آي أوريجينز.. دعوة للشك
جنة عادل – التقرير
بقدر ما يحاول رجال الدين ما وسعهم هدم فكرة تناقض العلم مع الدين،
تبقى الهوة بينهما متسعة، ربما لأن جهودهم لا تجد لها مردودًا في
المعسكر الآخر، فغالبًا ما يسعى العلماء -علماء الغرب على الأقل-
لهدم أسطورة الدين أثناء بحثهم العملي، وربما لأن الأديان كلها
تجعلك بشكل أو بآخر تتوقف عن البحث عند منطقة بعينها -قد تختلف
حدودها من ديانة لأخرى- بدعوى أن “استيعابك البشري غير مؤهل لإدراك
ما هو أبعد من هذا”، أو أن “التنقيب فيما بعد تلك المنطقة قد يدفعك
للشك أو الكفر، وأن الدين “هكذا”.. هكذا تنزل وهكذا يجب أن يتبع
ولا تجادل ولا تناقش يا أخ علي وإلا وقعت في المحظور(*).
“آي أوريجينز” أو “أصول العين” هو ثاني أفلام الخيال العلمي للمخرج
الشاب “مايك كاهيل”، بعد فيلمه “أرض أخرى” عام 2011، ويأتي الفيلم
ليقف في منتصف تلك الهوة -بين الدين والعلم- تمامًا، ليدعو كلا
الفريقين للتخلي عن يقينه السابق، والبحث عن مساحة مشتركة من الشك.
يحكي الفيلم قصة رجل وفتاتين، “إيان جراي” عالم البيولوجيا
الجزيئية الذي يسعى في أبحاثه لإيجاد الحلقة المفقودة في سلسلة
التطور، من خلال دراسة تطور العين، بمعاونة الفتاة الأولى،
“كارين”، شريكته المخبرية، مدفوعًا بفضوله العلمي بالبطع، وبهوس
خاص بعيون البشر لازمه منذ الصغر، وبرغبة شديدة في هدم نظرية
“الخلق” التي تتبناها الديانات المختلفة.
ثم يلتقي “إيان” بالفتاة الثانية، “سوفيا”، مميزة جدًا هي، تخطف
قلبه من لقائهما الأول بشكل سحري يعجز عقل العالِم التحليلي
بطبيعته عن تفسيره، ينسجما سريعًا فلا يختلفا إلا في موقف كل منهما
من الروحانيات، فبينما تؤمن “سوفيا” بوجود الله وبالحياة الأخرى
وبالتناسخ، وترى فيه تفسيرًا لانجذاب أحدهما للآخر بتلك الطريقة
السحرية، يرى “إيان” أن كل هذا هراء، وأن تقاربهما المدهش ربما
يرجع لتقارب ذراتهما وقت الانفجار الكبير “الـBig
bang”
أو شيء من هذا القبيل، في محاولة منه لتفسير انجذابه لها بهذا
الشكل الغريب الذي لا يفهمه، ولكن خلافهما لا يؤثر على شغف أحدهما
بالآخر مطلقًا.
يقترب “إيان” كثيرًا من إدراك غايته في بحثه عندما تعثر “كارين”
على نوع من الديدان الذي يحمل جين الأنسجة البصرية ومع ذلك لا تملك
أي أعضاء بصرية، ما يجعلها عمياء تمامًا، ليصبح نجاح أبحاثه كلها
مرهونًا بقدرته على إحداث طفرة في هذا الجين تجعله فعالًا، لتتطور
أنسجة بصرية للدودة من لا شيء، ما يثبت أن العين “كعضو معقد” لا
تحتاج لخالق كي تتكون، بل لطفرة جينية شأن الطفرات التي بنيت عليها
نظرية التطور.
يخبر “إيان” “سوفيا” باكتشافه، فتخبره أن كل هذا لا يغير شيئًا من
قناعاتها، فهي ترى أن غير المؤمنين مثل تلك الديدان العمياء،
يحيطهم نور الله من كل اتجاه ولا يحتاجون سوى لطفرة ما كي يروه
ويستوعبوه.
