من أول أيام عيد الفطر في آن على عشر شاشات مصرية، وفي لبنان في الحمرا
ولاسيتيه ودمشق صالة الشام، وفي عمان – سينما فيلادلفيا، "الطوق والإسورة"
لخيري بشارة. بعد "للحب قصة أخيرة" لرأفت الميهي وفي انتظار "البداية"
لصلاح أبو سيف (في الخريف) يوزع اللبناني حسين القللا ثاني انتاج مصري له.
"الطوق والإسورة" مميز، فني لأحد المخرجين المصريين الشباب المتعلقين
وعنادهم شرس بحريتهم في التعبير، برغبتهم في سينما مختلفة، أكثر صدقاً،
رافضين بلا تردد أهوال التنازلات والإغراءات في السوق السينمائية منذ
سنوات. وخمس سنوات فاصلة بين أفلام خيري بشارة (39 سنة) الروائية الثلاثة.
ففي مطلع السبعينات، كان من ألمع السينمائيين التسجيليين الشباب. وكانت
المرحلة الذهبية للفيلم التسجيلي، وخيري بشارة له عشرة يؤكد بها لمسة
شاعرية مرهفة في تناوله لمصر، أرضها وناسها. وفي 1976 أول أفلامه الروائية،
"الأقدار الدامية"*، مر بظروف إنتاجية صعبة وانتهي تحت طموحات مخرجه. وفي
1981، "العوامة 70" ثم خمس مضت لتجسيد اقتباس احدى قصص الروائي يحيى الطاهر
عبدالله الراحل في 1981 عن الحادية والأربعين من عمره. وبدأ المشروع من
ثلاث سنوات، من شراكة حسين وفتحي القللا مع يوسف شاهين، ثم نام عند انفصال
الشريكين. وفي الصيف الماضي، عاد القللا يتبناه. وفي آب 1985 انتقل جيش من
التقنيين والممثلين إلى الأقصر لشهرين من التصوير في الأماكن حيث رسم يحيى
الطاهر عبدالله ملحمة ثلاث نساء تعسات في عالم من الرجولة الكاذبة
والتقاليد المتخلفة. والميزانية يقال إنها تقارب الأربع مائة وخمسين ألف
جنيه مصري وبها "الطوق والإسورة" أغلى فيلم في 1985 – 1986، بعد "اليوم
السادس" ليوسف شاهين.
في آيار، في صالة سينما كريم – القاهرة، العرض العالمي الأول لـ "الطوق
والإسورة" وجمهور من المثقفين والسينمائيين استقبله بحماسة كبيرة. وصفق
لمخرج غير تقليدي ولمنتج غير تقليدي. ولفيلم خارج تماماً عن تيار الرخص
والسهولة المسيطر على الإنتاج المحلي في سنتين. انه ملحمة سينمائية حزينة،
حكايات المرأة حزينة (فردوس عبدالحميد، ممتازة) والزوج العجوز الغالي والأخ
الحبيب الراحل (عزت العلايلي، جيد في الاثنين والأخص في دور الزوج). وفهيمة
بنت حزينة وفرحانة بنت فهيمة (شريهان في الدورين، مدهشة)، وقصة زواج عاقر
مع الحداد (أحمد عبدالعزيز) واخصاب عليه اللعنة وعذاب فهيمة وآلامها. وبعد
سنين وسنين، عودة مصطفى الغائب وابنة اخته فرحانة تحبل بلا زواج والحداد
يحرق بيته وزوجته الثانية ونفسه، ولا يعيش ليرى ابن اخته يذبح فهيمة
لاسترداد شرف العفة الضائعة.
بين المأساة والتأمل الملحمي، بين التهاب الميلودراما وحفز النظرة
التسجيلية، وجوه وشخصيات تتلاقى وتتباعد في ضجة الأحداث المتراكمة. لحظات
يومية في دقائقها وسنوات وروايات من مصر الثلاثينات والأربعينات. وهنا
مناخات مسيطر عليها أحيانا ومفلتة حيناً. ولون شاعري (يساهم في خلقة جمال
المكان وبراع تصوير طارق التلمساني) شفاف تارة وغامض تارة، يرسم به خيري
بشارة رؤيته لقساوة إنسانية معذبة، بنسائها ورجالها فيمزج قصة العائلة
الحميمة القروية بأوضاع اجتماعية وسياسية تحيط بها، فتتوه أحياناً الخطوط
الدرامية في لحظات من التأمل، وشيء من الغموض المزعج في تصرفات بعض
الشخصيات الثانوية.
في اليوم التالي للعرض العالمي الأول من "الطوق والإسورة" (في تشرين الثاني
في مهرجان أيام قرطاج السينمائية)، كان موعد مع خيري بشارة، جاء والدكتور
يحيى عزمي واضع السيناريو والسينمائي الشاب أحمد قاسم الآتي من السينما
التسجيلية ومن عمله مساعداً ليوسف شاهين في فيلميه الأخيرين والمنصب من سنة
على كتابة سيناريوين روائيين. جاء خيري بشارة في صحبة صديقيه، منشرحاً. إذا
عرض الليلة الفائتة حفل بالحماسة.
