توم هانكس
ممنوع من دخول مصر ولبنان
محاكم التفتيش تطارد شفرة دافنشي
أعدت الملف
ـ علا الشافعي
كان مقررا
يوم17 من مايو أن تشهد دور العرض السينمائي في مصر وعدد من الدول العربية
عرض فيلم شفرة دافنش وهو نفس اليوم الذي سيشهد عرض الفيلم في افتتاح مهرجان
كان السينمائي الدولي.. المهرجان الأكثر إثارة للجدل, وعلي الرغم من
المظاهرات والاحتجاجات التي تعم معظم العواصم العالمية ضد الفيلم واعتراض
الفاتيكان.. خاصة وأن الرواية والفيلم آثارا حفيظة الجماعات الدينية
المسيحية المتشددة والكنيسة الكاثوليكية, إلا أن ذلك كله لم يجعل
المهرجان يخشي من عرض الفيلم, كذلك لم يعلن الموزعون وأصحاب دور العرض في
العالم مقاطعة الفيلم.. حيث سيبدأ عرضه في أمريكا بعد يومين من مشاهدته
في كان الدولي, إلا أن المشهد عندنا جاء مختلفا ولعلها المسافة السياسية
والثقافية التي تعكس مناخا فارقا بين الشرق والغرب فلم يعد مسموحا داخل
المجتمع الأوروبي بممارسات تتصدي لحرية التعبير أو العقدة.
لكن عندنا
نحن الخوف فقط, والخشية من ردود الأفعال وغضب الكنيسة وقف حائلا دون عرض
الفيلم علي الرغم من أن مقدماته الإعلانية نزلت إلي دور العرض وتم عرضها
لثلاثة أسابيع متواصلة, إلا أنه فجأة طلب من شركة أفلام مصر العالمية ـ
التي كانت من المفترض أن توزع الفيمل في مصر ـ بوقف عرض المقدمات..
وبمنطق التحسب وعدم الدخول في مشاكل قررت الشركة عدم الإتيان بالفيلم,
وقد يكون لهم الحق في الخوف من التعامل بإنفعالية مع الفيلم الذي يعتبره
البعض مسيئا للديانة المسيحية, خاصة وأن المجتمع يعاني من حالة احتقان
سياسي واجتماعي والظرف شديد الحرج ـ كما راق لبعض الكتاب والمثقفين أن
يصفوه ـ ولكن مع تكرار تدخل المؤسسة الدينية الأزهر أو الكنيسة جميعنا يذكر
ما حدث مع فيلم بحب السيما فيما يتعلق بالأعمال الفنية, وهذا ما يرفضه
الكثير من مبدعينا ومثقفينا, أن تتحول السلطة الدينية إلي سلطة
رقابية.. وسنكون بذلك قد فتحنا الباب للعديد من السلطات لتتحول إلي جهات
رقابية مضيفة أعباء جديدة إلي العملية الإبداعية, وكان من الأولي التعامل
مع الفيلم علي أنه خيال راق لمؤلفه دان براون أن ينسجه بهذا الشكل, فهو
لم يقل في مقدمة روايته أو فيلمه أنهما يقومان علي حقائق تاريخية.. وعلي
حد تعبير المؤرخ د. رمسيس عوض أليس من الأفضل أن نتوقف عن سياسية المنع
والمصادرة؟! لماذا لا نعرض حتي الأعمال الصادمة. ونفتح حولها نقاشا,
أليس ذلك هو جوهر العملية الإبداعية؟.. وللأسف الفيلم تم منع عرضه أيضا
من لبنان.. خوفا من غضب الكنيسة الكاثوليكية.
####
رواية شفرة دافنشي رؤية معارضة للمسيحية
الرواية
تنتقد تأليه المسيح والخروج به عن الطبيعة البشرية, وتعلي من شأن مريم
المجدلية, رواية شفرة دافنشي للكاتب الأمريكي للكاتب دان براون, وكما
وصفتها نيويورك تايمز لا تقل في تشويقها عن سلسلة روايات هاري بوتر الشهيرة
وقد أثارت هذه الرواية ضجة في أوروبا وأمريكا بلغت حد الاستياء والنقد.
ترجمت
الرواية إلي50 لغة عالمية بينما وزعت الطبعة الإنجليزية منها حتي الآن
أكثر من10 ملايين نسخة وعلي مستوي العالم40 مليونا ويعتبر دان براون
نفسه مفاجأة للجميع فليس له تاريخ روائي أدبي كبير ولد عام1965 ـ39
عاما ـ عمل مدرسا للغة الإنجليزية في المدارس الأمريكية حتي عام1996, ثم
ترك العمل متفرغا للعمل الأدبي وكتب3 روايات قبل شفرة دافنشي لم تحقق ذات
الشهرة لكنها اتسمت أيضا بالطابع البوليسي.
وقد بدأت
فكرة رواية شفرة دافنشي عند قيام دان براون بدراسة الفن في جامعة أشبيلية
في أسبانيا حيث تعلم بعض ألغاز لوحات ليوناردو دافنشي, ولعل تأثيرات
بلايت زوجة الكاتب الرسامة ومؤرخة الفن واضحة في الرواية, حيث يمزج
الكتاب بين تاريخ الفن والأساطير, ويقدم قراءات جمالية ممتعة لكنائس
باريس وروما ولأعمال ليوناردو دافنشي.
من ناحية
أخري اعتمد المؤلف في كثير من معلوماته علي قسم دراسة اللوحات وإدارة
التوثيق بمتحف اللوفر وجمعية لندن للسجلات, ومجموعة الوثائق في دير
ويستمينسير, واتحاد العلماء الأمريكيين وأيضا كتاب ـ محاط بالشك ـ بعنوان
دم مقدس كأس مقدسة.
