زوج فاتن حمامة: رحلت ولكنها ساكنة في وجداني
عربي السيد
قال الدكتور محمد عبد الوهاب زوج الفنانة الراحلة فاتن حمامة، إن
بداية تعرفه على الفنانة الراحلة كان ضمن الدوائر المصرية المعتادة
في المجتمع المصري، سواء في نادى الجزيرة أو في بعض الأفراح،
موضحًا أن تولى مهمة الكشف عليها طبيًا ذات مرة، وكانت برفقة منى
ذو الفقار، ثم سافرت للندن في صحبة صديق لي لإجراء عملية جراحية
دقيقة لها وقابلتها هناك، وكان الطبيب الذى سيجرى الجراحة صديق لي،
وتقابلنا في حفل وكانت تتحدث عن المسرح الإنجليزي، وكان هناك صديق
مشترك وظللنا نلتقى في ظروف مختلفة حتى تزوجنا، مشيرًا إلى أن ما
جمع بينهما، هي الكيمياء المشتركة، معلقًا: فاتن كانت على مستوى
رائع من الفكر والثقافة والأنوثة، مما جعلني أميل لها بقوة.
وأشار عبد الوهاب، في لقائه الخاص بالإعلامية لميس الحديدي عبر
برنامج "هنا العاصمة" على شاشة "سى بى سى"، والذى تم تصويره من
منزل الفنانة الراحلة، أن عمر الزواج أمتد لنحو 37 عاماً ومن قبلها
ثلاثة سنوات يصبح إجمالى العلاقة 40 عامًا كاملة، مشيراً إلى أنها
كانت بالنسبة له الزوجة والحبيبة والرفيقة والأنيسة، وكانت بها كل
المزايا التى تجعلها سيدة القصر، وهى هنا سيدة البيت ويكفى ثقافتها
والتى جعلتنى أميل لها وجعلتنى مستعداً لتنمية هذه الثقافة.
وحول كونها فنانة مشهورة وأثر ذلك عليهم قال: "إطلاقاً لم يكن
يؤثر، فأنا كنت فى مجالى وهى فى مجالها، بالعكس أنا كنت سعيد جداً
باهتمام الناس بها، وكانت هى تقابلهم بمنتهى البساطة والتواضع،
مستشهدًا بأحد المواقف قائلاً: "فى ذات مرة نظمت جمعية الأشعة
المغربية دعوة لى ونحن نعلم الاتصال بين المغاربة والفرنساويين،
وكنت أعتقد أنى سأكون المستحوذ الرئيسى على الاهتمام فى هذه
الليلة، ولكن فوجئت بأنها كانت صاحبة الحظ الأوفر فى اجتذاب الحضور
لها.
وحول الأفلام التى قدمتها وهى متزوجة منه قال "قدمت الكثير
والحقيقة أثناء تقديمها للعمل الفنى كانت تنغمس بشكل كامل فى
العمل، ولكن دون أن يطغى هذا على حياتها ودورها كزوجة ومحبة، وكنا
ننتناقش كثيراً فى الأدوار وأتذكر أنها كانت حريصة على أداء
الأدوار بشكل جيد ففى فيلم "ليلة القبض على فاطمة"، أتت ذات مرة
بطباخة بورسعيدية وأخذتها معها للقاهرة حتى تتقن اللهجة ووقتها ثار
جدل كبير حول اللهجة التى تحدثت بها، مشيراً إلى أنها طيلة مشوارها
الفنى كانت مهتمة وبشدة بالأشياء الصغيرة، فأتذكر أنه فى فيلم
"أفواه وأرانب"، كان اسمه الأصلى "الحب الصغير" لكن بعد نقاش فيما
بيننا وبعدما قصت لى القصة الحقيقية للفيلم، وهى تكاثر الناس
ومطالبهم فى ضوء محدودية الموارد فاقترحنا أن يكون الاسم "أفواه
وأرانب"، وأتذكر أنها كانت دقيقة جداً فى رغبتها فى أداء العمل
بإتقان فقد جاءها منذ سنوات مشروع لعمل فنى زوجها فيه يعمل فى
الدبلوماسية وهى كانت تعمل لاعبة بالية، فقالت لى أنظر "كيف أسير؟"
فقلت لها هذا شىء طبيعى بحكم السن فقالت لى، سوف أستعين بأحدهم
ليعلمنى كيف من المفترض أن تكون طريقة المشى للاعبة باليه حتى مع
تقدم السن.