"محتاج أن أقعد معك.."
خيري بشارة: "نحن مجموعة – داود عبدالسيد ويسري نصرالله ومحمد كامل قليوبي
وأحمد قاسم – قناعتنا أن لا بد من اتجاه قوي، وان هذه المجموعة مؤهلة في
شكل عادي لسينما مختلفة. الكل لديه مشروعات غير عادية، والكل يفكر في شكل
أراه مذهلاً باختلافه عن كل ما سبق. تجدنا نشعر أقوى اننا بعضنا لبعض.
فجأة، أمس، شعرت فجأة كم أحب أصحابي جداً، واتصلت بأحمد قاسم صباح اليوم
وقلت له: "ما محتاج أن أٌعد معال..". شعرت بالقوة التي يشكلها هذا الارتباط
لي. فجأة، توازنت من فترة كنت مجهداً فيها جداً. مساء أمس، كان في الصالة
توفيق صالح أحبه جداً وأحترمه جداً وأعتقد أنه يبادلني هذا الشعور. إنما
حسيت أن رأيه غير مهم لي، لا هو ولا صلاح أبو سيف، أحتاج بشدة إلى معرفة
رأي الذين ذكرتهم من سينمائيي جيلي. قد لا نلتقي لشهور، لا نتصل لأشهر،
وعندما نعود فنلتقي نرى أننا كلنا تقريباً في سكة واحدة. قد نختلف ونتشاجر
على فكرة، والواقع ودون ادراكنا التام، نحن في السكة ذاتها.
·
لرغبتكم في سينما مختلفة؟
- ليست هي فقط. انها اهتماماتنا ذاتها للواقع الذي لا بد أن يطرح على
الشاشة، العلاقة بهذا الواقع، تفاصيله، لغز علاقتك بالجمهور، القلق من
علاقتك بالجمهور. كل الأشياء في علاقة السينما بالواقع. هذا كله يجمعنا. قد
تجد لدى توفيق صالح أشياء مشتركة معي جداً، وفي النهاية هذا قد يجعل منه
الأب الروحي لنا، وهو ليس منا. كما أندريه بازان للموجة الجديدة الفرنسية،
مثلاً. ومع ذلك، هو تخلى عنا ونحن عنه – ولن يدافع أحد عنا إلا أنفسنا.
سألت أحمد قاسم: "وما كانت ردات شباب المجموعة؟"، فقال: "أول ردة: نوع من
الانبهار. علاقتي بخيري من الأيام الذهبية للسينما التسجيلية، والفيلم أمس،
رأيت فيه أولا كل أفلام خيري، جوها الخاص، حبه للقرية المصرية. كل ما هو آت
من التسجيلية: طريقة معينة في السرد، في أخذ وقتك للتأمل، في ترك موضوعك
لوهلة لشيء من التأمل...".
وقال خيري بشارة: "صباح اليوم، طرح أحمد قاسم علامة استفهام حول استقبال
الجمهور. قال لي ما معناه: لا تصدم ان كان غير مرض، فربما الجرعة غير
الترفيهية أكثر شيئاً ما مما تعوده. وأضاف لتوقعه هذا انه لا يلقي عكسه:
فالجمهور حي وقد يفاجئك. وما قد يقرب الفيلم إليه هو ما قد يلمسه من حياة
على الشاشة، حياة تتجاوب، وطرح أحمد هذه الفكرة انطلاقاً من أن الجمهور حي
ومن الصعب توقعات أكيدة في صدده".
·
وهل أنت قلق؟
- أيام "العوامة 70" كنت مرعوباً، وأنزل بي الفيلم عدم توازن. و"الطوق
والإسورة" متوازن فيه أكثر. أعتقد أن ما شغلني هو كيف من اللحظة الأولى
للحظة الأخيرة يشد الناس. وأعتقد هذا له علاقة بالنضج وبالتجربة وبمليون
شيء. قد يكون فيه منطقة هبوط قصيرة – بينما "العوامة 70" مثلاً كان يحتوي
مناطق صعود وهبوط مستمرة. ففي الجديد حاولنا أن نسيطر، في مرحلة السيناريو
وفي مرحلة التصوير، على ضبط الإيقاع، امتداداً إلى التركيب. وفي هذه
اللحظة، في مقدرتي أن أقول ان الساعة الأولى مشوقة – أعتقد ذلك. ثم، منطقة
هبوط قبل رجوع مصطفى – عزت العلايلي. ونحن في الطريق إليك كنت أقول لأحمد
انني آمل للفيلم التالي أن يخلو من مثل هذا الهبوط وسأنجح في السيطرة عليه
أكمل. لا تنس أنني أقدم على سينما مختلفة، والتجارب لها في مصر غير كثيرة،
ولا فيلم كل سنة لتتراكم تجاربي سريعاً. إذن أعتقد أن منطقة الهبوط هنا هي
منذ افتتاح الطاحونة إلى وصول مصطفى: منطقة قد لا تكون مثيرة للمتفرج. وقد
يكون احساسي غير صحيح.
