حين تقرر
أن تكون رديئاً فإن شيئاً لن يوقفك، وسيتخطى
الأمر المتاح وستتضح حقيقة تصرخ عالياً: لا حدود للرداءة، لا نهايات، يمكنك
المواصلة إلى ما لانهاية.
ما تقدم
سيكون مثاراً للدهشة كونه مستخلصاً من
فيلم «الروح» الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية، لا لشيء إلا أنه أي
هذا
الفيلم يتطلب من المشاهد التحلي بصبر لا مثيل له لمواصلة
مشاهدته أولاً، وثانياً
لأنه يؤكد قولاً للشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي «أحياناً حتى الكتاب
الرديئون
يقولون الحقيقة»، ولتكون الحقيقة مع فيلم «الروح» متمثلة مرة أخرى بأنه لا
حدود
للرداءة، إنها مترامية الأطراف.
الفيلم
الذي أخرجه فرانك ميلر يحكي عن شخصية
عجيبة ترتدي قناعاً مثل قناع زورو، تسمي نفسها «الروح» (غابريل ماتشت) روح
المدينة
التي تنقذ فيها الناس من براثن الأشرار على طريقة سبايدرمان
وسوبرمان وباقي الشلة،
وفجأة نشاهد «الأخطبوط» الشرير «صومائيل جاكسون» الذي سيكون على صراع مع
الروح، ومع
المرأة خارقة الجمال ساند سيرف (ايفا منديس) التي سنكتشف أنها كانت حبيبة
الروح
السابقة، والتي تأخذ صندوقاً من تحت الماء بدل صندوق آخر يحتوي
كأساً فيها دماء
هرقل التي يريد الأخطبوط أن يشربها.
أرجوكم
ألا تعتبروا ما أكتبه هلوسة أو
ما
شابه، إنه الفيلم العجيب، فشخصية الروح تكون عاشقة للنساء أيضاً (دونجوان
لا يشق
له غبار)، كما أننا سنكتشف أنه كان ميتاً لكن الأخطبوط أنقذه
وأعاده إلى الحياة،
عبر تجريبه لسائل اخترعه يقضي على الموت، لكن ما بقي للأخطبوط أن يقوم به
هو أن
يشرب دم هرقل ليصبح خالداً ويعم الشر الكون، رغم أننا أول الفيلم نتعرف الى
سهرة
خاصة يمضيها الأخطبوط مع الروح تكون المتعة فيها متمثلة بتعارك
الأخطبوط مع الروح
ولتنتهي بقيام الأول بضرب الثاني بمرحاض، نعم مرحاض، طالباً منه أن يضحك
لأنه يعتقد
أن
«المرحاض مضحك دائماً»، طبعاً هكذا عبارة عينة صغيرة من حوارات الفيلم
المبنية
على جملة من هنا وأخرى من هناك.
بالتأكيد
سينتصر الروح على الأخطبوط، ويفجره
شر
تفجير، حيث نرى بأم أعيننا كيف ينغرز جزء من قفص الأخطبوط الصدري في
الجدار.
طبعاً
يمكن مواصلة سرد أشياء كثيرة في فيلم «الروح»، في استسلام
للهلوسة المجانية، والأفكار الطارئة التي يخرج علينا بها من مشهد الى آخر
وعلى شيء
من «الأنيماشن» والتزينية الأشبه بالأوراق الملونة الملصقة هنا
وهناك، مع تقليد
كونتين تارنتينو عبر سيوف الساموراي ومشهد اختطاف الروح كاملاً إضافة لما
ظهرت عليه
سكارليت جوهانسون.
لا ننسى
أن في الفيلم قدراً كبيراً من التظارف، حيث يطمح
الحوار دائماً أن يكون مضحكاً لكنه يمنح شعوراً معاكساً تماماً، لنا أن
نجده في
الدموع، دموع الفرح بأن الفيلم قد انتهى ولم يصب المشاهد بمرض
لعين، أو أزمة نفسية
حادة.
أعود إلى
الرداءة مجدداً، وأقول أليس من الرداءة أيضاً الكتابة عن
الفيلم، ولعل الإجابة تأتي في تحوير لما يقوله بوكوفسكي.. أحياناً حتى
الرداءة تغري
بالكتابة.
الإمارات اليوم
05/02/2009 |