واوضح كنا نتحدث كثيراً وبعمق فى كثير من الأعمال، وأتذكر أن أشعار
أحمد شوقى كانت صعبة فى حفظها فظللنا نرددها سوياً كى تتقنها وإذا
عجزنا عن فهم معنى نسأل مختص استعنا به، وهكذا، والميزة فى فاتن
حمامة أنها كانت تحب أن تلقى الشعر بأسلوبها الشخصى وبما تشعر،
وأعتقد أن هذا ساعدها كثيراً فى أن تكون متميزة فى هذا الجانب.
واكد أن أهم الأفلام التى يحبها لها هى "دعاء الكروان" و"الحرام"
و"أريد حلاً"، لافتًا إلى أنه كان سعيداً عندما قال رئيس جامعة
بيروت فى حفل تكريمها فى الكلمة التى ألقاها، أنكِ كنتِ سبباً فى
استخدام لفظ "خلع" واسهمتى فيه و"أمبراطورية ميم"، من أهم الأعمال
التى كنت أحبها فقد أبهرتنى طريقة نقشاها.
وقال إن الفنانة فاتن حمامة الإنسانة السمة الغالبة فيها هى
"التواضع الجم"، وأتذكر أن بناتى قالوا لى كيف تكون الفنانة فاتن
حمامة بهذا التواضع، مضيفًا أن أكثر اللحظات التى مرت بها سعادة
خلال الفترة الأخيرة، عندما تحدث الرئيس عدلى منصور عن الفنان
الكبير محمد عبد الوهاب، وأنه أعطاه حقه فقد كانت تحبه كثيراً،
وأنا أيضاً كنت أحبه كثيرًا، وكانت لنا علاقة به ممتازة وزد على
ذلك أنها أعجبت بالحديث التلقائى والعفوى للرئيس عدلى منصور واللغة
العربية الرصينة له.
وحول اجتماع الرئيس السيسى وقت أن كان مرشحاً بالفنانيين قال "هذا
اللقاء كان مميزاً، وكيف أن الرئيس متواضعاً ويقدر الفن وقيمته،
وقال إن أصدقاءهما المميزين والمشتركين كانوا عادة من الأطباء،
وأصدقاء نادى الجزيرة، وأعتقد أننى علمتها الصيد وكان لنا أصدقاء
كثير من الصيادين منهم فوزى عزيز وسيد مرعى وغيرهما من الأصدقاء.
وحول قولها الدائم، إن الفنان يكون به جزء من الجنون قال: كانت
شديدة التواضع، وهادئة فى تصرفاتها، وتحب عمل المنزل رغم انشغالها
الدائم. وقال إنها كانت تقول لابد أن يشعر أبناؤنا بنا من خلال
توزيع الثروة قبل وفاتنا، مشيراً إلى أنهما لم يشعروا، ولو للحظة
باختلاف أبنائهم فقد كنا عائلة كبيرة جداً وأحببنا أحفادنا بشكل
أكبر.
وأضاف،
أن بداية التعب الذى ألم بها كان فى عام 93 أثناء مشاهدة مسرحية
لعادل إمام، حيث شعرت ببعض الوهن وكذلك شعرت به فى أثناء التمشية
فى النادى، ثم أصيبت بالألم الأخير، موضحًا أنه حتى الآن لايستخدم
ضمير الغائب فى الحديث عنها، فهى حاضرة وأضع صورتها فى كل مكان،
وأفتقدها خاصة فى الصباح عندما كنا نتناول القهوة والشاى معاً.
زينات صدقي .. عذراء الربيع
كرمة أيمن
“ميدو
مادميدو.. أنا قلبي اليك ميال ومافيش غيرك ع البال.. بتبصلي كدا
ليه والمكر جوا عنيك.. مد ايدك خد المفتاح.. يا قاتل يا غادر يا
سارق قلوب العذارى".. عندما تقرأ تلك الكلمات تتذكر المشهد الذي
جمع بين زينات صدقي وإسماعيل ياسين في فيلم "ابن حميدو".
في هذا الفيلم نتذكر الممثلة زينات صدقي الي تميزت بأدائها
الكوميدي، وطريقة ملابسها وخاصة التاج العجيب التي وضعته فوق رأسها.
