
«صدأ وعظام».
الشرق الأوسط في
18/02/2012
اليوم إعلان جوائز المهرجان..
و«قيصر»
لايزال فى المقدمة
بقلم
سمير فريد
تعلن اليوم جوائز مهرجان برلين الـ٦٢، أول مهرجانات العالم الكبرى كل سنة،
وبه تبدأ جوائز سينما ٢٠١٢ فى الوقت الذى تقترب فيه جوائز ٢٠١١ من نهايتها
بإعلان جوائز الأوسكار الأسبوع المقبل «٢٦ فبراير».
الباحث عن «التحف» لا يجد فى رأيى سوى فيلمين فى المسابقة، وهما الإيطالى
«قيصر يجب أن يموت» إخراج الأخوين تافيانى، والألمانى «ميتورا» إخراج
اليونانى سبيروس ستاتوبوبولوس، ولكن بالطبع هناك العديد من الأفلام الجيدة،
وبالطبع المستوى العام للأفلام داخل وخارج المسابقة يليق بمهرجان دولى
كبير، وإن غلب «الكم» على «الكيف».
حسب استفتاء النقاد الـ٧ الدوليين فى «سكرين إنترناشيونال» الفيلم الأول
الألمانى «باربارا» إخراج كرستيان بيتزولد، والثانى «قيصر»، والثالث
البرتغالى «محرم» إخراج ميجيل جوميز، والرابع السويسرى «أخت» إخراج أورسولا
ميير، والخامس الفرنسى «العودة إلى المنزل» إخراج فردريك فيدو.
أول فيلم عن ثورة اليمن
مثل الهولندى يوريس إيفانز، والروسى رومان كارمن، وغيرهما من فنانى السينما
التسجيلية الكبار، اعتبر البريطانى شون ماكليستر العالم كله مسرحاً
لأفلامه، ولذلك لم تقتصر أفلامه التسجيلية السبعة منذ عام ١٩٩٧ على تناول
قضايا فى بلاده، وإنما امتدت اهتماماته إلى حرب العراق، فأخرج عام ٢٠٠٤
«تحرير بغداد»، وإلى اليابان فأخرج عام ٢٠٠٨ «اليابان: قصة حب وكراهية».
وفى فيلمه الجديد «الثورى غير المرغوب» الذى عرض فى برنامج «بانوراما» يعود
ماكليستر مرة ثانية إلى العالم العربى، ويقدم أول فيلم فى العالم عن الثورة
فى اليمن، التى بدأت ٣١ يناير أثناء ثورة مصر، حيث ذهب إلى هناك فى مارس
وصور الفيلم، كما يقول فى تعليقه على شريط الصوت، وقد ذهب بعد ذلك إلى
سوريا، وربما يصبح فيلمه عن ثورتها أول فيلم فى العالم أيضاً.
تم تصوير الفيلم «سراً»، بمعنى أنه حصل على تأشيرة دخول كسائح وليس كصحفى،
وإن انكشف أمره بعد ذلك للسلطات، وهذه المعلومات من التعليق أيضاً، أى من
داخل الفيلم، وأهمية هذا الفيلم ليست فقط فى أنه أول فيلم، والوحيد حتى
الآن، عن ثورة الشعب اليمنى ضد نظام الديكتاتور على عبدالله صالح الذى
استمر فى الحكم ٣٣ عاماً، ولم يتفوق عليه فى ذلك سوى ديكتاتور ليبيا
القذافى «٤٢ عاماً فى الحكم»، وإنما لأنه عن ثورة أثناء صناعتها، ولم تنته
مع نهاية الفيلم الذى تم فى شتاء ٢٠١١، ولا يريد الشعب اليمنى أن تكون
النهاية بخروج الديكتاتور من الحكم فى ٢٢ يناير ٢٠١٢، وإنما أن تستمر
الثورة حتى إسقاط النظام برمته.