·
هل يتبع فيتأمل؟
ويتدخل الدكتور يحيى عزمي: "لاحظ أن هناك أحداثاً حذفت في المونتاج لصالح
الفيلم ككل. فكان لا بد من خلل ما في الدراما".
·
مثل أحمد قاسم، لمست جداً تناوب لحظات
السرد القصصي ولحظات التأمل والاسترسال وأتساءل: هل يلعب الجمهور اللعبة
ويتبع اللحظات التي يشط فيها خيري بشارة ليتأمل؟ أرى بوضوح تيارين متوازيين
أحياناً ومتداخلين أحياناً: دراميا وتسجيلياً تأملياً. هل تتبعك الناس في
لعبتك؟
- أتذكر كلة قاسية قالها لي المونتير الموهوب، عادل منير، قال: "أنت تسير
في سكة محفوفة بالمخاطر، قد تكون في النهاية ضحيتها". كان يتحدث عن السينما
المختلفة التي نصبو إليها ونصر عليها. وفي النهاية هو محتاج إليها. كل أمة
يقاس ثقلها وقيمة حضارتها بما هو مختلف. في فرصوفيا وباريس وغيرهما، لديك
سينما عادية ومسرح تجاري وكتب تجارية – وهذا طبيعي ووارد ومقبول. وهناك ما
يصنع ثقل أمة وحضارة أمة وهو المختلف. ولا أرغب في صورة الضحية المضحية.
إنما (وأنا أعرف مقدرتي وموهبتي وصبري) رافض كذلك أن أكون عاهرة. أحياناً
نمر بصراع داخلي أكان أحمد قاسم أو داود عبدالسيد أم غيرهما، وفي الختام
مرة أخرى لسنا عاهرات، لسنا قادرين أن نكون عاهرات. أحمد قال لي: "أفضل أن
أترجم من الفرنسي إلى العربي كي أتمكن أن أعيش، على أن أقبل بصنع أي سينما
هي في وسع مائة واحد..". المسألة قدرة وموهبة وحدود. ولكثيرين دورهم في
السينما التي نريدها: دور المثقفين، دور النقاد، دور الجمهور. لا بد أن
يساعدوا هذه السينما.
·
وأنا أستمع إليك، بدا لي لوهلة أننا
رجعنا إلى نهاية الستينات وبداية السبعينات، عندما كان السينمائيون مقتنعين
أن هناك ما اسمه "سينما تجارية" وشيئاً مقابله اسمه "سينما بديلة" لا يمكن
أن تصل إلى الجمهور الكبير. هل أنت متأكد أنك عاجز عن فيلم تكون راضياً عنه
فكرياً وفنياً ويصل؟
- لا أقول إن هناك سينما للعامة وسينما لهواة التجارب. يجوز فهمتني خطأ. ما
قلته أن السينما التي تعطي "مخيبر دايماً جاهز" و"المدبح" لا يكن أن تكون
وهي أمة ولا ثقافة أمة. ثم لي القناعة أن كل واحد له ما يسمى محدود القدرة
– وهذا لا يعني قوة أو ضعفاً، موهبة أو عدمها. حدود القدرة معناها: هكذا
أنا وهذه قدرتي. وأنا أصور "الطوق والإسورة" أو "العوامة 70" كانت رغبتي
الوصول إلى أربعين مليوناً وأؤكد لنفسي أنني في فيلم شعبي... وفي النهاية،
يبدو أن المسألة ليست أن تقول: أنا لفيلم تجاري أو فيلم شعبي. وربما هي
كذلك بالمزيد من الممارسة، المزيد من العمل والانتقال إلى نضج. مع أنني غير
متأكد أن النضج هذا دائماً في صالح الفنان... مثلاً أرى أن أفلام فليني
الأخيرة أقل عبقرية بكثير من بعض روائع له في شبابه".
مختلف نتحمل عواقبه
- يحيى عزيم: "كي يقول الفنان مختلفاً، لا بد أن يعبر عننه بطريقة مختلفة.
الفن يتجدد بظهور تقاليد ومفاهيم تحل مكان تقاليد ومفاهيم أخرى. فمن
الطبيعي للفنان الذي لديه جديد أن يقدمه بطريقة مختلفة. خذ مثلاً واحداً
مثل تشيخوف: لم يكن مرتاحاً لكل ما يقال في الدراما – قال الجديد، فقاله
بمفاهيم وتقاليد جديدة فشكل نقطة تحول. صدم وهوجم وهذا كان طبيعياً مع
ولادة مسرح جديد. نحن كذلك: لدينا مختلف نقوله، نقدمه بطريقة مختلفة
وتالياً علينا أن نتحمل عواقبه، فهذا مصيرنا".
