من ضمن أهم الظواهر في السينما المصرية منذ الثمانينات من القرن
الماضي، هو بروز المرأة كمخرجة للفيلم الروائي من جديد. أي أن
للمرأة تجارب سابقة في الإخراج، حيث أن السينما المصرية عند
ولادتها قامت على أكتاف عزيزة أمير وفاطمة رشدي وأمينة محمود
وبهيجة حافظ، وقمن بإخراج بعض الأفلام الرائدة، إلا أنهن لم يواصلن
وتفرغن للإنتاج والتمثيل فقط. كما أن المرأة المصرية قد برزت في
مجالات سينمائية أخرى منذ سنوات طويلة، ككاتبة للسيناريو وكمساعدة
مخرج فقط.
وعودة المرأة من جديد إلى عالم الإخراج السينمائي جاءت كضرورة ملحة
لطرح قضايا المرأة المعاصر، حيث أن السينما المصرية ـ وعلى مدى
تاريخها الطويل ـ قد أساءت إلى المرأة وقدمتها بصورة سلبية، كما
أغفلت الجانب الإيجابي لدور المرأة في المجتمع، فليست المرأة
المصرية هي الراقصة أو بائعة الهوى فقط، بل هي أيضاً السيدة
الفاضلة القوية التي تتحمل وتواجه الحياة بكل صبر وشجاعة.
وبما أن المخرج (الرجل) هو الذي يصنع الأفلام، فالسينما المصرية
كانت تعكس، في معظمها، فكر الرجل عن المرأة. لذلك غالباً ما يشوه
وضعها الاجتماعي نتيجة جهله لمشاكلها، وتخلف موقفه الاجتماعي
تجاهها، فنرى أن السينما المصرية تقدم المرأة من زاوية علاقتها
بالرجل، مع التركيز على الأنوثة والإغراء والانحراف، والبعد عن
المرأة في حالة علاقتها بالمجتمع، كإنسانة صاحبة رأي أو مهنة
محترمة، أو صراع مع المجتمع والحياة.
وهذا بالطبع، لا ينفي أن تكون هناك أفلام قليلة تعد على أصابع اليد
الواحدة، قد عالجت المرأة وقضاياها بشكل إيجابي، مثل (الحرام، ولا
عزاء للسيدات، الشقة من حق المرأة)، وأهم هذه الأفلام قدمه المخرج
سعيد مرزوق تحت اسم (أريد حلاً) الذي كتبت له القصة والحوار
الكاتبة والصحفية (حُسن شاه)، وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة (فاتن
حمامة). هذه الأفلام تقف وحدها أمام إنتاج ضخم من الأفلام يتعدى
الألفي فيلم أنتجتها السينما المصرية عبر مسيرتها الطويلة.
لذا علينا أن ننتبه إلى جانب مهم وهو أن الخطر لا يكمن فقط في
التشويه الذي تعرضت له المرأة في تلك الأفلام، ولكنه يتجسد أيضاً
في تصدير هذا التشويه للمرأة كمتلقية لمثل هذه الأفلام الشاذة.
يبقى هذا التساؤل الذي يطرح نفسه دائماً على الساحة السينمائية
المصرية..
هل استطاعت المرأة المخرجة أن تساهم في إبراز قضايا المرأة الملحة
من خلال الأفلام التي قدمتها؟ وهل استطاعت أن تصنع لها مكانة بارزة
في عالم الإخراج السينمائي المصري الذي يسيطر عليه الرجل منذ سنوات
طويلة؟
لذلك سنحاول ـ في موضوعنا هذا ـ تناول الأفلام التي صنعتها المرأة،
سواء التي ناقشت قضايا المرأة، أو التي لم تفعل ذلك. مع استعراض
سريع للتعرف على المخرجات وبدايتهن في المجال السينمائي. مع ملاحظة
أن الفكر أو الكلمة التي يريد أن يقولها الفيلم والسيناريو الذي
يترجم هذه الفكرة، سيكونان محور تناولنا لهذه الأفلام، باعتبار أن
المسائل المتعلقة بالحرفة ذاتها، مثل القدرة على تحريك الكاميرا
وقيادة فريق العمل الفني وغيرهما، فمن البديهي أن تتفاوت فيها
القدرات، سواء كان المخرج رجلاً أو امرأة.
نادية حمزة:
اتجهت للإنتاج لتصبح مخرجة
تخرجت نادية حمزة من قسم السيناريو بمعهد السينما في بداية
السبعينات، وعلى وجه التقريب عام ،1971 وعملت كمساعدة مخرج ملازمة
للمخرج نيازي مصطفى منذ فيلم (فارس بني حمدان)، كما اشتركت في أكثر
من ثلاثين فيلماً كمساعدة مخرج مع عدد كبير من المخرجين، من بينهم
كما الشيخ، حسام الدين مصطفى، توفيق صالح، كمال عطية، سيد زيادة،
عبدالرحمن الشريف. واشتغلت مع مخرجين شباب منهم المخرج ياسين
اسماعيل ياسين في فيلم (اللعبة) من بطولة عادل إمام. وكانت
لها عدة محاولات في مجال كتابة السيناريو ولكنها لم تر النور بسبب
عدم اقتناع المنتجين بها، كما تقول المخرجة. ثم اتجهت للإنتاج
إيماناً منها بأنه من المستحيل أن يجرؤ منتج مصري على منح امرأة
فرصة تحمل مسئولية إخراج فيلم سينمائي روائي طويل.
فبدأت أولاً بالإنتاج للغير.. (...خفت أن أبدآ بنفسي وأفشل فتكون
نهايتي، لذا بدأت بفيلمي (العرافة) لعاطف سالم، و(الطاووس) لكمال
الشيخ. ومن خلال العملين نجحت ـ والحمد للّه ـ في فرض اسمي كمنتجة،
وعندما شعرت بأنني أقف فوق أرضية ثابتة منحت نفسي فرصة إخراج عملي
الأول.. وهكذا تحقق حلم حياتي وأصبحت مخرجة)# الفيديو العربي ـ
يونيو 1984
بدأت نادية حمزة كمخرجة بفيلم (بحر الأوهام) إنتاج عام ،1983
محاولة منها لاختصار الطريق الموصل للجمهور. حيث قدمت له التوليفة
التجارية من خلال التعرض لحياة بائعات الهوى وعالم الكباريهات وما
يتبعه من رقص وغناء ومغامرات إلى آخره.
ولأن هذا الفيلم تناول حياة بائعات الهوى، ذلك الموضوع الشائك الي
أصبح يرعب الرقباء، بعد منع فيلمي (خمسة باب، درب الهوى)، فلا بد
أن يتعرض الفيلم للرقابة. وهذا التعرض من قبل الرقابة ربما أعطى
للفيلم أكبر دعاية إعلانية مجانية، وحافز للمتفرج على مشاهدة
الفيلم. في البدء غيرت الرقابة اسم الفيلم، الذي كان (البنت لوله
الأبهة)، وحذفت منه جزء من دور صبي العالمه (70 متر من الشريط
السينمائي)، ولتلافي قصر الفيلم بعد ذلك، أضافت المخرجة مشهدين،
دعمت بهما الشخصيات (90 متراً).