يحدث هذا كله في الليلة التي يقرر الاثنان الزواج فيها، فيتوجها
لمعمل “إيان” بعد زواجهما بساعات قليلة، ولدى عودتهما، يؤدي عطل
مفاجيء في المصعد بحياة “سوفيا” لتموت بين ذراعي “إيان”، فتتركه
لحالة من الصدمة تفضي لفترة لا بأس بها من الاكتئاب والتخبط، تنتهي
عندما تنجح أبحاثه التي تابعتها “كارين” بشكل نهائي، وينجح تخليق
الأنسجة البصرية في الديدان سالفة الذكر.
تمر السنوات ويتزوج “إيان” بـ “كارين” شريكته التي تتبنى نفس
قناعاته العلمية المجردة، ويفتقد زواجهما، على نجاحه، الحرارة التي
كانت بينه وبين “سوفيا” التي لم يغب شبحها عن رأسه أبدًا، وتتفهم
“كارين” هذا تمامًا.
ثم تأخذ الأحداث منحنى مختلفًا تمامًا، عندما ينجبا طفلًا يكتشفا
بمسح قزحيته تطابق تركيبها الجزيئي مع قزحية شخص آخر رحل يوم حملت
“كارين” بالطفل، وببعض التجارب، وُجد أن الوليد يحمل بعضًا من
ذكريات الرجل الراحل، ممثلة في تجاوب خاص مع صور من حياته لمنزله
أو مزرعته أو زوجته، وهو الشيء الذي يعتبر مستحيل علميًا.
يتغلب فضول العالِم على قناعاته السابقة، وبالبحث وراء تلك الظاهرة
التي قد تغير العالم بأكمله، يعثر “إيان” على فتاة هندية تتطابق
قزحيتها مع قزحية “صوفيا”، ويتزامن ميلاد الأولى مع رحيل الأخيرة،
فيسافر للهند بحثًا عنها، ليجد أنهما تحملان إرثًا مشتركًا من
الذكريات، يبدو أقرب للعشوائية فيما يتعلق بالتفضيلات الشخصية في
الطعام والألوان والحيوانات، ولكنه يصبح واضحًا جليًا عندما تنتاب
الفتاة حالة من الهلع بمجرد أن تهم بركوب المصعد مع “إيان”، في
إشارة لأنها مازالت تحمل بعضًا من ذكريات حياتها السابقة.
يغادر “إيان” الهند وقد أصبح أكثر تقبلًا لوجود الظواهر الروحانية،
وإن لم يتخل عن نظرة العالِم الذي يسعى للبحث والتحليل قبل الإيمان
بالطبع.
في “آي أوريجينز” قدم “كاهيل” خلطة مدهشة من الفانتازيا والدراما
والرومانسية والخيال العلمي، دمج عناصرها جيدًا حتى أصبح من الصعب
تبينها في سياق الأحداث، ووفق كثيرًا في اختيار فريق عمله، فكان
دور البطولة من نصيب “مايكل بيت”، في تعاونهما الثاني بعد “أرض
أخرى” الذي شارك “بيت” في كتابته، وقد أدى هنا دورًا ممتازًا، مثّل
فيه العالم والعاشق والملحد والحبيب المكلوم والزوج والأب بسلاسة
مذهلة.
كذلك دور “كارين” الذي أدته “بريت مارلينج” وهو تعاونهما الثاني
أيضًا بعد بطولتها لـ “أرض أخرى”، لتؤدي دور المتدربة والعالمة
والزوجة المتفهمة تمامًا لحقيقة أن زوجها يعتبرها “شريكة” في العمل
والحياة، لأن مكانة “الحبيبة” مازالت مخصصة لـ “سوفيا” الراحلة،
وقد كان أداؤها جيدًا.
وكذلك “أستريد بيرجيه فريسبي” التي لعبت دور “سوفيا”، فكان أداؤها
حيًا متميزًا، وأدت دورًا جيدًا.
الفيلم ممتاز من الناحية البصرية، صورته نقية للغاية وألوانه
مريحة، وإضاءته مذهلة، كما جاء اختيار الموسيقى التصويرية عبقريًا،
لاسيما في المشاهد المؤثرة.
