سواء أنجز الفيلم الفلسطيني «عمر» وعوده وحقق للسينما العربية أول
فوز بالأوسكار في تاريخ الجائزة الذي يعود إلى عام 1928، أو اكتفى
بالوصول إلى الترشيحات الرسمية بعد يومين، وسواء أنجز «الميدان»
المتسابق في قسم الأفلام التسجيلية الوعد ذاته أو لم ينجز، فإن
الاشتراكات العربية في سباق الأوسكار باتت منذ سنوات ليست بعيدة
أكثر حضوراً مما كانت عليه من قبل.
السينما الفلسطينية وحدها وصلت إلى مستوى الترشيحات الرسمية
مرّتين. الأولى سنة 2005 عندما قام المخرج هاني أبو أسعد بتقديم
فيلمه السابق «الجنّة الآن»، والثانية عبر فيلمه الحالي «عمر». لكن
عدد المرّات التي تقدّمت فيها السينما الفلسطينية بأفلام لكي تدخل
الترشيحات المذكورة هي ست مرّات بما فيها هذان الفيلمان. المرّات
الأربع الأخرى تبلورت عن محاولات قادها المخرج إيليا سليمان عندما
بعث بفيلمه «يد إلهية» إلى سباق الأوسكار لعام 2003. في العام
التالي حاول المخرج حنا إلياس دخول ذلك المحراب بفيلم «موسم
الزيتون». وبعد نجاح هاني أبو أسعد في الوصول إلى الترشيحات
الرسمية بفيلمه «الجنّة الآن»، قامت آن ماري جاسر بمسعى تقديم
فيلمها «ملح هذا البحر» سنة 2008، ثم قامت سنة 2012 بالمحاولة
الثانية لها فقدّمت «لما شفتك»، وهذا قبل نجاح أبو أسعد للمرّة
الثانية في الوصول إلى الترشيحات الرسمية التي يجري الاقتراع عليها
واختيار الفائز من بينها.
* حدود ضيّقة وحتى وإن لم يفُز فيلم أبو أسعد إلا بحدود الوجود في
هذا النطاق، يبقى الأمر مدعاة غبطة شخصية من ناحية وإعلامية
للسينما الفلسطينية، وبل لقضية ما زالت الشاغل الأكبر حول العالم،
خصوصاً وسط الظروف والمتغيّرات السائدة في هذه المنطقة ودرب الوصول
إلى حل سلمي التي يجري حالياً تعبيدها بصعوبة.
لكن البون شاسع بين معظم ما يخرج من أعمال تحمل الراية الفلسطينية
وبين المستوى الفني الذي على الفيلم التحلّي به لتحقيق نوعية لا
يمكن رفضها. السينما الفلسطينية التي بدأ نوع من تاريخها في
مخيّمات بيروت في مطلع السبعينات عبر أفلام وثائقية ذات نبرة
خطابية ودعائية مباشرة غير فاعلة، ما زالت تعاني من خفوت مستوى
معظم ما تقدّمه من أعمال روائية أو تسجيلية. النبرة تغيّرت
والأولوية أصبحت لمنح الفيلم شخصية فنيّة في المقام الأول، لكن
تنفيذ هذه الملامح على نحو فاعل وحيوي ما زال قيد البداية باستثناء
ما قام به المخرجان أبو أسعد وإيليا سليمان.
والملاحظ أن الأول عمد إلى تجاوز الحدود الضيّقة للطرح الفلسطيني
عبر حكايتين مسرودتين بأسلوب تشويقي قائم على سرد الحدث ومعالجة
طروحاته انطلاقاً من ذلك السرد، في حين عمد إيليا سليمان إلى تأخير
السرد التقليدي إلى أبعد نقطة ممكنة من العرض وتقديم أسلوبه الذاتي
الخاص به مثل بصمة لا يمكن نكرانها.
«يد إلهية» نموذجي في هذا الصدد. الفيلم الذي تطرّق فيه سليمان إلى
الوضع برمّته من دون خطابات جاهزة، والذي ميّزه برؤيته الشخصية من
دون أن يدير ظهره إلى القضية المطروحة في الوقت ذاته لم يخفق، سنة
2002، من نيل جوائز قيّمة أعلاها شأناً جائزة لجنة التحكيم في
مهرجان «كان» السينمائي في العام ذاته.