- أحمد قاسم: "عندما تحدثت عن التداعي الذي يطل فجأة على السير الدرامي، لم
أكن أتكلم مثلاً عن لقطات الطفولة التي طعمت بها بعض المشاهد مرة ومرتين
وثلاثاً: هذه واضحة المغزى ولا تعوق التطور الدرامي. عنيت مثلاً مشهد
الزواج وطقوسه. يترك خيري الخط الدرامي، يتوقف ليندفع في تصوير تفاصيل
التقاليد للحمام واللباس والتجميل. هذا ما كنت أعنيه بالتداعي التأملي الذي
قد يزعج المتفرج العادي".
- خيري بشارة: "أبدأ بلقطات الطفولة: لي علاقة الأخت والأخ حميمة جداً
وخاصة جداً. ولولا الرقابة في مصر لكنا تطرقنا إليها في شكلها الخاص جداً،
علاقة عشق موجودة في الكتاب – وهنا تذكير بمصر الفرعونية حين كان الأخ
والأخت يتزوجان، يحيى الطاهر عبدالله تطرق في كتابه متعمقاً إلى علاقة
الذكور بالإناث ونحن اضطررنا إلى تكثيفها جداً واختصارها بل حذف الكثير
منها.
أنتقل إلى أحمد قاسم حول طقوس الزواج. تكثيفها مقصود، فهي صورة حية لنا،
لنفسيتنا: نحن عندما نفرح إنما نفرح في شكل مبالغ فيه، وعندما نحزن إنما
نحزن في شكل مبالغ فيه. وهذا نفسه جزء مما في تركيبتنا العربية من نفاق
اجتماعي. ضمن الطقوس في الفيلم، مشهد الحمام الذي تخضع له العروس محاطة
بصديقاتها والعريس بأصدقائه. وهذا المشهد ليس في الرواية، بل استلهمته من
واقع المكان. جلست مع الممثلين وحللنا حمام الحداد. قلنا: "لو هو صغير
القضيب، لتجاوز هذا الطقس". ومشهد الحمام يؤكد لنا أن تكوين الحداد
الفيزيولوجي لا نقص فيه، وأن المسألة في النهاية ليست طول عضو أو قصره.
والمسألة تهمني بما أنها الشرق حيث أساطير حول الرجولة المتعلقة بطول العضو
المذكر، والمتعلقة بعد المرات التي يقدر عليها الذكر، بالكم لا بالنوعية.
مع أن "ألف ليلة وليلة" مليئة فعلاً بتراث غني جداً بالتطرق الراقي للجنس
واللذة. اليوم، نحن في عصر الانتصاب الكاذب.
"إذن، أردنا مشهد حمام الحداد لندل على أن المسألة ليست طولاً أو قصراً في
العضو، إنما معنوية، لها علاقة بالمعنويات. هذا هو الطريق الذي اتبعناه. لا
أعرف هل يصل إلى المتفرج 100%، هل هو !00% صح.
ما الذي جذبك
·
سمعتك تقول إنك كنت ترغب في اقتباس قصة
يحيى الطاهر عبدالله منذ 1976. ما الذي جذبك إلى الكتاب: هل هي القصة، أو
الشخصيات، أو جو عام؟
- أعتقد أن ما يشغلني باستمرار هو لماذا نحن هكذا؟ لماذا نحن متخلفون؟
بينما كل واحد منا كفرد، شيء عظيم، ند لأفضل واحد في أي مكان من العالم.
