البريء

إنتاج عام 1985

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 21 أغسطس 1991

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

 

أحمد زكي + محمود عبد العزيز + إلهام شاهين + ممدوح عبد العليم + جميل راتب + صلاح قابيل + أحمد راتب

تأليف : وحيد حامد ـ تصوير : سعيد شيمي ـ مونتاج : نادية شكري ـ موسيقى : عمار الشريعي ـ مناظر : رشدي حامد ـ إنتاج : فيديو 2000 ـ سميرة أحمد و صفوت غطاس

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 

البريء

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

يعتبر (البريء) من الأفلام الجريءة القليلة التي تناولت السلطة ونظام الحكم. فقد أثيرت حوله ضجة رقابية وإعلامية بسبب إعتراض الرقابة والحكومة المصرية على الكثير من مشاهده، وبالتالي تأخر عرضه كثيراً.

يحكي الفيلم عن أحمد سبع الليل (أحمد زكي) الفلاح البسيط، ويروي أدق التفاصيل عن حياته اليومية في الريف، حيث يعيش هذا الفلاح مسالماً في قريته، ملتحم بالأرض وهمومها، مهتم بأهله وبمشاغله الحياتية المعيشية وإستمرارية الحياة. كل هذا قبل أن يطلب للخدمة العسكرية، ويعين حارساً في معتقل سياسي بالصحراء. ويرى بنفسه أبناء الوطن يزجون في السجون. وعندما يسأل سبع الليل.. من هؤلاء المواطنين الذين يعاملون بهذه القسوة؟ يأتيه الجواب.. بأنهم أعداء الوطن!! ولأنه مفروض عليه بأن يحمي الوطن فعليه أن يكون شرساً في معاملته لهؤلاء. وبذلك يتحول سبع الليل الى جلاد لنخبة من أدباء ومثقفين مصريين.. ويكون كلباً من كلاب الضابط شركس (محمود عبد العزيز) هذا العسكري السادي الذي يتلذذ بتعذيب المعتقلين بوحشية.

وفي يوم يصل فوج جديد من المعتقلين، ليجد هذا الفلاح البسيط نفسه مضطراً لتعذيب إبن قريته ورفيق صباه حسين (ممدوح عبد العليم). هنا يبدأ سبع الليل في التشكيك فيما يقوم به، حيث لا يمكن أن يكون حسين عدواً للوطن!! هكذا يلح الهاجس عند سبع الليل. فيرفض تنفيذ أوامر الضابط، لدرجة أنه يفضل أن يسجن مع صديقة حسين في زنزانة واحدة . وتصل الأمور لذروتها، عندما يموت حسين من جراء التعذيب أمام ناظريه. وإنتقاماً لصديقه ولمجمل المعتقلين الأبرياء، يتناول سبع الليل بندقيته الرشاش وهو أعلى برج المراقبة ويصوب على كل حراس المعتقل في غضب وتحدي. وبعد أن يقضي على الفساد (هكذا يعتقد)، يتناول سبع الليل نايه الذي كان قد أمر برميه سابقاً، ويبدأ في العزف عليه، لولا أن رصاصة تنطلق من بندقية »بريء« آخر ترديه قتيلاً. لينتهي الفيلم بـالبريء الجديد وهو يسير بفخر مبتعداً بين جثث الجنود، معتقداً بأنه قد قام بواجبه تجاه الوطن.

عند الحديث عن فيلم (البريء)، لا بد لنا من التوقف كثيراً أمام أداء أحمد زكي كفنان كبير يمتلك طاقات تمثيلية عبقرية، تشكل إختياراته لأدواره عاملاً مهماً في تألقه الفني. ففيلم (البريء) هو فيلم أحمد زكي بحق. وهذا ـ طبعاً ـ ليس إنتقاصاً من تميز فيلم جريء عميق الدلالة قوي الإخراج، وإنما هي حقيقة واضحة تؤكد بأن الفيلم ينتمي الى أحمد زكي في جوانب كثيرة. فشخصية سبع الليل أداها هذا الفنان ببساطة وصلت أحياناً الى حد السذاجة التي يحتاجها الدور فعلاً، ولم يتخل عنها لحظة واحدة. إننا نشعر بأن أحمد زكي لا يمثل وإنما يقدم جانباً من شخصية موجودة في أعماقه ولم تلوثها المدنية بعد. وأكاد أقول بأن عبقرية هذا الفنان هي التي جعلت من سبع الليل شخصية تتجاوز مرحلة السكون وتتحول من مجرد كلمات على الورق الى نبض حار متدفق ومؤثر، حيث جاء ذلك بأسلوب بسيط ومتمكن في الأداء يعتمد اللمحة بدلاً من الكلمة وعلى الحركة عوضاً عن الصراخ الزاعق. 

إن ما سبق، ليس إلا وسيلة للوصول الى حقيقة واحدة، وهي أن أداء أحمد زكي كان هو الفيصل الحقيقي الذي جعلنا نصدق سبع الليل، ونتابع معه خطوات مغامرته الكبيرة هذه. إنه بهذا الصدق في الأداء قد جعل المتفرج يتعاطف مع الشخصية الى درجة التماهي، حيث أن المتفرج قد نسى أو تجاهل أن يفتش عن الأخطاء والسلبيات التي إحتواها الفيلم. بل إن هذا التماهي قد جعله لا يرى ما يمكن أن يخالف المنطق أحياناً. صحيح بأن فيلم (البريء) قد تناول موضوعاً خطيراً ومهماً، إلا أن هذا التناول لم يتلائم وحساسية هذا الموضوع. فالمعالجة جاءت تقليدية وضاعت بين الميلودراما المؤثرة المصحوبة بالعنف، وبين إطروحات الفن الملتزم والموضوع السياسي. لهذا جاء الفيلم ركيكاً في كتابته الدرامية، معتمداً في نجاحه على فكرته الجريئة. إلا أنه يمكن الإشارة، في أن السيناريو قد نجح في الخروج من إطار المعتقل، عندما كانت الكاميرا في الريف مع سبع الليل، تنقل لنا الخلفية الإجتماعية والحياتية لبطل الفيلم، لكي تكون تصرفاته بعد ذلك كبرره ومنطقية. وفي المقابل، لم ينجح السيناريو كثيراً في خروجه مع الضابط من المعتقل، رغبة في إعطاء شخصيته عمقاً وبعداً نفسياً وإجتماعياً، حيث لم يؤثر ذلك في شخصية الضابط ولم يبرر تصرفاته السادية.. بل كان من الأفضل الإستغناء عن هذه اللقطات، طالما لم تؤد الغرض المطلوب منها.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004