(300
إعلان- 30 فيديو كليب- 3 أعمال فنيّة).. تلك هي حصيلة المخرج هادي
الباجوري، الذي قدَّم للسينما المصرية مؤخراً تجربته الثانية بعد
فيلم "واحد صحيح" من بطولة هاني سلامة وبسمة وكندة علوش وعمرو يوسف
وياسمين رئيس، فيلم "وردة" المطروح حالياً في السينما، والذي أثار
جدلاً كبيراً منذ طرحه، لسببين: الأول أنه إحدى التجارب السينمائية
الجديدة على السينما المصرية والتي تندرج تحت نوعية أفلام الرعب،
والثاني لطبيعة القضية التي يتناولها الفيلم، بعد تعرضه لعلاقة
الأنس بالجن.
24
تحدث مع المخرج الأربعيني عن كواليس تجربته السينمائية الأخيرة،
وهذا ما قاله عن الفيلم وخلفياته ونظرته:
·
في البداية لماذا "وردة" بالذات لتعود به إلى السينما بعد آخر
أعمالك "واحد صحيح"؟
لأني ببساطة لست من نوعية المخرجين الذين يرسمون لأنفسهم خططاً
يسيرون عليها لفترة زمنية طويلة، ولكني من النوعية التي توافق على
خوض التجربة طالما شعرت تجاهها بانجذاب وأشعلت حماس التحدي داخلي،
أمّا لماذا "وردة" بالذات، فلأنني في الفترة الأخيرة، كانت لدي
كمية سيناريوهات كبيرة، وكنت أقرأ أعمالاً بصفة مستمرة منذ انتهائي
من فيلم "واحد صحيح" والاطمئنان على نجاحه، فكنت حينها أبحث عن
المشروع المقبل ولم أكن حتى وقتها أعرف كيف ستكون ملامح هذا العمل
إلى أن جاءت لدي فكرة "وردة" مع المؤلف محمد حفظي وتحمست لها
كثيراً وقررت أن أذهب خلفها.
·
ولماذا حرصت في اختياراتك لأبطال العمل على أن تذهب إلى وجوه
جديدة، دون الاعتماد على نجوم أو ممثلين قدموا أعمالاً قبل ذلك؟
لأن هناك منطقاً لدي وراء هذه الاختيارات، وهو أن "الحدوتة" التي
قدمتها بالفيلم مستوحاة من قصص واقعية، ومن البداية كان الاتفاق
بيني وبين مؤلف الفيلم أن نعتمد على وجوه جديدة أبطالاً للفيلم لأن
ذلك سيخلق حالة كبيرة من المصداقية والإقناع لدى الجمهور عندما
يشاهد العمل، فعندما أقدّم لك ندى الألفي بطلة الفيلم على أنها
"وردة" دون أن يشاهدها الجمهور في أي عمل قبل ذلك سيتعايش مع قصتها
ويتعاطف معها بشكل أكبر بكثير من إسناد الدور لفنانة وجهها مألوف
بالنسبة للجمهور، وهو ما أردت فعله مع جميع شخصيات الفيلم، وهذا
الأمر كان تحدياً كبيراً بالنسبة لي وحرصت على تنفيذه، بحثاً عن
مصداقية العمل.
·
قضية علاقة الإنس بالجن من القضايا الشائكة والتابوهات التقليدية
التي يخشى المرءالذهاب إليها، في مجتمعاتنا العربية، ألم يُقلقك
ذلك؟
لو وضعت في حساباتك دائماً الخوف من التعرض للمواضيع والقضايا
الشائكة، لن تقدم شيئاً مختلفاً أو غير تقليدي، فعند تفكيري في أي
مشروع جديد أقدمه سواء كان درامياً أو سينمائياً لا أضع في حساباتي
أي شروط أو حواجز، فليس من الصحيح أنّك كمخرج أو كأي مبدع حينما
يُفكر في مشروعه القادم، أن يضع في اعتباره أنه سيبتعد عن الدين أو
الجنس أو الكليشيهات المعتادة التي نخاف النقاش فيها، وفقاً لعادات
وتقاليد المجتمع الذي نعيش فيه ونفخر بها جميعاً، فحينها ستجد أنّك
وضعت نفسك في حجرة مغلقة لن تستطيع الخروج منها، وتبحث عن تقديم
العمل المضمون الذي لا يشعر به أحد.
