لم تكن ليلي مراد تريد أن يستعرض أحد حياتها الشخصية في أي عمل أيا
كان بعد وفاتها بل أنها رفضت عدة عروض مغرية خلال حياتها منها عمل من إخراج
حسين كمال أحد أصدقائها المقربين وتلك العروض كانت تنهال عليها خلال الخمسة
وثلاثين عاما الأخيرة التي اعتزلتها وهي ترفض دائما حيث إنها كانت تعتبر
نفسها خلال الخمسة وثلاثون عاما ربة منزل مصرية فقط أهم شيء في حياتها
أولاد زكي فطين عبدالوهاب وأشرف وجيه أباظة وعلي الجانب الآخر هذه هي المرة
الأولي التي يتم فيها تناول سيرة ذاتية لفنانة لها أولاد رجال يغارون علي
والدتهم غيرة شديدة.المخرج زكي فطين نجل الراحلة ليلي مراد يرد علي كل من
يهاجم حرصه علي صورة والدته والذين يفسرونه علي أنه ضد حرية الإبداع حيث
فقط كان يريد أن تحترم حقوقهم الأدبية في أن يعود المنتج إسماعيل كتكت
والكاتب مجدي صابر له هو وأخيه من البداية لعرض النقاط الرئيسية التي
سيتحدث فيها المسلسل كما فعلت من قبل الفنانة يسرا والفنان سمير صبري في
المسلسل الإذاعي الذي قدم عن والدته.فيقول بداية: بالمنطق والدتي متوفاة
منذ 15 عاما وإنك تتحدثين مع واحد داخل الوسط مخرج ومؤلف ويده في الحكاية
لو كنت أريد أن أتكسب ماديا من وراء عمل لوالدتي لكنت أول واحد سأفعل ذلك
وكان سهلا جدا أن آتي بأكبر شركة إنتاج وأحصد الملايين ولكن لم أفعل ولم
أكن منتظرا أنا وأخي لما يأتي المنتج إسماعيل كتكت ومجدي صابر ليقدموا عملا
عن أمي لنقول نحن «آه طب إحنا عايزين فلوس» كما يعتقدون ولكن هناك حقوق
أدبية خاصة بنا كأبنائها لم يراعوها في أن يتم أخذ رأينا ولم نتوقع أن يتم
تجاهلنا بهذا الشكل الذي لم يحدث من قبل. وهل عرضت عليكم عروض من قبل
الخمسة عشر عاما؟ـ عرضت وكانت والدتي عايشة أولا عن فنانة تعتزل لكن ليست
كسيرة ذاتية بالمعني الصحيح لكنها هي وكان كاتب السيناريو إسماعيل ولي
الدين وإخراج حسين كمال وهما كانا يحبان أمي جدا وهي رفضت وكذلك عرض من قبل
عمل محترم جدا حيث كان هناك شخص فرنسي اسمه «فريدك ميترو» وهو ابن خالة «ميثران»
رئيس فرنسا الأسبق وهذا الرجل كان يعشق مصر يتحدث القليل من العربي المكسر
عمل د. دوكافيتري لفيلم تسجيلي رائع عن الملك فاروق وكان يريد بشكل ملح أن
يعمل فيلما تسجيليا محترما جدا إنتاج فرنسي عن أمي وحياتها وهي رفضت بالرغم
من أنهم ناس كانوا في منتهي الصدق والأمانة والإبداع أيضا كانت هي ترفض.