نحن كجماعة، كشعب متخلفون. هذا التساؤل يثيرني منذ بدأت أفكر. أول تسجيلي
لي، "صائد الدبابات" كان فيه شاب ضرب ثلاثاً وعشرين دبابة، رجل تعليمه
متوسط من قرية فيها بلهارسيا وانكلستوما. في وقتها، بالطبع كنت مهتماً
بالصراع المصري – الإسرائيلي، وأثارني أكثر هذا الشاب الخارق. واللماذا
الذي يحمله. لماذا نحن متخلفون، لماذا نحن هذا الكم من التناقض. وفي فيلمي
التسجيلي الثاني، "طبيب في الأرياف"، أجد شاباً ذكياً جداً، لامعاً، لكنه
مصاب بأربعة أمراض مزمنة. يوم صورته، وأنا راجع إلى القاهرة، بكيت متطلعاً
إلى الفنادق الكبيرة والعمارات الشامخة. ابنتي أحضر لها الملابس من محلات
النخبة الاقتصادية واشتري لها أفضل الألبان، بينما بلدي يضج بملايين
الأطفال ذوي ذكاء حاد إنما مرضى. هكذا مصر. هكذا العرب. ما هذه الحيوية
الفردية واستهلاك الطاقة وهذا الكم من التخلف؟
"الطوق والإسورة" نتاج أديب من الأقصر كتب بصدق شديد عن منطقة يعرفها
عميقاً. لم يشدني إليها ما تحمله من طرافة ولم أنجذب إليها بفكرة أ، الجو
شديد المحلية ومه يمكن فيلم للأوروبيين... لم يشدني إليها إلا صدقها الهائل
في تناولها موضوع الخصوبة، فالخصوبة هي قلب الموضوع. هذا الإنسان العاجز
جنسياً، والقهر في هذا الواقع هو في النهاية جدلي: نحن غير قادرين على
الخصوبة – ومعتقدون أن الخصوبة عبارة عن قضيب! المسألة غير ذلك. عقلية
معينة، وعي، مليون شيء. وهنا شاغل المجموعة التي أكلمك عنها: في أفلامها
تجد هذا الموضوع دائماً كامناً. في أشكال مختلفة، وكل على حسب تكوينه
الثقافي، وشخصيته الخاصة. هنا نقطة الاتفاق بين سينمائيي جيلنا: هاجسنا
التساؤل حول لماذا نحن متخلفون؟ لماذا نحن على ما نحن عليه من تعاسة؟
المكياج بلا مبالغة
·
من الأشياء التي تساهم في تضليل
المتفرج نحو الشخصيات، ماكياج أراه ضعيفاً للغاية في نقلها من سن إلى سن.
الحداد والأم – الجدة شخصيتان يخونهما الماكياج في شكل مزعج.
- خيري بشارة: "في توجيهاتي العامة للماكياج، أردت أن لا يأتي مبالغاً فيه.
أعتقد أن الناس لا يتغير شكلها في الكبر كما نحن متصورون. الانتقال بين
العشرين والثلاثين والأربعين ليس بالحدة التي نتصورها. وبما أن مستوى
الماكياج في السينما المصرية من الأشياء التي تدهورت واضحة في سنوات
الإهمال والتسيب، عمدت إلى عدم اللعب كثيراً على التغيرات الكبيرة في شكل
الممثلين، تفادياً للمبالغة".
·
لم أقرأ قصة يحيى الطاهر عبدالله، ولدي
العديد ممن قراؤها أن الفيلم أكثر سوداوية ويأساً من الكتاب.
- يحي عزمي: لا أعتقد أنه أكثر يأساً ومرارة من الرواية. وربما الأشياء على
الشاشة سوداوية لأن الشخصيات مرسومة بتفاصيل ملموسة. والفيلم كما القصة رسم
لواقع وتصوير عوامل قاهرة غلابه على هذا الواقع. الكتاب لا يرسم الشخصيات
بكامل نياتها، يتحدث عن ملامح لها. ليس في الكتاب بناء درامي تقليدي
للشخصيات وخلفياتها بقدر ما هناك عرض أوالية لمسار عوامل القهر على شخصيات
كلها عاجزة. مجموعة علاقات وحالة العجز التام التي هي فيها: الأب المقعد
الذي ينطفئ، الحداد العاجز جنسياً، مصطفى الذي يعود إلى القرية من عشرين
سنة – ووعيه لم يكتمل – وفي النهاية يحل محل أبيه على سرير الشلل.
والشخصيتان الوحيدتان القادرتان على الخصب والتناسل تموتان. فهيمة تنجب
وتصاب بحمى (نفسية بقدر كونها عضوية) وتموت، فرحانة تحبل وتذبح قبل أن تضع
مولودها. ولا يتبقى سوى حزينة الأم تحت وطأة الآلام. وهكذا واقعنا: نحن غير
قادرين على الاخصاب. غير قادرين على الإنجاب لأننا، كحضارة معاصرة عربية
نجتر ماضينا – مثل الجمال والبقر. لدينا الوهم اننا لو رجعنا إلى تقاليد
الماضي ومجده صرنا شيئاً فيماً، غير مدركين أن علينا أن نتطلع إلى الأمام
لا إلى الوراء. السلفية تقتلنا: والنتيجة أننا مجرد مستهلكين لمنجزات حضارة
آخرين. نحن مستهلكون، لا نشارك. واقعنا واقع جدب والإنسان عاجز".
- خيري بشارة: "بالطبع الفيلم قاس وغير وردي. وفي الثلاث اللقطات الأخيرة
أرى ولادة جديدة، أرى صورة الثورة. أقول لك ذلك وأعلم أن هذه الثلاث هي في
النهاية خاصة جداً به. هكذا أراها محملة بانطلاقة وتحليق – ولا أدعي فرض
رؤيتي الذاتية جداً على المتفرج. قد لا يرى في الطيور حين تنطلق وترتفع ما
أراه من صورة شاعرية الإحساس الثوري – وهذا لا يقلقني، وقد أقول إنه لا
يهمني. المهم حين ركبت هذه اللقطات الثلاث لختام الفيلم، شعرت بها قوية.