ومنذ
الصفحة الأولي من الرواية يقرر المؤلف عدة حقائق أولاها أن جمعية سيون
الدينية جمعية أوروبية تأسست عام1009, وهي منظمة حقيقية وأنه في
عام1975, اكتشفت مكتبة باريس مخطوطات عرفت باسم الوثائق السرية ذكر فيها
بعض أسماء أعضاء جمعية سيون ومنهم ليوناردو دافنشي, وإسحاق نيوتن,
وفيكتور هوجو, كما أن وصف جميع الأعمال الفنية والمعمارية والوثائقية
والطقوس السرية داخل الرواية هو وصف دقيق وحقيقي.
داخل متحف
اللوفر بباريس, وضمن أجواء بوليسية غامضة تبدأ رواية شفرة دافنشي من
جريمة قتل أمين المتحف ـ القيم سونير ـ أحد الأعضاء البارزين في جاعة سيون
السرية والذي ترك رسالة خلف لوحة ليوناردو دافنشي إلي حفيدته ـ صوفي ـ
الإخصائية في علم الشفرات ضمنها كل الرموز السرية التي يحتفظ بها وطالبها
بالاستعانة في حل الشفرة بالبروفيسور لانغدون أستاذ علم الرموز الدينية
بجامعة هارفارد, ومن خلال رحلة البحث عن حل شفرة الرسالة يتضح السر الذي
حافظت عليه جماعة سيون الموجودة ضمن وثائق مخطوطات البحر الميت وبروتوكولات
حكماء صهيون.
بوضوح
يعلن الكاتب تزييف رجال الفاتيكان لتاريخ المسيح ومحو كل الشواهد حول
بشريته, كما يؤكد إهدار الكنيسة لدور المرأة حين حولت العالم من
الوثنيةالمؤنثة إلي المسيحية الذكورية بإطلاق حملة تشهير حولت الأنثي
المقدسة إلي شيطان ومحت تماما أي أثر للآلهة الأنثي في الدين الحديث وحولت
الاتحاد الجنسي الفطري بين الرجل والمرأة من فعل مقدس إلي فعلة شائنة,
وهو ما أفقد الحياة التوازن.
الأنثي
المقدسة هي عقيدة جوهرية لدي جماعة سيون السرية ولتأكيد هذه الفكرة يقدم
دان براون قراءة جمالية ممتعة ومبدعة في لوحة الموناليزا والتي تعكس بوضوح
إيمان ليوناردو دافنشي بالتوازن بين الذكر والأنثي فالموناليزا كما يؤكد
الخبراء لا هي ذكر ولا أنثي ولكنها التحام بين الإثنين, بل إن تحليل
اللون بواسطة الكمبيوتر وتحليل صورة دافنشي نفسه يؤكد نقاطا متشابهة بين
وجهيهما.
هنا يربط
المؤلف اللوحة بتاريخ الفن القديم ومعتقدات دافنشي, فالإله الفرعوني آمون
إله الخصوبة المصور علي هيئة رجل برأس خروف والآلهة المؤنثة إيزيس رمز
الأرض الخصبة والتي كانت تكتب بحروف تصويرية ليزا يكون في اتحادهما آمون
ليزا أو موناليزا كما أرادها ليوناردو دافنشي دليلا علي الاتحاد المقدس بين
الذكر والأنثي ولعله أحد أسرار دافنشي وسبب ابتسامة الموناليزا الغامضة.
كان
ليوناردو دافنشي فنانا غريب الأطوار ينبش العديد من الجثث ليدرس البنية
التشريحية عند الإنسان ويحتفظ بمذكراته بطريقة غامضة يعاكس فيها اتجاه
الكتابة, وكان يؤمن بأنه يمتلك علما كيميائيا يحول الرصاص إلي ذهب وكان
يعتقد أنه قادر علي غش الرب من خلال صنع إكسير يؤخر الموت.
وبرغم أنه
رسم كما هائلا من الفن المسيحي وبرغم طبيعته الروحانية فقد ظل علي خلاف
مستمر مع الكنيسة يرسم الموضوعات المسيحية لكنه يضمن اللوحات الكثير من
الأسرار والرموزالتي تحتشد بمعتقداته الخاصة كأحد الأعضاء البارزين في
جماعة سيون التي هي أبعد ما تكون عن المسيحية.
وفوق
جدارية كنيسة سانتا ماريا في ميلانو بإيطاليا رسم دافنشي لوحته الأسطورية
العشاء الأخير التي ضمنها الكثير من الأسرار والرموز حول عقائده ويقدم دان
براون قراءته الصادمة محاولا فك الشفرات وتحليل الخطوط داخل اللوحة.
إن الحبكة
الرئيسية تتلخص في محاولات التغييب والتجاهل المتعمدة من قبل المجتمعات
الذكورية لدور المرأة ومساهماتها في بناء التاريخ والحضارات البشرية
باختلاف مراحلها وأشكالها, والمؤسسات الدينية كلها لعبت ولاتزال تلعب
جزءا كبيرا في تلك المحاولات, وإذا كان ذلك غير واضح في المجتمعات
المسيحية الغربية, بسبب التغييرات والتحولات المجتمعية التي أعطت للمرأة
بعضا من حقوقها ودورها المغيب فإن المجتمعات المسيحية الشرقية لاتزال تفرط
في تغييب دور المرأة التاريخي الذي ـ علي ما يبدو ـ يبث الذعر في هذه
المجتمعات بدليل حرص الرقابة في لبنان بلد الحريات, علي منع رواية شفرة
دافنشي حيث أصدرت المديرية العامة للأمن العام في لبنان قرارا بمنع تداول
الرواية في أصلها الإنجليزي وترجمتها العربية والفرنسية بعد أن تصاعد غضب
المركز الكاثوليكي للإعلام وأوصي بمنع الرواية ووقف الكنيسة الكاثوليكية في
لبنان يثير أكثر من تساؤل, خاصةأن الكنيسة الغربية بل والفاتيكان نفسه لم
يجرؤا علي المطالبة بمصادرة الرواية أو منع توزيعها, بل اكتفي بإدانتها
والتنديد بما ورد فيها.