ولكن بعد وفاتها الأمر اختلف وقد انتج مسلسل إذاعي عنها بطولة يسرا؟ـ هذا
المسلسل كان تقريبا بعد وفاتها مباشرة بعد 10 أيام فقط والمسلسل بالفعل
بطولة يسرا وسمير صبري ويسرا صديقة لوالدتي وأهلها نعرفهم جيدا وتربينا
سويا وكذلك سمير صبري كان صديقي ويحب أمي جدا وهم يحبوني أنا وأخي أشرف
وطلبوا منا أن نوافق علي العمل وقالوا لنا النقط التي سيتحدثون عنها تحديدا
في المسلسل ولم يتدخل أحد منا في المسلسل بعد ذلك وعملوا المسلسل بموافقتنا
والحقيقة التزموا بما قالوه لنا عن ما سيتحدثون فيه. لماذا وأنت مخرج ولك
باع طويل في الوسط الفني وقدمت من قبل سيرة ذاتية عنك شخصيا في فيلمك «رومانتيكا»
فما المانع من أن تقدم حياتها للناس في مسلسل أو حتي فيلم؟ـ أنا كمخرج وهي
أمي وأنا ابن ليلي مراد وفطين عبدالوهاب سأكون منحازا ويمكن لا أكون محايدا
الشيء الآخر إنه ليس لدي الحرية المطلقة أن أعمل عنها فيلما يتناول حياتها
الشخصية يمكن هناك أشياء هي لا تريد أن تقولها أنا كابنها ليس لدي هذه
الحرية هي حريتها هي شخصها هي فقط وملكها وأنا أقول لك ذلك وهي أمي وأنا
بالفعل قدمت فيلم «رومانتيكا» وأنا لست نجما كبيرا ليقال إنه سيرة ذاتية
ولكنه محاولة فيلم شخصي لي وهو شخص أهله في الفن ولهم مكانة وهو يحاول أن
يضبط بشكل ما في الفن بدرجة من الاختلاف بينه وبين أهله وأعتقد أنني كنت
صادقا جدا فيما قلته وهل أنا هكذا أكون ضد حرية الإبداع؟ بالعكس يوسف شاهين
نفسه لو أردت أن أعمل عنه سيرة ذاتية دون علمه وهو عايش وبلي ذراعه وهو
أكثر من عمل أفلاما عن حياته الخاصة ويؤمن بحرية الإبداع كان سيرفع علي
دعوي قضائية ويقول لي «ألبس في الحيط» وأنا كنت من أقرب المقربين له في
حالة إذا لم يكن عنده علم بهذه الحلقات التي تكتب عنه ومحمد شبل كتب عنه 30
حلقة وكانت كل حلقة مكتوبة بإرادته وأقصد أنه ليس هناك تعارض بين أن أكون
مع حرية الإبداع وأن أكون مع احترام الأشخاص الآخرين ومع احترام أسرارهم
ونحن لا نعترض علي تقديم عمل يخلد أمي ولكن يكون تحت إشراف جهة إنتاجية
محترمة ويكون بموافقتنا وعرض الأمر علينا وعدم تجاهلنا والفن في النهاية
فيه جزئية أخلاقية فالفن ليس هولا أخلاقيا وهذا ليس ضد الإبداع. ولكنهم
سيأخذون المسلسل من كتاب «صالح مرسي» وهذه هي المذكرات التي سردتها ليلي
مراد بنفسها؟ـ هذه المذكرات لم تكن للنشر إنما للمكتبة الخاصة به وهو طرح
هذا الكتاب في الأسواق بعد وفاتها مباشرة فالموقف هنا مختلف تماما فالرجل
لم يذهب ويكتب أشياء من ورائها ونشرها فهذا الرجل سألها ما الذي تريدين أن
تتحدثي فيه وما لا تريدين التحدث فيه هي حرة كإنسانة هذا شيء الشيء الآخر
ما الذي يضمن لي أنهم سيلتزمون بما كتب، أنا رجل أكتب سيناريوهات بجانب
أنني مخرج في السينما وأعرف تماما أنه إذا كان عندك رواية بتأخذ فقط العظم
أو الهيكل الرئيسي لها لكن خيالك كمبدع قد يذهب في منطقة أخري قد يحدث بعض
التجاوزات أو المبالغات أو أشياء غير صادقة وكيف ستكون نية الكاتب في
تناولها بشكل عام وكيف ستكون شكل الكتابة نفسها أي الصنعة ذاتها؟ هل
سيكتبها بشكل نقدي بحت أو ينقلها بصدق؟ فكل كاتب وله ذاتية أما حكاية
الكتاب الذي كتبه صالح مرسي هذا مجرد هيكل بينما ما عندي أساسا ونتحدث عنه
هو مسلسل 30 حلقة وكتاب صالح مرسي عادي جدا ولا يمكن أن تقوم عليه دراما.
