تذكر السينما السويدية فيتبادر الى الذهن مخرج واحد فقط هو إنغمار
برغمَن، السينمائي الفذ الذي شغل الوسطين النقدي والثقافي حول العالم طوال
الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وحتى حين قلّت أفلامه في الثمانينات
ثم اختفت او كادت في التسعينات كان صيته لا زال يغطّي على سواه من المخرجين
السويديين بل الاسكندنافيين بشكل عام، لكن السينما السويدية ليست إنغمار
برغمن وحده.
برغمَن تخرّج في مدرسة ألف سيوبرغ وعمل مساعداً له والمخرج غوستاف
مولاندر كان أحد المؤسسين الأول لتلك السينما وأعماله وأعمال رفاقه من تلك
الفترة ما زالت تعرض في متاحف السينما الإسكندنافية.
في الستينات، شهدت السينما السويدية نهضة جديدة قوامها مخرجون عدّة،
أبرزهم بالطبع برغمَن لكن هناك آخرين أنجزوا أفلاماً جيّدة، وإن لم ينالوا
النجاح الذي حققه زميلهم ومن بينهم بو وايدربيرغ الذي يُنظر اليوم الى
أفلامه، مثل “نهاية غراب” (1962) و”أدالين 31” (1969 على أنها من كلاسيكيات
السينما السويدية.
إلى جانب هؤلاء برز أيضاً يان ترووَل المخرج الذي لا يزال يعمل بجد
رغم بلوغه السابعة والسبعين. في الواقع الترشيح السويدي لأوسكار أفضل فيلم
أجنبي كان فيلمه الأخير “لحظات أبدية” الذي استقبله جيّداً النقاد
العالميون ولو أن الفيلم لم يشهد عروضاً واسعة في المهرجانات الدولية
الرئيسية بسبب ما صار سائداً في تلك المهرجانات من فورة البحث عن الجديد
والمرصّع بالنجوم.
بدأ ترووَل السينما في سن الرابعة عشرة حينما اتيحت له الكاميرا
الأولى في حياته. عليها بدأ التصوير هاوياً قبل أن ينطلق مصوّراً محترفاً
ومخرجاً في وقت واحد على تصوير أفلامه بنفسه في العديد من الأحيان وحتى
الآن كما حال فيلمه الجديد “لحظات أبدية” الذي يبدأ عروضه الغربية هذه
الأيام فينطلق أمريكيا وكندياً هذا الأسبوع وينتقل الى بريطانيا وفرنسا
والدنمارك في الشهر المقبل ثم في باقي الدول الأوروبية.
وعلى الرغم من أن يان ترووَل لم ينقطع عن الإخراج بل ثابر عليه منذ
مطلع الستينات الى اليوم، الا أن شهرته ليست في مستوى موهبته وطموحاته، حتى
من بعد تحقيقه فيلمين من إنتاج أمريكي الأول “المهاجرون”، (1971) والثاني
“عروس زاندي” (1974). بمثابة عودة حميدة لمخرج تميّز بجمال أعماله وعمقها
في الوقت ذاته كما الحال مع هذا الفيلم المأخوذ عن وقائع حقيقية تتمحور حول
امرأة وقعت - مثله - في غرام الكاميرا ولو أن الكاميرا التي كانت بين يديها
أقدم وأكثر بدائية من تلك التي عمل بها في مطلع عهده. ماريا لارسون كانت
زوجة صبية في مطلع القرن العشرين حيث تبدأ الأحداث فنتعرّف إليها وزوجها
وأولادها الأربعة (في البداية) يعيشون في بيت متداع في بلدة يبحث رجالها عن
العمل ولا يجدونه بسهولة. من البداية، يرسم المخرج خطوطاً رمزية موحية
بالوضع الطبقي المحيط، الفقر والثراء. حين تتصاعد النبرة اليسارية في
الشارع يزيد المخرج من نسبة التعاطي مع هذه المسألة مصوّراً جزءاً من
الصراع بين العمّال (الزوج سيغفريد بينهم) وبين أصحاب العمل. لكن المحور
الحدثي المسيطر هو الحياة العاطفية والاجتماعية الخاصّة بالبطلة والقصّة هي
قصّتها الخاصّة. فماريا تعلم أن زوجها يخونها، وتتحمّل من حين لآخر ضربه
وتعنيفه وشربه وسوء أخلاقه، لكنها زوجة من طراز تلك الفترة حيث لم تكن
الطرق مفتوحة أمام انتفاضة المرأة على الوضع، وإن كانت فلم تكن لكل النساء.