فكرة الفيلم تقليدية، وقدمت في أكثر من فيلم سابق.. البنت التي
تدفعها الظروف إلى الانحراف والانجرار إلى عالم البغاء، ومن ثم
تحاول الخروج من هذا العالم، بعد توبتها ومعرفتها للطريق السليم.
تقول المخرجة من خلال فيلمها هذا، بأن قيم الإنسان لا يصح التنازل
عنها، تحت أية ظروف، وإلا سيتحول تدريجياً إلى إنسان ساقط بلا
مبادئ. الفكرة بحد ذاتها لا غبار عليها، إنما التناول السينمائي
لهذه الفكرة جاء ركيكاً وغير متناسق، علاوة على أنه اتخذ الطابع
التجاري المبتذل. وكان السيناريو ـ الذي كتبته المخرجة أيضاً ـ هو
نقطة الضعف الرئيسية لخلوه من المواصفات الفنية والإبداعية
للسيناريو، فظهر بصورة ساذجة وضعيفة، مما أفقد الفيلم عنصري
الاستمتاع والإقناع، والقدرة على توصيل الفكرة للمتفرج.
بعد ذلك، أقدمت نادية حمزة على تجربتها الإخراجية الثانية في فيلم
(النساء) إنتاج عام ،1984 الذي لم يكن حظه أحسن بشكل أو بآخر من
فيلمها الأول ٌلا بدرجة بسيطة. حيث قدمت المخرجة نماذج نسائية
مسطحة، بدون خلفيات وبدون تعمق، وأظهرت المرأة في صورة مشوهة،
اعتمادا على نماذج من البورجوازية الصغيرة، حيث الإمكانيات غالباً
محدودة والطموحات كثيرة، لذلك نشاهد المرأة في الفيلم تسعى إلى
تغيير واقعها الاجتماعي والاقتصادي بأية طريقة ممكنة للحصول على
المال، حتى ولو كانت طرق ملتوية وغير قانونية بل وساذجة، مما أحدث
خلخلة في بناء الشخصيات.
فالمحامية (بوسي) الناجحة في عملها نجدها نموذجاً للكبرياء، حيث
تصر أن تسكن في فندق بعد طلاقها من زوجها (محمود ياسين)، ولكنها
سرعان ما تعود إليه لمجرد أنها شاهدت انهيار العمارة التي كانا
يحلمان بالحصول على شقة فيها.. هل هذا منطق طبيعي؟! وهل هذا الحدث
يكفي لتحديد العلاقة التي تربط بين الزوجين.
والنموذج الثاني للمرأة، هو الزوجة التي كانت تحلم بأن تكون معيدة
بالجامعة (ماجدة زكي) ولكن ينتهي طموحها بعد زواجها من رجل معقد
(نجاح الموجي) يسجنها في البيت لإنجاب الأطفال وخدمته وتلقي
إهاناته. ولكننا نفاجئ بعد انتقالهما إلى شقة أكبر وأرحب، تتغير
معاملة الزوج لزوجته كلياً، وكأن تغيير المكان هو الحل الجذري
والنهائي لكل مشاكلهما.
أما النموذج الأخير، والذي يعتبر زائداً على السيناريو، ولا يفيد
الفيلم بتاتاً، هو قصة المرأة (ليلى علوي) التي تزور في أوراق
رسمية لتسافر للعمل بالخارج. ولا تعطينا المخرجة ـ وهي كاتبة
السيناريو أيضاً ـ أي مبرر لإقحام تلك القصة في الفيلم.
إدا أرادت نادية حمزة، في فيلمها هذا، أن تدافع عن المرأة وتعالج
قضاياها، فمن الواضح بآنها أخفقت في ذلك، ربما عن غير قصد،
فالنماذج التي اختارتها تسيء إلى المرأة ولا تدافع عنها.
نادية سالم:
تشغلها قضايا المرأة
نادية سالم خريجة آداب صحافة ومعهد سينما، وعملت كمخرجة في المركز
القومي للأفلام التسجيلية، وقامت بإخراج أفلام تسجيلية قصيرة آهمها
فيلم (الطفل الشقيان) الذي حصل على عدة جوائز من مهرجان موسكو
ومهرجان ليبزج الدولي للأفلام القصيرة.
وعن تناولها لقضية المرأة، تقول نادية سالم: (...قضايا المرأة من
خلال الأعمال الفنية مسألة كانت تشغلني منذ كنت طالبة في معهد
السينما، ولهذا كان فيلمي في مشروع التخرج (وقائع شخصية لامرأة
عصرية) نسخة عن تجارب مررت بها في حياتي (...) ورغم صدق التجربة
اعتبره البعض جرأة شديدة...). # مجلة المجلة 15يناير 1986
وبعد التخرج تقدمت نادية سالم إلى الرقابة بسيناريو فيلم (صاحب
الإدارة بواب العمارة) ٌنتاج عام ،1984 والذي كتبت له القصة
والسيناريو والحوار، بعد أن استوحت قصته من سجلات وزارة الداخلية،
ومن دراسة ميدانية عن قرية (طهواي) المشهورة بالغجر وبعض المجرمين
الذين يهاجمون ركاب القطارات.
وعن موقف الرقابة من الفيلم تقول المخرجة: (...عرض الفيلم على
الرقابة ورفض ثلاث سنوات، لإحساسهم بأن امرأة هي التي ستخرج، وبعد
تنفيذه ونجاحه قالوا إنها مخرجة تفوق الرجال...). # مجلة المجلة 15
يناير 1986
ولنادية سالم وجهة نظر حول تناول الرجل لقضايا المرأة في السينما،
حيث تقول: (...المرأة تعبر عن المرأة بشكل أفضل، فعندما تناقش
قضايا المرأة في السينما لا بد آن تكتبها وتخرجها امرأة (...) وعلى
الرجل أن يترك تجارب وقضايا المرأة للمرأة...)# مجلة المجلة 15
يناير 1986
يدور الفيلم حول بواب عمارة (عادل أدهم)، كان في الأصل فلاحاًَ،
هاجر من الريف بعد أن سيطرت عليه غجرية (نادية الجندي) أدت به إلى
احتراف الإجرام، وأصبح طريد العدالة، مما اضطره إلى اللجوء للقاهرة
والعمل كبواب بإحدى العمارات الضخمة، ثم زواجه من الغجرية التي
تطمع في الوصول إلى القمة، فهي في سبيل ذلك على استعداد أن تفعل أي
شيء من أجل المال. وتنجح في الحصول على ما تريد لتتحول في زمن
قياسي من (زايده) الغجرية إلى (مدام زيزي).
وعلى الطرف الآخر تقف سعاد القاضي (صفية العمري) الفنانة الشابة
والجادة، صامدة تدافع عن قيم المجتمع وتقاليده النبيلة الراسخة،
لكنها لا تستطيع الاستمرار في الصمود، لأن التيار المعاكس أقوى
منها، فتنهار أمام كل ذلك حتى تموت في النهاية.
الفيلم يقدم من خلال أحداث وحكايات كثيرة ومتشابكة، ويتحدث عن
الكثير من قضايا ومشاكل المجتمع المصري، ويسعى لبلورة مشاكل
المواطن المصري بجرأة. ولكن
كل هذا لا يبرر للفيلم إخفاقه في البناء الدرامي، والاتجاه إلى
المباشرة لتوصيل ما تريده المخرجة (كاتبة السيناريو) من قيم
وأفكار.. مما أفقد الفيلم التأثير الإيجابي في المتفرج.