بالطبع إذا وصل احساسي ازداد فرحي، وهذا ليس حيوياً لي".
·
هل تعتبر أن السينما التي تصفها هي
أفكار أكثر من أحاسيس أو مشاعر؟
- خيري بشارة: "أعتقد أن تركيبتي الأساسية تسيطر عليها العواطف أكثر من
الأفكار".
- أحمد قاسم: "حتى في أفلام خيري التسجيلية كان ذلك واضحاً".
·
وأنا أستمع إلى خيري بشارة عن فيلمه،
يبدو لي أن "الطوق والإسورة" كان له وسيلة، أداة لتوصيل أفكار.
- خيري بشارة: "حاسس في شكل أو آخر أن لدي موهبة. حاسس أن موهبتي هذه لا
يجوز لي أن أستعملها كمومس.
لا أدعي أنني ماركسي. ممكن أن أكون متعاطفاً مع التقدم لا مع الرجعية.
يمكنك أن تعتبرني مع التقدم. وإذا أردت أن هذا يعني اليسار، لا بأس، أن هذا
الماركسية، لا بأس. ولست ماركسياً أنا ضد كل تصنيف مبسط في داخلي مع التطور
وضد التخلف. وضد قهر الطبقات الشعبية. إذن، ربنا منحني موهبة، وفيلمي بصدق
كبير – لا كي أنافق ولا كي أجني الربح كمنتج ولا لأكتسب لنفسي مجداً
شخصياً. فيلمي ببساطة كي أساعد في تنمية وعي، كي أساعد في التغيير. لو
وصلنا إلى جعل متفرج يحب أرضه، يحب صديقه، يحب زوجته نكون حققنا هدفاً
نبيلاً. لو هذه السينما التي أصنعها تساعد رجلاً عل الانسجام أكثر بزوجته،
لاعتبرت أنني أنجزت شيئاً مهماً. هذه حقيقتي".
·
وتعتبر هذا يربطك ومجموعة الشباب
السينمائيين الذي تحدثت عنهم؟
- نعم، طبعاً. فجميعهم مستقلون وكلهم محسوبون على قوى التقدم وكثيراً ما
يتهمون بالشيوعية بينما من الصعب تصنيفهم وخطأ تصنيفهم. فنظرتهم التقدمية
إلى الحياة والواقع والسينما واسعة جداً وناضجة جداً ومرنة جداً. وهذا ما
يربطنا. كلنا تجاوزنا مراهقة الأيديولوجيات ومراهقة التصنيف.
لماذا البلهارسيا؟
·
رغم ما يشير إليه خيري بشارة من اختلاف
جذري بين سينما جيل يوسف شاهين وتوفيق صالح وصلاح أبو سيف، وجيله وداود
عبدالسيد وغيرهما، أرى هناك نظرة موحدة: نظرة أن السينما رسالة وأن على
الفيلم رسالة أن لم يكن درس. والفيلم رسالة لا تعبير عن الذات.
- أحمد قاسم: "ليس فقط تعبيراً عن الذات. كيف تعبر دون أن تكون مهتماً بما
حولك؟ خيري يتفاعل مع الناس في شكل معين. يتطلع ويسأل: لماذا الناس مصابون
بالبلهارسيا؟ ويحقق "العوامة 70".
- خيري بشارة: "لدينا هموم حقيقية صعب تصنيفها ولا تخصنا نحن فقط، هي هموم
أي مواطن عادي، ليست هموم نخبة، أنتلجنسيا. ربما هناك بعض هموم نخبة، دلع
نخبة... إجمالاً همومنا حياتية عادية، اعتيادية. والسينما عندنا تختلط فيها
المسائل: رؤية الواحد، رسالة، عواطفه، أشياء ذاتية، أشياء عامة تخص الناس
وأشياء خاصة تخصك وأشياء خاصة تخص الناس".
- يحيى عزمي: "أعود إلى تعبير تشرناسفسكي في كلامه عن الفن. أن جوهره إعادة
انتاج ما يهم الإنسان. وبما أن هناك شيئاً يهمك، فلا بد سيحمل قضية تهمك،
موقفاً، رؤية. شيء يهمك إذن ستعبر عنه بحماسة فكرية وحماسة عاطفية. لذا
الفصل بين الفكر والعواطف يبدو لي صعباً".
- خيري بشارة: "أعود إلى مجموعتنا، إلى جيلنا من السينمائيين وأقول إن من
الأشياء الخاصة بنا أن المسائل عندنا مركبة. رؤية أشد تركيباً للحياة
والسينما المتداخلتين بعضاً في بعض. هذا ما يميز جيلنا. لو لنا إضافة
كمجموعة، فالنتيجة هذه: أن المسائل أشمل وأكثر تركيباً".