هنا، ندرك أن كلا الزوجين، بالضرورة، منتم الى الآخر عن طريق تلك اللُحمة
الاقتصادية والاجتماعية أيضاً وليست العاطفية التي تتبدّى في مناسبات
متباعدة في البداية ثم تزداد قوّة مع نهاية الأحداث.
ذات يوم تخرج ماريا من مخلّفات الأيام كاميرا فوتوغرافية يدوية وتتجه
الى دكان كاميرات لبيعها، لكن صاحب المحل يقنعها بأن تبقيها معها وتستغلّها
لتصوير ما تريد لربما باعت ما تصوّره له او لغيره. وإذ تفعل ذلك، تجد أن
الكاميرا أصبحت رفيقاً لمساعدتها في تلك الظروف الاقتصادية الصعبة التي
سبقت الحرب العالمية الأولى ولازمتها.
الانتصار الكبير لهذا الفيلم هو أنه في الوقت الذي نشاهد فيه قصّة تلك
المرأة الصغيرة حجماً، العملاقة روحاً، في صدارة الأحداث وهي تمارس حياة
كل يوم ومشاعر كل ساعة بمفهوم من الثبات والقناعة وقبول الواقع الصعب نوالي
أيضاً، وبفضل براعة الكتابة والإخراج، استقبال بانوراما للحياة الكبيرة
الحاوية. من دون مشاهد حربية، نعيش ذلك الزمن وتلك الحرب ومن دون افتعال
نصبح جيراناً لماريا.
قبل العرض
"بداية" دي كابريو
وافق الممثل ليوناردو دي كابريو على بطولة فيلم خيالي- علمي بعنوان
“بداية” سيخرجه كرستوفر نولان، صاحب سلسلة “باتمان” الحالية الذي عادة ما
يلجأ الى الممثل كرستيان بيل لتولي بطولة أفلامه.
دي كابريو انتهى من تصوير “جزيرة مغلقة” وهو لقاء متجدد مع المخرج
مارتن سكورسيزي، ويشاركه في بطولته مارك روفالو وبن كينغسلي وسيعرض في خريف
هذا العام.
شاشة البيت
الواقعية في "الاتصال الفرنسي"
الفيلم:
French Connection
النوع: بوليسي (1971)
تقييم الناقد:
xxxx
قبل عامين من خروج هذا الفيلم الى عروضه السينمائية، كان البريطاني
بيتر ياتس أنجز أفضل مطاردة سيارات ظهرت في تاريخ السينما عبر فيلمه
“بوليت”. منتج ذلك الفيلم كان فيليب دي أنطوني الذي بحث عن فيلم آخر يمكن
له أن يحتوي على مطاردة أخرى كبيرة تكون عصب نجاحه وهو وجد أكثر من ضالّته
في فيلم “الاتصال الفرنسي” الذي اخرجه وليام فرايدكن.
فرايدكن مخرج متوسّط القيمة، ولو أن بعض أفلامه، مثل هذا الفيلم، هو
الاستثناء بالنسبة للقاعدة. الفيلم يحمل بصمات الفترة من حيث إنه يتعامل
ومدينة نيويورك بصورة واقعية مثيرة للإعجاب فنيّاً ويقدّم أبطاله التحريين
(تحديداً جين هاكمان والراحل روي شايدر) ليس كأشخاص مشهود لهم بالقوة
البدنية وبالبطولة الفردية بل كشخصيات عادية لا يميّزها عن الآخرين سوى
الوظيفة، لكن ميزة مهمّة لصالح الشخصيّتين الرئيسيّتين هنا، خصوصاً بالنسبة
لجيمي دويل كما يؤديه هاكمان، هذه الميزة هي أنه عنيد في محاولته الإيقاع
بتاجر المخدّرات الفرنسي آلان (الراحل فرناندو راي). المطاردة تقع بين دويل
في سيّارته وأحد رجال آلان واسمه بيير (مارسل بوزوفي). المطاردة واقعية
مصوّرة بحس الشارع والطبيعة لكن الفيلم له لمساته الواقعية الأخرى مثل
إظهار الفارق المعيشي بين تجار المخدّرات ورجال البوليس.
دي أنطوني أنتج ثلاثة أفلام فقط في حياته: “بوليت” و”الاتصال الفرنسي”
ثم فيلم بوليسي آخر هو أقل أفلامه شهرة وعنوانه
Seven Ups.