لم ينجح السيناريو في رسم بعض الشخصيات، فجاءت ساذجة وبدون تعمق
كافٍ في ثناياها، مما جعلها تتصرف بشكل فجائي وغير طبيعي، وقد ساهم
هذا في خلخلة الأحداث وعدم منطقيتها. أما تناول المخرجة لعدة
مواضيع فقد أفقد الفيلم الترابط وأدى إلى التشتت بين هذا وذاك، ولو
أنه تناول قضية واحدة لكان ذلك لصالح الفيلم والمخرجة.
لقد أخفقت نادية سالم في توصيل وجهة نظرها من قضايا الثقافة
والمجتمع لأنها لم تنجح في اختيار الموصل الجيد لذلك، فالفنان ليس
بما يحمله من قيم ومفاهيم فقط، وإنما بكيفية توصيل هذه المفاهيم
بشكل إبداعي خلاق.
إيناس الدغيدي:
الفكر هو الأساس
(عفواً أيها القانون) صرخة احتجاج ضد قانون العقوبات المصري،
أطلقتها المخرجة الجريئة (إيناس الدغيدي)، في فيلمها الذي يحمل نفس
الاسم. وقد أثار هذا الفيلم ضجة كبيرة عند عرضه، بين مؤيد ورافض
للفكرة التي طرحها، ولكن الكل اتفق على أن المخرجة قد نجحت في
إثبات وجودها في مجال الإخراج السينمائي، واستطاعت أن تجد لها
مكاناً مرموقاً بجانب أساتذتها في الإخراج.
فإذا كانت نادية حمزة قد طرحت اسمها بشكل تجاري مباشر في فيلمها
(بحر الأوهام)، ونادية سالم قد أشارت إلى موقفها الإيجابي من
الثقافة الوطنية في فيلمها (صاحب الإدارة بواب العمارة)، فإن إيناس
الدغيدي قد قدمت نفسها بشكل ملفت للنظر لجرأة الموضوع الذي تناولته.
بداية اتصال المخرجة بعالم السينما كان عام 1971، حيث دخلت معهد
السينما وتخرجت منه في 1975، التحفت في البداية بقسم الإنتاج، ثم
تحولت إلى قسم الإخراج. وأثناء دراستها في المعهد زاولت العمل في
السينما، حيث عملت كمساعدة مخرج مع كبار المخرجين أمثال صلاح
أبوسيف في (الكذاب، الساقامات)، وهنري بركات في (أفواه وأرانب)..
كما عملت مع عدد كبير من المخرجين الشباب كمساعدة أيضاً لمدة عشر
سنوات، آخرها كان مع المخرج يوسف فرنسيس في فيلم (عصفور من الشرق).
وعندما أحست أنها قد استفادت من خبرة هؤلاء المخرجين الكبار، مما
يؤهلها لخوض أولى تجاربها في الإخراج السينمائي، باشرت في الإعداد
لفيلمها (عفواً أيها القانون) إنتاج عام 1984، والذي عثرت على
فكرته بالصدفة، أثناء قراءتها لكتاب صغير لضابط شرطة اسمه (نبيل
مكاوي). وعندما
علمت أن القصة حقيقية، أصرت على تطويرها وتقديمها في أول أفلامها. ومن
ثم بدأت مرحلة التحضير الأولى مع السيناريست (إبراهيم الموجي).
أثناء مراحل التحضير تحدثت إيناس الدغيدي مع بعض أساتذة القانون
للاستشارة، فوجدت البعض يعترض على هذا القانون ويطالب بتغييره، مما
أعطاها دافعاً قوياً للاستمرار في تنفيذ الفيلم، بعد أن كانت خائفة
ومترددة قليلاً.
(...وجدت
أن وراء القصة قانون لم أكن أعرفه، تماماً مثلما لا تعرفه ملايين
النساء مثلي، لقد كان الموضوع كله مفاجأة لي، فأردت أن أفاجئ به
الجميع، كي يعرفوا أن هناك قانوناً ينتمي إلى محاكم التفتيش التي
تم إلغاؤها منذ عهود بعيدة، المهم أنني شعرت بالظلم بالكبير الواقع
تجاه المرأة، فأردت تصحيح الأوضاع المائلة...). # ملحق جريدة القبس
الكويتية 13/01/1986
وبعد أن تم تجهيز الفيلم على الورق تقدمت به المخرجة إلى المنتج
(واصف فايز) الذي وافق بدون تردد في إنتاج الفيلم مع علمه أن
المخرج امرأة تمارس الإخراج لأول مرة.
(...لا
أعتقد أن السبب عائد إلى جمالي، كما تناهى إلى مسمعي، فأنا أولاً
وحسب اعتقادي لست جميلة، ومن ينظر إليّ مثل هذه النظرة فإنما ينظر
للمرأة من زاوية متخلفة، إذ لا يعقل أن يدفع منتج ربع مليون جنيه
من أجل شكل امرأة أو جمالها، المنتج يدفع فلوساً حتى يكسب فلوساً..
وتلك حقيقة..)# مجلة ألوان 24/01/1986
يبدأ الفيلم بحفل زفاف عليّ (محمود عبدالعزيز) وهدى (نجلاء فتحي)
وهما أستاذان في الجامعة.. تفاجأ هدى في ليلة الزفاف أن زوجها عاجز
جنسياً، لكنها تتحمل الصدمة لأنها تحبه وتعرف مدى حبه لها. في
النصف الأول من الفيلم تسعى هدى، بمساعدة الطبيب إلى علاج زوجها
واكتشاف العقدة النفسية التي يحملها، وتهتدي إلى أن خيانة زوجة
والده وقتل الأب لها مع عشيقها أمام عينيه وهو مازال طفلاً، هو
السبب فيما أصابه، وهكذا تستطيع تخليصه من هذه العقدة.
ولكن ذلك يترتب عليه محاولة الزوج تعويض مراهقته الماضية في البحث
عن علاقات نسائية جديدة، هنا يبدأ النصف الثاني من الفيلم. في حفلة
إقامها الزوجان لأصدقائهما، يتعرف الزوج على زوجة صديقه صلاح
(هياتم) التي تحاول جذبه إليها، فيقيم معها علاقة جنسية تصل إلى حد
اصطحابها إلى منزله. حيث يضع الفيلم الزوجة في الموقف نفسه، الذي
وضع فيه والد زوجها، حين تفاجئ بمشهد الخيانة الزوجية لها وفي
منزلها وفوق فراشها، فتطلق النار عليهما وهي في حالة غير طبيعية من
هول الصدمة. يموت الزوج في المستشفى بينما تنجو العشيقة من الموت،
وتبدأ النيابة في التحقيق وتوجه إلى الزوجة تهمة القتل المتعمد.
ورغم محاولات المحامية (ليلى طاهر) المستميتة لإثبات براءة الزوجة
من هذه التهمة، إلا أن الحكم يصدر عليها بالسجن خمسة عشر عاماً مع
الشغل والنفاذ.