·
التصوير وأداء الممثلين عنصران لا نقاش
في تفوقهما. وبالطبع لخيري بشارة شأن في جمال صورة طارق التلمساني ومن تفوق
فردوس عبدالحميد وشريهان عزت العلايلي... كيف كان عملك مع التلمساني
الموهوب؟ هل تعمد إلى تقطيع مسبق للمشاهد أو ترتجل في مكان التصوير؟ هل تضع
عينك في الكاميرا وتختار لقطاتك بالتحديد أو ترشد المصور وهو يشكل ويكون؟
- خيري بشارة: "كل تقطيع كتبته في المساء دمرته في الصباح. أحياناً أتوصل
إلى تركيبة مشهد وعندما أحكيها أدرك أنها باهرة. وعندما أكتشف أنها باهرة
أتمرد عليها وأبدلها. وأحياناً أعثر على حلول أبسط، اقتراب أكثر ابتكار،
وأحياناً يتعبني المشهد ويوقف مخي.
والكاميرا، كأي مخرج أحترمها، بالطبع أحدد الزاوية، والعدسة وأختار تكويني،
والواحد له تكوينات خاصة به. في آن، هناك المصور ككل المصورين يعتبر أن
الكاميرا هذه ملكه، مع أنها ملك المخرج. لذا دائماً قبل البدء، أحدد بدقة
دوري للمصور وأفهمه بوضوح أن الكاميرا هذه تخصني بقوة. وطبعاً يحدث أحياناً
مقترحات للمصور وأرحب بها – ما دامت في حدود أسلوبي.
"طارق التلمساني صديق حميم، هذا جعله يتعايش جداً مع السيناريو، والبحث عن
شكل الفيلم، البحث عن تمويله. دخل مشحوناً به كما أنا مشحون، يراه مسبقاً
كما أراه. وكان لي أساساً أحلام حول ضوء الفيلم، تكلمنا عنها قبلاً، تحدثنا
عنها. تناقشنا طويلاً حول ألق الصورة التي نريدها. طارق موهوب جداً، ومن
النوع المسكون يقلقنا بتمردنا باضطراباتنا. وأيضاً له جموحه ورؤيته
الجمالية. لطارق تركيبة فنية تذكر بكامل التلمساني، الله يرحمه.
"ثم أننا عشنا في الأقصر مجموعة تربطنا حماسة عامة غير عادية، وقامت بيننا
علاقة أعتقد انها نادرة.
·
كل الممثلين جيدون: الأدوار الرئيسية
كما الثانوية. كيف تعاملت معهم؟
- تعاملت مع الممثلين في شكل سيكولوجي. كل ممثل قرأ الرواية وقرأ السيناريو
مكتوباً بوضوح إلى حد كبير. كان علي أولاً اسقاط الأقنعة، والتعامل مع ممثل
بعيد عن النفاق ومغالطات الأقنعة. مع ممثل بحسب شخصيته وتركيبته. استفززت
الممثلين قبل التصوير ودفعتهم إلى التحرر مما قد يحملونه من أقنعة. وأثناء
التصوير، عدت إلى الاستفزاز، إلى انتزاع أفضل ما لدى كل منهم. مثلاً، فردوس
عبدالحميد يوم تصوير مشهد عودة مصطفى أخيها من عشرين سنة غياباً. كنت أعرف
أن هذا المشهد من الأهم لها وأهم مشهدين في الدراما. أنني ضد أن يدخل
الممثل إلى مشهد مهم ويؤدي دوره بثقة. كل ممثل يشعر أنه واثق لا بد أن
يعطيك سطحياً. يومها، حضرت فردوس حافظة حوارها ومهيأة وواثقة انها في ألمع
مشاهدها. بدأت بتصوير اللقطات التي هي غائبة عنها. كل لقطة من ساعة،
ساعتين، وهي في غرفتها، جالسة مشحونة، تغلي. وأنا واعٍ، إلى أن جاءت، وهمست
لي: "يا أستاذ خيري، فيه حاجات أنا عايزه أكلمك عنها بخصوص المشهد ده...".
فقاطعتها صارخاً: "يا مدام فردوس، أنا المخرج! وأنا، حاقولك تعملي إيه..."،
فإذا بفردوس تنفجر وكرهها لي في عينيها. فلتنفجر، أريدها أن تنفجر بالشحنة
التي فيها وتتخلخل الثقة المهنية فاقتربت منها وهمست لها: الأهم الآن،
الناحية الحسية جداً في علاقة حزينة بأخيها مصطفى العائد". أهم شيء حاسة
الشم. إذا افترقت سنة عن زوجتي والتقينا أحضنها وأشمها بشدة. أهم شيء في
هذه اللقطة حاسة الشم. قلت لها: "مصطفى جاي من السفر، وعرقه لصق بجلده، وله
رائحة مميزة تعرفينها من عشرين سنة وتبحثين عنها... هذه هي الأشياء المهمة،
بعد ذلك لا يهمني كيف تتصرفين". ودارت الكاميرا وكانت فردوس رائعة.
