الأهرام العربي في دور العرض
بأمريكا:
"آلام المسيح"
دماء وعذاب ومسامير!
خالد داود
الجرح الذي داس عليه ميل جيبسون بكل ثقله
في فيلمه الأخير آلام المسيح فجر صداعا في الضمير الأمريكي.. الذي تخيل أنه
من
الممكن بقرار نسيان أصداء صرخات اليهود الغاضبة لبيلاطس
النبطي: اقتله.. ودمه
علينا وعلي أولادنا!! والمشكلة الحقيقية.. تكمن في أن اليهود قد ارتكنوا
إلي
السحب الضبابية للنسيان المسيحي بعد أربعين عاما من صدور قرار
المجلس الكاثوليكي
بتبرئة اليهود من دم السيد المسيح, وأن خروج فيلم يحمل آخر12 ساعة في
حياة
المسيح يعيدهم إلي نقطة الصفر.. ويضعهم أمام مرايا القاتل والمقتول..
ومشهد
الدم الذي لا يريد اليهود أن يتحملوا لونه وتجلطه علي أيديهم
ووجوههم بعد أكثر
من2000 سنة.
ومن هنا يمكننا أن نفهم السر وراء صرخات يهود
القرن الحادي
والعشرين: لا دمه علينا ولا علي آبائنا.. ولا الجغرافيا ولا التاريخ ولا
المسامير ولا تيجان الشوك شهود عدل علينا.. وأن الوحيد الذي تعرض للصلب,
هو كل
يهودي دخل محارق النازي!! لكن المثير.. أن هذا الفيلم الذي أعاد من جديد
فتح
ملف الفتنة المؤجلة بين المسيحيين واليهود.. قد اكتسب أبعادا
أوسع من مجرد كونه
عملا فنيا.. يؤرخ لحقائق تمثل في ذاتها أهم أركان الإيمان المسيحي في كل
أنحاء
العالم.. ذلك أن اليهود بصراخهم وعويلهم الذي سبق عرض الفيلم في فبراير
الماضي في
وقت تزامن مع الصوم الكبير لدي المسيحيين في العالم.. قد حولوا القضية من
جدل
تاريخي إلي جدل سياسي!!
وعلي أبواب أكثر من3 آلاف دار للعرض السينمائي في
طول الولايات المتحدة وعرضها.. أثار الفيلم الذي يستغرق زمن
عرضه ما يزيد قليلا
علي ساعتين.. نقاشات حامية بين الناخبين الأمريكيين.. وأغلبهم من
المسيحيين
البروتستانت.. وهم مجموعة ذات قدرة إنفاق تقدر بمليارات الدولارات ويمثلون
عشرات
الملايين من الأصوات الانتخابية.. وعلي باب إحدي دور العرض صرخت امرأة
مسيحية في
وجه مواطنة يهودية كانت تنتقد الفيلم بهيستيرية بقولها: امنحونا فرصة
لمشاهدة
الفيلم.. لنعرف من كان المسيح ونعرف تاريخنا!!
هذه النقاشات.. دفعت بعض
المراقبين السياسيين للقول بأن هذا الفيلم لم يكن سوي أسفين تم
دقه بعناية في علاقة
بوش وإدارته باليهود.. وأن توقيت عرضه في أوج اشتداد الحملة الانتخابية
لبوش طلبا
لفترة رئاسة ثانية, يعد في حد ذاته إحراجا للرئيس الذي شاهد الفيلم ورفض أن
يعلق
عليه.. واكتفي بالسكوت, الذي هو عند اليهود بالذات..
علامة الرضا!!
لكن
ما يعنينا هنا ـ وبالذات بعد أن دخلت الأهرام العربي قاعة
السينما وتابعت تفاصيل
الفيلم وأجرت حوارا خاصا مع ميل جيبسون ـ هو أن هذا الحدث الفني قد أسهم إلي
حد
كبير في إعادة صياغة ملف صراع الشرق الأوسط.. إذ أن اليهود منذ العرض الأول
للفيلم وحتي وقت كتابة هذه السطور, يراهنون علي موقف ما من
الإدارة الأمريكية,
يرفع عنهم الروائح الكريهة لأزمنة الاضطهاد المزعومة, في وقت تتصاعد فيه
روح
العداء لليهود في أماكن متفرقة من العالم علي خلفية صلب الشعب الفلسطيني في
الأراضي
المحتلة.. كل يوم!!