حقيقة أن «كان» منحه جائزة رئيسة من جوائزه الرسمية وأنكرت عليه
أكاديمية العلوم والفنون السينمائية موزّعة «الأوسكار»، مجرد
الترشيح يكشف عن نظرتين مختلفتين. «كان» اهتم بالتعبير الفني
والإبداع الذاتي، الأكاديمية رغبت في فيلم مفتوح على منوال قصصي...
أو ربما هذا يكون افتراضنا كوننا لا نعلم تأكيداً السبب الذي من
أجله لم يجري ترشيحه للأوسكار رسمياً.
* حكاية زرافة العام الفائت شهد خروج ثلاثة أفلام فلسطينية روائية
كان «عُمر» أحدها. إلى جانبها فيلم تسجيلي للأردنية ميس دروزة حمل
تمويلاً أردنياً - ألمانياً - قطرياً مشتركاً بعنوان «حبيبي
بيستناني عند البحر». فيلم رائع يتعامل والموضوع الفلسطيني من خلال
مقابلات وذكريات وأشعار للراحل حسن حوراني.
روائياً، لم يستطع «زرافاضة» (جمع بين كلمتي «زرافة» و«انتفاضة»
حسب رغبة المخرج راني مصالحة، إحداث أي اهتزاز على سطح البركة
الراكدة. عمل كوميدي متواضع خال من أسلوب فني مميّز ويعتمد على
السرد والطرح وحديهما وليس على الكيفية التي بإمكانها صنع فيلم
أكثر تأثيراً وتنفيذاً. حكايته تدور حول طبيب بيطري في حديقة
الحيوان داخل فلسطين لديه ابن يعشق الزرافتين اللتين تعيشان في تلك
الحديقة. عندما تقتل الغارة الإسرائيلية إحدى هاتين الزرافتين،
وتجنباً لموت الأخرى حزناً، يصير لزاماً على الطبيب (وصحافية
أجنبية حشرت نفسها في الموضوع)، جلب زرافة أخرى ولو من حديقة حيوان
إسرائيلية.
الفكرة ليست قابلة للتصديق وإن كانت إنسانية الوقع والنبرة. لكن
الأكثر من ذلك أن المعالجة توفر فيلماً خفيف السياق وميلودرامي
الوقع حتى نهايته.
* جيد للداخل كان ذلك أول فيلم للسينمائي مصالحة، لكن الفيلم
الثالث بين تلك الإنتاجات التي جرت باسم السينما الفلسطينية في
العام الماضي، ينتمي إلى مخرج له حضوره الدائم في المهرجانات
العربية (وبعض الدولية) هو رشيد مشهراوي. الفيلم الذي حققه حمل
عنوان «فلسطين ستيريو» والاسم وحده يشي بفكرة تقليدية تقوم على منح
شخصية من الشخصيات اسماً غريباً لتمييزها. ما يتحدّث عنه الفيلم هو
موضوع حول شقيقين فقد أحدهما النطق والسمع، خلال غارة إسرائيلية
على البناية التي يقطنها مع شقيقه، واعتبر الآخر نفسه مسؤولاً عن
ذلك إذ هو الذي بعث بأخيه إلى تلك الشقّة قبيل حدوث الغارة. هما
الآن يحاولان الهجرة إلى كندا ويخوضان معترك استصدار التأشيرة وما
تتطلّبه من تجاوز شروط ومتطلّبات. رشيد مشهراوي يعيش في باريس وهو
بلا ريب شاهد الكثير من الأفلام وأساليب التعبير لكنه يعمد هنا إلى
الحفر في المكان نفسه موفراً تركيبة نمطية تخلو من التوتر والحدّة
إلا في النهايات.
«زرافاضة» و«فلسطين ستيريو» عرضا في مهرجانات عربية، لكن عرضهما -
وعرض معظم ما يجري تصنيعه عربياً - يكشف عن ثغرة كبيرة: ما يصلح
للعرض في مهرجانات السينما العربية لا يصلح بالضرورة (وعلى نحو
غالب) للعرض في مهرجانات دولية. ما يراه الناقد العربي عادة جيّد
ويستحق الفوز قد لا يراه الأجنبي من الزاوية ذاتها، ولا يمكن لومه
في ذلك فالكثير من هذه الأفلام لا تكتنز ما يكفي للانتقال من شاشة
مهرجان مثل دبي أو أبوظبي أو مراكش أو سواها إلى شاشات برلين أو
كان أو لوكارنو أو غيرها. لكن الحال اليوم أفضل مما كان عليه قبل
عشر سنوات، ووصول بعض أفلام العالم العربي إلى الأوسكار أو إلى
«كان» و«فينسيا» كما حدث في العامين الماضي والحالي دليل على أن
شيئاً إيجابياً يقع في مضمار هذه الصناعة.