لقد نجح الفيلم في إبراز التناقض في القوانين الوضعية التي تحكم
مجمل العلاقات الاجتماعية، من خلال التفريق في الحكم بين الرجل
والمرأة. ففي قضية معينة يصدر الحكم على المرأة بالسجن خمسة عشر
عاماً مع الشغل والنفاذ واعتبارها جناية، بينما يكون الحكم في نفس
القضية على الرجل شهر مع إيقاف التنفيذ واعتبارها جنحة.
وتكمن أهمية الموضوع، الذي طرحه الفيلم، ليس من منطلق الدعوات
السطحية بمساواة المرأة بالرجل، بل من منطلق التشريع الإسلامي، وهو
لا يهدف إلى المساواة فقط، بقدر ما يهدف إلى محاربة الجريمة ذاتها،
وحماية المجتمع من أضرارها، بغض النظر إن كان المجرم رجلاً أو
امرأة.
تقول المحرجة في هذا الصدد: (...في الشرع لا تفرقة بين الرجل
والمرأة في الخيانة.. كلاهما يقع في جريمة الزنا، لكن القانون يقف
مع الرجل ولا يساند المرأة.. أنا لا أطالب بحرية الخيانة للمرأة،
لكنني أطالب بالمساواة..
باحترام المجتمع لأحاسيس المرأة،
التي مازالت مظلومة في المجتمع...).
# مجلة
الفيديو العربي أبريل 1985
إن المخرجة التي شاركت في كتابة الرؤية السينمائية، والسيناريست
إبراهيم الموجي، قد اتبعا عدة وسائل للوصول إلى الهدف الذي يرمي
إليه الفيلم، لكنهما لم ينظرا بعين الاعتبار لبعض الأخطاء الواضحة
التي حملها السيناريو، وأهمها هو اعتراف الزانية بواقعة الزنا
علناً في المحكمة، والملابس الداخلية التي أحضرتها النيابة لزوجها،
وهما دليل إثبات قوي لم يستعملهما السيناريست في الدفاع عن
المتهمة، وذلك دون إعطاءنا مبررات مقنعة.
لقد نجح السيناريو في تقديم نموذج الرجل الشرقي الجاهل والغير مثقف
(بدور فريد شوقي)، والذي يحمل في أعماقه مفاهيم وموروثات دينية
ودنيوية خاطئة. غير
أنه لم ينجح في إنهاء الفيلم بشكل مناسب، حيث أن الفيلم انتهى
فعلاً بعد النطق بالحكم في المحكمة، وبعد خلوها إلا من المحامية
المحبطة أمام خسارتها لقضيتها. فالمشاهد التي تلت ذلك لم تعط أي
إضافة لفكرة الفيلم الرئيسية.
ومثلما نجح الفيلم، نجحت المخرجة في قيادة فريق العمل من فنانين
وفنيين بشكل موفق. وقدمت فيلماً جيداً يطرح قضية جريئة جداً من
خلال الصراع بين الشريعة والفانون والمجتمع. ورغم أن الفيلم يعالج
قضية الزنا، إلا أن المخرجة ابتعدت عن الإسفاف والابتذال، وقدمت
مشاهد الفراش بين الزوجين في لقطات قصيرة وعابرة، كذلك لقطات الجنس
بين الزوج والعشيقة كانت سريعة. إلا أن المتفرج استطاع أن يستخرج
المقصود في كل لقطة وكل مشهد، دون الحاجة إلى مشاهد جنسية مبتذلة.
إن المخرجة إيناس الدغيدي في فيلمها الأول، استطاعت تفادي أخطاء
فنية، كثيراً ما يقع فيها المخرج في أول أعماله. وقدمت أسلوب بسيط
في التقنية وتجنبت إبراز تكنيك جديد قد يخدم العمل بشكل أكبر.
فعن استخدامها للأسلوب السينمائي، تقول المخرجة: (...أعتقد أن
الفكر يجب أن يكون هو الإساس، أما التكنيك السينمائي فسأتخذ
الأسلوب العادي والتقليدي، لكن بطريقة خاصة بي، إنما كشكل غير عادي
ـ مثل أشكال يوسف شاهين مثلاً ـ فلا أظن أنني سأنحو إلى هذا
الشكل.. بالرغم من أنه اتجاه وشكل متقدم ومبهر، إلا أنني أريد أن
أصل إلى الناس أولاً وبسهولة (...) وأعتقد أن أفلامي في البداية
ستكون كلها عن المرأة وحقوقها، لأنني أعتقد أن هناك أشياء كثيرة
جداً عن المرأة لم تناقشها السينما حتى الآن...). # ملحق جريدة
القبس الكويتية 13/09/1983
ولقد تأثرت المخرجة بثلاث اتجاهات سينمائية، عايشتها وتفاعلت معها
أثناء عمله الطويل كمساعدة مخرج. لذلك ليس من الصعب أن نلاحظ في
أولى تجاربها الإخراجية ملامح من واقعية صلاح أبوسيف في مشهد تهجين
الثور والبقرة في الريف، ومن رومانسية بركات في المشاهد الغرامية،
كذلك تأثرت بإيقاعية ورشاقة كمال الشيخ في مشاهد إطلاق الرصاص
والانتقال إلى المستشفى.
والتأثر بمن سبقونا ليس عيباً، وإنما كان على المخرجة أن تتخذ
لفيلمها أسلوباً محدداً تنفرد به، لإبراز شخصيتها السينمائية
المستقلة.
هالة خليل..
فكر وثقافة لصياغة فن وجمال خلاق
المخرجة هالة خليل منذ فيلمها الأول (أحلى الأوقات ـ 2004) نبأت عن
فنانة جادة تحب السينما وتعشقها كالحياة التي تناولتها.. فيلم يقدم
لنا شخصيات تمارس الحياة بطبيعتها وبساطتها.. تلك الشخصيات التي
تحاول أن تتأقلم مع مجتمعها.. هذا المجتمع الصعب.. القاسي...!! وهو
في نفس الوقت فيلما يتحدث عن الصداقة.. الصداقة بمعناها الجميل..
بكل ما تحمله من سلبيات وإيجابيات.. صعود وهبوط.. وبكل تناقضاتها
الحياتية..!!
وهالة خليل مخرجة من جيل التسعينات من القرن الماضي، حاصلة على
بكالوريوس قسم الإخراج من المعهد العالي للسينما في القاهرة، فضلاً
عن كونها خريجة كلية الهندسة التي مثلت وأخرجت فيها بعض الأعمال
الفنية. ومنذ مشروع تخرجها عام 1993، أخرجت العديد من الأفلام
التسجيلية والروائية القصيرة من بينها "أصحابك عشرة"، "جمال
الثورة"، "هيليوبليس" و"طيري يا طيارة"، الفيلم الروائي القصير
الذي مثل مصر في بعض المهرجانات العربية والعالمية وحاز على عدة
جوائز. بعدها جاء باكورة أعمالها (أحلى الأوقات) الذي ذاع صيته
وأضحت شهرته تسيطر على ما تقدمه السينما المصرية فيما بعد.