لم تكن دار السينما التي شاهدت فيها
عرض فيلم آلام المسيح ممتلئة حتي آخرها, ولم تكن الطوابير ممتدة لساعات علي
عكس
توقعاتي بعد كل ما صاحب الفيلم من جدل ودعاية مجانية لم ينلها
أي فيلم آخر يصنف في
النهاية في خانة الأفلام الدينية. كما لم تكن هناك مظاهرات من قبل معارضي
الفيلم
من اليهود الأمريكيين الذين رأوا فيه إحياء لفتنة لعن الله من أيقظها حيث
يعيد
وبشكل مباشر اتهام اليهود بقتل المسيح عليه السلام وهو أحد
الاتهامات المحورية التي
اعتمدت عليها حركة معاداة السامية في أوروبا منذ القرون الوسطي وحتي المذابح
النازية في الحرب العالمية الثانية.
ربما ستصدق توقعات بعض النقاد السينمائيين
الأمريكيين أن الفيلم الذي أنتجه وآخرجه الممثل المعروف ميل جيبسون سيحقق
نجاحا لن
يدوم طويلا في شباك التذاكر بعد أن ينجح في تحقيق أرباح كبيرة
في البداية, وستخبو
سريعا الزوبعة التي أحاطت به بعد أن يشاهده من يمكن وصفهم بجمهور المتدينين
والذين
لا يمكن الاستهانة بهم هنا في الولايات المتحدة, بينما ستحتفظ الكنائس بنسخ
عديدة
منه في مكتباتها لعرضها علي جمهورها وذلك للتأكيد علي أحد
الأركان الأساسية في جوهر
العقيدة المسيحية, وهو أن صلب المسيح وكم المعاناة والعذاب الهائل الذي مر
بهما
كان من أجل أن يتم غفران كل ذنوب البشرية, وبالتالي فإن الإيمان به وما دعا
إليه
من مباديء تدعو لمحبة الأعداء والدعاء لهم بالمغفرة حتي وهو
يلفظ أنفاسه الأخيرة هو
أقل ما يمكن القيام به عرفانا لكل هذه الآلام.
وبالتالي فالرسالة في فيلم آلام
المسيح الذي بدأ عرضه يوم25 فبراير في نحو ثلاثة آلاف دار عرض وحقق أرباحا
تصل
إلي20 مليون دولار في يومه الأول, مزدوجة: الجزء الأول
منها هو ذلك الذي أزعج
كثيرا الجماعات اليهودية الأمريكية وذلك في تناوله التاريخي للسؤال الذي تبقي
الإجابة عنه غير محسومة حتي الآن: من قتل المسيح؟ اليهود أم الرومان؟ وفي
هذا
المجال وردا علي الانتقادات الواسعة التي تعرض لها الفيلم قبل
أسابيع طويلة من عرضه
من قبل المنظمات اليهودية الأمريكية, وافق جيبسون علي تقديم بعض التنازلات
من
قبيل إلغاء مشهد يردد فيه المسيح إحدي الآيات الواردة في إنجيل متي والتي
يشير فيه
إلي أن مسئولية مقتله ودمائه ستبقي تلاحق من قتلوه وأبناءهم,
وذلك في إشارة واضحة
إلي اليهود, وكان القائمون علي الفيلم قد سعوا إلي التوصل إلي حل وسط بأن
يتم
الإبقاء علي المشهد ولكن دون ترجمة الجملة من الأرامية إلي الإنجليزية,
ولكن
النسخة النهائية التي تم توزيعها علي دور العرض خلت تماما من
هذا
المشهد.