أما كيف
أصبح دافنشي طرفا في هذه الملحمة فهو في الفيلم دائما من أنصار الرؤية
الأولي, وأنه قد استخدم شفرات في كل أعماله, بدءا بالموناليزا ووصولا
إلي العشاء الأخير تشير وتذكر بهذا الدور الأنثوي في الحضارة البشرية.
ورغم أن
الفيلم ليس فيلما وثائقيا تبشيريا يحاول إقناع المشاهد بحقيقة تاريخيةمعينة,
فإنه في تناوله المثير سيسلط الضوء علي حقائق متعددة ـ لا حقيقة واحدة ـ
طرحت في الكتاب وقدمت رؤي انقلابية لتاريخ المسيحية وتاريخ المسيح, وهو
ما دفع الناقد البريطاني مارك لوسون بوصفها بالهراء الخلاب وهو ما دفع أيضا
ثلاثة مؤلفين غربيين للرد عليها من خلال ثلاثة كتب الحقيقة وراء شفرة
دافنشي وحل شفرة دافنشي والحقيقة والخيال في شفرة دافنشي.
####
أفلام المسيح وموقف الكنيسة
عدد
الأفلام التي تناولت حياة المسيح وتم حصرها390 فيلما, ظهر فيها السيد
المسيح ومن أهم هذه الأفلام أليس جي عام1908,1906 حياة المسيح,1909
ميلاد المسيح, وقبلة يهوذا وفي العام نفسه قدم المخترع الأمريكي توماس
أديسون فيلم نجمة بيت لحم وبعد ثلاثة أعوام قدم المخرج سيدني أولكرت فيلمه
من المهد إلي الصلب, الذي يمكننا اعتباره أول فيلم سينمائي حقيقي عن حياة
السيد المسيح, والشيء المؤكد أن هناك كنائس كثيرة مازالت تعرضه خلال
المناسبات الدينية, إضافة إلي أنه أحد أهم الأفلام الكلاسيكية في
العالم.
بعد ذلك
توالت الأعمال التي تتناول سيرة المسيح أو جوانب منها من بينها أوراق من
كتاب الشيطان عام1922, لكارل درايير, المخرج الدانماركي بن هور الفيلم
الصامت إضافة إلي كل ذلك هناك فيلم ملك الملوك الصامت للمخرج الأمريكي
الشهير سيسل دي ميل صاحب فيلم الوصايا العشر والفيلم الفرنسي جبل العذاب
عام1935 لجوليان دوفا فييه والإغواء الأخير للمسيح كمارتن سكورسيزي وآخر
ما قدم علي الشاشات العالمة هو آلام المسيح لميل جيبسون.
ومع كثرة
هذه الأفلام وإثارة الكثير منها للجدل بدأت الكنيسة تتدخل وتدرس هل تمنع
ظهور المسيح علي الشاشة أم لا, وهل تقوم بمراجعة الأعمال التي تتناول
سيرته قبل عرضها أم بعد العرض.
النقطة
الأولي حسمها البابا بولس السادس حين وافق علي تصوير يسوع الناصري للمخرج
فرانكوز يفيريللي وأعلن مباركته لهذا الفيلم ومع الأسف هذا الفيلم لم يعرض
سوي في دار عرض واحدة في مصر سينما رمسيس ولمدة ثلاثة أيام وتم رفعه
بعدها, الشيء نفسه حدث مع الفيلم الذي أخرجه جوليان دوييه عام.1935
ولكن بدأت الكنيسة تلاحظ أن هناك أفلام كان همها الأساسي ضخامة الإنتاج
والإيرادات دون الوضع في الاعتبار أي قيم روحية مثل فيلم ملك الملوك الناطق
الذي أخرجه نيكولاس راي عام1961 وأبرز الانتقادات التي وجهت لهذا الفيلم
أنه قدم المسيح علي أنه أشقر أزرق العينين. تم عرض الفيلم في القاهرة في
منتصف الستينيات وأحدث جدلا هائلا أدي إلي سحبه من دور العرض بعد أقل من
أسبوعين, وأكبر قصة لم تخبر بعد لجورج ستين عام1965 ويسوع المسيح سوبر
ستار لنورمان جويزون عام1973, الذي أخرجه عن المسرحية الغنائية التي حملت
الاسم نفسه, وظلت تعرض علي مسارح لندن وبرودواي لأكثر من12 عاما
متصلة.
مسيح غير
مسيحي
طبيعي أن
نري مسيحيين يقدمون أفلاما عن السيد المسيح, لكن غير الطبيعي بالنسبة
للكثير للمسحيين أن يقوم يهودي ملحد بتقديم فيلم عنه, وهذا ما فعله
روبيرتو روسوليني عام1976 حين قدم فيلم المسيح, فقد كان معروفا أن
روسوليني يهودي ملحد, وهو الأمر الذي أثار حفيظة المتدينين المسيحيين
واليهود علي حد سواء, خاصة أنه أظهر المسيح في صور وصفها هنري فاسكييه
بقوله:روسوليني يهودي وأظهر المسيح في صورة باهتة غير قادر علي قيادة
تلامذته وأتباعه.