أما حوار الفيلم فقد كتب بشغف حقيقي، ترى فيه الجدل الأزلي بين
الملحدين والمؤمنين على لسان عاشقين، لا يحتد فيه أحدهما على الآخر
ولايهتم أحدهما بـ “إقناع” الآخر بما يرى قدر ما يهتم كلاهما بعرض
وجهة نظره التي تبدو وجيهة على لسان صاحبها، فلم يرجح الحوار كفة
العلم على الدين أو العكس، وإنما ترك الكثير من الأسئلة المفتوحة،
بشكل ترى منه أن “كاهيل” لا يهتم بتغيير قناعاتك كمشاهد بقدر ما
يهتم بزعزعة تلك القناعات أيًا كانت.
في أحد مشاهد الفيلم، تروي معلمة هندية كانت تساعد “إيان” في
العثور على فتاته، قصة عن “الدالاي لاما”، عندما سأله صحفي “ماذا
إذا أثبت العلم بالدليل أن قناعاتك الدينية لا أساس لها من
الصحة؟”، ففكر الرجل طويلًا، وأجاب “سأقرأ كل ورقة كتبت في هذا
الشأن جيدًا، وسأحللها مع نفسي مرارًا، وإذا اقتنعت بما فيها،
سأبدل قناعاتي”، ثم سألت نفس الفتاة “إيان”، ماذا لو أثبت العلم
بالدليل أن هناك وجودًا للعالم الروحاني.. هل ستغير قناعاتك؟ ترك
“كاهيل” سؤاله مفتوحًا، ليوجهه الملحدون والمتدينون لأنفسهم على
السواء، ولعل أهم ما يميز ذو القناعة العلمية عن ذي القناعة
الدينية هو مرونة الأول في التخلي عن تلك القناعة إذا ما ثبت
خطأها، وفضوله الذي لا ينتهي، وبحثه اللانهائي عن إجابات أكثر
الأسئلة تعقيدًا.
كلنا يتبنى -أو هكذا يفترض بنا- قناعات تمنحنا ولو شيئًا من
السكينة، قناعات تناسب منطقنا وتجعل العالم يبدو أكثر قابلية للفهم
والعيش، سواء كانت علمية الأساس أو دينية، ولكن -وهذا ما يطرحه
“كاهيل” في فيلمه وأتفق معه شخصيًا- لندع جميعًا هامشًا خفيفًا من
الشك في صحة ما نعتنقه، فلا أكثر من الخرافات التي اعتنقتها
البشرية لأنها بدت منطقية يومًا ثم ثبت خطأها، ولا أكثر مما خان
اليقين عين الرائي.
*الجملة من الفيلم المصري (الإرهابي).
السفر عبر الزمن.. قصة لن يسأمها المشاهد أبدا
منة الله فهيد – التقرير
من منا لا يتمنى العودة بالزمن إلى الوراء؟ الحصول على فرصة أخرى
لإصلاح ما أفسده والقيام بالأمور بالشكل الصحيح؟ ربما لا يحصل أحد
منا على هذه الفرصة أبدًا، ولكن هذا ما منحه (ريتشارد كورتيس)
المخرج والمؤلف لهذا العمل لبطل فيلمه (حان الوقت).
يدور الفيلم حول (تيم)، والذي قام بدوره الممثل الشاب (دومينهول
جليسون)، فهو شاب نحيل له شعر برتقالي اللون، يعيش في بلدة (كرونيل)
في منزل بجوار البحر مع أسرته الغريبة نوعًا ما، المكونة من أبيه
المتقاعد وأمه قوية الشخصية وخاله المحبب(الخال دي) الذي يبدوا
منفصلًا عن الواقع غير أنه يرتدي الملابس الرسمية على الدوام،
وأخته (كاثرين/كيت كات) المقربة إلى قلبه.
يخبر الأب ابنه (تيم) في عيد ميلاده الواحد والعشرين بسر كبير
أخفاه عنه طوال حياته، وهو أن الرجال في هذه العائلة يمكنهم السفر
عبر الزمن، ولكنه لا يمكنه الذهاب إلى المستقبل، فقط الماضي، ولا
يمكنه الذهاب إلى أماكن لم يذهب إليها بالفعل في ماضيه، يمكنه فقط
محْو أو تعديل الأشياء التي فعلها مسبقًا مما سيترتب عليه بالتأكيد
تغيرات في الحاضر.
