تذكرت، وأنا في طريقي إلي مدينة
الإسماعيلية، للمشاركة في فعاليات مهرجانها السنوي للأفلام التسجيلية
والقصيرة،
انني لم أذهب إلي تلك المدينة،
ولا إلي مهرجانها، منذ أربعة عشر عاما، وذلك
رغم اهتمامي بالسينما التسجيلية،
التي بدأ فن السينما بأفلامها،
عند مولده قبل
أكثر من قرن من عمر الزمان.
ولا غرابة في اهتمامي هذا، فبدون الاهتمام
بذلك النوع من السينما،
وبدون الرعاية المستمرة له،
والتشجيع المتواصل له، لا
تنهض صناعة الافلام الروائية الطويلة، بل تأخذ في التدهور والانحدار.
وايا
ما كان الامر، فوقتها، وتحديدا عام ٥٩٩١.
عرض مهرجان الإسماعيلية فيلم
ينابيع الشمس« ودعي صاحبه المخرج النيوزيلاندي »جون فيني
« إلي المهرجان،
حيث جري تكريمه، ربما علي سبيل التعويض المتأخر له،
عما لقيه، هو وفيلمه من
الوان التعسف والاضطهاد، ومن بينها اذكر محاولة طرده من ديار مصر، اثر الزلزال
الذي واكب هزيمة الخامس من يونيه
»حزيران«.
فلما حاق بتلك المحاولة فشل
ذريع، بدأ العمل بدأب واصرار علي افساد النسخة السالب للفيلم، بكل الوسائل،
حتي لايبقي منه شيء، الا الذكري.
وهنا.. لا يفوتني ان اذكر، انه قبل
تكريم صاحبه »فيني« في المهرجان ، مرت الايام اعواما بعد اعوام،
حتي بلغت
ستة وأربعين عاما،
دون ان تتاح لينابيع الشمس، فرصة العرض العام، الا مرة
واحدة في »سينما مترو«
ولمدة سبعة أيام.
وفيما عدا ذلك، لم يجراي عرض
له، لا علي شاشات التلفاز المصري الذي ولد عملاقا.
ولا علي شاشات تلفاز
البلاد الاخير في مشارق الأرض ومغاربها..
وذلك رغم انه الفيلم التسجيلي الوحيد
الذي صور فيضان النيل الأخير،
قبل استكمال بناء السد العالي (٤٦٩١).
والفيلم
الوحيد الذي صوره من منابعه وسط افريقيا،
وحتي مصب فرع رشيد في بحر القارات
الثلاث، أفريقيا، وآسيا، وأوروبا.
ومرة اخري، تمر الأيام طويلة بعد
التكريم، دون ان تتاح لينابيع الشمس، فرصة العرض، ولو مرة واحدة حتي كاد
يطويه النسيان.
وفجأة، وبمناسبة أربعين الفيلم -
اي مرورا اربعين سنة علي
الانتهاء من انتاجه -
يزف إلي الناس خبر افتتاح مهرجان الإسماعيلية بينابيع
الشمس«.
غير انه في هذه المرة، جري العرض في غياب صاحبه المخرج »جون
فيني« لا لسبب سوي انه غادر مصر التي سكنت فؤاده سنوات طوال،
تمهيدا منه
لمغادرة دنيانا ، قبل ثلاث سنوات الا قليلا.
والمطلوب اليوم، هو الاسراع
بترميم »ينابيع الشمس« كما رمم فيلم »المومياء« رائعة »شادي عبدالسلام«
حفاظا له من عاديات الزمان.
هذا عن فيلم الافتتاح الذي كاد يطويه النسيان،
والآن إلي أفلام المهرجان الاخري، وهي من خمسة أنواع تسجيلي طويل وتسجيلي قصير
وروائي قصير وتحريك وتجريب.
ومن بينها اقف قليلا عند أربعة افلام، بل قل
روائع توجت بجائزة، أو أكثر .
وابدا بالفيلم البنجلاديش »الطقوس الاخيرة«
لصاحبته المخرجة ياسمين كبير.
وفيه عرضت »ياسمين« للصراع من أجل البقاء داخل
احدي مقابر السفن التي شاحت حيث يتحول كل شيء الي أرض خراب، كل ذلك من خلال
ايقاع
مكثف لصور تعكس غيوما،
وظلاما ودخان بخار،
وحطام اشياء، وفي مدة لم تزد عن
بضع دقائق (٧١ ق).
اما الافلام الثلاثة الاخري فهي »حجرة العجائب«
اول
عمل سينمائي لمخرجة »اندريا
بالاورو« وهو فيلم روائي قصير (٣١
ق).
و»رقصة الموت« لصاحبه المخرج »بدور بيريس«
وهو من نوع التجريب
(٩ق)
.. واخيرا شخص غير مرغوب فيه.
لصاحبه المخرج الڤينزويلي الشاب
»فابيو
ويتاك« وهو فيلم تسجيلي طويل (٠٨
ق) .
ولان الحديث عن الافلام الثلاثة
يطول، اراني مضطرا إلي تأجيل العرض لهم، إلي مقال آخر،
أرجو ان يكون
قريبا.
Moustafa@Sarwat.De
أخبار النجوم المصرية في
22/10/2009 |