هناك أيضا
فيلم المخرج بيار باولو بازوليني الذي أخرجه عام1964 قبل عرض هذا الفيلم
في مصر اعترضت الكنيسة الكاثوليكية فاكتفت شركة التوزيع بعرضه في نادي
السينما, بازوليني أهدي فيلمه أنجيل متي إلي ذكري البابا يوحنا الطيبة,
لكنه أثار جدلا لما تضمنه من مشاهد جعلت صورة المسيح تلتصق بالفكر الثوري
وبطبقة البروليتاريا في العالم الثالث في سياق رؤية بازوليني الاجتماعية
والفكرية كداعية ترتبط دعوته إلي قيم روحية جديدة بالدعوة الاجتماعية إلي
تغيير أوضاع الفقراء والبسطاء والمهمشين والبؤساء وسعيهم إلي خلق مجتمع
جديد, وهي الآراء التي اعتبرها الأصوليون المسيحيون تحريفا وتشويها لصورة
المسيح.
والشيء
نفسه تقريبا حدث مع المخرج الإيطالي فيدريكو فيلليني فقد أقام الدنيا
كلها, وطالته اتهامات عديدة أدت في النهاية إلي تأخير عرض فيلمه الحياة
حلوة وهذا كله بعد أن احتج الفاتيكان علي المشهد الأول في الفيلم.
كل ذلك
كان في كفة وفيلم الإغواء الأخير للمسيج في كفة أخري, وهو الفيلم الذي
أخرجه مارتن سكورسيزي عام1988 عن رواية للأديب اليوناني كزانتزاكس, صور
فيها المسيح في صورة الإنسان الضعيف أمام شهوات الجسد, ووقت عرض الفيلم
قامت جماعات مسيحية بالاعتداء علي عدد من دور العرض وانفجرت قنبلة في إحدي
دور العرض في باريس, وأقيمت دعاوي قضائية عديدة ضد الفيلم ومخرجه في كثير
من الدول بينها بريطانيا التي لم تجز عرض الفيلم بنسخته الكاملة إلا بعد
فترة طويلة نسبيا نظرا للنوايا الطيبة والمخلصة لصاحبه.
وعام1989 قدم المخرج الفرنسي ـ الكندي دينيس أركان فيلمه مسيح مونتريال
وهو عمل بصري أصيل غير مسبوق, يحاول من خلاله كشف تناقضات ثقافة كاملة
وانهيار العلاقات الإنسانية وتفككها في الغرب.
المسيح في
صورته الإنجيلية
وإذا جئنا
إلي فيلم آلام المسيح لمخرجه ميل جيبسون سنجد أنها المرة الأولي التي يثير
فيها فيلم عن المسيح جدلا رغم نقله الصورة المعتمدة كنسيا عن المسيح
وآلامه, وإذا كان تاريخ السينما يحفظ لنا أن المنظمات اليهودية ثارت علي
المخرج الأمريكي ديفيد جريفيث, لأن فيلمه الذي تناول أشهر جرائم التعصب
في التاريخ ضم مشهدا يصور المسيح وهو يدق بالمسامير في الصليب علي أيدي
اليهود, إلا أن فيلم جريفث كان أقرب للتسجيلية, إضافة إلي أنه لم يصمد
طويلا أمام ضغوط اللوبي اليهودي, وضغوط وتهديدات المصالح المالية
والصناعية التي تجاوز نطاق تهديدها المخرج ليشمل المؤسسات التي عملت في
الفيلم ومن أجازوا عرض الفيلم و..و..و.. والرئيس الأمريكي نفسه,
وهكذا... لم يكتف جريفيث بحذف المشهد بل قام بحرقه!!
وهي أيضا
المرة الأولي التي يظهر فيها المسيح ناطق بلغات غير حية, ونشير هنا إلي
أن المخرج كارل دراير كان يحلم بأن يجعل المسيح يتكلم الآرامية أو العبرية
في فيلم يخرجه لكن ذلك لم يتحقق له.
ورغم ذلك
أثار جدلا يفوق بمراحل ما أحدثته كل الأفلام التي تناولت حياة المسيح
مجتمعة, وتبقي الإشارة إلي أن اللوبي اليهودي الأمريكي النشط الذي حاول
جاهدا أن يمنع ظهور الفيلم, لم يستطع أن يفعل شيئا غير توفير ميزانية
ضخمة كان سيتكبدها ميل جيبسون في الدعاية لفيلمه الذي أخرجه وأنتجه ورفضت
الشركات الكبري في هوليوود توزيعه!!
####
المفكرون والنقاد:
الرقابة الدينية تمثل نوعا من الإرهاب الفكرى
في
البداية يصف المؤرخ د. رمسيس عوض الوضع بأنه قديم منذ أن عرفنا الحياة
باسم الدين.. حيث أصبحت الرقابة تفرض علي أعمال قد لا يكون لها أي علاق
بالدين, وأذكر أنني في يوم من الأيام قمت بدراسة عن الهرطقة في الغرب ثم
الإلحاد في الغرب, وقتها طلب مني رئيس الهيئة العامة للكتاب بأن أذهب
بكتابي إلي الأزهر.. لكي أحصل علي الموافقة.. وقتها دهشت لسببين الأول
أنني مسيحي.. ثانيا الهرطقة لها علاقة بالمذهب الكاثوليكي.. لذلك فجهة
الاستئذان هنا هي الفاتيكان وليس الأزهر!!
وللأسف
اضطررت وقتها لنشر الكتابين علي نفقتي الخاصة في لبنان.