ففي (أحلى الأوقات) نحن أمام ثلاث صديقات تعرفن على بعضهن منذ أيام
الدراسة المبكرة.. سلمى (حنان ترك)، يسرية (هند صبري)، ضحى (منة
شلبي).. ثم اختلفت بهن السبل.. إلا أن الذكريات وظلال الصداقة
المتلاشية بفعل انقطاعهن عن رؤية بعضهن، يكون لها فعل السحر لتتكشف
هذه الصداقة وتنتعش من جديد.. فعندما تموت والدة سلمى (مها
أبوعوف).. تبدأ في الشعور بالوحشة، وتكشف عن انطوائها الذي سبب لها
ذلك الشعور بالوحدة القاسية.. هذا الانطواء الذي جعلها تعيش
بمفردها وتحاول قدر الإمكان العيش بعيداً عن الآخر.. فتبدأ باستلام
رسائل مجهولة وصور وأشرطة للمطرب محمد منير من مجهول تذكرها بحي
شبرا.. الحي الذي عاشت فيه سنوات طويلة، لتعيدها لذكريات الطفولة
وسنوات الدراسة وتلك الأحلام الصغيرة التي بدأت تكبر في مخيلتها،
ذكريات اعتبرتها أحلى أوقاتها.. مع صديقاتها.. هنا نشاهد سلمى وقد
جذبها الحنين لتلك الذكريات وذلك الحي الشعبي..!!
فنتابع كيف أن هذه الصداقة بين الثلاث قد بدأت في التجدد على نحو
أعمق بعد أن تكون الحياة قد أنضجت هذه الشخصيات.. بالرغم ما شاب
مشوار كل منهن من صعاب.. في ظل مجتمع مليء بالمعوقات الاقتصادية
والأخلاقية.. ساهم في فقدانهم للمتعة الشخصية بأشياء الحياة
الجميلة.. لذا نراهن قد صممن على خوض تجربة أخرى للتمتع بما لديهن
وانتزاع اللحظات الجميلة واختبار معدن صداقتهن.. مشاهد سجلها
الفيلم بعذوبة مؤثرة.. أثناء مرحهن ولعبهن بالكرة وغنائهن لأغاني
محمد منير.. أكلهن لطبق الكشري اللذيذ..!!
ومن المؤكد بأن أحداث الفيلم جاءت متماسكة ومحبوكة وتكشف عن موهبة
فذة في كتابة السيناريو والحوار.. إنها الكاتبة (وسام سليمان).. في
أول فيلم لها أيضاً.. حيث قدمت رؤية نقدية لواقع الشخصيات الثلاث،
ولمسات درامية موفقة ومتقنة على الصعيد الفني والدلالي المتناسب مع
كل شخصية.. فشاهدنا أحداثاً متقنة تعتمد على مبدأ المفارقة الفنية
اللماحة.. مع مصاحبة حوار جذاب رغم بساطته.. يضيف الكثير لتلك
الشخصيات الواقعية.. في ظل ذلك الانسجام الجميل بين رؤية الكاتبة
ورؤية المخرجة.. فكانت النتيجة مذهلة..!!
هالة خليل قدمت في فيلمها الأول هذا، مشاهد تنبع بالصدق والواقعية
الرومانسية.. ونجحت في التعاطي مع فريق التمثيل وإدارته بشكل ملفت،
بحيث استطاعت الكشف عن إمكانيات دفينة لحنان ترك وهند صبر ومنة
شلبي.. هذا إضافة إلى بقية الأدوار الثانوية التي جاءت بمثابة
المفاجأة للمتفرج..!!
فيلم "أحلى الأوقات" سيمفونية عن المشاعر وتحكي عن صداقة حقيقية
تربطها علاقات إنسانية وظروف محددة.. هي الحياة الحاضرة بقسوتها
وبساطتها.. شخصيات تعيش الواقع ولا تنفصل عنه.. شخصيات تجسد مشوار
حياتي قاسي.
إن فيلما بهذه العذوبة.. لكفيل بشد الانتباه لما ستقدمه مخرجته
المتميزة هالة خليل فيما بعد..!!
قص ولصق..
رومانسية العلاقات الإنسانية..!!
وها هو فيلمها الثاني (قص ولصق ـ
2006)،
ـ بعد عرضه مباشرة ـ قد حضي بردود فعل إيجابية.. فيلم من بطولة
حنان ترك وشريف منير..!! لتثبت هالة خليل للجميع بأنها مخرجة تمتلك
حساً وفكراً سينمائيين متفردين.. وذلك من خلال ثلاثة أفلام فقط..
فيلمين قدماها بشكل جديد، وحصلت عنهما العديد من الجوائز، في أغلب
المهرجانات التي شاركت فيها..!! وها هو "قص ولزق".. قد حضي بردود
فعل إيجابية من الجميع..!!
وفيلم ثالث (نوارة ـ 2015)، أبهرت به الجميع، وأضحت كل مشاركاتها
به في المهرجانات، بمثابة تأكيد على أحقية هذا الفيلم بالجوائز.
في فيلمها الثاني "قص ولصق"، تناقش هالة خليل (وهي كاتبة السيناريو
أيضاً)، مشاكل الشباب المستعصية، وأهمها البطالة، وسعيهم المستميت
للعثور على فرصة عمل.. وهي مشكلة حقيقية تقضي على أحلام وطموحات
بسيطة للشباب وهي الزواج والاستقرار والشعور بالأمان، أحلام بسيطة،
ولكنها ضرورية.
ويقدم لنا الفيلم شخصيات حقيقية من الواقع.. لديهم سلبيات مثلما
يحملون صفات إيجابية.. لديهم طموحات مثلما تنتابهم المخاوف..
يتنفسون في مدينة كبيرة قاسية، يتفشى فيها الزيف والنصب، ومضطرين
للتعامل والمشاركة في كل هذا، لأجل الاستمرار في العيش.
فالنماذج التي تختارها هالة خليل، متباينة ومختلفة في اتجاهاتها
وتفكيرها.. إلا أنها تلتقي وتتشابك في نفس الهموم.. فنرى جميلة
(حنان ترك) التي تفكر بل تحلم في الهجرة بشكل جدي، متخلية عن
حياتها العاطفية في سبيل تحقيق هذا الحلم.. لذا نراها تقضي معظم
وقتها تشتري وتبيع لتوفير ثمن الرحلة.
أما يوسف (شريف منير) فهو شاب هادئ يعمل في تركيب وتصليح أطباق
القنوات الفضائية لسد حاجته وتوفير لقمة عيشه مع أخيه يحيي (أشرف
سرحان).. وفي نفس الوقت يسعى لإيجاد فرصة عمل أفضل تنقله إلى مستوى
آمن من العيش.. وهناك صديقه سامي (فتحي عبدالوهاب) الذي نراه يتسكع
ويحتال لمجرد العيش، بسبب البطالة التي يعشها هو أيضاً.. ولكنه
عندما يحب زينب (مروة مهران)، البنت الريفية التي القادمة إلى
المدينة للبحث عن الحب والزواج، لكنها تصدم بواقع صعب وقاسي،
يجعلها تعمل كبائعة في محل للأطعمة السريعة.