* جوائز «عُمر» حتى الآن
* إذا فاز «عُمر» بعد يومين بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، فسيكون ذلك
سادس فوز له. الجوائز التي حصدها حتى الآن هي: جائزة «آسيا
باسيفيك» كأفضل فيلم، جائزة قسم «نظرة ما» الخاصة (مهرجان «كان»)،
جائزتا أفضل فيلم وأفضل مخرج (مهرجان دبي)، وجائزة لجنة التحكيم
لفيلم شبابي (مهرجان غنت، بلجيكا).
شاشة الناقد
نصّاب الحكومة
الفيلم:
American Hustle
إخراج: ديفيد أو راسل تقييم الناقد:(4*)(من خمسة) في اللقطة الأولى
من فيلم ديفيد أو راسل الجديد «نصب أميركي»، تتحرّك الكاميرا من
جانب رِجْل مرتفعة عن مستوى الأرض بالتدريج. خلال حركتها تلك تكشف
عن كرش كبير ثم تنتهي والرجل واقف عند المرآة يضبط شعره. إنه يحاول
إخفاء صلعة في منتصف رأسه عبر لصق شعر مستعار. يضع الخصال فوق رأسه
ثم يعالجها بمادة لاصقة ثم يرتّبها في النهاية على نحو يوهم الناظر
أنه شعر حقيقي.
إنه إرفينغ روزنفلد (كرشتيان بايل) يقوم بعملية نصب على نفسه.
يوهمها بأنه ما زال يملك كامل شعره ويحاول إخفاء الواقع بأن شعره
الحقيقي غادر رأسه وربما لا يزال يتساقط. هذا النصب ليس الوحيد،
لكنه دال على عمليات نصب كثيرة يقوم إرفينغ بها. إنه نصّاب محترف
يستعين به مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI)
للمساعدة بإيقاع عدد من السياسيين لكشف فسادهم وتقاضيهم الرشى.
الأحداث، التي يذكر الفيلم أن بعضها وقع فعلاً، تعود إلى سبعينات
القرن الماضي عندما قام المكتب بالاستعانة فعلياً بنصّاب حقيقي
(اسمه مل واينبيرغ) للغاية ذاتها. للغاية جرى تجنيد عميلين للـ«إف
بي آي» لتقمّص شخصيتي عربيّتين وهميتين وتقديمها لحاكم ومسؤولي
مدينة أتلانتيك سيتي على أساس أنهما يزمعان دخول عالم مؤسسات
القمار جنباً إلى جنب العصابات المنظّمة. للقيام بذلك، عليهما
الحصول على تغطية من عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي. هؤلاء وقعوا
في الفخ المرسوم، أو بالأحرى في عملية نصب قام بها نصّاب واشترك
فيها مكتب التحقيقات الفيدرالية كشريك كامل، والغاية النيل من
نصابين مماثلين يعملون في مراكز حكومية أولى.
فيلم أو راسل يحافظ على هذا الهيكل لكنه يغيّر كثيراً في هيئته.
يرممه بالكامل. إرفينغ يملك عدداً من محلات غسل الثياب في المدينة،
لكن عمله الذي يدر عليه المال أكثر هو ترويج للوحات فنية مزيّفة
وبيعها. يشرح نظريّته لعميل الـ«إف بي آي» ريتشي (برادلي كوبر)
الذي فرض عليه أن يشتغل معه في مشهد جيد يقول له فيه وهما ينظران
إلى لوحة متقنة: «إنها مزيّفة. هل الفن إذن عند الفنان الأصلي أم
عند المزيّف؟» ويضيف: «الناس تصدق ما تريد أن تصدّقه».
إرفينغ متزوّج بامرأة شاكية اسمها روزالين (جنيفر لورنس) ولديه
منها ولد. لكنه، مع مطلع الفيلم، يتعرّف على امرأة أخرى اسمها
سيدني (آمي أدامز) ويشركها في عملياته. عندما يجبرهما ريتشي على
العمل معه تتأرجح سيدني بينهما ثم تميل سيدني إلى ريتشي الذي هو
أسوأ الثلاثة. يريد تحقيق فوز على الفساد باستخدام فساد مماثل.
ربما الغاية تبرر الوسيلة، لكنه يغمس يديه في ما لا علم له فيه،
فهو ليس نصّاباً ولو أنه نصب نفسه كذلك.