يسترسل
المؤرخ د. رمسيس.. قائلا قصدت من الواقعة أن أؤكد لك.. أن الرقابة
الدينية متأصلة في التربة المصرية.. وهذا بالتأكيد يهدد حرية التعبير
وسبق أن عبرت عن هذا, فلا يجب أن تكون هناك سلطة دينية لها نفوذ رقابي,
والذي أعرفه أن هناك ما يسمي بحق التقاضي.. هذا هو الوضع الطبيعي أن تخرج
أي عملية إبداعية من دائرة الرقابة الدينية إلي دائرة الرقابة المدينة..
خاصة وأن الرقابة حتي لو كانت دينية لها علاقة بالسياسة.. والأولويات عند
الرقيب الكتب السياسية خاصة أنها تحدد شكل النظام, يأتي بعدها الكتب
الدينية ثم الجنسية التي تتمتع بحرية أكثر.
لذلك أؤكد
أن هناك تواطيء بين النظام السياسي والديني, وأوروبا منذ فترة طويلة
تخلصت من ذلك.. لذلك علينا أن نفهم عقلية الغرب في التعاطي مع الأشياء
ابتداء من القرن العشرين وبعد حربين عالميتين.. وصلوا إلي أن الرقابة علي
أي شيء مقدس لابد وأن تلغي لدرجة أن شخصية المسيح تتعرض للهجوم والاستهزاء
في بعض الأحيان.
وهو ما قد
يراه المسيحي الشرقي شيئا فظيعا.. فالمسيحي الغربي تأقلم بسبب إيمانه
بحرية التعبير, وهذا هو جوهر الحضارة الغربية الذي أصبحنا عاجزين عن
فهمه.. بينما سمة المجتمعات المتخلفة عدم احترام الفرد وحريته تماما
مثلما يحدث عندنا.
يصف
الكاتب والروائي إبراهيم أصلان عدم عرض الفيلم بمصر بأنه شيء مؤسف.. خاصة
وأننا ضد منع أي عمل إبداعي, أيا كانت الجهة التي تمنعه.
يري أصلان
أن التصريح بعرض هذا الفيلم ليس مطلبا إسلاميا.. بل هو مطلب إنساني في
المقام الأول, خاصة أن فكرة المنع أو المصادرة في ظل التقدم التكنولوجي
المذهل الذي أصبحنا نعيش فيه.. يعد أمرا عبثيا.
ولا يترتب
علي ذلك إلا الإساءة لمن يقومون بمثل هذا الإجراء. وعلي العكس ففكرة
المنع أو عدم العرض خوفا وتحسبا من ردود الأفعال تساهم في الترويج للعمل
أكثر.
بالتأكيد
قرأت الرواية واستمتعت بها ليس ذلك فقط, بل استعنت ببعض الأصدقاء من
الأقباط خاصة أن الرواية فيها حالة من حالات اللبس حيث لا تستطيع في بعض
الأحيان التفرقة بين الوقائع التاريخية التي وردت بها.. والمسلمات
الدينية في العقيدة المسيحية, أقصد أنه يصعب التفريق بين ما هو متخيل وما
هو حقيقي, مثلا لو حتي دافنشي العشاء الأخير للمسيح والموناليزا موضعتان
بدقة بارعة داخل النص.
وبشغف
شديد كنت انتظر عرض الفيلم خاصة أن بطولته للنجم العالمي الذي أراه ممثلا
استثنائيا.. توم هانكس عموما بعد وقت قصير سنجد الفيلم عند باعة الجرائد
عليc.d
أوd.v.d.
وأؤكد أن
عدم عرض الفيلم هو منطق ينقصه الوعي بطبيعة الزمن, ليس ذلك فقط بل ينقصه
التقدير الكافي لقيمة المتلقي وقدرته.. ولابد أن ينتهي الزمن الذي نكون
فيه أوصياء ونقرر بدلا من الناس ما يقرأون وما يشاهدون.
من نفس
وجهة النظر تنطلق الناقدة السينمائية ماجدة موريس مؤكدة علي أن الخوف من رد
فعل الكنيسة, أو الأزهر.. أو أي مؤسسة أخري غير الرقابة.. يمثل نوعا
من الإرهاب خاصة أن الفيلم في النهاية عمل خيالي كما أن النص الأدبي يعبر
في الأساس عن خيال كاتبه.. هذا الكلام سبق وطرحته وأكدت عليه في أزمة
فيلم حب السيما طالما أن المؤلف لم يكتب في التترات أن الفيلم قائم علي
حقائق أو يعبر عنها.
وتضيف
موريس أي مجتمع ناضج يجب أن يري كل شيء حتي لا يكون هناك شيء مخيف..
بتراكم فكرة المنع أو المصادرة طالما أن الفيلم تم إنجازه إذا فليس هناك
ممنوع.. ولكن للأسف المجتمع تخلف إلي الدرجة التي اصبحت الجهات الدينية
تخيف الرقابة الرسمية وأصبحنا نحن ضحايا لجهات رقابية متعددة.
ويؤكد
الروائي محمد البساطي أن نفس الاحتجاج حدث في الخارج ومازال يحدث.. وبما
أننا أقل في حرية التعبير ستجدين أن أسلوبنا في التعامل مع الحرية غبي
ومتخلف لذلك نلجأ إلي أسهل شيء وهو المنع والمصادرة تحسبا أو خوفا وليس من
الطبيعي بالنسبة لنا أن نلجأ إلي الخيار الأصعب وهو عرض الفيلم ثم مناقشته
وتفنيد ما جاء به من أراء.. فعرض الرأي والرأي الآخر هو ما يخلق حيوية
ويضفي ديمقراطية حقيقية في التعاطي مع الأمور الإبداعية.
أما
الكاتب والروائي عزت القمحاوي فيصف المشكلة موضحا أن الرقابة في مصر أصبحت
تضم ثلاث جهات الشارع والمؤسسة الدينية والحكومة.. التي تلعب بما يلائم
ظروفها وليس عندها توجهات محددة.. وفي ظني أن النظام يعمل بطريقة المسرح
المرتجل.. ليس عنده توجهات بل فقط ردود أفعال.. والذي يفهم هو الحفاظ
علي الأمور مستقرة.