"وشريهان، أنا بصراحة شديدة متحمس لها جداً. أرى هذه الممثلة كسن وكشكل
وملامح وكموهبة أننا نحن محتاجون إليها في السينما المصرية. وأحس دائماً
أنها تخلق انشقاقاً: ناسا تحبها وناسا لا تتقبلها – ويقال عادة ان النساء
هن يرفضنها خائفات منها على رجالهن. كما يقال انها شابة صغيرة في دور امرأة
انثى... هناك هكذا تصورات لشخصية شريهان على الشاشة. راقبتها بدقة. وفي
يوم، قال لي سمير فريد: "رأسها أكبر من جسمها..." فدهشت جداً لهذه
الملاحظة. راقبتها وأدركت أنها تستخدم شفتيها وفمها في شكل خاص. وأنها
موهوبة نعم، ولديها بعض الأفكار المسبقة في شأن ما عليها أن تصنعه وما
عليها أن تتجنبه... تفاصيل عديدة صغيرة إنما مهمة.
"أول مرة قابلتها مع والدتها فشرعت في استفزاز الأم: "شريهان جيدة جداً
وهناك عديدون لا يحبونها...". دهشت السيدة من وقاحتي واحتقنت. وأتيت شريهان
وهي تعلم أنني متمسك بها للدور بشدة وحماسة، وقلت لها: "شيري، أنت موهوبة
جداً، بس كدابة!". وانكسر الثلج بيننا. وفي لحظات، دخلنا إلى مكتب المنتج
حسين القللا لنوقع العقود، وعند الباب، قلت لها: "شيري، أرجوك، تخلي عن
طبقتك!...". نظرت إلى باندهاش، وفهمت ما أعنيه. لا أقصد إهانة أحد، كان
المهم أن أدفع شريهان إلى التخلي عن طبقتها لتكون فلاحة صعيدية تسير
حافية".
"سريعاً فهمت فردوس وشريهان أن ما أريده هو الأداء أن يكون طبيعياً جداً،
اللباس الطبيعي، والتصرف كما في الحياة، بلا تكلف ولا مسرحية. سريعاً مسكتا
بهذه المفاتيح وصار التفاهم سهلاً. ثم كان التفاعل مختلفاً في تصوير كل
مشهد. أعتبر أن من مشاكل إدارة المخرجين في مصر كونهم يشرحون للممثل أشياء
هو فاهمها، موجودة بوضوح في السيناريو والحوار. بينما دور المخرج شحنة نحو
التوجه الصح، نحو الإحساس المناسب. لا أعتبر أن هذا الأسلوب في إدارة
الممثل خاص بي أو اخترعته، إنما اكتسبته من العمل مع بعض المخرجين
الغربيين، إذ تدربت بعض الوقت مع اندراج فاجدا".
هل كنتما أمينين؟
·
إلى يحي عزمي وخيري بشارة: "هل أنتما
مقتنعان بأنكما كنتما أمينين لقصة الأصلية، أو هذا ليس ذا أهمية لفيلم له
هويته الخاصة؟".
- يحيى عزمي: "كان مهماً لنا أن لا يفقد الفيلم روح عالم يحيى الطاهر
عبدالله. روح عالم التمرد. وأن نصل إل ما وراء الأحداث والوصف، بين الأسطر
في الرواية. لا أعلم إلى أي درجة وفقنا".
- خيري بشارة: "الآراء متضاربة. قال لي عبدالفتاح الجمل – وكان صديقاً
حميماً ليحيى الطاهر عبدالله ومن أتاح له نشر قصصه الأولى وله فضل قوي على
الأدباء الشبان – قال بسخرية: "كويس إنك عملت الفيلم بعدما مات، وإلا كان
قتلك – أكان الفيلم نسخاً أم لا". يحيى الطاهر عبدالله كان صديقي. ولا
أعتقد اننا كنا نختلف. كنا تناقشنا كثيراً في الرواية، واقترحت عليه وجهات
نظر شتى للاقتراب، وهو أساساً كان معجباً بأفلامي التسجيلية. كان اعجاب
متبادل.
·
في النسخة الأولى، كان الفيلم فيما
يقارب ثلاث ساعات إلا ربعاً النسخة النهائية من "الطوق والإسورة" في ساعتين
إلا خمس دقائق أو ما يقارب ذلك. هل يعتبر خيري بشارة المخرج والمشترك في
كتابته أن خيري بشارة الجالس وراء طاولة المونتاج خانة وبتره؟
- لا، لدي قناعة بأن النسخة النهائية هي الفيلم الوحيد – ولا أهتم بكل ما
سبقه. أيا كانت المبررات، وهل في الوسع أن يكون أفضل، وهل أنا نادم على ما
حذفت أو غير نادم. الفيلم كما هو اليوم، كما يعرض على الناس هو "الطوق
والإسورة" هذا هو قدره.