وفيما يتعلق بالجدل التاريخي الخاص بتحديد الطرف
المسئول عن مقتل
المسيح, اكتفي جيبسون بالتصريح في عشرات اللقاءات التليفزيونية التي قام
بها بأنه
ملتزم حرفيا بما ورد في الإنجيل, وذلك تعبيرا عن آراء الطائفة الكاثوليكية
المتشددة التي ينتمي لها والتي تتبني هذا الموقف, وكان
انتماء ميل ووالده هاتون
جيبسون إلي هذه الطائفة المسماة بالكنيسة الكاثوليكية الحقيقية من ضمن
الأسباب التي
أدت إلي تصعيد الهجوم علي فيلم آلام المسيح من قبل أتباع القيادات الدينية
لليهود
الأمريكيين وقيامهم بتنظيم العشرات من المؤتمرات الصحفية
والندوات وذلك للرد علي ما
قالوا إنه لما يحتويه من مغالطات خطيرة, فوالد ميل جيبسون معروف بآرائه
الموصوفة
بمعاداة السامية حيث ينكر إصرار اليهود علي أن النازيين قتلوا ستة ملايين
يهودي
إبان الحرب العالمية الثانية فيما يعرف بالمحرقة أو الهولوكوست
ويصف هذا الأمر بأنه
معظمه خيال. وقال في مقابلة أجراها أخيرا مع أحد محطات الراديو المحلية:
إنهم
يدعون أنه كان2,6 مليون يهودي في بولندا قبل الحرب العالمية الثانية وبعد
الحرب
كان هناك200 ألف ولذلك لابد أن يكون هتلر قد قتل ستة ملايين منهم.
ولكنهم
ببساطة كانوا قد تركوا المكان, ورحلوا لقد كانوا يملئون
المكان هنا في برونكس
وبروكلين نيويورك وسيدني ولوس أنجليس, ويردد هاتون جيبسون تلك المقولات
العنصرية
من قبيل أن اليهود يسعون إلي السيطرة علي العالم وإقامة امبراطورية يقومون هم
برئاستها, وكل هذه الآراء خطايا لا يمكن غفرانها بالمعايير
الأمريكية.
ورغم أن ميل جيبسون شخصيا كان يؤكد
في لقاءاته التليفزيونية أنه ليس معاديا للسامية وأنه يؤمن بحجم ما تعرض له
اليهود
من معاناة علي مدي تاريخهم وكذلك المذابح التي تعرضوا لها علي
يد النازيين, فإنه
رفض إدانة التصريحات التي أدلي بها والده, وقال إنه يحبه وسيبقي مخلصا
له,
وتؤمن الطائفة الكاثوليكية التي ينتمي إليها جيبسون بخطأ ما يعرف بالإصلاحات
التي
قامت بها الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان في الستينيات, ومن ضمنها تبرئة
اليهود
من دم المسيح, وكذلك السماح بإقامة القداس بلغات أخري أجنبية
عدا اللاتينية,
ويؤمن أتباع هذه الطائفة بأن هذه الإصلاحات كانت نتيجة لمؤامرة بين اليهود
والماسونيين من أجل الاستيلاء علي كنيسة الفاتيكان.
وردا علي انتقادات اليهود
بأنه قدم رواية تاريخية خاطئة بتحميلهم مسئولية صلب المسيح وأن
الذي اتخذ القرار
بصلبه هو الحاكم الروماني بيلاطس النبطي المعروف بدوره بوحشيته وارتكابه
لمذابح قام
فيها بصلب الآلاف من اليهود والمتمردين, فإن جيبسون يعود للتمسك بمقولة إنه
ملتزم
بما ورد في الإنجيل والذي يبدو بوضوح أن قراءته له تحمل اليهود هذه المسئولية
التاريخية. فالفيلم يبدي تعاطفا واضحا مع الحاكم الروماني
الذي بدا مترددا حتي
اللحظات الأخيرة في اتخاذ قرار صلب المسيح, ويظهر منذ البداية أن قرار صلبه
تم
بناء علي ضغوط من كبار حاخامات اليهود الذين اتهموه بالهرطقة والإدعاء بأنه
جاء
لإنقاذ البشرية.