وهم من البداية سياستهم التكتيم وهذا يعني أن هناك سوء نية وكل ما أفعله
الآن تجاههم إجراءات وقائية محاولة مني أن أوقف أي شيء يمكن أن يجرح أمي أو
يكون كاذباً عنها. كنت أحد الأشخاص الذين تم التعرض لهم في مسلسل «السندريلا»
كيف كنت تري نفسك ووالدتك في ذلك المسلسل؟ـ قبل عرض هذا المسلسل اتصلت بي
جنجاه أخت سعاد حسني وقالت لي هل تمانع أن تنضم معنا في القضية وترفع دعوي
قضائية قلت من سيخرج المسلسل قالت سمير سيف قلت لها أنا آسف أنا أشتغل
بالفن ومؤمن بحرية الإبداع وسمير سيف صديق وتمرنت معه وأنا صغير في الإخراج
ولا أستطيع أن أفعل ذلك مع زميل وسحبت عرضي بعد ذلك المسلسل أظهروني فيه
منعدم الشخصية أمي هي التي تتحكم في حياتي وظهرت بصورة أخري تماما عن
الحقيقة.. ولكن الحقيقة أن أمي كانت ضد زواجي من سعاد في البداية لسبب بسيط
أنها نجمة كبيرة وأنا كنت في أولي معهد فأمي برؤيتها وخبرتها كانت تري أني
سأتعب في هذا الموضوع نظرا لنجومية سعاد الكبيرة والشيء الآخر هو فرق السن
بيننا لكنها أبدا لم تتدخل في طلاقي منها بالعكس هي قالت لي أنت حر أنا قلت
لك رأيي وأمي كانت ديمقراطية جدا وتزوجنا وأمي حضرت كتب الكتاب في البيت
عندنا وكانت تحب سعاد جدا وما حدث بعد ذلك كان بيني وبينها خلافات مثل أي
اثنين متزوجين وتم الطلاق وظللت أنا وهي أصدقاء لمدة أربع سنوات حتي عندما
توفي صلاح جاهين وحدث لها اكتئاب اتصلت بي وقالت يا زكي تعالي خذ معي فنجان
شاي أنا مكتئبة ذهبت وجلست معها وكانت صداقة عظيمة وجدتهم يظهرون أمي في
المسلسل علي أنها سيدة متسلطة وهي التي تضغط علي لأطلق سعاد حسني وهذا لم
يحدث بالمرة ولم أتدخل من البداية كما قلت لك عندما طلبوا مني رفع دعوي
وكنت طوال الوقت مع حرية الإبداع من ثم ضرره في النهاية أنا وأمها لأنهم
أظهرونا بشكل غير صحيح وخاطئ أمام الناس فأنا مع المصداقية وعدم المبالغات
واحترام حقوقنا كورثة وأقول لك شيئا حدث منذ ثلاث أسابيع اتصلت بي الفنانة
يسرا اللوزي قالت لي بالحرف «أونكل ذكي فيه ناس كلموني لأعمل مرحلة ليلي
مراد وهي صغيرة وبابي قال لي كلمي أونكل زكي لتري هل هؤلاء الناس اتفقت
معهم أم لا فلابد أن تأخذي موافقة الورثة «قلت لها أنت حرة لك أن تفعلي ما
تريدين لكن نصيحتي لك لا تدخلي هذا العمل لأن فيه مشاكل قانونية ونحن غير
موافقين علي هذا المسلسل. هل كنت تغار علي والدتك؟ـ نعم كنت أغار عليها
وسأروي لك واقعة لا أحد يعرفها ذات مرة وكان عندي ثماني سنوات كنت أشاهد
أمي في البيت وكانت قد اعتزلت سنة 1955 فكنت أشاهدها في التليفزيون في
الستينيات ففي إحدي المرات كنت أشاهد فيلما لها فجاءت أغنية لها علي
الموتوسيكل مع أنور وجدي وهو يسوق وهي تحتضنه وتقريبا قبلته فعندما شاهدت
ذلك زعلت جدا وتضايقت وقلت لوالدي: حضرتك بتشتغل إيه قال لي مخرجا وقلت له
وأنور وجدي بيشتغل إيه قال مخرجا قلت له وليه مش انت اللي حاضن أمي علي
الموتوسيكل وضحك وهذا لأني كنت أغار عليها حي سن 15 سنة وما بعد ذلك حيث
والدي توفي وأنا عند 15 سنة فكنت أنا وأمي وأخي أشرف فقط. كيف كانت ليلي
مراد في البيت وما أكثر الأشياء التي كانت تستمتع بعملها؟ـ هي أولا تعلمت
الطبيخ فهي لم تكن تطبخ قبل ذلك مطلقا كان عندها طباخين وخدم لكن بعد ذلك
عندما اعتزلت تغير الحال اقتصاديا قليلا فكانت شاطرة جدا في الطبيخ وذواقة
فقد تعلمته ببراعة شديدة في فترة قصيرة كانت كل حياتها أولادها والصداقات