شخصيات فيلم (قص ولصق) الرئيسية، نراها تتقاطع وأحداث الفيلم، بشكل
هارموني جميل.. يكمن في تلك المشاهد الرومانسية الحميمية في
العلاقة فيما بين الشخصيات، تلك التي تأتي طبيعية من غير افتعال
ومبالغة.. كمشاهد تعطل المصعد فجأة، أو طيران طبق القنوات وغرقه في
النيل، ومحاولة بيع الهاتف المحمول.. وغيرها من المشاهد التي لا
تكتمل فيها القصة. مشاهد قدمت الشخصيات برهافة شديدة، تدعم مواقفها
وتصرفاتها، وتبرز محاولاتها لتجاوز أزماتها بشتى الطرق، والابتعاد
عن إدانتها، كل ذلك جعلنا نتعاطف مع هذه الشخصيات ونشعر بمعاناتها
إلى حد كبير..!!
ولولا ذلك الطرح المباشر في بعض المشاهد التي تتحدث عن أزمة الشباب
والبطالة والبحث عن السكن.. والتي جاءت كخطب ومواعظ جافة، على لسان
الشخصيات.. وتوقفت فيها الصورة عن الحكي.. هذا إضافة إلى تطعيم بعض
المشاهد بأغاني مهمتها شرح الحالة وليس زيادة الشحنة العاطفية..
وكم تمنيت أن تكون هالة خليل (كاتبة ومخرجة) حذرة أكثر في تعاملها
مع الأغنية المصورة.. حيث تؤكد هذه المشاهد على عدم ثقة في
المتلقي..!!
في فيلم (قص ولصق)، تؤكد هالة خليل على امتلاكها لأدواتها كمخرجة
واعية، قادرة على اختبار الممثل وإدارته، هذا إضافة إلى امتلاكها
للوعي بهموم ومشاكل شبابية ملحة، تناقشها بهدوء وأمانة.. وهي
كفنانة قادرة على إمتاعنا وإثارة مشاعرنا لأغلب الشخصيات التي
قدمتها منذ خطت لنفسها هذا الأسلوب السينمائي الجاد.. وليست كل تلك
الجوائز (أفضل فيلم عربي وأفضل عمل ثان في مهرجان القاهرة 2007 ـ
أفضل فيلم من المركز الكاثوليكي الـ56 ـ أفضل فيلم وأفضل ممثل في
مهرجان روتردام 2007) التي حصلت عليها، إلا دليلاً على صحة مسارها
التي اتخذته..!!
******
أما فيلمها الثالث (نوارة ـ 2015)، فقد وصلت به إلى مراحل متقدمة
من الوعي والجمال الفني.. وبالطبع لم يكن مفاجأة للوسط الفني
والسينمائي، بل جاء تتويجاً لمشوار زاخر بالإنجازات الفنية في
السينما والتلفزيون.
(نوارة)، رغم أن أحداثه تدور في ظل أحداث ثورة يناير، إلا أنه لم
ينخرط في الهم السياسي، بل كان الهم الاجتماعي والمعيشي للفقراء
والمهمشين هو محور العلاقات والأحداث.. والتي بالطبع ذات تأثير
حقيقي على الإنسان المصري.
المخرجة هالة خليل، بعد هذا الفيلم، تحاول تقديم أعمال أبت العجلة
الإنتاجية التقليدية أن تساعدها في مواصلة مشوارها السينمائي،
فلجأت إلى التلفزيون، وقدمت أعمالاً درامية كمخرجة وكاتبة أيضاً.
ولديها سيناريو فيلم جاهز منذ سنوات، تحت اسم (شرط المحبة)، إلا
أنه مازال ينتظر تصريح الرقابة على المصنفات الفنية... تقول هالة
خليل: (...لا أعلم سببا واضحا لمنع فيلمي فكل ما هو مطلوب مني
فعلته تماما، واستجبت لكل التعديلات التي طُلبت مني، وكنت متعاونة
بشكل كبير. واجتمعت مع اثنين من كبار الرقباء بجهاز الرقابة على
المصنفات الفنية، وتناقشنا في كل تفاصيل السيناريو، وتم مراجعة كل
التعديلات المطلوبة. وانتهى اللقاء بالحصول على إشادة هذين
الرقيبين وثنائهما على الموضوع وقيمته، ووعداني بعرض تقرير على
رئيس الرقابة خالد عبدالجليل ومنحي تصريح نهائي للموضوع. ولكن كانت
المفاجأة أنه رفض إعطائي التصريح، وهو ما دفعني لكتابة مناشدة
لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي على حسابي الخاص بموقع التواصل
الاجتماعي "فيسبوك" للتدخل وحل أزمتي، خاصة وهو الداعم الأكبر
للإبداع وللمبدعين في مصر، الذين يقدمون أعمالا هادفة ترتقي
بالأخلاق والقيم...).
كاملة أبو ذكري:
ملك وكتابة..
تحية خاصة للسينما الجادة
(ملك وكتابة)، كان أول فيلم أشاهده للمخرجة كاملة أبو ذكرى، وقد
كان من بين الأفلام المصرية القليلة التي استمتعت بمشاهدتها، وسعدت
به كثيراً.. مع أن هذه المشاهدة قد تأخرت كثيراً، باعتبار أن
الفيلم أنتج عام 2006 وعرض جماهيرياً في صيف 2007. وقد شاهدته في
عرضه على القنوات الفضائية أكثر من مرة، شاهدته ثلاث مرات، خلال
شهرين فقط.
تدور أحداث الفيلم (الذي كتبه الثنائي أحمد الناصر وسامي حسام)،
حول أستاذ التمثيل المسرحي الدكتور محمود (محمود حميدة)، الصارم
والملتزم بالنظام والمواعيد في تعامله مع طلابه في المعهد، وحتى في
حياته الشخصية والعامة، في البيت والشارع. وهو متسلط في الرأي
معتقداً بأنه على حق. وبسبب ظروفه هذه، نراه منشغلاً بعمله، ليس له
أصدقاء ولا يعرف من الحياة سوى العمل والمنزل.. حتى علاقته بزوجته
(عايدة رياض) تبدو علاقة جامدة، بل ميته، وكل منهما يعيش عالم
لوحده ومنشغل عن الآخر. وهو مقتنع وسعيد بحياته هذه، أو هكذا يبدو.
إلى أن يكتشف بالصدفة بأن زوجته تخونه، عندما يداهمها مع عشيقها في
الحمام.
هذا الموقف، يكون سبباً لتغيير جذري في حياته.. حيث تكون الصدمة
قوية باعتباره العارف بكل شيء، فبعد معاناة ومرحلة صراع وبحث عن
الذات واعتزال للحياة لفترة، بعد أن طلق زوجته وأقام في شقة صديقه
وزميله في العمل الدكتور عبده (لطفي لبيب)، ويبدأ بالتردد على
المقاهي، ويتعرف على روادها لتمضية الوقت، ويحدث هذا التحول
التدريجي في شخصيته، وخصوصاً بعد أن يتعرف على الممثلة الشابة هند
(هند صبري)، التي يتصادف وجودها في نفس المقهى الذي يتردد عليه.