مثل «Goodfellas»
الذي حققه مارتن سكورسيزي سنة 1990، ومثل فيلم سكورسيزي الحالي
«ذئب وول ستريت»، يعمد «نصب أميركي» إلى سرد الحكاية عن طريق صوت
لاعبيها الأساسيين. إنه راي ليوتا في الفيلم السابق وليوناردو
ديكابريو في الفيلم الحالي، لكنه يأتي على لسان شخصيّتين هنا هما
إرفينغ وسيدني. العلاقة بينهما، ثم انجذاب ريتشي إلى سيدني وصدّها
له وعودتها إلى إرفينغ، عناصر أساسية في حبكة رائعة التنفيذ. في
الفيلم كل واحد من الشخصيات (بما فيها حاكم المدينة جيريمي رَنر)
ضحية أفعاله، لكن هناك من يقف معه طوال الوقت، وهو إرفينغ لأن نصبه
هو أخف أنواع النصب بين الجميع.
10-TOP
«ثلاثة أيام» لكوستنر حط ثانياً
* مع أن فيلم كيفن كوستنر الجديد (أول بطولة مطلقة له منذ سنوات)
«ثلاثة أيام للقتل» لم يسجّل أكثر من 12 مليونا و242 دولار إلا أنه
نجح في استحواذ المركز الثاني هذا الأسبوع، علما بأنه أحد فيلمين
جديدين فقط على قائمة أكثر الأفلام رواجاً لهذا الأسبوع.
* الفيلم التاريخي المفرط في استعراضاته «بومباي» (بطولة لغير نجوم
من بينهم كيت هارنغتون وإميلي براوننغ وكاري آن - موس) هو الفيلم
الجديد الثاني وحط ثالثاً.
* الفيلمان اللذان خرجا من اللائحة تبعاً لدخول الفيلمين الجديدين
هما «تلك اللحظة الغريبة» الذي جمع نحو 24 مليون دولار قبل غيابه،
و«باق وحيد» (Lone
Survivor)
الذي حقق نجاحاً لا بأس به إذ أنجز 122 مليوناً قبل رحيله.
* بذلك، يبقى «فيلم ليغو» الكرتوني على سدّة القائمة حاصداً حتى
الآن ما مجموعه 183 مليون دولار داخل أميركا الشمالية. لكن هذه
الميزة لن تستمر طويلاً «بلا توقّف»، فيلم الأكشن الذي سيحط في
الويك - إند المقبل يعد باحتلاله المركز الأول. فَلْنَرَ.
الأفلام 1 (1)(4*)
The Lego Movie: $31,305,359 2 (-)(2*) 3 Days to Kill:
$12,242,218 3 (-)(2*) Pompeii: $10,340,823 4 (3)(2*) Robocop:
$9,808,407 5 (4)(2*) The Monument Men: $7,912,276 6 (2)(2*)
About Last Night: $7,534,816 7 (6)(2*) Ride Along: $4,623,390 8
(8)(2*) Frozen: $4,404,787 9 (5)(3*) Endless Love:$3,967,520 10
(7)(2*) Winter›s Tale: $2,173,455
سنوات السينما: 1941
أوسكار واحد لـ «المواطن كاين»
سواء أكان السيناريو الذي كتبه هرمان مانكوفيتز هو العنصر الأول
لأهمية «المواطن كاين» كما أخرجه ومثّله أورسن وَلز، أو كان مدير
التصوير البارع كريغ تولاند هو سبب نجاحه الفني الأول، فإن الثابت
أن الفيلم اخترق المعتاد حينها على أكثر من وجه. مزج الروائي
المستوحى من شخصية حقيقية بالخيال ومزج الاثنين بقسط من ملامح
التسجيل ثم جمعها كلها تحت سقف سرد فذ. على ذلك كله، ورغم إعجاب
نقدي مطلق، فإنه أخفق في نيل أوسكار أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل
تمثيل رجالي (وَلز) وأفضل تصوير. الجائزة الرئيسة التي حققها هي
جائزة أفضل سيناريو أصلي. أما الفيلم الفائز فكان «كم كان واديا
أخضر»، فهل استحق ذلك؟
المشهد
فن وتجارة
* إذا لم تربح ساندرا بولوك الأوسكار بعد يومين لا بأس... هناك
بديل لمثل هذه الخسارة.
