أولئك الذين يبحثون ويراجعون تاريخ السينما، وأولئك الذين من
الجيل الأكبر، يعرفون ما هي المسلسلات السينمائية المعروفة بكلمةSerial
وبكلمة
Cliffhanger.
الكلمة الأولى تعني تحديداً مسلسلا من حلقات، والثانية تعني،
حرفياً، معلّقا على الحافة، لكنها في هذا الوضع تعني تلك المسلسلات التي
تتركك بعد نهاية كل فصل منها على حافة مقعدك. وهي ليست مثل مسلسلات “روكي”
و”ساعة زحام” حيث كل جزء هو فيلم منفصل، بل كانت عبارة عن حلقات أو فصول،
كل حلقة من نحو خمس عشرة دقيقة تبدأ بحل للمأزق الذي وقع فيه البطل وتوقّفت
الحلقة السابقة عنده وتنتهي بمأزق جديد.
تاريخ وأفلام هذه المسلسلات السينمائية التي انتشرت في أواخر
العشرينات وحتى الأربعينات من القرن الماضي، مثير وجديد بالعربية. لم يسبق
أن كتب عنها أحد (لكني ذكرتها في أكثر من كتابة سابقة).
العروض السينمائية في ذلك الحين لم تكن كما هي اليوم. اليوم
تدخل الصالة التي لن تعرض عليك سوى (وبالترتيب) الإعلانات ثم مناظر من
الأفلام التي ستعرضها الصالة قريباً ثم الفيلم الذي قطعت التذكرة لتشاهده.
فيما سبق يتذكّر من هم فوق الستّين والسبعين كيف كانت العروض
تحتوي على: أفلام رسوم متحركة قصيرة، يتبعها فيلم قصير من نحو 20 دقيقة،
وبعد ذلك مناظر من الأفلام الجديدة، ثم المسلسل الأسبوعي. هذا ما كان
عديدون منهم ينتظرونه، وبعد ذلك الفيلم الرئيسي.
شخصياً لم تتح لي مواكبة ذلك. لكن في أواخر الخمسينات كانت
سينما عايدة في حي الزيدانية في بيروت لصاحبها المرحوم خالد عيتاني لا تزال
تعرض تلك المسلسلات التي أصبحت قديمة، فقد توقّف إنتاجها في مطلع
الأربعينات ولو بالتدريج. ثم استعدت فرصة مشاهدة بعض تلك المسلسلات عبر
محطّة تلفزيونية غير فضائية كانت تبثّ كل ما هو قديم (وقديم جدّاً).
الفترة التي انطلقت فيها تلك المسلسلات كانت فترة خيال رحبة
حيث البطولة فيها ما زالت هالة غير واقعية ولا يراد لها أن تكون وحيث الشر
لم يكن سوى وهم تراه في الأفلام وحدها. على مستوى الشارع والحي والبلدة، لم
تكن الجريمة هي القاعدة والخير هو الاستثناء كما يبدو الوضع منتشراً. وكان
الأشرار يحملون نعوتاً خاصّة تزيدهم إثارة وغموضاً مثل “العنكبوت”
و”العقرب” و”التنّين” و”الرعد”، تماماً كما كانت السينما المصرية القديمة
تمنح أشرارها أسماء مثل “أبو ساطور” و”أبو زعبل”، و”الوحش” و”برقع” وسواها.
كان كل فصل ينتهي بموقف صعب على المشاهد أن يعود الى الصالة في
الأسبوع المقبل ليكمله ويعرف كيف نجا البطل من النهر الجارف أو بعد إلقائه
من الطائرة أو حين ربطه بالكرسي وإشعال النار في الغرفة التي سجن فيها.
(يتبع)
عن الخليج
الإماراتية
ـ 23 سبتمبر
2007
سينماتك
في 13 أكتوبر 2007