(1)
ربما تكون
السينما، في مستقبل الثقافة العربية، أوفر حظاً من الشعر. خصوصاً حين نرى الى
الثقافة العربية في سياق الحضارة الانسانية، كلما استطاعت تفادي المعوقات التي
تبتكرها قوى التخلف المتشبثة بجذورها في الحياة العربية.
وعندما قالوا
بأن القرن العشرين كان قرن الصورة، كان المجتمع العربي، بثقافته المضطربة، يرزح تحت
إرثه التاريخي/ الديني، الذي كان يرى في الصورة ومجمل الفنون البصرية (رجساً من عمل
الشيطان) يستوجب تجنبه.
(2)
بناء عليه،
وقعت الثقافة العربية في الخسارات الكونية متخلفة عن قرن الصورة. وأدى ذلك لحرمان
المعرفة العربية من اجمل الحساسيات الانسانية في التعبير الفني، وهي حساسية الفنون
البصرية. الأمر الذي أدى الى ضمور الثقافة البصرية في المعرفة العربية.
(3)
وإذا اردنا
المزيد من فهم الفقر الابداعي في تعبيرنا الادبي، لابد أن ندرك القدر الذي تخسره
الموهبة العربية وهي تقصر عن مجارات التطورات التعبيرية في العالم. ومن بين هذه
التطورات التعبيرية الفن السينمائي الذي يعتبر أحد أكثر فنون التعبير حداثة في
الثقافة العربية، بل انه فن طارئ الى حد الارباك. خصوصاً في مجتمع يتحكم في ذائقته
قانون الدين ومنظوراته لأشياء الانسان في حياته.
(4)
بهذا المعنى،
أرى في الفعل السينمائي تبلورتً نوعياً يستدعي الاحتفاء والتقدير لشجاعته وقدرته
على السعي الحثيث نحو الصورة بوصفها الاحداق اليقظة في الثقافة.
وسوف أرى الى
الفعاليات الثقافية المتصلة بالفن السينمائي التفاتاً بالغ الاهمية وكثير التطلب
الجاد، الامر الذي يمنحني ثقة كبيرة بأن هذه الفعاليات من شأنها تنشيط المخيلة
التعبيرية لمجمل فنون التعبير الادبية الاخرى، وإغناء كبير الاهمية لثقافتنا.
(5)
وظني أن موقع
(سينماتك) هو احد اجمل الاسهامات الثقافية في هذا المجال. وبمعرفتي الخاصة بهذا
الموقع، أعتقد أن الصنيع الذي اقترحه على مشهدنا الثقافي شقيقي حسن حداد هو صنيع
مدهش، يسهم بشكل فعال، مدجج بالجدية، في سبيل صقل الاهتمام المعرفي بهذا الفن،
ووضعه في صلب العناية الثقافية لمختلف المستويات الثقافية العربية.
وإذا جاز لي
التعبير سوف اجازف بالقول أن حسن حداد كان، طوال سنوات عمله في هذا الموقع، بمثابة
(ناسك الثقافة السينمائية) بامتياز. ولا أطلق هذا الوصف مجازاً، بل اقوله بكل
دلالاته المعنوية والعملية حرفياً.
ولهذا فانه
يستحق الامرين:
الشكر
والتهنئة.