وتحت
السيطرة.. والجهات الثلاث يزايدون علي بعضهم البعض, مثلما حدث مع
معارضة الأزهر لإنتاج فيلم عن المسيح.. لأجل فكرة الصورة نفسها, وعن
نفسي أري أن هذا نوع من التزيد وعدم الوعي.. خاصة أن الكنيسية تقوم
بإنتاج أفلام عديدة ومتنوعة تتناول حياة المسيح ويظهر فيها المسيح وهذه
الأفلام معروضة للبيع في مكتبة المحبة بفروعها.
وللأسف
فالمجتمع كله موروط ومن الأسهل علي كل الجهات أن تغازل الشارع بأضعف حلقة
وهي الإبداع.
وإذا كان
المجتمع الغربي يعاني فقط من ضغط الجماعات الدينية المتزمنة إلا أننا نعاني
من المزايدة خاصة وأن الأزهر كلما يقوم بخطوة.. تسبقه الكنيسة بأخري لذلك
اصبحنا نحن خراف الله الضالة.
اعتراض
الكنيسة الكاثوليكية علي الفيلم لم يمنع عرضه في العالم.. والكلام للمخرج
السينمائي المتميز يسري نصر الله إلا أننا في مصر نعاني من وضع متفجر لذلك
فكل ردود الأفعال علي تفاصيل وأشياء كثيرة غير عقلانية ويحكمها الانفعال.
مثلما حدث مثلا في رد الفعل علي الرسوم المسيئة للرسول.. فبدلا من أن
نتصرف بشكل متحضر ونقوم برفع دعاوي قضائية علي الجريدة ونطالبها بدفع
تعويضات ضخمة قد تؤدي إلي توقفها عن الصدور مثلا.. لجأنا إلي التظاهر..
والاستعراضات الفضائية والمزايدات.. بنفس الطريقة تخوف الموزعون من رد
فعل المسيحيين والكنيسة علي الفيلم.. فلجأوا إلي عدم جلبة من الأصل!!
وهذا شيء عبثي في ظني.. فحالة الاحتقان يجب أن تحل.. بالمناقشة والجدل
وليس بالإصرار علي تجاهلها وكتمانها أكثر.. ويكفي منطق التعامل مع
المتفرج علي أنه فاقد الأهلية.. ولا يعرف ما يجب أن يشاهده من عدمه.
وللأسف
عندما كتب محمد سلماوي مقالا يتحدث عن حقوق المسيحيين والمواطنة وعدم
التمييز, للأسف مرة أخري بعض المسيحيين رأوا أن المقال ضدهم, مع أن
العكس هو الصحيح تماما.
بصراحة
لقد أصبحنا نعيش في حالة من التربص وفقدان الثقة من الناحيتين, لذلك من
الطبيعي أن يخشي الموزع علي دار العرض علي الأقل حرصا علي أمان
المتفرجين, فماذا ننتظر من مجتمع يضطر لدفن أي شئ ويتعامل بأن الحياة
وردية, وعن نفسي أنا ضد منع أي شئ.
إذا كان
المخرج يسري نصر الله قد وضع يده علي حالة الاحتقان وفقدان الثقة التي
أصبحنا نعيش فيها, والتي جعلت الموزع وصاحب دور العرض يخشي علي سينماه
ومتفرجيه تحسبا من أي رد فعل انفعالي.
من نفس
وجهة نظره تنطلق الكاتبة صافيناز كاظم موضحة في البداية, أنا ضد فكرة
المنع لأي مصنف بشكل مطلق, لكن بشكل محايد الظرف السياسي في مصر ملتهب,
لو شخص يعاني الحساسية من طعام معين بالتأكيد سيتجنبه, التوصيف للكاتبة
صافيناز والتي تضيف أن حالة الاحتقان هي حالة مفتعلة, لكن طبقا لوجهة نظر
الكثر من المسيحيين مع اختلاف الطوائف, الرواية والفيلم يحملان مساس بلب
العقيدة المسيحية, ودوما المساس بالعقيدة يعد من أعقد وأصعب الأمور,
خاصة أن مصر بها كثافة مسيحية, وجزء منها متحرش في الداخل والخارج,
ونحن أصبحنا مستباحين, لذلك فعرض شفرة دافنش فيه ذا التوقيت شئ يخلو من
الحكمة, خاصة أنه قد يصنع حالة من الهياج لا يستطيع المجتمع بحالته
الراهنة تحملها, لذلك ليس من الحكمة عرضه حماية للمشاعر الملتهبة.
كان من
المفترض أن تقوم شركة أفلام مصر العالمية بتوزيع الفيلم في مصر, وهو ما
حدث بالفعل بالنسبة لمقدمات الفيلم التي أجازت عرضها الرقابة, لكن الفيلم
في حد ذاته لم يعرض علي الرقابة, وبعد ثلاثة أسابيع من عرض المقدمات في
دور العرض فوجئت الشركة بإحدي الجهات الأمنية تشدد علي وقف عرض المقدمات في
دور العرض, هذا ما جاء علي لسان المنتج والموزع جابي خوري, واستكمل
الحديث قائلا: حصلنا علي موافقة الرقابة علي عرض المقدمات, وكانت لدينا
تصاريح, إلا أنه منعنا عرضه بعد قرار إحدي الجهات الأمنية, هذا بالفعل
ما حدث, لكن عن الفيلم فهو لم يعرض رقابيا, كما أنه تقريبا لن يعرض في
مصر مستقبليا, وهو ممنوع أيضا من العرض في لبنان, وهناك حظر كبير علي
العمل, وسوف يتم عرضه في أمريكا في يوم19 مايو القادم, وأعتقد أن ما
حدث كان بسبب أن هناك وجهة نظر في هذا الموضوع, وهو الخوف من تفاقم
المشكلات في ظروف البلد حاليا.