المعدودة وهم ثلاثة توفوا وهي حزنت عليهم جدا.أيضا هي كانت شاطرة جدا في
عمل «الكانفا» فكانت تعمل لنا بروفلات جميلة بيدها فكانت تحب التفصيل. هل
كانت سيدة شديدة في تربيتها لكم؟ـ هي كانت سيدة مصرية جدا في طبعها وكانت
ديمقراطية مع أولادها ولم تكن تفرض رأيها علينا رغم أن شخصيتها كانت قوية
وهي حتي بالنسبة لرأيها في فني قالت لي إنت لن تنفع في الفن لأنك حساس
فكانت تري أنني عندي حساسية زيادة عن اللزوم وكانت تقول لي لا تأخذ كل شيء
هكذا بحساسية. وما أحلي الذكريات التي تعيش في وجدانك حتي الآن؟ـ من ضمن
الأشياء التي لن أنساها أبدا أن أمي كانت تحب الأكل جدا وكانت من أسعد
لحظات حياتي أننا كنا دائما نذهب في الصيف بعد المدارس إلي الإسكندرية حيث
كان عندنا كابينة في المعمورة علي البحر مباشرة فكنا نجلس فيها ثلاثة أشهر
ونصف الصيف وكانت هذه الفترة عبارة عن عجل وصيد سمك وشقاوة العيال فأمي
كانت تحب أوي أن تذهب أبوقير الساعة 8 صباحا فتأخذني معها الساعة 7 صباحا
في العربية مع السواق ونذهب إلي أبوقير وكانت بتفهم في السمك بشكل غير
طبيعي وكان عندنا واحد صياد سمك اسمه «ياقوت» عنده كشك خشب هكذا لن أنساه
وأنا صغير جدا 5 أو 6 سنوات طولي طول الترابيزة التي يرص عليها السمك فكانت
تقول لي هذا «دنيس» وهذا «وقار» وذاك «بربوني» والآخر «مرجان» وتعلمني كيف
تكلم الصياد وهكذا وبالنسبة لي من امتع لحظات حياتي أن أذهب معها وننتقي
السمك وكنا نري مراكب الصيادين آتية من أبوقير في الفجر فهي كانت تحب أن
تشتريه فريش لدرجة أن أمي سألتني مرة «انت عايز تطلع إيه قلتلها أنا عايز
أطلع صياد زي «ياقوت» وذلك من كثرة عشقي لهذه اللحظات. هل كانت تحدثك عن
ذكرياتها؟ـ مرة قلت لها: إنتي دخلتي الفن ليه يا أمي».. حكت لي - ذات مرة
والدي كان في البيت مفلس وكان حزيناً وأنا كنت أدندن هكذا في البيت فنده
عليه وقال لي تعرفي إن صوتك حلو وكان عندي 13 سنة قالت لي أنا فهمت إنه
يريدني أن أساعده وفعلا جعلها تغني وكان عندها تحديدا 1 سنة ونصف كانت تقول
لي كان يأخذني الصعيد في قطار درجة ثالثة تخيلي طفلة متلجة في البرد يصحوها
من النوم الساعة 1 ليلا لتذهب لفرح تغني للناس وكانت نحيفة جدا وصغيرة
وفعلت هذا من منطلق مساعدة أبوها وليس حبا في الفن كانت تحبه مثل أي واحدة
هاوية وبعد ذلك اشتهرت وهم كانوا 9 أخوات مات منهم اثنين وهم صغارا وبقي
عزيرة وأسعد ومراد وإبراهيم واعتقد أن أمي ترتيبها الثالثة بين أخواتها.
كيف كانت الفترة الأخيرة في حياتها وكيف كانت لحظاتها الأخيرة قبل الوفاة؟ـ
الأيام الأخيرة في حياتها كانت صحيا تعبت ولكن الحمد لله أمي لم يكن عندها
أمراض لكنها شيخوخة عادية فلم تكن تدخن أو تشرب أشياء تضر بصحتها حتي أنها
كانت تأكل مسلوق لكن عندما كبرت تعبت وكانت جالسة في البيت حركتها أصبحت
ثقيلة وكانت معظم الوقت تشاهد التليفزيون وتقرأ الجرائد ولا تخرج من البيت
مطلقا ولا تكلم أحدا لأن أصحابها المقربين كلهم تقريبا ماتوا لكن هي كان
بها شيء مهم جدا كانت ست مؤمنة وترضي بأي شيء فأي شيء يحدث لها تقول الحمد
لله ولم أري في حياتي سيدة بهذه الشجاعة وهي تواجه الموت أمي قبل أن تدخل
الإنعاش نظرت لي نظرة بمنتهي الثقة والحب كان معناها أنه «لا تخاف أنا ست
مؤمنة لا أخاف من الموت وهذه النظرة لن أنساها أبدا طوال حياتي».
جريدة القاهرة في
10/03/2009 |