يُكذِب (تيم) والده، ولكنه يعطي الأمر محاولة من باب إثبات كذب
أبيه، فيذهب لمكان مظلم كالخزانة ويغمض عينيه ويقبض يديه ويفكر في
المكان الذي يريد الذهاب إليه في الماضي ليفتح عينيه وقد وصل إلى
هناك. ينهال (تيم) بالأسئلة على والده، ولكن الأخير يثني تفكير
ابنه عن الجري وراء المال والشهرة لعدم جدواهم، فيختار أن يكرس هذه
الإمكانية للحصول على الحب، الأمر الذي كان يبحث عنه طوال عمره.
يحاول (تيم) التقرب من صديقة أخته(شارلوت) الفتاة المثيرة التي
جاءت لقضاء إجازة الصيف بمنزلهم، واستخدام قدرته على الرجوع بالزمن
لإصلاح عدة مواقف بينهما لاستمالتها، ولكن هذا لا يغير حقيقة أن
الفتاة لا تحبه، و هنا يخبرنا (ريتشارد كورتيس) أول درس على لسان
بطل الفيلم “حتى لو استطعت السفر عبر الزمن، لن تتمكن من جعل شخص
يحبك”.
يترك (تيم) منزل أسرته وينتقل إلى (لندن) للتمرن في أحد مكاتب
المحاماة، هناك يمكث مع (هاري) صديق والده المؤلف المسرحي الذي
يتبين منذ لحظة ظهوره الأولى أنه سليط اللسان وغير ودود بالمرة،
وربما هذا ما جعل زوجته تهجره و تتركه للعيش وحيدًا. يقضي (تيم)
أيامه في رتابة مملة، ولا يجد مفرًا من قبول دعوة زميله بالعمل
(روي) للذهاب إلى مطعم (دانس لو نوار) -مطعم يقوم الزبائن فيه
بتناول طعامهم في ظلام تام، و يقوم بخدمتهم أناس مكفوفو البصر أو
ضعاف البصر- وهناك يجلسهم النادل بجوار فتاتين يقوما بالتعرف
إليهما دون معرفة كيف يبدو شكلهما، ويشعر (تيم) بالانجذاب لـ(ماري)
فينتظرها في الخارج لرؤيتها.
تخرج الجميلة (راتشيل ماكادمز) من المطعم ليقع (تيم) في حبها على
الفور، يطلب رقمها فتعطيه إياه و يتفقا على أن يتقابلا مرة أخرى،
في هذه الليلة يسير تيم في شوارع لندن و هو يبدو سعيدًا للغاية،
وربما ساعد في وصول هذا الإحساس للمشاهد الأغنية في الخلفية التي
تم انتقاؤها بعناية لتعبر عن الحالة النفسية للبطل.
يعود (تيم) للمنزل ليجد (هاري) في حالة يرثى لها، بعد فشل أحد
أبطال مسرحيته في تذكر كلماته أثناء العرض الأول لمسرحيته مما
أفشلها فشلًا ذريعًا وسيجعل منه مادة للسخرية الأيام المقبلة من كل
نقاد (لندن)، يشفق عليه (تيم) فيختار الذهاب بالزمن إلى الوراء
لتلافي الأخطاء التي أفسدت عرض (هاري) مما أنجح العرض بالفعل وجعله
يتصدر الصفحات الأولى في الجرائد والمجلات، ولكن كما أشرت في
البداية فأي تغيير في الماضي سينتج عنه تغيير في الحاضر أيضًا،
فعند تفقد (تيم) لهاتفه لم يجد رقم (ماري)؛ لأن ذهابه لإنقاذ
مسرحية (هاري) يعني أنه لم يذهب إلى المطعم مع صديقه (روي).