ولا أنكر لك أن هناك أناساً يُفكرون كذلك، فلا يمكن لكل الناس أن
يفكروا مثل بعضهم البعض، فستجد أيضاً من يبحث دائماً عن المضمون،
"اللي بيمشي جنب الحيط" لا يهدف إلا إلى تقديم عمل وتقاضي أجره
فقط، ولكن أيضاً لا أنكر أن عملي كمنتج وظروف تملكي لشركة إنتاج،
تساعدني في المغامرة وتقديم عمل غير تقليدي، بعكس منتجين آخرين
يبحثون دائماً عن المضمون حتى يحقق أرباحا لأنه في نهاية
"business".
·
اعتمدت في أحداث العمل على استخدام فيديوهات متداولة على مواقع
التواصل الاجتماعي، ألم يقلقك أن يتصدر للجمهور فكرة أن "وردة"
فيلم تسجيلي، خاصة بعد نشر البرومو الأول من الفيلم؟
هذا حقيقي فعلاً، والكثيرون اعتقدوا ذلك في بداية الأمر، خاصة بعد
الـ"teaser"
الأول من الفيلم، لكن بعد ذلك تم تغيير هذه النظرة تماماً باستخدام
الدعاية، ولكن لأكون صريحاً معك لم تخطر في بالي هذه الفكرة في
البداية.
·
وهل أنت راضٍ عن الأصداء التي حققها الفيلم حتى الآن؟
على المستوى النقدي، هناك آراء كثيرة شكرت في مستوى الفيلم وفكرته،
ولم ينتقدوا سوى سرعة تنفيذه وأحترم وجهة نظرهم للغاية، وعلى مستوى
الإيرادات، الفيلم حتى الآن حقق إيرادات قريبة للغاية مما كنا
نتوقعه، فمن البداية نعلم أننا نُقدم فيلماً بنوعية وفكرة جديدة لا
تعتمد على أسماء نجوم، ولا تتوافر فيه مواصفات الفيلم التجاري، كما
أن البعض كان ينتظر أن يُشاهد فيلم رعب على الشكل الأمريكي الذي
اعتدنا عليه من السينما الأمريكية، وما ساعد على تصدير هذه الصورة،
الدعاية التي قدمت للفيلم على أنه عمل رعب متكامل، بالشكل المتعارف
والمعتاد عليه.
·
وبرأيك لماذا حتى الآن لم تنجح السينما المصرية في تقديم تجربة رعب
بالشكل المعروف لنا جميعا رغم المحاولات الكثيرة؟
المحاولات لابد أن تستمر، ولا يعني إن قدمت فيلم رعب الآن أن أبتعد
في تجربتي القادمة عن هذه النوعية، فمن الوارد جداً أن أقدم هذه
النوعية مرات أخرى كثيرة، وبالمناسبة في أمريكا يقدمون أكثر من 500
فيلم رعب كل فترة، فلابد أن لا تتوقف عن تقديم أي من نوعيات
السينما المختلفة، لأن كثرة المحاولات تؤثر بشكل إيجابي على جودتها.
·
ولكن لماذا حتى الآن نوعية هذه الأفلام لا تستطيع منافسة الأفلام
الكوميدية والأكشن التي تقدمها السينما العربية؟
من البداية، من غير الصحيح أن نقارن بين فيلم الرعب والنوعيات
الأخرى من السينما، لأنه في أمريكا نفسها وبالرغم من أن فيلم الرعب
يُحقق إيرادات كبيرة، لكنها لا تقارن أيضاً بإيرادات أفلام أحد
النجوم الكبار، وبعيداً عن الرعب تماماً، هناك أفلام تقدم كثيرة في
السينما المصرية ولا تقارن إيراداتها مثلاً بما يحققه فيلم لأحمد
السقا على سبيل المثال، لأن هناك نوعية من الناس تتعدى نسبتها
الـ50% من جمهور السينما لا تدخل أفلام الرعب من الأساس ولا
تستهويها هذه النوعية من الأفلام سواء مصري أو غير مصري.
الذي أريد أن أوضحه أنه ليس هناك أي معنى حينما تقدم تجربة مختلفة
ولا تحقق النجاح الكبير، ألا تكررها مرة ثانية وثالثة ورابعة، لأنك
بهذه الطريقة تقتلها، وحينها فعلاً لن تصل إلى تجربة حقيقية مميزة
تستطيع أن تنافس بها، لأنك حينها ستبتعد عن تقديم تجربة أخرى من
النوعية نفسها تتلاشى فيها بعض الأخطاء التي وقعت فيها، وبالتالي
لن يكون هناك أي استفادة، لأن أي مخرج سيقبل على تقديم هذه النوعية
سيبدأ من الصفر ولن يكون على دراية بمشاكله وماذا يفترض أن يفعله،
وما الذي يجب أن يبتعد عنه. |