نعلم
اننا في زمن التحصر العاطفي او الحب الخاطف الذي يشبه الـ(junk food)
ملون وشهي ولكنه ضار بالصحة. وليس امامنا الا ان نتخيل الحب بعيدا عن مآسي
الفضائيات والبورنو كليب في قاعة مظلمة هي السينما ولكن اذا كان صخب
الكوميديا الصيفية هي الطاغي على دور العرض فمن الممكن ان نلجا الى فيلم
مختلف يقدم العاشق الجديد والقصة الرومانسية والحبكة الدرامية وهي نوعية
ظهرت في فيلمي انت عمري واحلام عمرنا والسؤال الذي يفرض نفسه: اين اختفت
الرومانسية من على شاشاة السينما العربية واين عشاق اليوم وهل اختلفت
الرومانسية والعشاق والحب عن امس والاجابة يحددها الجمهور الذي يصنع نجم
السينما!!
في زمن السينما الجميل زمن الفخامة والتقاليد كان “جان برميير” نموذجا
مثاليا للرومانسية السينمائية العالمية ومن كلارك جيبل وفيفيان مي الى
ريتاهيوات وافاجاردز ومن روبرت تايلور وهمفري بوجارت الى نجوم السينما
العربية مثل انور وجدي وكمال الشناوي وشادية ومديحة يسري وشكري سرحان وعمر
الشريف وهند رستم ونادية لطفي الى زمن السبعينيات من القرن الماضي والذي
ظهرت فيه نجلاء فتحي ونبيلة عبيد وهو الزمن نفسه الذي شهد ميلاد حسين فهمي
ونور شريف ومحمود عبدالعزيز ومحمود ياسين واحمد زكي وكان الانقلاب الحقيقي
قد بدأ في السينما العالمية وفي امريكا بالذات عند كسر مفهوم النجم البطل
الممثل سيدني بوافييه واحمد زكي في مصر والاخير زكي كاد ينتحر في بدايات
مشواره بعد ان رفضت سعاد حسني ان يكون بطلا امامها في فيلم الكرنك لانه
مجهول وذو بشرة سمراء كل هؤلاء قدموا لنا في قاعات العرض الملظمة خيالات
واوهام الحب فماذا عن جيل السينما العربية اليوم؟
الساحة يركض عليها كثيرون مثل احمد حسن وهاني سلامة واحمد السقا ومحمد
رجب لاعادة الرومانسية الغائبة امام هيمنة الكوميديا التي يتنافس عليها
اليوم هنيدي ومحمد سعد في معركة حياة او موت سينمائية لم تغيب
الرومانسية يوما عن حياتنا فلا زلنا نتوت لها في الحنين الى فيلم ابيض
واسود في صورة "كلارك كيل وفيفيالي" على ملصق فيلمها ذهب مع الريح او كما
في صور رشدي اباظة وفاتن حمامة في افلامهما العديدة فلو تحدثتنا عن
الرومانسية في السينما فلا بد ان نتحدث عن فضل الادب عليها ومن يراجع اسماء
محمد حسنين هيكل وطه حسين ويوسف السباعي ونجيب محفوط واحسان عبدالقدوس
ومعهم جيل اخر من المخرجين العباقرة من محمد كريم مرورا بعز الدين وذ
الفقار وحسن الامام سيجد ان الادب والرومانسية كانا وجهان لعملة سينمائية
جيدة فتجد رواية اني راحلة يقابلها رائعة هفري بوجارت وفيلمه كازبلانكا وهو
من كلاسيكيات السينما الامريكية الرومانسية والقصة للكاتب موراي بيرفيت..
وبعد اذا كانت الرومانسية السينماية في عهدها الذهبي قد حققت للمشاهد
العربي بمزاجه الميلو درامي وذاتيته المفرطة كل ما كان يشبع خياله من حب
للتضحية والبطولة والفروسية وانتصار للحق وفقا لنهايات سعيدة تنتهي بـ(قبلة
رومانسية) من الجديد الذي يمكن ان تقدمه السينما الحديثة للرومانسية ؟ هناك
محاولات تبناها الجيل الجديد لتقديم الرومانسية الجديدة منها من قدمت
الرومانسية بالبطولة الجماعية ومنها من انفردت فيها البطلة الجديدة بمحاولة
اعادة صوت فتاة الاحلام المفقودة.
وامامنا الكثير من الممثلات العربيات الجديدات في السينما العربية:
منى زكي وحنان ترك وهند صبري ونيلي كريم وهن جيل بطلات الرومانسيةالذي ازاح
جانبا جيل الثمانينيات الذي هرب الىالتلفزيون.
واذا كانت السينما قد اكتفت بالرومانسية الغنائية الشبابية الخفيفة
فالتلفزيون نجح في ان يعيد الينا الرومانسية بايحاء سينمائي فالفضائيات ما
زالت تبث الافلام القديمة والتي لا نراها الا على قناة التلفزيون الذي
اعادنا الى افلام الزمن الجميل.
وفي كل الاحوال هناك حقيقية مهمة امام شكل ولون وهدف ورسالة واداء اي
نجم واي عمل فني هذه الحقيقية هي الجمهور.. فهو المتحكم الاول في صناديق
الاقتراع على نجمه المفضل اذن الحب موجود حتى لو اخترعناه وتخيلناه كما هو
الحال مع الشاعر نزار قباني عندما قال في احدى قصائده:
الحب في الارض بعض من تخيلنا
لو لم نجده عليها لأخترعناه.
الإتحاد العراقية في
07/03/2009 |