نحتفل اليوم بذكرى وفاة الـ37 للفنانة زينات صدقي، التي اشتهرت
بعدة مقولات اقتبسها جمهورها من مشاهد أفلامها مثل: "يختي جماله
حلو يختي شبابه حلو"، "كتاكيتو بنى"، "إنسان الغاب طويل الناب".
زيات صدقي، ولدت بحي الجمرك في مدينة الإسكندرية في 20 مارس 1913،
وأطلق عليها والديها اسم "زينب محمد سعد".
عشقت الفن والتمثيل منذ الصغر، وهو ما دفعها للالتحاق بمعهد أنصار
التمثيل والخيالة، الذي أسسه الفنان "زكي طليمات" في الإسكندرية،
إلا أن والدها منعها من إكمال دراستها بالمعهد.
عقب وفاة والدها، قررت "زينات" أن تشبع موهبتها وحبها للتمثيل،
فهربت مع والدتها، وذهبت للعمل في كازينو "بديعة مصابني".
وهناك بدأت "زينات" العمل، لكنها لم تمثل أو تشترك في المسرحيات
القصيرة حتى لم تؤدي المنولوجات، لتفاجئنا بوقوفها على خشبة المسرح
كراقصة بجوار تحية كاريوكا وسامية جمال.
ظلت "زينات" تعمل كراقصة حتى رآها نجيب الريحاني، ورشحها للعمل معه
في الفرقة من خلال دور في مسرحية "الدنيا جرى فيها إيه"، وأطلق
عليها اسم "زينات"، واختارت اسم "صدقي" حبًا في صديقتها المقربة
خيرية صدقي.
قدمت عدد من الأدوار المسرحية منها "عاوزة أحب" و"الكورة مع بلبل"،
ولعل من أشهر الأدوار التي قدمتها دور الخادمة سليطة اللسان، هذا
الدور التي فتح لها أبواب الشهرة لنتتقل إلى عالم السينما".
وفي السينما، تعرف ملايين الجمهور منذ أول طله لا على شاشة السينما
إلى الآن، فلا أحد يختلف على موهبتها أو أدوارها، وجودها في أي
فيلم كان يضفي عليه لمسة ساحرة، ليكون دورها مميز مؤثر في الأحداث.
كان أشهر الأدوار التي قدمها دور العانس، فهي بذلك تحصد لقب "أشهر
عانس في السينما"، شاركت في بطولة أكثر من 400 فيلم، ووقفت إلى
جانب كبار الفنانين مثل إسماعيل ياسين، عبد الفتاح القصري، يوسف
وهبي، عبد الحليم حافظ، أنور وجدي.
من اشهر الأفلام التي قدمتها "أيامنا الحلوة، ابن حميدو، بنات
حواء، الأنسة حنفي، ياسمين، الأنسة ماما، دهب، عفريته هانم"، كما
شاركت إسماعيل ياسين في سلسلة أفلامه منها "إسماعيل ياسين في
الأسطول، إسماعيل ياسين في البوليس، اسماعيل ياسين في مستشفى
المجانين".
كان فيلم "بنت اسمها محمود" كان من أخر الأعمال التي قدمتها زينات
صدقي في أواخر الستينات لتنقطع علاقتها بالسينما لمدة 16 عامًا.
اضطرت زينات صدقي لبيع أثاث منزلها، لتسدد الضرائب، وقامت بشراء
أثاث أخر لكن بثمن أقل.
ظلت بعيدة عن أضواء الجوائز، إلا أنها حازت على تقدير الرؤساء
فكرمها الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، كما كرمها الرئيس الراحل
"أنور السادات" في العيد الأول للفن عام 1976، وأمر بعمل معاش
استثنائي لها.
أصيبت زينات صدقي بماء على الرئة، توفت بعد أسبوع من مرضها، في 3
مارس 1978، وتم دفنها في مقابر كتب عليها "عابر سبيل"، ودعم الجميع
أنها دفنت في "مقابر الصدقة".
لكن ابنة شقيقتها أكدت أن هذا المدفن خاص بزينات صدقي، وقد كتب
عليه "عابر سبيل" بناء على رغبتها، وكانت تدفن به الفقراء الذين لا
يملكون مكانا لدفنهم، ومنهم ممثل مغمور بفرقة الريحاني.
توفت زينات صدقي لكن ما زالت عالقة في القلوب، وتحظى بتقدير
المصريين، التي استطاعت بادائها وتمثيلها وأفهتها أن ترسم البهجة
على وجوههم. |