وبالرغم من بداية العلاقة الحرجة بينهما ورغم فارق السن بينهما،
إلا أنهما يصبحان صديقين قريبين، وتزداد علاقتهما تألقاً، ويؤثر كل
منهما في الآخر بشكل إيجابي. حيث تنجح هند في أن تفتح له آفاقاً
أخرى للحياة، من خلال صدقها وجمالها وطبيعتها وتوازن عواطفها،
لتتهاوى قناعاته القديمة، ويكتشف عالم السينما من خلالها، ويصل إلى
قناعة بأن الإنسان بما ينجز مهما كان صغيراً. ينطلق في علاقته
بهند، ويعيش حياته بلا ممنوعات، ليشعر بطعم الصداقة الحقة، من خلال
تلك الفاتنة بعفويتها فتنتها الطاغية.
أن يعالج فيلم مصري علاقة الصداقة بين رجل وامرأة، فهو أمر لم
يألفه المتفرج عندنا، هنا في فيلمنا هذا نتابع تلك العلاقة الصعبة
والجميلة بين هند والدكتور محمود والتي يملؤها بمشاعر السعادة
والفرح والثقة والاحترام.. علاقة براقة ليس دافعها الانجذاب
الجنسي، يؤكدها الفيلم من مشهد إلى آخر، من خلال لقطات في معظمها
متوسطة أو متوسطة قريبة، للإيحاء بالحياة الجديدة لهذا الأستاذ
المتزمت..!!
شخصيات فيلم (ملك وكتابة) تنتمي جميعها إلى الطبقة الوسطى، وتعمل
في مجالات الفن.. فالدكتور يعمل في تدريس التمثيل، وزوجته تدرس
الموسيقى، وصديقه زميله في التدريس، وهند المنطلقة ممثلة ناشئة،
وحبيبها مصور فوتوغرافي، وبالطبع أصدقائها ممثلون ومثقفون.
(ملك وكتابة) فيلماً عن السينما، عن العاملين بها وعن محبيها، عن
جمالياتها، وهو في نفس الوقت تحية للسينما
الجادة، السينما التي ينتمي إليها هذا الفيلم.. السينما
المصرية الجديدة، والتي بدأت كتيار مع بداية الثمانينات، تلك
السينما التي تابعناها واستمتعنا بها، والتي قدمها جيل محمد خان
وخيري بشارة ومعهما فرسان آخرين صنعوا معاً تياراً سينمائياً
مهما.. هنا يسجل صناع فيلم (ملك وكتابة) التحية لهذه السينما من
خلال استضافته لهذين المخرجين ومعهما زميلهما مدير التصوير والمخرج
طارق التلمساني ضمن أحداث الفيلم، ليسجل هذه الشهادة الواضحة بأن
تلك السينما التي صنعوها مازالت باقية ومستمرة.
تبدأ المعالجة السردية للحكاية غير المألوفة في السينما المصرية،
بمتابعة الشخصية المحورية الأولى، حيث أستاذ التمثيل الذي يخاف من
التمثيل، ومتزمت في تدريسه، ونراه يخاف من الحب أيضاً ليتصور زوجته
مثالية ومستوعبة لكل أبعاد شخصيته، ونراه يحكي عن تطابق الجوهر مع
المضمون، إلا أننا نكتشف بأن جوهره يعكس خواء وفراغاً. حيث أنه
العارف بكل شيء ولا يقتنع بأي رأي ما لم يكن متماشياً مع آرائه
الكلاسيكية المتزمتة، متسلط وسادي يعيش حياة خاوية وتقليدية. كل
هذا جسدته المخرجة كاملة أبو ذكرى بلقطات من الأسفل إلى الأعلى
لتوحي بالغرور والتعالي، مع استخدامها للقطات البعيدة.
أما الشخصية المحورية الثانية، هي شخصية هند الفتاة الطموحة
والمنطلقة، والواثقة من نفسها، تعيش يومها ببساطة وتلقائية، وهي
على علاقة عاطفية بالمصور حاتم (خالد أبو النجا)، وهو شاب ثري لاه
كسول يعشقها، ولكنه يكتفي معها بعلاقة حرة بعيداً عن الزواج، تختلف
معه كثيراً، وتحاول أن تغيره. في الجانب الآخر، تنجح هند في تغيير
حياة الدكتور محمود، حيث تدخله في عالمها، عالم التمثيل، بل وتجعله
يقوم بالتمثيل في السينما في أدوار صغيرة. كما تعرفه على أصدقائها.
وهو بالمقابل يتعايش مع هذا العالم الجديد، متجاوزاً بعض العقبات
الصغيرة.
في فيلم (ملك وكتابة) هناك أداء تمثيلي خلاق يحيط بك إثناء
المشاهدة، أداء يجعلك في حالة غريبة من السعادة، يتألق فيه الجميع،
شخصيات رئيسية وثانوية.. على رأس هذه المجموعة، المبدع محمود
حميدة، من خلال تجسيده لمشاعر وحالات متناقضة، فيما بين الحزن
والفرح، الغضب والضحك.. يذكرنا حميدة كثيراً بالنجم رشدي أباظة في
سنوات تألقه. أما هند صبري، فهي المتألقة في دور جميل، أعطته
الكثير من روحها لكي نشعر بتلك الحيوية للشخصية.. دور استحقت عليه
الجوائز والإشادة في كل مكان يعرض فيه الفيلم..!!
ولدت كاملة أبو ذكري في القاهرة عام 1974، وهي ابنة الكاتب الكبير
وجيه أبو ذكري. تخرجت في المعهد العالي للسينما، وبدأت مشوارها
الفني من خلال العمل كمساعد مخرج ثاني في فيلم (131 أشغال) للمخرج
نادر جلال سنة 1993، ثم بعدها قامت بإخراج فيلمها القصير الأول
(قطار الساعة السادسة)، ثم عادت بعد ذلك للعمل كمساعد مخرج في
أفلام (هالو أمريكا) و(إتفرج يا سلام) و(اللمبي) بطولة الفنان
(محمد سعد) و(إزاي تخلي البنات تحبك)، إلى أن قامت بإخراج أول
أفلامها السينمائية (سنة أولى نصب) سنة 2004، تلته بأفلام (ملك
وكتابة) و(عن العشق والهوى) و(واحد صفر). وعلى صعيد التلفزيون قامت
بإخراج مسلسل السيت كوم (6 ميدان التحرير) عام 2009، ومسلسل (ذات)
عام 2013، ومسلسل (سجن النسا) عام 2014.
شاركت في عدد من المهرجانات السنيمائية الدولية وعلى رأسها تمثيلها
لمصر من خلال فيلمها (واحد صفر) بمهرجان فينيسيا الدولي بدورته
السادسة والستون.
التليفزيون:
حضور آخر
من الملاحظ أن ظهور المرأة كمخرجة في السينما قد تأخر عن ظهورها في
التليفزيون، وذلك لأن المنتجين السينمائيين يخشون ويشكون في قدرة
المرأة بتحمل أعباء مشروع سينمائي كبير، لذلك كانت فرص العمل
للمرأة قليلة أو منعدمة. فلولا أن نادية حمزة ونادية سالم قد قامتا
بإنتاج أفلامهما، لما برزتا على الساحة السينمائية. ولا حماس واصف
فايز ـ المنتج الجاد ـ للفكرة التي قدمتها له المخرجة إيناس
الدغيدي، لما ظهرت هذه الفكرة ـ في هذه الفترة على الأقل ـ إلى
النور. غير أن فكرة المنتجين عن المرأة كمخرجة بدأت تتغير إلى
الأفضل في الآونة الأخيرة.