أفلام القمّة
نجاح بقوة "الأوسكار"
قبل إعلان نتائج “الأوسكار”، كان “المليونير المتشرد” يتأرجح بين
المركزين الثامن والثاني عشر ووقتها أنجز، في السوق الأمريكية نحو 70 مليون
دولار. ومثل أي فيلم عداه، كان هذا الميلودراما الهندية - البريطانية يبدأ
انزلاقه بعيداً وبالتدريج، لكن بعد اعلان النتائج وخروجه بثمانية أوسكارات
لم يعاود دخول قائمة العشرة الأولى فقط، بل وصل الى المركز الثالث منجزاً
أكثر من 115 مليون دولار الى الآن.
والمقدّمة ما زالت للفيلم الكوميدي “ماديّا تدخل السجن” للأسبوع
الثاني على التوالي في الولايات المتحدة، ولفيلم “قضية بنجامين باتون
المثيرة للفضول” حول العالم. هذا على الرغم من أن فيلم براد بت خسر معظم
الأوسكارات التي نافس فيها.
أحد الأفلام الجديدة المنطلقة هذه الأيام هو كونغ فو بعنوان “مقاتلة
شوارع: أسطورة تشون لي” من بطولة كرستين كروك التي تبدو مقنعة في قتالها
أكثر مما يبدو الفيلم ضروريا إذ بالكاد حطّ في المركز الثامن.
قناعة جديدة ربما تستفيد "هوليوود"
من ترويجها
أرباح قرصنة الأفلام إيرادات تغذي
العنف
حتى الآن هناك قناعتان بخصوص قرصنة الأفلام التي ما زالت تتم على قدم
وساق حول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة والمكسيك والدول الأوروبية.
القناعة الأولى، وهي الأكثر انتشاراً على النحو الرسمي هو أن قرصنة الأفلام
تكلّف “هوليوود” عشرات بلايين الدولارات كل سنة.
والحكومة الأمريكية، بطلب من المؤسسات السينمائية في “هوليوود”، وفي
مقدّمتها جمعية السينما الأمريكية وضعت منذ سنوات قرصنة الأفلام على لائحة
القضايا التي تثيرها مع الدول الأجنبية سواء كبند من مباحثات عامّة او
كقضية محدّدة وكبند بحث قائم بذاته.
القناعة الأخرى المنتشرة شعبية مفادها أن شراء نسخ مقرصنة من الأفلام
الجديدة ربما كانت جريمة بحق شركات “هوليوود” لكنها جريمة، كما يقول
المعلّق باتريك غولدستين في صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، بلا ضحايا.
الآن، هناك موقف ثالث، ولو كان مؤيداً للموقف الأول، بدأ يحتل حيّزاً
كبيراً من الاهتمام ومفاده أن قرصنة الأفلام ليست فقط جريمة اقتصادية بحق
شركات السينما الأمريكية، بل إن أموالها تدعم العنف حول العالم.
وفي دراسة لمؤسسة “راند”، المعروفة بأبحاثها ويعتبرها البعض محايدة في
الشؤون التي تبحث فيها، تبين أن عائدات تجارة الأفلام المقرصنة باتت إحدى
قنوات الدعم المهمّة بالنسبة للمنظّمات المسلحة تماماً كما التجارة
بالمخدّرات.
وورد في التقرير الذي أعلن عنه قبل أسابيع قليلة، أن ثلاث منظّمات
مسلحة في ثلاث مناطق مختلفة استفادت من إيرادات قرصنة الأفلام حسب وثائق
حصلت عليها المؤسسة، لكن المرء قد لا يجد أن هذا الادعاء صحيحاً او على
الأقل قد يرتاب في أن دوافعه جاهزة إثارة الذعر بين الناس المستقبلين
للقرصنة او المتعاملين معها على الإنترنت بحيث يؤدي ذلك الى تقليص عددهم
معها وبالتالي تقليص نسبة التجارة بها.
وبما أن قرصنة الأفلام هي بالتأكيد عمل غير مشروع، فاستخدام أي سلاح
لمواجهة قرصنة الأفلام هو، وعلى نحو مقابل، مشروع بما فيها ترويج العلاقة
بين القرصنة والعنف، بحيث يؤدي ذلك الى خوف المتعاملين في عالم تسوده فاشية
العلاقات والاستنتاجات والأفعال.
هذه الشرعية عليها أن تستند الى وقائع، وإلا فهي سلاح بلا طلقات
نارية. حال تنطلق رصاصاته الأولى يدرك العدو أنه فارغ ويواجهه على هذا
الأساس. والحال أن الشكوك تدور حول “جمعية السينما الأمريكية” من حيث إنها
هي التي موّلت دراسة مؤسسة “راند”، وبالتالي يمكن أن تكون ضمنت نتائجها من
البداية، او تدخّلت فيها على نحو أو آخر حتى من قبيل المبالغة وحدها.