وعنوان الفيلم يدل على موضوعه وعلى الوعى العميق لصانعه، فالثورى فى اليمن
غير مرغوب من قوى كبيرة فى المنطقة، وعلى رأسها السعودية والخليج، وما يرضى
هذه القوى هو ما يرضى القوى الكبرى فى العالم حيث أكبر احتياطى للبترول على
الأرض، فيما يطلق عليه «الشرق الأوسط».
ومثل أغلب الأفلام التسجيلية الحديثة لم تعد الأفلام السياسية منها تسرد
وتحلل الوقائع، وإنما تعبر عنها من خلال شخصيات تقوم بـ«تمثيل» دورها أمام
الكاميرا، ولكنها شخصيات حقيقية، بل مع وجود شخصية محورية كما فى الأفلام
الروائية، والشخصية المحورية هنا الشاب اليمنى قيس «٣٥ سنة» الذى يعمل فى
الوكالة السياحية التى يملكها والده كمرشد سياحى، وهو يرافق المخرج طوال
الفيلم، ويحميه عندما تكتشف السلطات أمره، ويصيران صديقين، ويشكو له قيس من
خلافات مع زوجته.
ويتميز الفيلم بالقوة الدرامية حيث يتحول موقف البطل من الانزعاج من الثورة
إلى تأييدها والاشتراك فيها مع شقيقه عبدالرحمن، وكانت نقطة التحول «جمعة
الكرامة» التى استشهد فيها ٥٢ فرداً من المتظاهرين السلميين، وإلى جانب
المشاهد التى صورها الفنان البريطانى لأحداث ثورة اليمن، هناك عدد من
«الوثائق» التى استخدمها لاستكمال هذه الأحداث بحيث يصبح الفيلم وسيلة
لتعريف من يريد أن يعرف حقيقة ما حدث ويحدث فى اليمن، ويعتمد أسلوب الإخراج
على حركة الكاميرا السريعة والإيقاع اللاهب الذى يحقق متعة المشاهدة
والمعرفة فى آن واحد، وينتهى بالمخرج يغنى النشيد الوطنى مع الثوار فى
ميدان التغيير فى صنعاء، ومن أجل استمرار الثورة.
أخبار و أصدقاء :-
■
صدرت ثلاث نشرات يومية أثناء المهرجان هى ملاحق لأكبر جريدتين لصناعة
السينما فى أمريكا والعالم «فارايتى» و«هوليوود ريبوتر»، ولأكبر جريدة
لصناعة السينما فى بريطانيا «سكرين إنترناشيونال»، وهو ما يعكس قوة سوق
الفيلم الأوروبى هذا العام، لأن هذه النشرات تعتمد على الإعلانات عن
الأفلام، وقد صدر من «هوليوود ريبوتر» ٧ أعداد حتى يوم الأربعاء وتوقفت من
الخميس، وصدر من كل من «فارايتى» و«سكرين إنترناشيونال» ٨ أعداد حتى
الخميس، وتوقفتا الجمعة.
■
فى العدد الأخير من «فارايتى» نشرت التغطية الوحيدة فى النشرات الثلاث
لندوات محور «من وعن العالم العربى» عن الندوة التى اشتركت فيها من مصر
هالة جلال ونورا يونس، ومن تونس نادية الغانى، ومن لبنان هانية مروة.
■
وفى العدد الأخير من «سكرين إنترناشيونال» نشر النقد الوحيد عن فيلم من
أفلام المحور العربى، وهو الفرنسى التسجيلى الطويل «العذراء والأقباط وأنا»
إخراج الفرنسى المصرى نامير عبدالمسيح الذى عرض فى «بانوراما» خارج
المسابقة. وجاء النقد إيجابياً، قال الناقد «لى مارشال» فى مقاله «إن
الفيلم يستخدم ألعاب ما بعد الحداثة لكى يمنحنا لمسات مؤثرة عن حياة وأحلام
الفلاحين فى منطقة نائية فى مصر»، وأنه «جعل من صناعة الفيلم هى العمل
ذاته» واهتم بأن يكون «ممتعاً بالنسبة إلى جمهور كبير».
samirmfarid@hotmail.com
المصري اليوم في
18/02/2012 |