أما التليفزيون ـ بصفته قطاع عام ـ فقد أعطى الفرصة للمرأة في كافة
المجالات الفنية من السيناريو والمونتاج والديكور إلى الإخراج.
وبرزت مخرجات مثل إنعام محمد علي، وعلوية زكي، وعلية ياسين. ولم
يقتصر عمل هؤلاء على إخراج المسلسلات فقط، بل قدمت علوية زكي فيلم
(رجل اسمه عباس)، وقدمت إنعام محمد علي فيلم (آسفة أرفض الطلاق).
ولأهمية فيلم إنعام محمد علي وجرأة الفكرة التي طرحها، سنأخذه
مثالاً لأفلام المخرجات في التليفزيون ـ علماً بأن موضوعنا يختص
أساساً بمخرجات السينما ـ ولذلك سيكون تناول هذا الفيلم ومخرجته
استثناء لا بد منه.
إنعام محمد علي:
الدعوة لمجتمع متحضر
إنعام محمد علي من المخرجات البارزات في التليفزيون المصري،
وأعمالها تشهد لها بالجودة والقدرة على تلمس الواقع الاجتماعي
للأسرة والمجتمع. لقد قدمت مسلسلات تليفزيونية هامة مثل (حتى لا
يختنق الحب، هي والمستحيل، دعوة للحب، حصاد العمر). وقدمت سهرات
أبرزها (أم مثالية). وجميعها تهتم بقضية المرأة ودورها في قيام
الأسرة الناجحة.
تقول المخرجة: (...صحيح أن معظم مسلسلاتي تعالج قضية المرأة،
ولكنني لست متحيزة للمرأة، لأنني لا أدافع عن المرأة فقط بل أدافع
عن المجتمع كله، أنا متحيزة لمجتمع متحضر يدفع عنه تهمة التمييز
بين الرجل والمرأة، تلك التهمة التي مازالت قائمة في مصر والوطن
العربي)# مجلة سيدتي 11/03/1985
بعد كل هذا قدمت أول تجاربها الفيلمية لأفلام التليفزيون تحت اسم
(آسفة أرفض الطلاق) إنتاج عام 1985، قصة كتبتها حُسن شاه، سيناريو
وحوار نادية رشاد. وقد أثار الفيلم ردود فعل قوية ومؤيدة للفكرة
الجريئة التي طرحها.
يقدم لنا الفيلم شخصية الزوجة الهادئة الطيبة منى (ميرفت أمين)
التي تفرغ وقتها لزوجها وتربية ابنتها الوحيدة، وتسعى بإخلاص
لراحتهما، وتعتبر حياتها مع زوجها عصام (حسني فهمي) كل ما في
مجتمعها. ولكن زوجها يفاجئها في العيد العاشر لزواجهما، بأنه يريد
الانفصال عنها وبهدوء. تشعر الزوجة في هذه اللحظة بأن كل شيء قد
انتهى، وكل أحلامها وكبرياؤها والإنجازات التي حققتها على مدى عشر
سنوات تحطمت بكلمات قليلة تفوه بها زوجها. عندها لا تملك إلا أن
ترفض هذا الطلاق، بكل قوة لديها استمدتها من سنوات السعادة التي
قضتها معه، ترفضه بدون الحاجة لمعرفة الأسباب التي جعلته يتخذ هذا
القرار المفاجئ. وبعدما أفاقت من الصدمة، لم تجد معها سوى والديها
وصديقتها هناء (نادية رشاد) أستاذة القانون التي أثارها الموقف
التي تقف فيه صديقتها. وبدأ
الجدل في هذا الموضوع يثير اهتمامها، وهي التي لا تنشغل بمثل هذا
الجدل لا في البيت ولا في الجامعة، وبرز أمامها تساؤل وحيد: هل من
حق الزوج أن يطلق زوجته بدون استشارتها؟ مع العلم إن القوانين
التشريعية والوضعية تكفل للزوج هذا الحق.. فتنصح أستاذة القانون
صديقتها باللجوء إلى القضاء لاستعادة زوجها، وتقرر في نفس الوقت
الترافع عنها، بعد أن تركت عملها في الجامعة بدافع عشقها للعدالة،
وتبنيها لقضية صديقتها كمثال للتعسف في استخدام الحق الذي يصل إلى
القتل، فالأسرة كان حي أيضاً.
وبعد أن يثار هذا الموضوع أمام الرأي العام، وفي وسائل الإعلام
المقروءة والمسموعة، بعد كل ذلك لا تنجح أستاذة القانون في إقناع
المحكمة بعدالة قضيتها. لكنها تنجح في مبتغاها وهو عودة الزوج
لزوجته. وفعلاً يعود الزوج معتذراً ليقول لزوجته أنه سيعوضها عن كل
شيء ضاع، ولكن الفيلم ينتهي بهذه العبارة على لسان الزوجة (إللي
ضاع ما يتعوضش.. إللي ضاع إحساسي بالأمان).
برغم قوة الفكرة التي اعتمد عليها الفيلم في نجاحه، إلا أن
السيناريو قد أخفق في بعض الأحيان. فقد اتصف الفيلم بالمشاهد
الطويلة والحوار المسترسل والرتابة المملة، خصوصاً قبل معرفة
الزوجة بقرار زوجها. وقد حاولت المخرجة تجنب ذلك بالمونتاج السريع
في اللقطات، لتعكس التعبيرات التي تنعكس على وجوه الشخصيات.
لم يقنعنا الفيلم بموقف الزوج من اتخاذ قرار خطير كهذا، ويترك
زوجته الشابة والجميلة والثرية والتي تحبه في نفس الوقت وتتفانى في
خدمته لمجرد امرأة أخرى كانت حبه الأول. وحتى لو كان هذا التصرف
نزوة طارئة، فالنزوة لا يمكنها أن تأتيى من فراغ، بل لها أسباب
ومقدمات تتعلق بتفاصيل حياة الأسرة.
لم يستفد الفيلم من لغة الصورة في الاهتمام بالتصوير الخارجي،
فأغلب مشاهده صورت في أماكن مغلقة ـ كعادة التصوير في مسلسلات
التليفزيون ـ ما عدا لقطات قصيرة جداً في النادي والسيارة. واهتم
الفيلم باللقطات المقربة بشكل ملفت، باعتباره ينتمي للتليفزيون.
ولقد ساهم في نجاح تجربة إنعام محمد علي وتقديم رؤيتها السينمائية
الأولى، وجود موضوع جديد وجريء ذو فكرة ومعالجة فنية جيدة.
وتظل النهاية المفتوحة وغير التقليدية، من أهم ما وصل إليه الفيلم
من نتائج إيجابية، حيث لم يبين للمتفرج هل عادت الزوجة لزوجها أم
إنها رفضت العودة إليه مثلما رفضت رغبته في الطلاق سابقاً. إنه هنا
يدق جرس الإنذار في وقت ألغي فيه قانون الأحوال الشخصية، الذي صدر
في عام 1979، وفي غيبة من البرلمان الذي رفض من المحكمة الدستورية
العليا، ويتجدد الحوار مرة أخرى حول علاقات الرجل بالمرأة في
المجتمع المصري. |