وما يزيد هذا الاحتمال قوة أن دراسة مماثلة قامت بها قبل أربع سنوات،
مؤسسة بريطانية توصّلت الى النتيجة ذاتها، من حيث علاقة القرصنة بالعنف
الدولي، إنما على صعيد داخلي يشمل بريطانيا وأيرلندا.
ليست المسألة خيالية تماماً، فالقسم الأكبر من القرصنة اليوم يتم عبر
عصابات منظّمة تمتد من شرق جنوب آسيا الى أمريكا اللاتينية ودول أوروبا
الشرقية، والدراسة تأتي على ذكر بعض تلك العصابات المنظّمة، لكن المشكلة هي
أن تجارة القرصنة ليست سوى جانب واحد من الأعمال غير القانونية لتلك
العصابات (تجارة الرقيق، المخدّرات، تهريب اللاجئين الخ...) وهي جوانب أخرى
لا تقل ربحاً. وهذه، أي هذه العصابات، تغذّي على ما يبدو وحسب تقارير
المخابرات جيوب متعاونين في الشرطة والحكومة في أكثر من بلد ما يجعلها
غالباً في مأمن من الملاحقة.
أوراق ناقد
رموز
كما يعلم القاصي والداني، فإن شعار او رمز الحزب الجمهوري الأمريكي هو
الحمار، وشعار الحزب الديمقراطي هو الفيل. وحين تفكّر في الموضوع تجد أن
الحزب الأول محكوم فعلاً بالعناد فيرتكب الأخطاء ويدافع عنها، والثاني
معروف عنه بتطيير الفيلة او الأكاذيب، فإذا به سيحل كل المشاكل التي طرأت
خلال حكم الحزب الأول. وبين الحمار والفيل تتوالى المآسي في كل ركن من
العالم، ففي كل دولة هناك العنيد والكاذب، وطبعاً العنيد يمكن أن يكون
كاذباً والكاذب يمكن أن يكون عنيداً - لا مشكلة.
هذا في السياسة، وفي السينما هناك رموز أخرى عديدة، إذ يكاد نصف شركات
السينما والتلفزيون والصحافة في مصر يعمد الى الأهرامات كرمز لكل منها.
وكان نصف الأحزاب والمحطات التلفزيونية اللبنانية يضع صورة الأرز كشعار لكل
منها- عدا طبعاً أنه الشعار المرفوع على العلم والمفترض أن نحبّه (اي العلم
ورمزه والدولة التي ينتمي إليها وليس الأرز وحده) وهو ما لم يفعله
اللبنانيون بالقدر الكافي.
في “هوليوود” نجد أن الشركات الرئيسية والثانوية قديماً وحاضراً
اختارت التنويع ولو الى حد. لكن قبل تفسير هذه النقطة هل لاحظت أن العديد
من الشركات السينمائية الأمريكية لا بد لها من وضع السماء في شعارها؟
“دريمووركس” شعارها يجلس على القمر وفي يده صنّارة يصطاد بها من البحر.
“يونيرسال” اختارت الكرة الأرضية وحولها الفضاء شاسعاً. و”باراماونت” الجبل
وحوله الفضاء شاسعاً.
“ليونزغايت”، وهي واحدة من الشركات المتوسّطة،
شعارها سماء ملبّدة بالغيوم باستثناء رقعة تطل منها أشعّة الشمس. ما علاقة
ذلك بالسينما؟ لا أدري. والشركة القديمة “آر كي أو” كان شعارها عبارة عن
عمود إرسال (كان يشبه آنذاك أي في الثلاثينات، عمود الكهرباء) موضوع فوق
الكرة الأرضية التي يظهر منها ربعها وفوقها ووراءها السماء ملبّدة أيضاً
ببعض الغيوم.
وواحد من أغرب الشعارات/الرموز هو ذلك الذي أطلقته شركة “يونيفرسال”
في إحدى مراحلها، فكل شركات واستديوهات “هوليوود” انتمت الى شركة أم مموّلة
مختلفة في كل مرّة. في الأربعينات دمجت “يونيفرسال” بشركة إنجليزية مفصومة
عن شركة “رانك” البريطانية وتحمل اسم “رانك إنترناشنال”. فجأة صار الأستديو
الأمريكي يحمل اسم “يونيفرسال - إنترناشونال”، وهو أمر لا يزال قادراً على
أن يثير ضحكي كلّما شاهدت فيلماً قديماً من تلك الشركة كما الحال مع الفيلم
الذي أشاهده الآن بعين وأكتب هذه الزاوية بالعين الأخرى.
م.ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإماراتية في
08/03/2009 |