ومن ضمن الأمور التي اعترضت عليها القيادات
الدينية اليهودية
الأمريكية أن الفيلم يصور الجموع اليهودية علي أنهم أشرار ومتعطشون للدماء,
وذلك
من خلال مجموعة من المشاهد القريبةcloseups
علي وجوه الحاخامات والجموع التي
تظهرهم بالفعل كذلك, ولكن جيبسون ينكر هذه التهمة, ويقول إن الفيلم يظهر
كذلك
عددا من الحاخامات الذين اعترضوا علي صلب المسيح ولكن تم استبعادهم من قبل
كبير
الحاخامات والمقربين منه. كما أن اليهودي الذي قام بمساعدة
المسيح في حمل الصليب
وتحمل المشقة معه بعد أن تهاوت قدرته علي السير من فرط التعذيب انتهي به
الأمر
بالتعاطف معه وإعلانه لاعتراضه علي صلبه.
أما الجزء الأكبر من آلام المسيح فهو
ديني محض من المنظور المسيحي, وذلك بالتركيز علي قضية صلب المسيح وحجم
العذاب
والآلام اللذين مر بهما علي مدي الاثنتي عشرة ساعة الأخيرة في
حياته. ولهذا السبب
قامت المئات من الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية بتنظيم عروض خاصة للفيلم
حتي
قبل البدء في عرضه علي المستوي الجماهيري. كما تقوم هذه الكنائس بشراء
المئات من
التذاكر ودعوة أتباعها إلي الذهاب لمشاهدته واصطحاب الأصدقاء
معهم في استخدام واضح
للفيلم في أغراض تبشيرية وأملا في إحداث صحوة دينية في بلد لايزال الدين يلعب
فيه
دورا شديد الأهمية مقارنة بأوروبا. وأثناء مشاهدة الفيلم, سمعت بوضوح
الرجل
الضخم الجالس بجواري وهو يبكي بحرقة بينما انهمك آخر في الصلاة
بعد أن انتهي العرض
بينما هو مغلق عينيه في خشوع عميق, وفي الطريق إلي الخارج رأيت سيدتين لم
تستطيعا
تمالك نفسيهما وكانتا منهمرتين أيضا في البكاء, ولذلك لم يكن من المستغرب
أن تنقل
الصحف أن سيدة توفيت بالسكتة القلبية بعد مشاهدتها للفيلم في يوم عرضه الأول
من فرط
تأثرها بما رأته.
وإذا كان قادة الكنائس المسيحية الذين رحبوا
بالفيلم يعتمدون
علي تعاطف المشاهدين علي حجم المعاناة التي تعرض لها المسيح, فإنه في
الواقع كان
سلسلة من الآلام المتصلة والمهولة والدماء والعنف علي مدي ما يزيد علي ساعتين
جعلتني في النهاية أشعر بأنني ملتصق بالكرسي الذي كنت أجلس
عليه في دار العرض غير
قادر علي الحركة وكأنني شخصيا تعرضت لضرب مبرح, فالفيلم وبعد دقائق قليلة
من
بدايته هو عبارة عن سلسلة متواصلة تقريبا من عملية تعذيب مريعة تنتهي بصعوده
روح
المسيح وهو علي الصليب, وربما تكون أحد المشاكل الأساسية
التي رآها النقاد في
آلام المسيح هي الإفراط في مشاهد العنف والدماء والتعذيب وهو ما جعل
المسئولين عن
العرض يصنفونه من ضمن الأفلام التي لا يمكن رؤيتها سوي لمن هم دون الثامنة
عشرة.
