قبل بضعة أشهر نشرت في
صحيفة «الجزيرة» السعودية مقالاً حول النقد السينمائي بعنوان:
«في النقد
والنقاد:
النقد العربي أخفق في أن تكون لديه مجلة متخصصّة».
السطر الأول من العنوان هو لي.
الثاني هو لمدير التحرير. لكن الموضوع يتحدّث فعلاً عن إشكاليات عدم وجود الملجة السينمائية
على الرغم من إنتشار الصفحات السينمائية هذه الأيام.
وقد وصلت الى القول:
«... لكن
إخفاق النقد العربي في أن تكون لديه مجلة صحيحة، يتجاوز هذا الحد (حد وجود
مشاكل للمجلات المتخصصة القليلة التي صدرت) ويمتد ليشمل إخفاقه العام في
تكوين حالة ثقافية سينمائية أكيدة وفاعلة».
وانتقلت من هنا لمعاينة ما
يتطلّبه الأمر لأن يصبح صاحب رأي ما في الفيلم ناقداً سينمائياً مشيرا الى
«عشر خصال» على الناقد السينمائي التمتّع بها قبل أن يعلن عن ولادته ناقداً
سينمائياً.
سمّيتها خصال لكنها تحوّلت عند أحد المواقع الذي
أعاد نشرها (من دون إذن طبعاً)
الى «وصايا عشر» ما استدعى أن يكتب شخص معلّقاً بأن الوصايا هي من نصيب
سيّدنا موسى عليه السلام. وليطلب منّي تطبيقها أوّلاً قبل أن أوصي بها
متحدّثاً عن أني نرجسي أميّز نفسي وأعطها أكثر مما تستحق. غريب كيف عرف
ذلك؟ وهو فوق ذلك يعتبر هذه «الوصايا» آراءاً خاصّة ثم ينتقدني عليها.
والحقيقة أن المسألة سهلة ولا تستحق التعقيد خصوصاً
وأنها فعلاً آراءاً خاصّة. وهي لا تُلزم أحداً
ولا تفرض نفسها على منهج أحد.
كل ما تسعى إليه هو أن تهيؤ إذا ما استطاعت جوّاً أفضل ليتم فرز الأصوات
الحقيقية في النقد عن تلك التي
تتصرّف كنقاد.
أولى هذه الخصال التي
أرى، بتواضع شديد، أنها تميّز الناقد هي: «الناقد السينمائي هو من لديه
معرفة تمتد طولاً وعرضاً وعمودياً في السينما تاريخاً وصناعة وإنتاجاً
وذوقاً وفنّاً وتقنية ولعماً وإعلاماً وفكراً».
أعتقد أن هذه الخصلة شرط صعب بحد ذاته،
لكنه شرط مهم. قبل حين تعرّفت على صاحب قلم نقدي، عمره نحو ثلاثين سنة
لأكتشف أنه لم يُشاهد أي فيلم سبق تاريخ بلوغه. كيف إذاً يستطيع إذا ما تم
إعادة تحقيق فيلم «الحبل» لألفرد هيتشكوك،
ولو أن هذا مستبعد،
أن يكتب عنه الإختلاف بين النسخة الأولى والثانية؟ او كيف
يمكن له أن يكتب عن سينما أندريه تاركوفسكي او جان رنوار او عن فيلم جديد
لكلود ليلوش
يقول فيه مخرجه إنه يستعيد فيه أيام «رجل وإمرأة» إذا لم يكن شاهد ذلك
الفيلم؟ وهناك حالات أخرى كثيرة تندرج تحت هذا الشرط.
المشكلة هي أن
الكتابة
عن السينما لها مفعول ساحر بالإضافة الى أنها رخيصة التكلفة. ودائماً هناك
من صحيفة او مجلة رئيس تحريرها أما لا يعرف الفرق بين مستويات الكتابة عن
السينما او لا يكترث، بل ينشر الغسيل... أقصد المقال بكل ترحاب.
سينماتك
في 08 يونيو 2007