يتخيل المخرج مجدى أحمد على ثورتى 25 يناير و30 يونيو كفيلم
سينمائى طويل، تبدأ أحداثه يوم 25 يناير وتستمر حتى الآن. وقد أطلق
«مجدى» على هذا الفيلم اسم «شعب وثورة»، مؤكداً لـ«الوطن»، فى
تحليله لهذا الفيلم الخيالى، أن الجمهور هو الذى اختار المشير «السيسى»
«بطلاً» للفيلم، وأن حمدين صباحى لا يصلح، حتى الآن، للقيام بدور
«البطولة المطلقة».
وأشار «مجدى» أيضاً إلى أن بعض شباب الثورة سلموا «الكاميرا» إلى
«الإخوان»، فأخرجوهم من «الكادر» وسرقوا «فيلمهم» قبل أن يلعبوا
بغبائهم فى «السيناريو» الأصلى، وتكون النتيجة هى إلغاء «دورهم».
ويبرر «مجدى» هجوم بعض «النقاد»، وخصوصاً من قطر وتركيا وأمريكا،
على «شعب وثورة» بأنهم يعترضون على تغيير «السيناريو» بعد 30 يونيو
وإلغاء «شخصية» محمد مرسى الذى أصبح دوره هامشياً يكاد يصل إلى
«الكومبارس».
حول هذا الفيلم المتخيل، أو بالأحرى هذه الثورة الواقعية، يرصد
مجدى أحمد على ويحلل فنياً وسياسياً كل مشهد من مشاهد «شعب وثورة».
«ما
قبل التتر».. كفاح شعب
لا يوجد فيلم يظهر على الشاشة إلا وتسبقه مجموعة من التجهيزات، أو
ما يطلق عليه «أفان تتر»، وفيلمنا «شعب وثورة» سبقه كفاح طويل من
الشعب المصرى، بعد صبره وكبته وقمعه، منذ أيام «الفراعنة» وحتى
اليوم، وكل هذا كان تمهيداً للحظات الانفجار. وقد سبق بدء «التتر»
على الشاشة «فوتو مونتاج» لتاريخ طويل من كفاح المصريين لنيل
حرياتهم.
«التتر»:
25 يناير.. لحظة الاشتعال
تتر البداية يوم 25 يناير، وقد اكتشفنا اليوم أن ثمة من كان يدبر
لـ«الأحداث»، دون أن يؤثر هذا فى عظمة الثورة، حيث كانت هناك
مجموعة كبيرة من القوى تحاول أن تقرب يوم الثورة. أما عن ظهور
مجموعات أخرى كان يتم تدريبها فى الخارج على ما يسمى
بـ«الديمقراطية» وكان لها نوع من أنواع التوجيه من المخابرات
الأمريكية، فهذا موضوع لا يعنينا كثيراً، خاصة أن هذا ينطبق على
بعض شباب الثورة، لأن معظم شباب الثورة محترمون، ولكننا اليوم
للأسف نكتشف أن بداية «التتر» لم تكن بهذه البراءة التى كنا
نتخيلها. ورأيى أن هؤلاء الشباب لم يفعلوا أكثر من إشعال عود
الكبريت، لأن المناخ كان مهيئاً تماماً للاشتعال، والشعب كان جاهزا
للثورة، ثم ولى هؤلاء الشباب من أنفسهم من سيطر على مجرى الأحداث
بعد ذلك، وأداروا «الفيلم» بشكل سيئ، قبل أن يسلموا الكاميرا
لـ«الإخوان» الذين أخرجوهم من «الكادر»، دون أن يؤثر كل هذا على
عظمة الثورة.
بداية الأحداث: 18 يوماً فى الميدان
خُدعنا جميعاً فى هذه البداية، لأننا خلال هذه الـ18 يوماً اكتشفنا
بذور القصة، ومنها الإلحاح على وجود «الإخوان» وهم يمارسون
شعائرهم، أو بالأحرى خداعاتهم، حيث اكتشفنا جميعاً أن الدين
الإسلامى لا علاقة له بما يفعلون والكم الكبير من أكاذيبهم، ابتداء
بشعار «المشاركة لا المغالبة» وانتهاء بعدم ترشيحهم أحداً فى
الانتخابات الرئاسية، وغيرها من الادعاءات التى ثبت كذبها بعد ذلك.
و«الإخوان» يحلمون اليوم بـ«الفلاش باك».
«الإنتاج»
يصرف أحياناً ويمتنع أحياناً.. و«الناقد» القطرى والتركى والأمريكى
يعترضون على تغيير «السيناريو» بعد إلغاء «شخصية» مرسى
تطور أداء الشخصيات.. «إخوان» و«سلفيون» و«جيش»
كانت الدولة تترك للشخصيات الدينية مساحة كبيرة فى التحرك، على
أساس ثقتها فى قدرتها على السيطرة عليهم فى أى وقت، مع إمكانية
اختراقهم وتدميرهم فى أى لحظة، وكان هناك ما يشبه الاتفاق بينهما.
