من ضفاف الخليج وحكاية تاريخه الغزير، وإرثه المتواشج مع
أصالته، ينهل صناع الأفلام الخليجيون قصصهم السينمائية من تلك الروافد
ليقدموا للعالم إنتاجاتهم اللافتة بتنوعها، وفي الوقت ذاته يشارك فنانو دول
مجلس التعاون الخليجي في المهرجان السينمائي الخليجي، الذي يعقد في العاصمة
الرياض خلاصة خبراتهم، ورؤاهم السينمائية ليضفوا أثراً جمالياً على واقع
صناعة الأفلام.
وفي وقت باتت الرياض تُصدر أعمالا سينمائية لافتة إلى
العالم، خلقت عبر المهرجان الذي تنظمه لأول مرة "هيئة الأفلام السعودية"
المناخ السينمائي لإتاحة فرص النقاش الفني والتنافس في دورته الجديدة، إذ
يتنافس نحو 29 فيلماً خليجياً جديداً ما بين الروائي الطويل، والقصير،
والوثائقي أيضاً الطويل والقصير، بجانب سلسلة دورات تدريبية، وندوات ثقافية
من شأنها تجسيد قيم وثقافة السينما الخليجية.
المهرجان فضاء تلاقي الرؤى
ويؤكد صناع الأفلام والممثلون الخليجيون المشاركون في
المهرجان السينمائي الخليجي لـ"العربية.نت" أن المهرجان يعد فرصة استثمار
حقيقية لرواد السينما الخليجيين في إطار تعريف خبراء السينما بمكامن الفرص
والاحتياج لرفد واقع قطاع صناعة الأفلام فضلاً عن اعتباره أي – المهرجان –
حلقة نقاش سينمائية، وفضاءً لتلاقي الرؤى حول آفاق الإنتاج السينمائي في
دول المجلس التعاون الخليجي.
الفكرة مفردة العصر
ويعتقد الفنان الكويتي، جاسم النبهان أن الحراك الفردي في
إنتاج الأفلام من شأنه خلق حراك جماعي للوصول إلى الهدف المرجو الذي نستطيع
عبره محاكاة المجتمعات الأخرى بمفردة "العصر"، حسب وجهة نظره، ويشير حسب
حديثه إلى أن "مفردة العصر" لم تعد مفردة السكين أو السلاح بل مفردة هذا
اليوم: الفكرة والمفردة السلمية التي تحمل الأمن والأمان، وتعبّر عن ذاتنا
وتاريخنا العظيم العربي والإسلامي، حسب رأيه في مجالات متعددة سواءً
الآداب، والفنون، والفروسية.
ثقافتنا غنية
يقول حسين المنصور، الفنان الكويتي: إن السينما الخليجية
رغم حداثتها فإنها خلقت حالة فريدة وبالتالي فإن توافر مهرجانات خاصة في
السينما على غرار "مهرجان السينما الخليجي" من شأنه رفد واقع الصناعة
وتعزيز جمالياتها عبر النقاش والحوار من أجل إثراء واقع التجربة السينمائية
في دول مجلس التعاون، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الثقافة الخليجية غنية
بالقصص التي لم تكتشف بعضها بعد.
قوتنا في المخزون التراثي
يرى الممثل السعودي، عبد المحسن النمر، أن مكامن القوة
الحقيقية من أجل إثراء السينما الخليجية ورفع مستوى الإنتاج السينمائي
الخاص بها يكمن في "المخزون التراثي الخليجي والحكايا الشعبية التي إن
تلبورت في إطار قماشة سينمائية فاخرة من شأنها رفع قيمة مستوى الإنتاج
السينمائي الخليجي بما يتناسب مع أهمية السينما في المشهد الثقافي الخليجي،
حسب رؤيته الفنية، قائلاً في الوقت نفسه: "نحن السعوديون أنطلقنا منذ وقت
في مجال صناعة السينما وسنأخذ الكل معنا"، في إشارة إلى اهتمام دول مجلس
التعاون في مجال الأفلام.
الخليجيون متعطشون للقصة
من جهته، يقول إبراهيم الزدجالي الممثل العماني، إن الجمهور
الخليجي يعد جمهورا متعطشا للسينما وبالتالي فإن حالة التعطش هذه تفرض
التفكير في صناعة إنتاجات سينمائية خليجية موحدة مشتركة جديدة على غرار
الأعمال الدرامية التي جرى إنتاجها سابقًا، ويشير في هذا السياق إلى أن
السينما ترتبط ارتباطا وثيقاً بـ"المال" الذي إن توفر تحقق النجاح، مشدداً
على أهمية التكامل في صناعة عمل سينمائي خليجي مشترك بنفس الذهنية التي
استطاع صناع الدراما تقديم أعمال خاصة مشتركة، حسب قوله.
إلى ذلك، يعكس المهرجان حالة الارتباط الوثيق بين الطموح
والإستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون الخليجي، فيما يبزر دورها الكبير
في تعزيز التبادل الثقافي، والتوسع في البنى التحتية واستلهام التجارب
الناجحة، وتشجيع المواهب الخليجية على تقديم المزيد.
فيما يشهد المهرجان قائمة الندوات التي تضم عددًا من
الجلسات التي تناقش صناعة السينما في الخليج، منها ندوة بعنوان "التمويل
المشترك وصناديق الدعم"، وهي عبارة عن جلسة حوارية تجمع ممثلي الجهات
الداعمة والتمويلية في الخليج، للحديث حول تأثيرها في تنمية قطاع الأفلام،
وما أهم الفرص المتاحة لصناع الأفلام في الخليج.
بجانب ندوات متعددة على غرار "تجربة منصات العرض في الشرق
الأوسط"، لتجربة منصات العرض في تسليط الضوء على المواهب الصاعدة لصناع
الأفلام في الخليج وفرص دعمها لشراكات الإنتاج المستمرة معهم، فيما تقدم
هيئة الأفلام السعودية، 9 جوائز لصُنّاع الأفلام الخليجيين: أفضل فيلم
طويل، وأفضل فيلم قصير، وأفضل فيلم وثائقي، وأفضل سيناريو، وأفضل تصوير،
وأفضل إخراج، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأخيرًا أفضل موسيقى تصويرية أصلية. |