* عقد الممثلة التي جرى ترشيحها عن دورها في فيلم «جاذبية» مع شركة
«وورنر» منتجة الفيلم ينص على أن تتقاضى 20 مليون دولار كأجر، وهذا
جرى دفعه بالكامل. لكنه ينص أيضا على 15 في المائة من نسبة
الإيرادات التي يعود بها الفيلم من حصيلة عروضه السينمائية، إلى
جانب نسبة (غير معلن عنها) من إيرادات الفيلم اللاحقة (DVD
وتلفزيون... إلخ).
* بما أن الفيلم حقق قرابة 700 مليون دولار حول العالم، ومن
المتوقّع له أن يحقق أكثر من 50 مليون دولار أخرى قبل أن تنتهي
فاعليته التجارية في الصالات، فإن المسألة مسألة حسابية بسيطة
لندرك أن الممثلة ستجني أكثر من 650 مليون دولار قبل أن يجري إضافة
نسبتها من الأسواق الأخرى المتوقع لها أن تصل إلى 50 مليون دولار.
* إذن من المربح أن تكون ممثلاً ناجحاً في السينما الأميركية. أعني
أن تكون ممثلاً في أي سينما أخرى هو فن بحد ذاته، أما أن تكون
ممثلاً ناجحاً في هوليوود فهو فن مزدوج: كيف تمثّل وتستحق الأوسكار
وفي الوقت ذاته كيف تنجز الملايين من الفن الذي تحترفه بحب. «بزنس»
عليك أن تنهل منه قدر ما تستطيع، فالنعمة قد لا تدوم.
* سألت مرّة أحد الممثلين إذا ما كان يؤمن بأن الفن والتجارة
يجتمعان في التمثيل (كما في سواه) فنظر إلي متعجّباً وقال: «لم
أفهم سؤالك... أليس هذا أمراً طبيعياً؟». في الحقيقة هو ليس
طبيعياً إلا في إطار السينما الأميركية. في باقي السينمات، هناك
بالطبع رغبة حثيثة لنجاح متوازن كهذا، ويرفع الممثلون أجورهم
وشروطهم تبعاً لما حققوه سابقاً من نجاح، لكن لا أحد، خارج
هوليوود، يدر 20 مليون دولار (ولا حتى عشرة ملايين دولار) عن دور
واحد، ناهيك بنسبة من الإيرادات.
* أين المحرّك الذي يؤدي إلى النجاح؟ ما هو الدافع؟ الإجادة في
التمثيل ونيل الجوائز والتبلور كممثل «قد الدنيا» أو الارتقاء في
الأجر ورفعه ثم الوصول به إلى رقم قياسي يكفي لإنتاج عشرة أفلام
بكاملها؟ هذه الأيام لا أحد يطرح السؤال على هذا النحو لأنه يبدو
أمراً طبيعياً للغاية، كما قال الممثل باختصار. السينما «بزنس» حسب
هذا المفهوم، لكنه أيضا أكثر من فن وأحد فنونه كيفية صعود السلّم
إلى الطابق الأعلى. اختيار الأدوار واقتناص الفرص والتمتع بالشخصية
الجاذبة التي تجعل حضورها مطلوباً من قِبل المشاهدين. وأحيانا حتى
هذه «المواهب» أو «العناصر» لا تبدو كافية.
* هل ينفي أحد أن الممثل أليجا وود ظهر في واحد من أكبر الأفلام
السينمائية وأنجحها في التاريخ وهو «سيد الخواتم» الذي جمع، عام
2000، ومن جزئه الأول وحده 861 مليون دولار حول العالم؟ لكن هذا لم
يؤدِّ بالممثل إلى صعود السلّم المذكور. أفضل ما يقال عنه أنه جعله
يحافظ على مكانه كواحد من عشرات الأسماء القابعة في الأدوار
المتوسّطة. حالياً يتقاضى 250 ألف دولار عن الدور، وآخر فيلم ناجح
قام بتمثيله (ناهيك ببطولته) كان الجزء الثالث من «سيد الخواتم»
سنة 2002.
* أي ممثلة جيّدة أخرى كانت ستستطيع لعب الدور الذي قامت به ساندرا
بولوك (معظم مشاهدها ارتدت فيها خوذة رأس) والنجاح به خصوصاً إذا
ما كان لديها اسم برهن على جدواه تجارياً. لكن إلى أن وصلت ساندرا
إلى ذلك الفيلم كانت خاضت غمار سلسلة من الأعمال الناجحة التي
قادتها لأن تطلب بثقة أجراً مرتفعاً ونسبة عالية من الإيرادات، وهو
ما حصلت عليه. مبروك.
الشرق الأوسط في
|