هل يمكن أن يعيش الإنسان بدون ونس.. بعيدا عن الكلمة الطيبة ومشاعر
الألفة مع الآخرين.. هذه هي سمات بطل فيلم( دكان شحاته) التي يجسدها
عمرو سعد.. لقد شحته والده( محمود حميدة) من الله. يبدأ المخرج
خالد يوسف فيلمه بلقطات اخبارية للوقت الحاضر وتراجع الأخبار حتي عام1981
وتزامنها مع ميلاد شحاتة الذي هاجر ابوه الي القاهرة ليعمل بوابا لدي د.
مؤنس( عبدالعزيز مخيون).. والدكتور مؤنس من المعارضين الذين يعدون
زوارا دائمين للسجون.. وللود الذي يجمع بينهما يهبه د. مؤنس جزءا من
فيللته لتكون دكانا يبيع فيه الفاكهة التي تثمر في الفيللا بعد توزيع
أغلبها علي المحتاجين.
الدكان بتسميته علي اسم شحاته الذي يفضله ابوه علي اخويه كان النقطة التي
فجرت الكراهية بين الأشقاء.
وتأخذنا الكاميرا لعالم آخر حيث سائقو الميكروباص والبلطجية الذي يأخذون(
الكارتة).. يلعب الدور باقتدار عمرو عبدالجليل( كرم غباوة).. وكل
الكلمات عنده غير مكتملة والامثال معكوسة مما يثير الضحكات.. ولقب بكرم
غباوة لانه لا يفهم أي شيء سوي حصوله علي الإتاوة من السائقين التي يسمونها
الكارتة.
يقع شحاته واخوه سالم( محمد كريم) في غرام بيسه( هيفاء وهبي) شقيقة
كرم غباوة.. إلا أن الأب يفضل زواج شحاته بها فتشتعل الكراهية بين
الاشقاء أكثر.. وهكذا تلفق تهمة لشحاته من اخويه ليدخل السجن ويتزوج
سالم( محمد كريم) بهيفاء وهبي.
اللافت للنظر أن المخرج يضع مجموعة من الأغاني مصاحبة للأحداث لتعبر عن
وجهة نظره السياسية.. لكن المؤسف أن الأغاني غير مفهومة ولا أعرف هل هذا
كان عيبا في دار العرض أم في تسجيل الصوت المشوش.
ومن اجمل المشاهد في الفيلم مشهد شحاته وهو يستعيد ذكرياته مع والده ومشهد
حلم بيسه التي تزوجت غصبا ـ بحبيبها شحاته.
وبعض المشاهد لا اعرف ما هو المغزي منها مثل مشهد ارتداء شحاته لملابس
كالتي كان يرتديها احمد زكي في احد افلامه..المقارنه غير جائزة ومشهد آخر
وكأنه يوسف شاهين.. ومشهد مستفز للمنشدين عند رؤيتهم لهيفاء وهبي.. ليس
المنشدون فقط الذين يفعلونها بل كل الرجال.. وكان يمكن أن تحذفه بنفسك
ولا تستعدي عليك البسطاء.
والمخرج والسيناريست يؤكدان انتمائهما للناصرية بمشهدين( وضع صورة الرئيس
جمال عبدالناصر لتداري الشرخ) ومشهد حواري لشحاته ينظر لصورة الرئيس(
وحشتني يا بوي).
والفيلم ليس له بطل وبطلة منفردين.. انه بطولة جماعية.. وكان الفنان
محمود حميدة ممتعا وقديرا في ادائه للدور وكأنه حجاج فعلا وكذلك عبدالعزيز
مخيون وغادة عبدالرازق.. وقد استطاعت كاميرا ايمن أبوالمكارم أن تجسد
لحظات الكراهية التي تشعل النار في قلب سالم( محمد كريم).. أما ديكور
حامد حمدان فعبر عن الدكان ليس بمعناه المادي انما بمعناه المعنوي.. وقد
ادي رامي غيط( البرص) دورا لافتا وكذلك هيفاء وهبي.
لكنني أختلف مع خالد يوسف في حيث يتنبأ بان الناس في مصر الآن الذين يشعرون
بالخوف وعدم الأمان والغربة سينفلت عيارهم ويطربقون البلد علينا.. لقد
قدمها يوسف شاهين في فيلمه عودة الابن الضال وبعدها بشهور قامت الحرب
الاهلية في لبنان.. لكننا نحن المصريين لا نفعلها ولن نفعلها.. لقد هضم
المصريون كل الغزاة الذين تعاقبوا علي مصر.. والمهمشون مهما يكن جهلهم
وغضبهم لن يشعلوها نارا.
الأهرام اليومي في
27/05/2009 |