يكتئب (هاري) لعدة أيام، ولكنه ينجح في رؤية (ماري) مرة أخرى في
معرض لعارضتها المفضلة (كيت موس) التي أخبرته عنها ليلة لقائهم
الأول، يصطدما ببعض في إطار كوميدي طريف، فبينما (تيم) يحبها
بالفعل ويتعامل معها كما لو أنه ليس أول لقاء بينهما، لا تعرف
(ماري) من هذا الملاحق غريب الأطوار الذي يصر على الحديث معها رغم
رفضها للأمر، يستخدم (تيم) قدرته على السفر عبر الزمن لإصلاح عدة
حماقات صدرت عنه أول مرة، ولكنه يفاجأ بكونها على علاقة بأحدهم
الآن.
يتحرى (تيم) عن الوقت الذي التقيا فيه ليتبين أنه منذ أسبوع واحد
فقط، يستعلم عن المكان أيضًا في مشهد طريف يصر فيه على معرفة كافة
التفاصيل الخاصة بعلاقة فتاة لم يلقها إلا منذ دقائق قليلة.
يذهب (تيم) إلى المكان والزمان المحدد ويلتقي بـ(ماري) ويتحدث معها
محاولًا جذب انتباهها عن طريق الاقتباس من كلماتها التي أخبرته بها
في لقائاتهم السابقة، بالفعل تستجيب له ويتمكن من دعوتها للخروج
قبل وصول الرجل الآخر؛ ليبدءا واحدة من ألطف العلاقات وأكثرها
سحرًا ورومانسية، سرعان ما تتوج بالزواج في بلدة تيم بمنزل
(أسرته).
كان مشهد الزفاف أكثر المشاهد إتقانًا وإضحاكًا أيضًا، فبداية من
أغنية (إيلموندو) الإيطالية التي أصر البطل على تشغيلها أثناء سير
(ماري) إلى المذبح وخطواته الراقصة هو ووالده على أنغامها، مرورًا
بفستان الزفاف الأحمر الغير معتاد، ختامًا بالعاصفة الممطرة التي
أفسدت الزفاف تمامًا ولكنها لم تفسد فرحة أي من الحاضرين.
ينتقل الفيلم إلى مستوى آخر من الحب والارتباط، فنرى (ريتشارد
كورتيس) يسلط الضوء مرة أخرى على علاقة (تيم) بأسرته الذي ابتعد
عنهم قليلًا منذ انتقاله إلى (لندن)، يعزز ذلك وصول طفلته (بوزي)،
فتتخذ التجمعات شكلًا عائليًا أكثر مما سبق، مما يتيح الفرصة
لإظهار شخصية (كيت كات) -التي أهملها المخرج سابقًا- الأخت الصغيرة
التي وصفها (تيم) في أول مشهد في الفيلم بأنها “أروع شيء في
العالم”، لكنها لا تبدو كذلك الآن، فالدخول في قصة حب فاشلة وترك
العمل مرة بعد أخرى، كل هذا أضفى شيئًا من الانكسارعلى شخصيتها،
مما يعرضها لحادث -مفتعل- كاد أن يودي بحياتها إثر شجارها مع
صديقها.
كان هذا بمثابة صدمة لـ(تيم) مما جعله يعود للسفر عبر الزمن ثانية
لمنع الحادث، بعد توقف عمر ابنته، بالرغم من وصوله لـ(كيت كات) قبل
وصولها للسيارة وإنقاذها من الحادث، إلا أنه عند عودته للمنزل فوجئ
باختفاء ابنته (بوزي) و تحولها لصبي، ليكتشف أن السفر عبر الزمن
لما يسبق ولادة آخر أبنائه سيقوم بتحويل هذا الطفل للجنس الآخر مع
فقدان الطفل الأصلي للأبد، مما جعله يختار ألا يمنع الحادث كيلا
يفقد ابنته، ومحاولة مساعدة أخته ودعمها نفسيًا هو وزوجته (ماري)
في حديثها معه تخبره (كيت كات) أنها تشعر بأنها فاشلة العائلة التي
لا يمكنها إنجاز أي شيء و ربما هذا قدرها، ولكن (تيم) يرفض حديثها
هذا و يعرفها على صديقه (جاي) الذي رأى أنه مناسب لها، وبالفعل
يقوما بالإعجاب ببعضهما البعض والارتباط فيما بعد.