على أنه فيما عدا موضوع التوريث والكلام على الأسرة الحاكمة فإن
لهم ما يشاءون، فسيطرت هذه الجماعات «الإخوانية» و«السلفية» لفترة
طويلة على المساجد والزوايا، وعلى جزء كبير من الخطاب العام،
وابتعدوا عن الصدام مع السلطة، إلا عندما بدأوا يحسون بهشاشة
الدولة وضعفها، فبدأنا نرى جرأتهم فى الكلام، وجرأتهم فى رفض
السياحة والفن والحضارة، ورفض نمط حياتنا كله، وذلك بعد شعورهم
بأنهم قضوا على الدولة بالكامل. فهؤلاء ليسوا أبطالاً بل مجموعة من
الأشرار يستفيدون من ضعف الآخرين.
ولكن «الإخوان» دورهم انتهى، وهنا لا أخفى فرحى بأنه حتى الآن لا
يوجد لمحة ذكاء فى «أدائهم». وعندما نستمع إلى كلامهم فى مشاهد
المحاكمة نكتشف أن هؤلاء فى حاجة إلى علاج نفسى.
أما المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقد تطور أداؤه عن الفترة التى
كان يرأسه فيها محمد حسين طنطاوى، حتى بدا الأمر وكأنهما جيشان لا
جيش واحد، حيث حدثت عملية إزاحة شبه طبيعية لبعض القيادات، لأن
الجيش المصرى طول عمره جيش وطنى، والقيادات الشابة الموجودة حالياً
هى التى قامت بهذه الطفرة. وقد رأينا المشير «السيسى»، وحتى قبل أن
يحتل «المشهد»، وهو يتحدث عن إعادة تحديث الجيش، وهذا الأمر
بالمناسبة أكثر أهمية من الرئاسة نفسها، لأنه كان مقصوداً إضعاف
الجيش بمؤامرة من الأمريكان مع «مبارك» أولاً ثم «مرسى» وجماعته
ثانياً، من أجل القضاء على جيشنا الوطنى، المحترف والقوى، خوفاً
مما فعله بعد ذلك من الوقوف مع شعبه ضد الميليشيات الدينية الفاشية
التابعة لمكتب الإرشاد، ومن أجل عدم ظهور رمز وطنى جديد مثلما حدث
مع «السيسى».
بعض شباب الثورة سلموا «الكاميرا» لـ«الجماعة» فأخرجتهم من
«الكادر».. و«صباحى» لا يصلح لـ«البطولة المطلقة»
البطل الأول.. السيسى
هو البطل الذى لم يصنعه أحد، وقد اختاره جمهور «المشاهدين» بعد
اتخاذه قراراً جوهرياً فى حياته وحياة المصريين. ولن ينسى الشعب
المصرى للرجل أنه أنقذنا من جماعة شديدة الفاشية وشديدة الإرهاب،
وأنقذ البلد من مخطط للمنطقة كلها، حيث كان هناك مخطط عالمى لإنهاء
المنطقة بالكامل، وتحويلها إلى «كانتونات» صغيرة ممزقة، تديرها
مجموعات دينية مسلحة، فاشية، وطائفية، ومتناحرة، وذلك لصالح الدولة
الوحيدة المنظمة وهى «إسرائيل».
بطل الدور الثانى.. حمدين صباحى
هو الابن الرومانسى لتجربة رومانسية هى تجربة «عبدالناصر»، وهى
تجربة نقية وشريفة، ولكنها ظلت على رومانسيتها، فالشعب المصرى يحب
«ناصر» لأنه كان شخصاً صادقاً ووطنياً ومخلصاً، ولكن درجة
الرومانسية كانت عالية لأنها غفلت عن دراسة الواقع والأوضاع
الحياتية، التى أعتقد أننا ما زلنا نعانى من آثارها حتى الآن، مع
كامل احترامنا للتجربة، فنحن ما زلنا نعانى من آثار 67، التى غيرت
بالكامل ميزان القوى فى المنطقة لصالح إسرائيل. و«حمدين» ابن هذه
التجربة، ويحاول أن يناقش أفكارها، ويتغلب على عيوبها، لكن الشعب
المصرى اليوم يريد درجة أعلى من الوضوح، وهو غير قادر على تقديم
هذه «الصورة»، لأنه شخص «مروحن»، والشعب لا يحب هذه «الروحنة»،
فنراه تارة يدافع عن «الإخوان» ويتحالف معهم، وتارة أخرى يشتمهم
ويهاجمهم، وهذه الطريقة فى التعامل لا يحبها المصريون. وأنا فى هذه
الفترة أرى أنه لا يصلح لـ«البطولة المطلقة»، فرغم أنه كان أحد
المشاركين فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، فإننى أتعجب من دفاعه عن
بعض المعارضين للثورة الأخيرة، بكل وضوح، ومنهم «الإخوان» وبعض
السلفيين وحركة 6 أبريل وغيرها من القوى الفوضوية، فمشكلة «حمدين»
أن «بوصلته» غير واضحة، وعليه أن يكون أكثر وضوحاً.