وباستخدام المؤثرات الصوتية وأسلوب العرض البطيءslowmotion نري السياط وهي تلهب
ظهر السيد المسيح وتقطع في لحمه. وعندما يعود للوقوف من جديد
بعد أن يتمكن من
رؤية والدته السيدة مريم, يقوم الجنود الرومان باستخدام نوع آخر من السياط
به
أطراف مدببة نراها وهي تلتصق بجسده لتقتطع أجزاء من لحمه, ولتنتشر الدماء
في وجوه
الجنود الذين لا يريعهم ذلك ولا يتوقفوا عن الضرب. وبعد أن
ينهك الجنود التعب
ويتوقفوا للحظات, يعودوا ليقلبوا المسيح علي ظهره بعد أن ألهبوه بالسياط,
وليبدءوا في ضربه علي بطنه وصدره ورأسه وسط سيل لا يتوقف من الدماء والمناظر
القريبة للسياط وهي تهوي علي عينيه وجبهته لتنفجر منها المزيد
من الدماء. ولكن كل
ذلك يهون بالطبع عندما تبدأ طقوس عملية صلب المسيح وحمله للصليب في مسيرة
طويلة
وشاقة يتعرض خلالها للمزيد من الضرب بالسياط والإهانة والقذف بالحجارة والبصق
حتي
يصل إلي قمة الجبل حيث يتم صلبه. وكم كانت هذه المشاهد قاسية وصعبة
للغاية,
وخاصة مشهد دق المسامير في يدي ورجلي المسيح, فالمشاهد يري
المطرقة الحديدية
الضخمة تهوي علي المسمار بينما هو يستمع إلي صوت الدقات بطيئة ومنتظمة ـ بلغت
خمس
أو ست في كل يد ـ ويستمع كذلك إلي صوت العظام وهي تنكسر. ويفرط جيبسون في
هذا
المشهد حيث تتواصل دقات المطرقة لنري المسمار الضخم وهو يخترق
الصليب من الجهة
الأخري بينما تتساقط قطرات الدماء من يد المسيح. وفي المشهد التالي يتم قلب
الصليب بينما المسيح معلق عليه لكي يتم ثني المسامير من الجانب الآخر مع
تواصل
تساقط قطرات الدماء.
وبغض النظر عن أي آراء سياسية أو دينية تتعلق
بالفيلم,
فهو إنتاج ضخم بذل فيه جيبسون مجهودا فائقا في تحريك المئات من الجموع
والعناية
بجميع التفاصيل الخاصة بإطاره التاريخي بما في ذلك الإقدام علي مخاطرة غير
مسبوقة
في الأفلام الأمريكية وهي أن يكون الحوار في الفيلم فقط
باللغتين الآرامية
واللاتينية, مع قراءة الترجمة بالإنجليزية. وكم كانت سعادتي بالغة عندما
كنت من
بين قلة من الحضور استطعنا فهم بعض الكلمات الأرامية المتطابقة تماما مع
الكلمات
العربية وذلك لانتمائهم لنفس الأصول التاريخية. وفي نفس الوقت فإن حقيقة أن
الفيلم باللغة الآرامية ستمكن من نشره في كل مكان في العالم
بعد إضافة الترجمة,
تماما كما هو الحال في النسخة الإنجليزية.
وفي الوقت الذي رفضت فيه استديوهات
هوليوود التي يسيطر عليها اليهود الأمريكيون وأصحاب الاتجاهات الليبرالية
تمويل
الفيلم, فإن جيبسون ـ الذي قال إن آلام المسيح كلفه نحو30
مليون دولار دفعها من
ماله الخاص ـ لا يبدو قلقا مطلقا من تغطية تكاليفه بل وتحقيق أرباح طائلة
جعلته
يصرح بأنه قد يقوم بإنتاج المزيد من الأفلام الدينية, وبغض النظر عن حنق
الجماعات
اليهودية الأمريكية ودعوتها لمقاطعة إنتاجه. ولكن آلام المسيح يبقي فيلما
في
النهاية, ربما يدعم معتقدات من يؤمنون بالمسيحية في
الأساس, أو يعيد تذكير
آخرين بذلك الجدل التاريخي الخاص بقضية مسئولية قتل السيد المسيح, وإنما من
غير
المتوقع أن يؤدي إلي تصاعد المشاعر العنصرية ضد اليهود كما يدعي قادة
المنظمات
اليهودية الأمريكية فالقضية تاريخية مفتوحة منذ ما يزيد علي
ألفي عام, ولن ينهيها
فيلم أو كتاب. ولكن تزامن عرض الفيلم مع ما يقول اليهود الأمريكيون إنه
موجة
جديدة من تصاعد المشاعر المعادية لهم في العالم, خاصة في أوروبا, هو أكثر
ما آثار قلقهم, أما ميل جيبسون فهو سعيد بأحدث أفلامه وبالنجاح المبهر الذي
حققه
فيلمه الأخير آلام المسيح*
|