أما
الموزع أنطوان زند, المسئول عن شركة فوكس وارنر, أحد أهم شركات توزيع
الأفلام الأمريكية في مصر يقول: الحديث في هذا الموضوع أمر محرج جدا
بالنسبة لي, لأن الفيلم ليس تابعا لشركتنا, وبشكل عام يصعب علي الإنسان
الحكم علي عمل لم يره, لكنه من الناحية الدينية طالما الفاتيكان معترضة
علي عرض الفيلم, فما علينا إلا الالتزام بهذا الرأي, لأن رأيها هذا
معناه أن الفيلم غير محبذ عرضه في مصر, وقد يرجع الأمر في بعض الأمور
للرقابة, وإن كنا بصفة عامة ضدها, لكن أحيانا يصبح وجودها مهم جدا,
خاصة إذا كان الفيلم ديني أو سياسي, ويضر بالوضع العام لذلك لابد من حجبه
أو عدم استيراده, أما فكرة تأجيل عرض الفيلم, فأنا ضدها, لأن التأجيل
قد يعني أني خائف من شئ, وبكل تأكيد المفتي والبابا, وأي جهات من هذا
القبيل كونهم يعترضون علي شئ يصبح رأيهم صحيح, ولا أعتقد أن مكانة هؤلاء
تسمح لهم بتضخيم الأشياء أو الأمور.
يختلف مع
هذا الرأي السيناريست و الناقد السينمائي ماهر زهدي مؤكدا أنه مع الحرية
الكاملة للإبداع في الفن, بشرط ألا تتعارض هذه الحرية مع العقائد الدينية
الثابتة, أما فيلما يخص موضوع الفيلم, فإذا كان صانعوه يقولون إنه خيال
قائم علي الإثارة والتشويق, والرواية لا تعتمد علي الأناجيل الأربعة,
وهم يوحنا وماتا ومرقص ولوقا, وحتي لا تعتمد علي أسفار اليهود, وسواء
الأسفار أو الناجيل لم تذكر أن هناك علاقة بين مريم المجدلية والسيد
المسيح, وإن كنت أري أن اليهود أنفسهم وراء هذا العمل, وكان من اللائق
ألا تتدخل أي جهة دينية بالحجر علي حرية الإبداع مادمنا ضد ازدراء
الأديان, وذلك لأن بعض الأساقفة في مجمع الأديان في الفاتيكان قالت لو أن
هذا العمل يمس شيخ من شيوخ القرآن أو الهولوكوست اليهود كانت الدنيا انهدت
وقامت ولم تقعد, وهذا غير صحيح, لأننا ضد ازدراء الأديان بكل صوره,
وأعتقد أن المخرج يوسف شاهين تعرض من قبل لموقف مشابه بفيلمه المهاجر عندما
قال له الأزهر لا يجوز أن يتعرض الفيلم لحياة النبي يوسف عليه السلام,
وبالفعل قام يوسف شاهين بتغيير اسم البطل إلي رام, وعرض الفيلم لفترة
بسيطة ثم رفع من دور العرض, خاصة أن بعض الذين شاهدوا العمل سيكشفون أن
الفيلم يتعرض لقصة حياة النبي يوسف.
ونفس
الموضوع بالنسبة لمارتن سكورسيزي الذي قدم فيلم عن حياة المسيح الذي أقام
علاقات شاذة مع تلاميذه, لكنه في هذه الحالة لا يمكن أن نقول هي حرية
إبداع, لأننا لا يصح لنا أن نقول معلومة غير ثابتة دينيا أو تاريخيا,
وذلك ليس فقط في أفلام الرسل, وإنما في الأفلام الدينية بشكل عام, سواء
كانت مسيحية أم يهودية, وحرية الإبداع هنا لابد أن تكون بعيدة عن المواقف
الدينية التي تثير البلبلة, لأننا كشرقيين عانينا كثيرا من افتراءات كانت
تحدث في الدين الإسلامي والمسيحي, وفي الموقف الأخير بالنسبة لفيلم
دافنشي تم مقاطعته ليس في مصر فقط, لكنه في الفاتيكان, وبعض الدول
الأوروبية, وكوريا الجنوبية, وهناك دعوة مباشرة وصريحة لمقاطعة
الفيلم, وفي النهاية الإساءة للأديان, أمر كلنا ضده, ولا يضح أن يقول
عليه حرية إبداع.
الناقد
السينمائي والكاتب د. رفيق الصبان فيؤكد أنه بشكل عام أنا ضد أن تصادر
الجهات الدينية عرض الأفلام, وفيلم شفرة دافنشي عارضته بالأساس الكنيسة
الكاثوليكية والتي قالت إنها ضد الفيلم لأنه يحرف المفاهيم والأشياء, علي
الرغم من أنه فيلم خيالي يقوم علي المغامرات, وحتي الآن لم يعرض علي
النقاد لأن العرض الأول له سيكون في مهرجان كان والحل الأمثل في هذا
الموضوع من وجهة نظري هو أنه يتم تأجيل عرض الفيلم, لأن المسألة الطائفية
متأججة جدا هذه الأيام, ومن الوارد أنهم خشوا من أن يرموا البنزين علي
النار, لأنه بعرض هذا الفيلم سوف يتم جرح مشاعر المسيحيين, لذلك الأفضل
تأجيل عرض الفيلم للموسم القادم.