الخروج عن النص الأصلى فى «السيناريو»
«الإخوان»
هم أكثر من خرج على «النص» المكتوب، وذلك بعد أن وجدوا أن الأحداث
مواتية لخروجهم، حيث كنا فى البداية أمام «سيناريو» متوافق مع
أحوال المنطقة، ولكن «الإخوان» خدعوا فى قوتهم، ونسوا قواعد
اللعبة، واعتقدوا أنهم الأقوياء الوحيدون، وأن باستطاعتهم أن
يفعلوا أى شىء، أو حتى تغيير «السيناريو» الأصلى، وفعل ما يشاءون
بالفيلم وأحداثه، حتى إنهم فكروا فى تغيير «نوعه» و«هويته»، فكانت
النتيجة الطبيعية هى خروجهم من «السيناريو» تماماً.
مشاهد «الأكشن» ضد الشرطة والجيش
مشاهد القتل والعنف ضد رجال الجيش والشرطة ستستمر طويلاً فى
الأحداث المقبلة، و«الكلاكيت» سيكون مستمراً، قد تقل هذه المشاهد
ولا يكون لها أى تأثير، لكنها لن تختفى، خاصة أن الدولة حتى الآن
ما زالت متسامحة معهم، وهناك من يطالب بالصلح معها، وأعتقد أن هذا
خطأ، وأن علينا محاربة هذه الجماعات الفاشية وتجريم المنضمين
إليها، واتخاذ العبرة مما تفعله أوروبا مع من يشير فقط بعلامة
فاشية أو نازية.
الفيلم «مدته» ساعتان ولكن «أحداثه» تستمر 10 سنوات و«نوعه» شامل
الكوميديا والأكشن والاجتماعى والميلودراما
الوصول إلى الذروة الكبرى للحدث الدرامى «الحبكة»
نحن الآن فى مشهد الذروة أو «الحبكة»، لأن الأحداث كانت تسير فى
اتجاه قبل أن يأتى «الإخوان» ليسيروا بها فى اتجاه آخر، فيجدون
أنفسهم أمام قوة جديدة لم يتوقعوها، وهى قوة الشعب المصرى التى
تقود «الكاميرا» الآن، وهذا هو مشهد «الذروة الكبرى» للحدث الدرامى.
كواليس التصوير
غطت بعض القنوات الفضائية كواليس تصوير الفيلم، وكانت عندنا درجة
من السذاجة حين اعتقدنا فى البداية أن تغطية قناة «الجزيرة»
لـ«الأحداث» محايدة، قبل أن نكتشف أنها تمثل حكومة قطر القمعية،
التى تعتبر «سكرتارية» لـ«السى. آى. إيه» فى المنطقة، وأعتقد أن
احتفاءها واهتمام القنوات العالمية بالثورة على «مبارك» كان فى
حقيقته احتفاء بـ«الفوضى الخلاقة» التى دعت إليها كونداليزا رايس،
خاصة بعد أن أعطى «الإسلاميون» للأمريكان إشارات بأنهم قادرون على
قيادة المنطقة، بالتنسيق معهم. أما من يقول إن الإعلام المصرى صاحب
صوت واحد، وغير محايد مثل «الجزيرة»، وإنه يعبر عن إعجابه
بـ«الفيلم» من «الكواليس»، وقبل عرضه، فهذا كلام تافه، وقد قرأت ما
يكتبه د. علاء الأسوانى -مثلاً- بهذا المعنى، كما أستمع إلى الكلام
«السمج» الذى يقوله باسم يوسف، ولو تأملنا كل صحفنا وقنواتنا سنجد
فيها آراء مختلفة، لا رأياً واحداً، والخلاصة أن العكس هو الصحيح،
وأن الكلام عن أن هناك حالة من التفخيم لـ«السيسى» غير صحيح، حتى
إن الكثيرين يخشون من إعلان تأييدهم للرجل خوفاً من اتهامهم
بالنفاق، والغريب أن يقال هذا الكلام وشوارع وحوائط مصر كلها شتيمة
فى «السيسى».