يقترح (تيم) على زوجته إنجاب طفل آخر ويعيشا في سعادة بالغة، إلى
أن يتلقى مكالمة هاتفية من والدة (تيم) تخبره فيها بإصابة والده
بمرض السرطان، ليذهبا مسرعين إلى منزل الأسرة.
يرحل والد (تيم) بعد ذلك بوقت قليل بعدما أعطاه نصيحة ذهبية، وهي
أن يعيش كل يوم بشكل طبيعي جدًا، ومن ثم إعادته مرة أخرى دون تغيير
أي شيء فقط ليلاحظ الأشياء الصغيرة التي تبعث على السعادة ولم
يلاحظها لمرة الأولى بسبب الخوف والقلق، وهنا يعطينا (ريتشارد
كورتيس) النصيحة الثانية على لسان بطل فيلمه، ألا نترك مخاوفنا و
مشاغلنا تمنعنا من الاستمتاع بأوقاتنا التي تمر دون عودة.
تطلب (ماري) هذه المرة من (تيم) إنجاب طفل آخر، ولكن الأخير يتململ
أمام طلبها، فعلى الرغم من حبه للأطفال إلا أن إنجاب طفل آخر يعني
عدم استطاعته بالعودة بالزمن إلى ما قبل ولادة طفله كيلا يستبدل
بطفل آخر، مما يعني أنه لن يتمكن من الرجوع بالزمن لرؤية أبيه الذي
توفي قبل إنجاب الطفل، أمام رغبة زوجته يوافق (تيم)، ليجد نفسه بعد
ذلك في انتظار وصول مولوده الجديد مضطرًا لتوديع أبيه إلى الأبد.
في نهاية الفيلم يخبرنا (تيم) بأنه توقف عن السفر، لتوصله إلى سر
السعادة الحقيقية، وهو أن يعيش كل يوم كما لو أنها المرة الثانية
ليستمتع به كما لو أنه عاد إليه خصيصًا مرة أخرى.
مدة عرض الفيلم 123 دقيقة، قد يكون طويلًا لكونه فيلمًا رومانسيًا
بنكهة كوميديه إلا أنك لن تشعر بالملل قط أثناء مشاهدته.
الحبكة الدرامية للفيلم متقنة على الرغم من عدم واقعية الفكرة
-السفر عبر الزمن- في الأساس، فلا تجد نفسك تتوقف ثانية أمام فكرة
انتقاله أثناء مشاهدة الفيلم لموافقتك على ذلك منذ البداية، وعلى
الرغم من كثرة مشاهد السفر عبر الزمن وتداخل الأزمنة إلا أن
المشاهد لا يفقد تسلسل الأحداث على الإطلاق، وعلى الرغم من تصنيف
الفيلم كفيلم رومانسي إلا أته لم يكتف بعلاقة (تيم) بـ(ماري) بل
أيضًا بعلاقة كليهما بأسرة (تيم)، يحسب ذلك لصانع العمل (ريتشارد
كورتيس) مؤلف الأفلام الإنجليزي الذي يغلب على أفلامه طابع رومانسي
كوميدي مثل (أربع جوازات وجنازة)، و(نوتينج هيل)، و(مذكرات بريدجت
جونز)، و(الحب حقيقة)، ومع ذلك فليس لديه نفس الرصيد في إخراج
الأفلام، فهو لم يخرج سوى فيلمين وهذا ثالثهما.
يحسب له أيضًا انتقاء الأغاني والموسيقى التصويرية وعدم إقحامها
على مشاهد الفيلم على الإطلاق؛ بل جعلها جزءًا من الأحداث مثلما
أشرت سابقًا إلى أغنية (إيلموندو) في مشهد الزفاف، وهناك أيضًا
أغنية (إلى متى سأظل أحبك) التي قام بغنائها فريق غنائي متسول
بمحطة مترو الأنفاق نقطة التقاء (تيم) و(ماري) اليومية، وأغنية
(بين يدي) التي تم لعبها في جنازة والد (تيم) كتلبية لرغبته.
الفيلم إنتاج سنة 2013، إنتاج بريطاني، و تقييمه على موقع
IMDb
العالمي 7.8.
للمزيد طالع صفحة الفيلم على موقع
IMDB |