لكن بشكل
عام لابد أن تكون هناك حرية عامة, لأننا في كثير من الأحوال نكون ملكيين
أكثر من الملك, ومتعصبين أكثر من أصحاب الفقه, لكن الفيلم يعرض في كل
بلاد المسيحية خاصة في إيطاليا, وهي مركز الكاثوليكية, والفن ليس
تاريخ, لأنه عندما تم عرض فيلم آلام المسيح كانت هناك بعض الآراء ضده,
لكن عند عرض الفيلم حقق نجاحا كبيرا وإيرادات جيدة, أما عن الخطب التي
تتردد أن الكنيسة قامت بها لمقاطعة الفيلم, فأعتقد هذا غير حقيقي, لأن
الكنيسة قالت إنها ليست راضية عنه, لكنها لم تمنع عرضه.
أما
الناقد السينمائي والسيناريست رءوف توفيق يقترح حلا بدلا من منع عرض
الفيلم, يري أن يتم عرض الفيلم علي لجنة خاصة مكونة من مجموعة من الأقباط
لإقرار مدي صلاحية أو سلامة عرض الفيلم, وذلك لأن أي محاولة لمنع عرضه
ستكون فاشلة, والعمل سيعرض عالميا بكل الطرف إلي جانب أن ما يناقشه
الفيلم, وهي القصة الأساسية طرحت من قبل في كتاب متداول في الأسواق,
هذا بخلاف أن الرواية نفسها كتب عنها كثيرا, ومنع عرض الفيلم, دليل
تخوف لا مبرر له, لأن الفن بالحوار أكثر من قرارات المنع والمصادرة لعرض
الفيلم, ليتم حوله حوار, لأنه المفيد لكل الأطراف, لأني ضد تدخل
السلطة الدينية في الفن وقرارات المنع والمصادر لابد أن يفتح لها الباب
للحوار, ومن حق الجمهور أن يتعرف إلي ما يحدث في العالم, وليس من
الواجب علينا أن نخاف من تدخل السلطة الدينية في الفن لأن هذه أساسيات,
ومن المعروف أنها متاحة في العالم ككل, وموقفنا المعاكس لذلك سيحسب
ضدنا, والفيلم سوف يعرض في مهرجان كان, وهو مهرجان عالمي, وسوف يقوم
بتغطيته علي الأقل500 صحفي وكاتب يكتبون عنه, أي أن العمل سيصل للجمهور
بشكل أو بآخر.
وبنفس
المنطق تتحدث الناقدة والسيناريست ماجدة خير الله قائلة: ماحدث مع فيلم
دافنشي منتهي الجهل والغباء, لأنه فيلم ينتمي في الأساس لأفلام الإثارة
والحركة, وهو عمل يتحدث عن جريمة تتم في قصر اللوفر والقاتل في هذه
الجريمة ترك علامات من ورائه, وفي نفس المكان الذي وقع فيه الحادث يكشف
أن هناك لوحة معلقة علي الحائط وهي إحدي لوحات دافنشي لها علاقة بجريمة
القتل, وهي العشاء الأخير للسيد المسيح مع الحواريين, المسألة لن تخرج
عن كونها تصور فكري وإبداعي وبه ناس تجري وراء ناس في شكل مغامرات, ومعني
ذلك أنه ليس فيلما دينيا, فما دخل الكنيسة إذن به, ولو نفس الأمر
بالنسبة لبعض الأفراد داخل الجامع, فما دخل الأزهر أو المفتي في هذا
الموضوع؟
لا أعرف
ما هذا الجهل والتراجع في الفكر, وهذا العمل سواء وافقوا أو اعترضوا
سيعرض في كل العواصم الأوروبية, وبعد عرضه بأيام سيطرح لهC.D
في كل الدنيا, وسيصبح الحصول عليه أو علي الكتاب أسهل مما نتخيل,
فلماذا كل هذا التعقيد, وربما هذه الحالة غلق سوق تجارية للأعمال, ويتم
الترويج لها بشكل أكبر, لأنه لو حتي الأفلام دينية تظل في النهاية عمل
إبداعي فني.
يختلف مع
هذا الطرح الناقدة إيريس نظمي, ورئيس مهرجان الإسكندرية, حيث تري أن
الفيلم يحمل إساءة بالغة للعقيدة المسيحية, وأنا قرأت كل ما كتب عنه
وأحلم جيدا أنه سيتم عرضه في حفل الافتتاح في مهرجان كان, وأعتقد أن
الإساءة التي يحتويها الفيلم إساءة بالغة, ولا تقل عن إساءة الرسوم
الدانماركية للرسول والدين الإسلامي, بل بالعكس ممكن أن تزيد, لأن
السينما هي واقع يفضح الأشياء, وما حدث في العمل نستنكره لأنه به قلة أدب
وسفالة كبيرة, والبابا ليس راضيا عن الفيلم, ومن قبل عرض فيلم رغبات
المسيح وكان به تجاوز وسفالة متناهية, لأنه يتحدث عن نظرة السيد
المسيح, وهو علي الصليب, وينظر لمريم المجدولية بنظرة شهوة, وأعتقد
كل من يقدم علي فيلم بهذا الشكل هو في الأساس يهودي.
وأنا عن
نفسي ضد عرض هذا الفيلم, لأنه ضد العقيدة, والكنيسة والمسيح, لأننا
نعتبر المسيح إله فكيف يقولون إن المسيح تزوج من مريم المجدلية, وبجانب
أننا نستنكر هذ االعمل, ولابد أن يمنع هذاالعمل تماما خاصة أنه سيغضب
المسيحيين الذين أصلا يعانون حالة غضب واحتقان بعيدا عن عرض الفيلم.. فما
بالك لو عرض؟!
|