إلغاء «أوردر تصوير» بعض «شخصيات» شباب الثورة
التعريفات لم تعد صحيحة، فكيف يكون علاء عبدالفتاح من شباب الثورة
فى الوقت الذى كان فيه خارج مصر يوم 25 يناير؟! كيف يكون أحمد ماهر
من شباب الثورة و6 أبريل التى تحالفت مع «الإخوان» وتقف ضد 30
يونيو، من شباب الثورة؟ بالعكس إن هؤلاء من المتآمرين على الثورة،
أو على الفيلم، وأتعجب من علاء الأسوانى عندما يكتب عن هؤلاء
بوصفهم رموز الثورة، وأسأله: أنت أيضاً من رموز الثورة، وتهاجم
الدولة وتكتب ما تريد، فلماذا لم يتم القبض عليك؟ ولماذا لم يلغَ
«دورك» من المشهد؟ «اشمعنى شوية العيال دول هم اللى شباب الثورة؟».
نهاية الفيلم.. مفتوحة
أعتقد أن نهاية الفيلم ستكون مفتوحة، أشبه بحلم جميل يحاول البعض
أن يفسده، فالانتصار على الفاشية الدينية لم يكن أحد يحلم به،
وخاصة أن كثيراً من الثوار لا يعرفون الخدمة التى قدمها الجيش لهذا
الشعب، ويعتقدون أننا نهلل لعودة الدولة العسكرية عن طريق فزاعة
«الإخوان»، والحقيقة أن خلاصنا من هؤلاء «نهاية» سعيدة جداً
للأحداث السابقة، ولكن بعضهم ما زال يقاوم، وسيحدث انتصار جزئى
يصلح كختام مبدئى للفيلم، ولكنه سيكون مفتوح النهاية أيضاً.
العرض الخاص.. انقسام المشاهدين
أنصار «الإخوان» لن يشاهدوا الفيلم فى عرضه الخاص، وهذا طبيعى
لأنهم لا يشاهدون الفن ويكرهون السينما والغناء والدراما حتى دون
أن يشاهدوها، أما باقى الشعب فسيرى الفيلم وسيعجب به فى النهاية،
خاصة بعد اتضاح الحقيقة فى الختام.
النقد.. أغلبه إيجابى
لا يوجد عمل فنى عليه «إجماع»، وطبيعى أن يحب البعض هذا العمل وأن
يكرهه البعض الآخر، وسبب النقد الأساسى الذى يوجه لنا من «نقاد»
قطر وتركيا وأمريكا هو إلغاء دور محمد مرسى من الأحداث، رغم أنه هو
الذى ألغى دوره، فيهاجمون «الفيلم» لأن «أحداثه» لم تسِر كما
أرادوا، لأن هؤلاء «النقاد» أرادوا أن يقوموا بدور المخرج فرفض
«الأبطال»، لذا كان من الطبيعى أن يهاجموا الفيلم حتى قبل انتهاء
تصويره أو انتهاء أحداثه، ولكن هناك «نقاد» آخرين من السعودية
والإمارات والكويت والبحرين كان لهم رأى إيجابى جداً فى العمل،
خاصة بعد أن علم هؤلاء أن مؤامرة تحاك ضدهم. وأيضاً لا يمكن إغفال
دور «الناقد» الروسى. وأعتقد أن «الآراء النقدية السلبية» لن تؤثر
على نجاح «شعب وثورة».
اسم الفيلم: شعب وثورة
بطولة: كل الصامتين الذين كانوا مكتفين بدور «الكومبارس» و«السنيدة».
تأليف: الشعب المصرى، حيث يكتب فيه كل واحد منا سطراً إلى أن تنمحى
الخطوط، بحيث لا ندرى من هو المؤلف الحقيقى، مثل «الأدب الشعبى»
بالضبط.
مدته: ساعتان.
زمن الحدث: تبدأ الأحداث منذ 25 يناير 2011، وتستمر لسنوات مقبلة،
ولكن هناك نهاية أولى للفيلم مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
المقبلة، وهناك نهاية أخرى، وأخيرة، أتصور أن تستمر 10 سنوات مقبلة.
نوعه: الفيلم جديد من نوعه، لأن فيه الكوميدى والميلودراما والأكشن
والاجتماعى والأنيميشن وغيرها.
إنتاج: فى بعض مراحل «شعب وثورة» يحاول البعض أن يوجه الأمور ويؤثر
على «الأحداث»، لكن فى الواقع لا يوجد له منتج محدد، لأن «المشاهد»
تتغير كل يوم، كما أنه لا يوجد لدى أحد إحساس بالسيطرة الكاملة على
الفيلم حتى «يصرف» عليه.
إخراج: أكثر من مخرج، حسب اندفاع الأحداث التى يتحكم فيها أحيانا
«مخرج» مؤقت يسيطر جزئياً عليها، إلى أن تظهر قوى أخرى فيفقد
السيطرة على طاقم «الثورة» فيظهر «مخرج» آخر.. وهكذا. |